«سُمح بالنشر»: المقاومة توثّق إنجازاتها

 كشفت «كتيبة جنين» التابعة لـ«سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، مساء أوّل من أمس، عن هامش من تفاصيل معركة «بأس الأحرار» في مطلع تموز الجاري، والتي تمكّنت خلالها من إجهاض المخطّط الإسرائيلي للقضاء على مركزية المخيم، كحاضن للمقاومة في الضفة الغربية المحتلّة. الفيلم الوثائقي القصير الذي بثّته فضائية «فلسطين اليوم»، أحدث جدلاً واسعاً في الإعلام العبري؛ إذ علّق موقع «مفزاكي راعام» على المشاهد المنشورة لبعض الأنفاق التي استُخدمت خلال الاقتحام الإسرائيلي للمخيم، بالقول: «نفق هجومي في جنين. نعم نعم إنها جنين»، فيما علّقت صفحة «هيليل بيتون روزين» بالقول: «وقف نشاط عمليات الجيش في جنين سينتهي قريباً»، ناقلةً عن مسؤولين أمنيين كبار قولهم: «انتهى وقت الراحة، وستبدأ الوحدات قريباً نشاطها العسكري في جنين».

الفيلم الذي حمل عنوان «سُمح بالنشر»، تضمّن مشاهد مصوّرة تُعرض للمرة الأولى بشكل رسمي، عن غرف القيادة والسيطرة، التي تتابع من خلالها «كتيبة جنين» تحرّكات جيش الاحتلال في مختلف مناطق المخيم، عبر شبكة كاميرات متطوّرة. كما استعرض مشاهد حصرية لبعض الأنفاق التي استخدمتها الكتيبة في كمائن محكمة، تسبّبت بسقوط إصابات في صفوف الوحدات الخاصة الإسرائيلية. كذلك، بيّن تمكّن المقاومة من إسقاط 6 طائرات مسيّرة، والاستفادة من المشاهد والمعلومات المسجّلة فيها، والتي كشف من خلالها المقاومون المناطق التي يتحرّك فيها جيش العدو، واستطاعوا استهدافه والاشتباك معه من مسافة لا تتجاوز 3 أمتار، فيما استعرض مقاومو الكتيبة بعض التكتيكات العسكرية التي أظهرت مرونة كبيرة في تطوير العمل وفق مقتضيات الميدان، الأمر الذي حرم قوات الاحتلال من أهمّ أساليبها العسكرية المتمثّل في الخديعة والصدمة، وقلّص من مستوى إفادتها من سلاح الجو، الذي لم يستطع «حصد» عدد كبير من المقاتلين.

ما يثبته «سُمح بالنشر» أن حالة المقاومة في الضفة خرجت تماماً عن أيّ إمكانية للاحتواء والتقويض

كلّ ما سبق باتَ، بحسب مصدر عسكري في «كتيبة جنين»، معروفاً؛ إذ دخل جنود جيش الاحتلال النفق الذي تمّ التصوير فيه، كما سيطروا على غرفة من غرف القيادة والسيطرة، وأدركوا خلال المعركة أن أيدي المقاومين وقعت على كنز معلوماتي ثمين من خلال إسقاط الطائرات المسيّرة. لكن القيمة التي يحملها الوثائقي النوعي، معنوية بالدرجة الأولى، كونه يكشف أمام المجتمع الإسرائيلي برمّته، الوقائع الدقيقة للعملية العسكرية التي ظلّ الاحتلال يحشد لها ويتدرّب عليها طوال عام كامل، وخرج منها بـ«صفر إنجاز». كما أن ما يثبته «سُمح بالنشر» في وعي المجتمع الإسرائيلي عموماً، أن حالة المقاومة في الضفة خرجت تماماً عن أيّ إمكانية للاحتواء والتقويض من خلال الحلول الناعمة والعمليات الجزئية والشكلية، وفق ما يعتقد المصدر، لافتاً إلى أن «بثّ الفيلم يتزامن مع اشتداد الأزمة الداخلية التي تعيشها دولة الاحتلال، والتجاذب السياسي داخل الجيش الذي تتزايد فيه حالات الاستنكاف عن الخدمة، ما يجعله عنصراً مساهماً في زيادة الاحتقان الداخلي، وإعادة خلط الأولويات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي تعيش مجموعة من التحديات في لبنان وسوريا وإيران وغزة، بينما حديقتها الخلفية (الضفة الغربية) تضاعف قدراتها». أمّا على المستوى الفلسطيني، فيبعث «سُمح بالنشر» برسالة إلى الأجهزة الأمنية من شأنها تعقيد حساباتها في الاصطدام مع المقاومين ومواجهتهم، وأخرى إلى المجتمع الفلسطيني تُضاعف من رمزية المقاومة واحترامها.

هل ستستجرّ تلك المشاهد عملية وشيكة على المخيم؟ يجيب مصدر في «كتيبة جنين» بأن «المقاومين يدركون أن العملية العسكرية قادمة، سواءً بُثّ فيلم مصوّر أم لم يُبثّ، لأن الإسرائيلي بحاجة إلى إعادة ترميم صورة ردعه وهيبته التي تآكلت في المخيم»، مضيفاً: «نحن نعمل وفق هذا التقدير، ونجهّز أنفسنا نفسياً وعسكرياً على أساس أن العملية العسكرية الإسرائيلية ستحدث، وسواءً حدثت اليوم أو غداً، نحن جاهزون».

قد يعجبك ايضا