في رحاب الشهداء.. حروفٌ وخواطر…بقلم/علي صومل

 

ثمة فرقٌ بين شهداء المسؤولية وشهداء المظلومية فإذا كان لا بد من الشهادة برصاصات الخصم وصواريخ القصف فلتكن من شهداء المسؤولية، فشهادة المرء في خدور الضراغم خير من شهادته في خدور النواعم.

الشهادة أُمنية شخصية؛ ولذا فنحن لا ندعو للمجاهدين بالشهادة في ميدان الحرب وإنما ندعو اللهَ لهم بالسلامة والنصر.

طلبُ الشهادة لا يعني تمكينَ العدوّ من النفس فالأخذ بأسباب الوقاية من القتل أمر مطلوب من المجاهد المؤمن.

ثقافة الشهادة استراتيجية إيمانية أرعبت الخصوم ووفرت عوامل الثبات وأسباب النصر.

الشهداء أكرم بني البشر فلو كانوا يملكون الأرصدة في البنوك لما بخلوا بها على فقراء الشعب وكيف يبخل بالفلوس من يجودون بالنفوس؟

يمتلك الشهيد وعيًا عاليًا بعدالة القضية وصوابية الموقف وقداسة التضحية بالنفس في سبيل الدفاع عن الحق.

في قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم: (الجنة تحت أقدام الأُمهات) وقوله في حديث آخر: (الجنة تحت ظلال السيوف) ما يشير إلى علو مقام أُمهات الشهداء فقد كانت الجنة تحت أقدامهن في جنبات البيوت قبل أن تكون تحت سيوف أبنائهن في جبهات الموت.

الجهادُ فريضةٌ لا تقبلُ الحيادَ وتجارة لا يقاربها الكساد والشهيد يربح حياته من، حَيثُ يخسر الآخرون ويستبدل دار الفناء الحتمي بدار الخلود الأبدي فالشهيد -كما يقول شريعتي- هو المخلوق الوحيد الذي يولد ولا يموت.

يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين: “الشهادة في مدلولها القضائي: هي إظهار الحقيقة لأجل إثباتها في صراع وخصومة بين شخصين أَو جماعتين يختلفان ويتنازعان على حق من الحقوق يدعيه كُـلّ واحد منهما لنفسه، فيأتي الشاهد ليظهر حقيقة الموقف.

ومن هنا فلا بد أن يكون هذا الشاهد منفصلاً عن الطرف المبطل الظالم أَو المبطل المخطئ انفصالا تاما، ومتحداً مع الطرف المحق اتّحادًا تامًّا، لا من موقع ذاتي أَو مصلحي وإنما من موقع موضوعي خالص لا مجال فيه لأية نزعة ذاتية إلا نزعة الانتصار للحق”. وينطبق ذات التوصيف على شهيد القضية العادلة والموقف الحق.

ما الفرق بين أن يدافع الإنسان عن حقوقه الشخصية وحريته الإنسانية وبين أن يدافع عن حقوق وحريات الآخرين؟

جميع ذلك أمر مشروع وحق مكفول إلا أن الدفاعَ الأخير قد يكون أشرفَ وأنبلَ؛ لأَنَّك تدافع عن مطلق الحق ومطلق الحرية ومن هنا نعرف عظمة الشهداء الذين لم يغرقوا في ذواتهم ولم يتمحوروا حول شخوصهم بل جندوا أنفسهم للقيام بمسؤولية الدفاع عن حقوق الآخرين وحرياتهم فما أرذل المحايدين القاعدين الآمنين في بيوتهم الذين لم يقابلوا شهامة المجاهدين ونبلهم حتى بكلمات الشكر ودعوات النصر وما أحقرهم وما أوقحهم وهم يسلقون المجاهدين بألسنة الحداد وينطلقون للتثبيط عن فريضة الجهاد والتأصيل لجريمة الحياد واتّهام حراس الدين والوطن وحماة العرض والأرض بالانحراف والفساد.

قد يعجبك ايضا