مؤتمر “الأمن البحري” في الرياض.. ما الانعكاسات على اليمن؟
تغامر المملكة العربية السعودية -من جديد- في نسج المخططات العدوانية على اليمن، لتخدم -هذه المرة بشكل واضح وجلي- العدو الإسرائيلي الذي يعاني من الحصار اليمني على ملاحته في البحر الأحمر.
وبعد يوم واحد فقط من قمة الدوحة التي -رغم هزالة مخرجاتها- نددت بالعدوان الصهيوني على الدوحة، احتضنت السعودية مؤتمراً دولياً بمشاركة أكثر من 40 دولة لمناقشة “الأمن البحري”، وفيه تبنت السعودية وبريطانيا حزمة واسعة من التعهدات المالية لدعم ما سمته بـ”قوات خفر السواحل اليمنية”، والمقصود بها هنا القوات التابعة للخائن رشاد العليمي.
ويتضح -من خلال عقد هذا المؤتمر- أن الطرف المستهدف هو اليمن وقواته المسلحة التي تفرض حصاراً خانقاً على العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر منذ ما يقارب العامين، حيث أسفر الحصار عن إفلاس ميناء أم الرشراش الذي يُطلَق عليه العدو الإسرائيلي [ايلات] وتعطيله عن العمل، إضافة إلى ما رافق ذلك من خسائر اقتصادية فادحة للكيان نتيجة لهذا الحصار، ما يعني أن السعودية ودول الخليج -التي يُفترض أن تحشد كل مواردها وقدراتها لمواجهة العدو الإسرائيلي- اتجهت نحو خيار آخر يتمثل في حشد إمكاناتها وقدراتها وأموالها ضد اليمن.
وتتشابك الأحداث مع بعضها، فبعد يومين من تدشين مؤتمر “الأمن البحري”، أعلنت السعودية عن توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع باكستان، أبرز ما فيها أن أي اعتداء على السعودية يُعَدُّ اعتداءً على باكستان والعكس، وهو ما يفتح أبواباً واسعة من الاحتمالات والتوقعات حول الغرض من هذه الاتفاقية، فمن الذي سيعتدي على السعودية حتى تبادر لتوقيع هذه الاتفاقية مع باكستان؟ فإذا كانت “إسرائيل” فكل التوقعات مستبعدة، فالعلاقة بين الرياض وكيان العدو حميمة ولا غبار عليها، وفي ذروة العدوان الصهيوني على قطاع غزة كانت الرياض في ذروة الرقص وإقامة مسابقات الكلاب، ولم يصدر عن الرياض موقف يعكّر مزاج المجرم نتنياهو وسيده ترامب.
لكن، لنفترض أن الاتفاقية السعودية الباكستانية تبعث بإشارات واضحة لكيان العدو الإسرائيلي بعدم ارتكاب أي حماقة ضد الرياض، فماذا ستعمل باكستان إذا تورطت السعودية في عدوان جديد على اليمن، وهل ستنضم إلى المملكة بمبرر هذه الاتفاقية ومبرر الدفاع عن أمن الحرمين؟ هذه الاحتمالات أو التوقعات لا نعتقد أن القيادة الثورية والسياسية ستغفل عنها، وهي بالتأكيد ستأخذها في الحسبان، لا سيما إذا تصاعدت الأحداث لأي سبب كان، وعاد العدوان السعودي من جديد على اليمن.
وبالعودة إلى مؤتمر “الأمن البحري”، فإن الهدف المعلن من قبل السعودية وبريطانيا هو دعم ما سمتها “قوات خفر السواحل اليمنية” التابعة للخائن العليمي، ما يعني بكل وضوح أنه ضد القوات المسلحة اليمنية، ولا يُستبعد أن يكون هذا مقدمة لتشكيل تحالف كبير قد تدعمه من الخلف الولايات المتحدة الأمريكية لإيقاف العمليات اليمنية المساندة لغزة.
