جوانب من شخصية الشهيد القائد رضوان الله عليه

 

مما يقوله السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي عن جوانب من شخصية الشهيد القائد : ((هذا الرجل الذي كان بحق حليف القرآن، ومن القرآن الكريم قدم للأمة رؤية فريدة مسددةً جمعت بين العمق والوضوح والمصداقية وسعة الأفق والفاعلية والتأثير، وكشف بها زيف الأعداء ومكائدهم ومؤامراتهم، وقدم الحل في زمن اللاحل، في عصر الحيرة وعزز الأمل في دنيا اليأس وفي زمن الإحباط.))

رجل المرحلة

 لقد كان هذا الرجل العظيم الذي استهدفوه استهدافاً منهم لمشروعه العظيم، واستهدافاً منهم للمبادئ العظيمة التي يحملها، هذا الرجل الذي كان بحق رجل المرحلة، يعي هذه المرحلة التي يمر بها شعبه وتمر بها أمته عموماً، يعيها جيداً يعي خطورتها، يعي ما تتطلبه هذه المرحلة، يعي تداعياتها ويعي ما يجب أن تكون عليه الأمة في مواجهة هذا الواقع وفي الخروج منه، وفي مواجهة تلك التداعيات.

رجل المسئولية

كان بحق رجل المسئولية، يعي مسئوليته، ومسئولية الأمة من حوله تجاه هذا الواقع المرير، تجاه هذه المرحلة الخطرة، ويحمل روحية المسئولية بما تحتاج إليه، من عزم ومن إرادة ومن صدق ومن جد ومن اهتمام ومن وعي ومن إيمان ومن عزيمة.

 

واسع الأفق عالمي النظرة والإهتمام

وكان واسع الأفق، كان عالمي الرؤية والنظرة والاهتمام، فلم ينحصر أبداً اهتمامه أو نظرته أو توجه في محيطه، لا محيطه المذهبي، ولا محيطه الجغرافي، ولا محيطه العشائري، ولا بأي مقياس من المقاييس المحدودة والصغيرة؛ لأنه استنار بالقرآن الكريم، فكان فعلاً عالمياً بعالمية القرآن في رؤيته الواسعة، في اهتمامه الواسع، في نظرته الواسعة، وفي أفقه الواسع

حمل هم أمته

شهيد الأمة وهو الذي حمل هم الأمة وتبنى نصرة قضايا الأمة الكبرى في المرحلة التي كان السائد فيها هو التخاذل والتراجع والصمت والإستسلام والروح الإنهزامية ، فكان أن تحرك وهو يحمل الهمّ ويناصر القضية بأعلى الصوت وفي الواقع العملي ، وهو شهيد كلمة الحق في وجه السلطان الجائر والطغيان العالمي المستكبر ، فلم يصمت حين صمت الكثير وسكت الكثير ، ولم ينهزم حين انهزم الكثير، على العكس، تحرك بكل إباء ومن واقع الشعور بالمسؤولية في المرحلة ذاتها التي حاول أولئك فيها فرض حالة الصمت  وتكميم الأفواه وإجبار الناس على الخنوع والإستسلام ، فكان أن صرخ صرخة الحق صرخة الإباء في وجه المستكبرين ، وبهتاف الحرية الذي نادى به وأعلى به صوته وقدمه كموقف مهم ، هتاف الحرية المتمثل بالشعار المعروف (الله أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النصر للإسلام) هذا الهتاف الذي رفعه عالياً ونادى به ليكون موقفاً حكيماً صحيحاً محتاجاً إليه ومطلوباً في ظرفٍ عصيبٍ ومرحلةٍ خطيرةٍ وحساسة ، فواجه به كل مساعي فرض حالة الصمت ، ونجح ، نجح في ذلك نجاحاً كبيراً.

أمة من الأخلاق والقيم

كان أمة أمة من الأخلاق والقيم، رجلاً متكاملاً في إيمانه، في وعيه، في أخلاقه، في سؤدده، في قيمه وأدرك الواقع أدرك الواقع على المستوى العالمي، وعلى مستوى واقع الأمة، وأدرك بعمق حجم المأساة التي تعيشها أمته، ويعيشها شعبه، وخطورة الوضع، وخطورة المرحلة، شخص المشكلة وقدم الحل في زمن لم نسمع فيه من يقدم الحل، ومرحلة غلب عليها حالة اليأس، تغلبت عليها حالة اليأس، وغلب فيها الإحباط والحيرة.

