مؤسسة فيسيغراد بوست الأوروبية : بعد خسائرها الفادحة في البحر الأحمر .. حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” عادت محملة بالعار “ضربة صادمة – هيبة مفقودة”
تحت عنوان ” “لقد جعلونا ننزف في المياه المفتوحة”: تعود يو إس إس ترومان في حالة من العار بعد خسارة ثلاث طائرات سوبر هورنت في ضربة صادمة ” نشرت مؤسسة فيسيغراد بوست الإخبارية الأوروبية تقريراً سلطت فيه الضوء على الخسائر والتحديات التي تعرضت لها حاملة الطائرات الأمريكية (هاري ترومان) في مواجهة القوات المسلحة اليمنية بالبحر الأحمر، وكيف أدت هذه المواجهة إلى تراجع الثقة بقدرة البحرية الأمريكية، وأبرزت تعقيدات الحرب الحديثة التي لا زال على الولايات المتحدة أن تتكيف معها
وكشفت المؤسسة التي تُركز على الأخبار والجيوسياسات والقضايا المجتمعية الرئيسية في أوروبا وخارجها في تقريرها أن هذه الحاملة – وهي واحدة من أبرز رموز الهيمنة البحرية الأمريكية – تعرضت لسلسلة خسائر ميدانية “محرجة” خلال مواجهتها غير المباشرة مع قوات صنعاء، الأمر الذي أدى إلى تراجع ثقة واشنطن في قدرة أسطولها على العمل تحت الضغط، وسط حرب تزداد تعقيداً في وجه تقنيات غير تقليدية وخصوم يتموضعون خارج حسابات التفوق التكنولوجي.
ووفقاً للتقرير الذي نشرته المنصة الجمعة، فإن مهمة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر واجهت تحديات وصفت بـ”غير المتوقعة”، أبرزها فقدان ثلاث طائرات مقاتلة من طراز F/A-18 Super Hornet خلال ستة أشهر فقط، في فترة انتشار فرقة العمل القتالية المرتبطة بالحاملة.
وفي مشهد أثار السخرية داخل أروقة المحللين العسكريين، أسقط طراد صواريخ أمريكي إحدى تلك المقاتلات عن طريق الخطأ، خلال تدريب قتالي وسط توتر عال في البحر الأحمر، الأمر الذي فضح وجود ثغرات حادة في التنسيق الداخلي والتواصل بين وحدات البحرية، رغم كل ما يقال عن دقة الأنظمة الأمريكية.
وبحسب التقرير حاملة “ترومان” لم تستهدف مباشرة بصواريخ صنعاء، إلا أن خسارة طائراتها دون مواجهة مباشرة أو معركة فعلية، أمام خصم يصنف تقنياً كأقل تطوراً، سلطت الضوء على فجوة في الأداء وخلل في الاستعداد، ما أثار قلق واشنطن بشأن مستقبل اشتباكاتها المحتملة مع قوى أكثر تطوراً مثل الصين أو روسيا.
ويقول التقرير إن هذه الحوادث دفعت البحرية الأمريكية إلى مراجعة خططها العملياتية وإعادة تقييم جاهزيتها الاستراتيجية، في ظل صعود تكتيكات جديدة باتت تربك نظم الردع التقليدية، وتشعل مناطق نفوذ الولايات المتحدة بوسائل رخيصة ولكن فعالة.
ولم تقتصر الخسائر على الجانب العسكري فحسب، بل امتدت – كما أشار التقرير – إلى التكلفة المالية والسمعة المعنوية للأسطول الأميركي، حيث تعد خسارة ثلاث طائرات فائقة الكلفة ضربة مباشرة لموازنة العمليات، بينما تشكل نقطة ضعف في رواية التفوق الحربي التي تبني عليها واشنطن قوتها الردعية.
وفي ختامه، اعتبر التقرير أن “ما واجهته (ترومان) في البحر الأحمر ليس مجرد سلسلة أخطاء”، بل هو اختبار حقيقي لقدرة البحرية الأمريكية على التكيف مع حروب الجيل الجديد، حيث لا تمنح الطائرات المسيرة، والصواريخ المضادة، والضربات الرمزية فرصة للخطأ، ولا الوقت الكافي للارتباك.
النص الكامل
“لقد جعلونا ننزف في المياه المفتوحة”: تعود يو إس إس ترومان في حالة من العار بعد خسارة ثلاث طائرات سوبر هورنت في ضربة صادمة
في عملية انتشار دراماتيكية استمرت ستة أشهر مليئة بالتحديات، عادت حاملة الطائرات هاري إس ترومان إلى قاعدتها في نورفولك بولاية فرجينيا، بعد أن فقدت ثلاث طائرات إف/إيه-18 سوبر هورنت في سلسلة من الحوادث المكلفة، مما أثار المخاوف بشأن الجاهزية العملياتية للبحرية الأميركية في البحر الأحمر ذي الأهمية الاستراتيجية.
جاوزت أصداء التصعيد الأخير للصراعات في الشرق الأوسط حدود المنطقة، مؤثرةً على التجارة الدولية والديناميكيات الجيوسياسية. وقد أثارت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة اضطرابات إقليمية، استقطبت جهات فاعلة مختلفة، وأثارت مخاوف أمنية بحرية كبيرة. واستهدف الحوثيون، بدعم من إيران، سفنًا في ممر البحر الأحمر الاستراتيجي، مما أثر على قطاع الشحن العالمي. وقد دفع هذا الوضع القوى البحرية الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، إلى نشر قوات لضمان سلامة هذه الطرق البحرية الحيوية. ويُعد نشر حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان جديرًا بالذكر في هذا السياق.
