مركز «صوفان» للدراسات الأمنية :اتفاق واشنطن مع صنعاء تم تحت ضغط الخسائر الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة.. عرّض إسرائيل لخطر شديد

تناول مركز thesoufancenter  الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخبارات في تقرير له أبعاد الاتفاق المفاجئ لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة و أنصار الله في اليمن، والذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السادس من مايو 2025.
الإعلان جاء خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، حيث صرّح ترامب أن “الحوثيين لا يريدون القتال بعد الآن”، وأضاف أن بلاده “ستتوقف عن القصف”
وأفاد التقرير أن واشنطن، وافقت على الهدنة بدافع تقليص الكلفة الاقتصادية والاستراتيجية للحملة الجوية، التي تجاوزت كلفتها حاجز الملياري دولار، ونتج عنها أيضًا إرباك في توزيع المهام العسكرية الأميركية في المنطقة والعالم، في ظل تزايد التعقيدات على عدة جبهات. كما تعرضت إدارة ترامب لضغوط دولية متزايدة بسبب أعداد الضحايا المدنيين في اليمن ما جعل من وقف العمليات ضرورة سياسية ملحة.
وأشار التقرير رغم الترحيب الدبلوماسي بالاتفاق، إلا أن العديد من المراقبين أعربوا عن شكوكهم في فعاليته، مشيرين إلى أنه يظل اتفاقًا ثنائيًا ضيق النطاق، لا يُلزم الحوثيين بوقف هجماتهم على أهداف غير أميركية، خصوصًا إسرائيل أو السفن المرتبطة بها. وقد صرّح متحدثون باسم انصار الله أن عملياتهم ضد إسرائيل ستتواصل ما دامت الأخيرة تواصل عدوانها على غزة. ويأتي هذا الموقف تأكيدًا على ثوابت أعلنتها أنصار الله منذ السابع من أكتوبر 2023، حين اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس

ومن جانب شركات الملاحة الدولية، لا يبدو أن إعلان الهدنة كافٍ لاستئناف استخدام مسار البحر الأحمر، إذ نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن شركة ميرسك الدنماركية العملاقة تأكيدها أنها غير مستعدة بعد للعودة إلى هذا المسار، في ظل عدم وضوح الضمانات الأمنية. وهو ما يُضعف من سردية الإدارة الأميركية بأن عملية “الفارس الخشن” حققت هدفها المتمثل في تأمين حرية التجارة والملاحة.
وبحسب التقرير فقد تزامن إعلان الهدنة مع تصعيد في المواجهة بين الحوثيين وإسرائيل، حيث أطلقت صنعاء صاروخًا باليستيًا سقط في محيط مطار بن غوريون قرب تل أبيب، ما أدى إلى إصابة خفيفة لعدد من المدنيين وتعليق الرحلات الجوية. وردت إسرائيل في اليوم التالي بغارة عنيفة على مطار صنعاء. وبعد إعلان الهدنة بيومين، أطلقت اليمن صاروخًا آخر باتجاه المطار ذاته، ما دفع إسرائيل إلى التهديد بالرد
هذا الواقع فاقم من حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي شعرت بأنها تُركت وحدها في مواجهة الحوثيين. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين في تل أبيب أنهم علموا بأمر الاتفاق من شاشة التلفاز، دون أي تنسيق مسبق. وقد وصل الاستياء الإسرائيلي إلى الكونغرس الأميركي، حيث وقع عدد من النواب رسالة تندد بالاتفاق، محذرين من أنه “يعرّض إسرائيل للخطر” ويمنح انصار الله متنفسًا جديدًا دون مقابل حقيقي
التقرير أشار بأن إدارة ترامب حاولت امتصاص الغضب الإسرائيلي، حيث التقى ترامب بوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في لقاء غير اعتيادي، نظرًا لأن الرؤساء الأميركيين عادة لا يلتقون بمسؤولين من هذا المستوى.
كما أدلى السفير الأميركي في تل أبيب، مايك هاكابي، بتصريحات قال فيها إن “أي مقتل لمواطن أميركي في هجوم حوثي سيجعل من الأمر شأنًا أميركيًا مباشرًا”، مضيفًا أن بلاده قد ترد حينها على انصار الله، وهو توضيح ضمني لتعليق سابق لترامب قال فيه إنه سيناقش احتمال الرد “إذا حصل شيء ما”.
واختتم التقرير بالقول : ورغم هذا التوضيح، فإن الغموض لا يزال يلف موقف واشنطن في حال تصاعدت الهجمات اليمنية على إسرائيل، في وقت تستمر فيه أميركا بتزويد تل أبيب بالسلاح والمعدات اللازمة لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيّرة القادمة من اليمن.
في المحصلة، يرى مركز صوفان أن هذه الهدنة، بعيدًا عن كونها نهاية للصراع، قد تكون مقدمة لتحول استراتيجي أعمق، سواء في توازنات القوى في البحر الأحمر، أو في شكل العلاقة الأميركية الإسرائيلية، التي باتت تئن تحت وطأة الحسابات الإقليمية الجديدة.

قد يعجبك ايضا