وبالنسبة للعملاء والخونة اليمنيين، فإن حديثهم منذ أشهر يتركز حول ما يُطلقون عليه “انتهاكات الحوثيين للملاحة الدولية في البحر الأحمر”، ولهذا ظهر الخائن رشاد العليمي في قمة الدوحة متبنياً هذا الموقف، وقبله كان الخائن محمد اليدومي يتحدث عن هذا التوصيف في ذكرى تأسيس حزب الإصلاح، ثم ظهر قيادات الانتقالي، والخائن طارق عفاش ليتحدثوا في الموضوع ذاته، ما يدل على أن قوى الخيانة والعمالة قد حددت موقفها بأن تكون الأداة التي تضغط من خلالها الدول الكبرى لتمرير مشاريعها في اليمن.
وإذا كانت الأطراف الدولية والإقليمية وخونة ومرتزقة اليمن قد حددوا موقفهم المساند للعدو الإسرائيلي، فإن الشعب اليمني والسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- كان لهم موقف ورَدٌّ واضح وجلي على هذه التحركات، حيث وجّه السيد القائد النصيحة للنظام السعودي بعدم التورط في العدوان على اليمن خدمة للعدو الإسرائيلي، مؤكداً أن “أي جهود لحماية ملاحة العدو في البحر الأحمر ستبوء بالفشل، ومن يُورط نفسه في أي اعتداء على بلدنا فسنواجهه في إطار موقفنا من العدو الإسرائيلي نفسه”.
وخاطب النظامَ السعودي قائلاً: “اخجلوا من أنفسكم، لن تستطيعوا حماية سفن العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر. هذا عار عليكم، وفي الوقت نفسه لن تنجحوا في ذلك، ولن تستطيعوا بإذن الله تعالى أن تحموا سفنه، ولن تستطيعوا أن تؤمِّنوا مرور وعبور السفن الإسرائيلية مهما قدمتم ومهما دعمتم ومهما تآمرتم، فالله سبحانه وتعالى هو نصيرنا ومولانا”.
ويتطابق موقف السيد القائد مع موقف الشعب اليمني الذي خرج في مسيرات مليونية الجمعة نصرةً لغزة في ميدان السبعين بصنعاء وعموم ساحات الجمهورية، حيث حذر المشاركون -في بيان لهم- السعوديةَ والولايات المتحدة وبريطانيا وكل من تسوّل له نفسه أن يتوّرط في محاولة حماية العدو الصهيوني، من أنهم لن يجنوا إلا الهزيمة والخسران، ومؤكدين أن مواجهتهم ستكون بأعظم مما سبق إذا ما حاولوا دعم الاحتلال.
وتظل كل الاحتمالات واردة، فالتورط السعودي من جديد في اليمن قد يأتي في شكل تحالف دولي، مع الاتكاء على اتفاقية دفاع مشتركة مع باكستان، وشراكة بريطانية، ومصرية سابقة، واستعداد كبير للخونة والمرتزقة لتفجير الوضع ميدانياً، وهي رسالة ضغط على صنعاء بضرورة التوقف عن ما يدَّعون أنه “تهديد الملاحة الدولية”، والذي هو في الأساس لا يستهدف سوى الملاحة المرتبطة بالعدو الإسرائيلي.
لكن إذا كان هذا هو الخيار لهذه الدول، فإن اليمن قد حدد موقفه بعدم التراجع عن نصرة غزة مهما كانت التحديات، ولهذا فإن الطريق لن يكون مفروشاً بالورود لهذه الدول، وإذا كانت المملكة تستقوي بالنووي الباكستاني، فإن اليمن سبق وأن تغلّب على أكبر دولة نووية في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وكيان العدو الإسرائيلي، ولهذا فإن التهديدات لا تفلح مع اليمن الواثق بربه، والمؤمن بعدالة قضيته وموقفه، وهذا هو المنطلق الذي تثق من خلاله القيادة الثورية -ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي- بأن التحالفات على اليمن ستبوء بالفشل.