رفع العقوبات عن سوريا: الجولاني دفع الجزية لترامب
في خطوة فاجأت الجميع، ومثّلت أبرز مفاجآت زيارته إلى المنطقة. أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال خطابه أمام منتدى الأعمال الأمريكي السعودي، وبحضور الراعي العربي لنظام أحمد الشرع الجولاني، بأن العقوبات الأمريكية على سوريا سيتم رفعها، في دفعة كبيرة للحكومة المؤقتة في دمشق، التي تولت السلطة بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في كانون الأول / ديسمبر.
فالعقوبات الأمريكية على سوريا، تم وضعها منذ 29/12/1979، بزعم رعاية الإرهاب (ثم تم الإضافة عليها مع مرور السنوات وآخرها عبر قانون قيصر)، فيما الحقيقة هي أنها كانت تشكّل في ذلك الوقت الى ما قبل نهاية العام الماضي، العمق الاستراتيجي لكل حركات المقاومة في المنطقة، لا سيما الفلسطينية واللبنانية. ورغم تسلّم سلطة جديدة للحكم في سوريا، بقيت هذه العقوبات من أجل ابتزاز الحكام الجدّد بمطالب ظاهرها حقوق الأقليات والخشية من “الإرهاب”، لكن باطنها هو العلاقة مع الكيان المؤقت.
وهذا ما أدركه حاكم سوريا الجديد “الجولاني”، منذ الأيام الأولى لاستلام السلطة، حينما أعلن مراراً، خفيةً وجهاراًُ، هو ومساعدوه، موقفهم الاستسلامي تجاه إسرائيل، وعدم نيتهم قتالها وتشكيل الخطر عليها، بل وأظهروا استسلاماً أمام اعتداءاتها وشروطها (تارة بزعم حماية الدروز، وطوراً بمنع التواجد العسكري في منطقة الجنوب السوري، وغيرها ….). وصولاً الى إبداء الجولاني ومن يتبعه، استعدادهم للتطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي والانضمام الى اتفاقيات أبراهام، وهذا بيت القصيد بالنسبة للإدارة الأمريكية (وليس الـ 12 بند التي تم التداول بها).
ولا يمكن تحليل هذا القرار، بمعزل عن كواليس الترتيبات الأمريكية الأخرى في المنطقة، التي تتمحور حول تركيا والسعودية ومنطقة الخليج، وإجراء المفاوضات النووية مع الجمهورية الإسلامية في إيران، في سعي من ترامب لفرض استقرار منطقة غربي آسيا، بهدف تركيز جهوده نحو الشؤون الداخلية والتهديد الخارجي الوجودي لبلاده وهي الصين.
لقاء الجولاني وترامب
وسريعاً، بعد الإعلان عن رفع العقوبات الأمريكية، بدأت وسائل التسريبات الإعلامية، تتحدث عن لقاء سيجمع ترامب بالجولاني، وهو ما حصل بالفعل الأربعاء 14/05/2025.
فالتقى ترامب بالشرع، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما انضم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الاجتماع، عبر اتصال فيديو، وفقًا لوكالة أنباء الأناضول التركية.
وما خفي من تفاصيل الاجتماع، كشفه المتحدث باسم البيت الأبيض، الذي قال بأن ترامب حثّ الشرع على “ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين (أي المقاومين الفلسطينيين وهو ما بدأت مقدماته فعلياً)” والتوقيع على اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات السورية مع إسرائيل. كما حثّ ترامب الشرع على مساعدة أمريكا في “مهمتها لمحاربة تنظيم داعش (الوهابي الإرهابي)” والتعامل مع مخزون الأسلحة الكيميائية المتبقي في البلاد.
من جانب آخر، كشفت مصادر إعلامية عديدة أن عرض الجولاني لترامب، تضمن الوصول إلى النفط السوري، وطمأنة إسرائيل بأمنها، ومقترحًا لبناء برج ترامب في العاصمة دمشق.
وعليه بين المفاجأة بقرار ترامب “رفع العقوبات”، وبين ما قدمه الشرع من جزية وفروض الطاعة لأمريكا، يصبح الأمر سهل الفهم.
العقوبات على سوريا
ومما لا شك فيه، بأن الشعب السوري سيكون الرابح الأول من قرار رفع العقوبات، بعد حصار دام أكثر من 45 عاماً، لكن الثمن سيكون غالياً أيضاً، وهو التخلي عن أي جهود لنصرة القضية الفلسطينية، وتشريع البلاد أمام الاحتلال الإسرائيلي، والرضوخ امام الشروط الأجنبية والإسرائيلية التي ستسلب من سوريا استقلالها وسيادتها وحريتها.
فما هي أبرز آثار العقوبات الأمريكية التي كانت مفروضة على سوريا:
_حظر التحويلات البنكية، مما صعّب وصول الأموال من المغتربين والمساعدات من الخارج.
_تجميد تعامل البنوك العالمية مع المصارف السورية، ما أدى إلى شلل في النظام المالي.
_صعوبة استيراد الأدوية والمعدات الطبية بسبب القيود على التحويلات والتأمين، مما فاقم الأزمة الصحية.
_حظر تصدير التكنولوجيا، مما أثّر سلباً على التعليم، الاتصالات، والتحديثات في القطاعين العام والخاص.
_منع الشركات الأجنبية من الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، ما أعاق جهود إعادة الإعمار.
_قيود صارمة على الشحن والنقل الجوي، أثّرت على تنقل المدنيين وتدفق البضائع.
_انهيار الليرة السورية نتيجة العزلة المالية والاقتصادية، وفقدان الثقة بالعملة المحلية.
_ارتفاع حاد في أسعار الغذاء والوقود بسبب صعوبة الاستيراد وغياب الدعم الدولي.
_فقدان آلاف الوظائف نتيجة انسحاب الشركات الأجنبية وتراجع النشاط التجاري.
_نقص حاد في الكهرباء والوقود بسبب العقوبات على قطاع الطاقة ومعدات الإنتاج.
_تدهور البنية التحتية للخدمات العامة، بما في ذلك المياه والنقل والصحة.
_شلل في قطاعات الصناعة والزراعة بسبب حظر استيراد المواد الخام والتقنيات الحديثة.
_تعثر المشاريع الإنسانية وصعوبة وصول المساعدات الدولية نتيجة القيود القانونية والمالية.
المصدر: الخنادق