جسّد عظمة القرآن الكريم

وعندما نتأمل في معالم هذه الشخصية الفذة والعظيمة نرى فيه بحق عظمة القرآن الكريم، وأثر القرآن الكريم؛ ولأنه قرين القرآن، وعاش مع القرآن الكريم، ومن خلال القرآن الكريم قيم هذا الواقع بكله، ونظر إليه النظرة القرآنية، وقيمه التقييم القرآني، ففعلاً نرى فيه عظمة القرآن الكريم في عمق الفكرة، وصوابية النظرة، والرؤية الصائبة، والدقة في التقييم، وبعد ذلك نرى فعلاً عظمة المشروع الذي قدمه لخلاص الأمة من هذا الواقع ولتغييره .

 

النظر للواقع بروح المسؤولية

كان إدراكه للواقع إدراكاًً عميقاً وقوياً، فهو استوعب هذا الواقع ونظر إليه بروح المسئولية، وقليلون من الناس، قليلون من أبناء الأمة من يهتمون بذلك، لقد كان الواقع العام والحالة السائدة بالنسبة للأمة هي التجاهل واللامبالاة تجاه هذا الواقع المرير، والغفلة الكبيرة عما يحاك لهذه الأمة من مؤامرات، وما يدبر لها من مكائد، وما يعصف بها من أخطار، الحالة السائدة كانت هي حالة الغفلة الغفلة الكبيرة، وغلب على معظم أبناء الأمة الانهماك والغرق في أشياء محدودة، وأشياء جزئية وأشياء تافهة، بعيداً عن الهم العام والواقع العام والأخطار الكبيرة والتحديات الجسيمة.

كان هو فعلاً عميق النظرة، يراقب الواقع، يرصد الأحداث والمتغيرات وبروح المسئولية، بينما كان البعض حتى وإن وإن رصدوا الأحداث وإن تابعوا الوقائع فبنظرة سطحية، وبقراءة عابرة إما كحالة إعلامية كما هو حال الكثير من الناس، حالة إعلامية مجردة متابعة الخبر لنقل الخبر، السماع للخبر وللحدث لمجرد السماع والاكتفاء بذلك، أو إطلاق تعليق محدود بدون شعور بالمسئولية، وبدون روحية عملية، وبدون ارتباط بمشروع عملي وبدون موقف

الحالة الغالبة حتى على الفئة المهتمة بمتابعة الأحداث ورصد المواقف ـ وهي فئة قليلة في داخل الأمة لكن حتى هي ـ الغالب عليها هو النظرة الإعلامية والمتابعة الإعلامية، أو المتابعة السياسية المحدودة، متابعة سياسية في حدود التشخيص السياسي، أو التقييم السياسي أو التحليل السياسي، لكن هذه المتابعة لا ترقى إلى مستوى المسئولية.

والبعض أيضاً حتى وإن تجاوز المتابعة السطحية والعابرة للأحداث والمواقف والمتغيرات الجسيمة والهائلة والخطرة جداً على الأمة فالغالب عليهم انسداد الأفق، وانعدام الرؤية، وسيطرة الإحباط والشعور العميق بالعجز، هكذا هو الواقع.

البعض أيضاً جعل خياره في التأقلم والدخول أيضاً الدخول عبر هذه الموجة من الأحداث والمتغيرات في إطار المشروع التأمري على الأمة، والاشتراك فيه، يرى ربحه في ذلك، ويرى مصلحته في ذلك.

أما شهيدنا المقدس ورجلنا العظيم، فقد حكمت قراءته للواقع أخلاقه وإيمانه وإنسانيته ووعيه شعوره العالي بالمسئولية، أمله الكبير في الله وثقته بالله، وتوكله على الله، ويجمع ذلك كله قرآنيته بارتباطه بالقرآن الكريم، بتمسكه بالقرآن الكريم، بوعيه للمفاهيم القرآنية، بنظرته القرآنية للواقع، فقد كان موقفه متميزاً ومسئولاً بالدرجة الأولى

حمل القيم الإيمانية العظيمة

وبالقيم التي حملها من خلال القرآن الكريم، ومن خلال ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، ومن خلال إيمانه المتكامل والواعي فقد حمل القيم العظيمة والمتميزة، وتجلى الإيمان في واقعه، تجلى في روحيته، تجلى في أخلاقه، تجلى في قيمه، حتى تحول في معالم شخصيته إلى إيمان يتحرك، وقرآن ناطق، هكذا كان واقعه.