التحديات التي واجهتها حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان
أُرسلت حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان، رمزٌ بارزٌ للقوة البحرية الأمريكية، إلى مياه البحر الأحمر المضطربة في ديسمبر/كانون الأول 2024. وكان هذا الانتشار جزءًا من استراتيجية أوسع لمواجهة عدوان الحوثيين وتأمين ممرات الشحن الحيوية. إلا أن المهمة واجهت تحدياتٍ غير متوقعة. فخلال فترة انتشارها التي استمرت ستة أشهر، واجهت حاملة الطائرات عدة حوادث أثارت تساؤلاتٍ حول جاهزيتها العملياتية وتخطيطها الاستراتيجي.
تجدر الإشارة إلى أن حاملة الطائرات ترومان فقدت ثلاث طائرات، مما شكّل ضربة موجعة لقدراتها العملياتية. وفي حادثة محرجة، أُسقطت طائرة إف/إيه-18 سوبر هورنت عن طريق الخطأ بواسطة طراد صواريخ من أسطولها، يو إس إس جيتيسبيرغ. لحسن الحظ، نجا الطياران، لكن الحادث كشف عن عيوب محتملة في التنسيق والتواصل داخل فرقة العمل البحرية. كما كانت التبعات المالية كبيرة، حيث قُدّرت قيمة كل طائرة سوبر هورنت بحوالي 60 مليون دولار . تُبرز هذه الخسائر، المادية منها والمتعلقة بالسمعة، تعقيدات الحرب البحرية الحديثة.
تداعيات الخسائر على البحرية الأمريكية
دفعت هذه الحوادث البحرية الأمريكية إلى إعادة تقييم استعداداتها ونهجها الاستراتيجي. وزاد الاصطدام بسفينة تجارية بنمية قرب بورسعيد من تعقيد انتشار حاملة الطائرات ترومان، مما أدى إلى إقالة قائدها، الكابتن ديف سنودن. كما زاد فقدان طائرة أخرى من طراز F/A-18، بسبب حادث أثناء عمليات روتينية، من التحديات التي واجهها طاقم حاملة الطائرات ترومان.
كان الأثر التراكمي لهذه الأحداث تراجعًا في الثقة بقدرة البحرية على العمل بفعالية تحت الضغط. ورغم أن حاملة الطائرات ترومان لم تُصب بصواريخ الحوثيين مباشرةً، إلا أن خسارة طائراتها أمام عدوٍّ أقل تطورًا من الناحية التكنولوجية تُثير مخاوف بشأن المواجهات المستقبلية مع خصوم أكثر كفاءة، مثل الصين. وتُبرز هذه الحوادث الحاجة إلى تحسين التدريب، والتنسيق، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة التحديات غير المتوقعة.
الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر
يُعدّ البحر الأحمر ممرًا بحريًا بالغ الأهمية، إذ يربط البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس بالمحيط الهندي. يُعدّ هذا الممر حيويًا للتجارة العالمية، وأي خلل فيه قد يكون له عواقب اقتصادية بعيدة المدى. لذا، يُمثّل تهديد الحوثيين تحديًا كبيرًا، ليس فقط للاستقرار الإقليمي، بل للتجارة الدولية أيضًا.
للولايات المتحدة وحلفائها مصلحة راسخة في الحفاظ على أمن هذه المياه. ويؤكد نشر القوات البحرية، بما فيها حاملة الطائرات ترومان، الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر. ومع ذلك، تُبرز الحوادث التي تورطت فيها حاملة الطائرات ترومان تعقيدات الحفاظ على الأمن في مثل هذا الفضاء المتنازع عليه. وتبدو الحاجة إلى تعزيز التعاون بين القوات البحرية، وتبادل أفضل للمعلومات الاستخباراتية، وتخطيط دقيق للطوارئ، أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
التطلع إلى المستقبل: الدروس والاستراتيجيات المستقبلية
تُقدم تجارب حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان خلال فترة انتشارها دروسًا قيّمة للعمليات البحرية المستقبلية. وتُبرز هذه الحوادث أهمية التدريب الدقيق وضرورة توقع المخاطر المحتملة والتخفيف من حدتها. كما تُبرز ضرورة القيادة القوية واتخاذ القرارات الفعّالة في المواقف الحرجة.
مع استمرار البحرية الأمريكية في التكيف مع المشهد الجيوسياسي المتغير بسرعة، عليها التركيز على تعزيز قدراتها وجاهزيتها. ويشمل ذلك الاستثمار في التقنيات المتقدمة، وتحسين التنسيق العملياتي، وتعزيز الشراكات مع الحلفاء لضمان أمن الطرق البحرية الحيوية.
تُثير التحديات التي تواجهها حاملة الطائرات ترومان تساؤلاتٍ مهمة حول مستقبل الحرب البحرية. كيف يُمكن للبحرية الاستعداد بشكل أفضل للتهديدات المعقدة ومتعددة الأبعاد في عالمٍ يزداد اضطرابًا؟