كان على درجة عالية من الخوف من الله

نرى المعالم الأساسية الإيمانية بارزةً في واقعه وفي حياته وفي سلوكه وفي مواقفه، وفي مقدمتها الخوف من الله سبحانه وتعالى، فقد كان على درجة عظيمة وعالية من الخوف من الله سبحانه وتعالى شأنه شأن المؤمنين الكاملين في إيمانهم وفي مقدمتهم أنبياء الله، ثم ورثتهم الحقيقيون الذين نهجوا نهجهم واقتبسوا من روحيتهم.

كان على درجة عالية من الخوف من الله سبحانه وتعالى، لدرجة أنه لم يعد يخشى إلا الله، ولم يعد يخف من أحد، ولا يبالي أبداً بسطوة الظالمين والجائرين والمستكبرين ولا بجبروتهم ولا بطغيانهم ولا بهمجيتهم ولا بإجرامهم ولا بكل ما يمتلكون من وسائل الظلم والقهر والجبروت ومن آلة الدمار والتعذيب، لم يعد يكترث بهم ولم يبالِ بهم ولم يخف منهم، وكان خوفه العظيم هو من الله سبحانه وتعالى.

مواقفه عكست علاقته العميقة بالله

تجلى أثر ذلك حتى في مواقفه في المرحلة التي تحرك فيها، لو نستذكر جميعاً الظرف والواقع الذي بدأ فيه تحركه الواسع بهذا المشروع القرآني العظيم وموقفه المناهض والمعادي للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية على الأمة، لو نستذكر تلك المرحلة كيف كانت؟ كيف كانت هيبة الطاغوت؟ التحرك العالمي تحت قيادة أمريكا ولمصلحة إسرائيل، وما واكبه من إذعان وخضوع واستسلام مطلق في واقع الأمة إلا القليل القليل، والمخاوف الكبرى التي أثرت في نفوس الكثير من الناس على مستوى الشعوب وحتى على مستوى النخب داخل تلك الشعوب. بل كانت الحالة العامة هي حالة الصمت، وحالة السكوت، وحالة الخضوع، وحالة الخوف، وحالة الرهبة والشعور بالعجز، كانت حالة الاستسلام هي الحالة الغالبة على معظم أبناء الأمة إلا القليل القليل.

أمام كل ذلك الطغيان والهجمة العالمية بكل إمكانياتها، بكل عتادها، بكل قوتها، بكل هيبتها، بآلتها الإعلامية التي ضخمت أيضاً من حجمها وزادت من هيبتها، كان في تلك المرحلة أبياً عزيزاً صامداً ثابتاً لم يخشى أحداً غير الله، ولم تأخذه في الله لومة لائم.

وهذه الحالة هي من الحالات التي تدل دلالة واضحةً على الإيمان الصادق الإيمان الصادق، التحرك في الظروف التي يؤثر الأخرون فيها القعود والتكلم والصدع بالحق في المرحلة التي يؤثر فيها الكثير من الناس الصمت، ويرون فيه سلامةً، ويرون فيه حفاظاً على أنفسهم، أو على حياتهم، أو على مصالحهم، أو على وجودهم.

التحرك في الظروف الحساسة والخطرة والمهمة والحرجة يدلل بحق على مصداقية الإيمان، وعلى حقيقة الإيمان.

كان نموذجاً في الإحسان وخدمة الأمة

من تجليات هذه المواصفات الإيمانية والحالة الإيمانية هي حالة الرحمة والإحساس والشعور الحي فهذا الرجل العظيم كان رحيماً بأمته وبشعبه، يتألم ويعاني لكل ألم أو معاناة عندما يشاهد الظلم عندما يشاهد معاناة الأمة، عندما يشاهد تلك المظالم الفظيعة والوحشية بحق الأمة، سواء في داخل شعبه أو خارج شعبه، فالكل أمة واحدة يجمعها عنوان واحد هو الإسلام، وارتباط واحد وأساس واحد وأرضية واحدة هي الإسلام.

هذه الأمة في كل قطر من أقطارها، في كل منطقة من مناطقها، حيث كان يشاهد مظلمةً أو مأساةً كان يعاني كما يعاني صاحبها أو أكثر، يعاني للواقع المرير والمظلومية الكبرى للأمة في فلسطين، وفي غيرها من الشعوب العربية والإسلامية يعاني ويشعر بالمعاناة والألم، ويتبين عليه أنه يعيش في نفسه في مشاعره في واقعه حالة الألم الشديد والمعاناة والشعور بالمرارة.

لم يكن حاله كحال الكثير من الناس الذين يعيشون حالةً الأنانية والحالة حالة الانغلاق الشخصي، فلا يبالي عندما يرى معاناة الأخرين، إما ؛ لأنه يرى في الأخرين غيره، أو يرى فيهم غير شعبه، أو يرى فيهم غير طائفته، أو يرى فيهم غير أسرته، فلا يبالي مهما كانت أوجاعهم، مهما كانت آلامهم، مهما كانت مظلوميتهم، فالمهم عنده أن يكون هو على مستواه الشخصي على مستوى واقعه الأسري، أو غيره يشعر بالأمن أو يرى نفسه سليماً, لا.

أبياً وعزيزاً لم يكن يقبل الضم

من القيم الإيمانية والإنسانية التي كان يتحلى بها وعلى درجة عالية العزة، فقد كان عزيزاً وكما قال الله سبحانه وتعالى:{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}(المنافقون:من8) بإيمانه المتكامل كان عزيزاً وأبياً ، لا يقبل بالذل ولا يقبل بالهوان، ولا يقبل بالقهر، ولا يستسيغ لا يستسيغ الظلم أبداً. ولا يستسيغ الهوان أبداً. عزيزاً يشعر بالعزة ملأ جوانحه، وتدفعه حالة العزة للموقف العزيز والكلام العزيز، تجلت هذه العزة وظهرت في موقفه، في شموخه، في إبائه، في حزمه، في ثباته، في كلامه، في منطقه، فلا مكان عنده أبداً للذل ولا للهوان ولا للقهر ولا للضيم، كان أبياً يأبى الضيم، ويأبى الظلم وحراً، وهذه من القيم التي غابت إلى حدٍ كبير في واقع الأمة، بل أصبحت في تلك المرحلة التي تحرك فيها ثقافة الذل والترويج للذل والترويج للقبول بحالة الهوان، والترويج لحالة السكوت أصبحت ثقافةً سائدة، وحالةً راسخةً قائمة.

كان عزيزاً بعزة الإيمان

أما هو فكان عزيزاً بعزة الإيمان، بعزة القرآن، بعزة هذا الانتماء الإيماني القرآني الإسلامي بإنسانيته أيضاً، فلم يستسغ الظلم أبداً. وكان يتألم يتألم حتى على أولئك الذين يريدون للأمة أن تقبل بحالة الذل والهوان، فيتفلسفون ويقدمون الرؤى والتبريرات، ويسعون جاهدين لدرجة عجيبة لدرجة وكأن الواقع يتطلب ذلك، وكأن الذي ينقذ الأمة أو يعز الأمة أو يخرجها من واقعها السيء هو ما يعملونه من تدجين للأمة، ومن عمل لتضخيم حالة الرعب لدى الأمة، ومن تخويف للأمة وإرجاف في وسط الأمة.

الوعي العالي والنظرة الصائبة

من المعالم الأساسية لشخصيته في ما كان يتحلى به من إيمانٍ واعٍ، إيمان حقيقي، إيمان بمبادئ الإيمان وأخلاق الإيمان الوعي العالي والنظرة الصائبة والعميقة، وهذا شيء أساسي بالنسبة للإنسان المؤمن، الإيمان لا يقبل أبداً أن يكون المؤمن أحمقاً أو غبياً أو نظرته إلى الواقع نظرةً مغلوطة هذه مسألة لا أبداً، لا تتركب مع الإيمان، ولا تنسجم مع الإيمان، لا يمكن أن يكون هناك مؤمن غبي أحمق جاهل بالواقع، بعيد عن الحكمة، لا. 

على درجة عالية من الوعي والبصيرة

من لوازم الإيمان من لوازم الإيمان هو الوعي، هو البصيرة، بل لا يكتمل الإيمان ولا يتحقق الإيمان إلا بذلك، وهو كان على درجة عالية جداً جداً من الوعي والنظرة الصائبة والعميقة والحكمة، وهذا ما تجلى واضحاً في المشروع العظيم الذي قدمه للأمة.

يكفي كل فرد كل من يريد أن يتحقق من ذلك يكفيه أن يطلع على ذلك المشروع من خلال المحاضرات والدروس التي قدمها، ليدرك أن هناك حالة استثنائية، وأن هذا كان بحق رجلاً استثنائياً، وأنه كان لديه من النظرة العميقة والتقييم الدقيق والتشخيص لواقع الأمة ومشكلات الأمة والمخرج للأمة من هذا الواقع ما ليس ملموساً لدى الأخرين أبداً. حالة متميزة فعلاً في مستوى العصر وفي مستوى التحديات.

 

قد يعجبك ايضا