مزاعم الرياض في الحديدة: الميدان أصدق إنباءً!

تعكس الرسائل المكثفة التي تراكمها القوات المسلحة اليمنية على امتداد الخريطة الجغرافية، ما يجري خلف الكواليس وفي القنوات الدبلوماسية. اذ ان التحركات العسكرية التي شهدتها كل من مأرب وشبوة والمخا، ثم حضرموت وسقطرى، تشي بأن الكباش العسكري بين الميليشيات في المحافظات الجنوبية، لا ينال، على الأقل، الدعم المباشر من السعودية التي تعرقل المفاوضات من جهة، ولا تتورط بمواجهة مع قوات صنعاء، من جهة أخرى.

تدرك الرياض ان صنعاء جادة بمطالبها وشروط فيما يتعلق بالاتفاق على الهدنة مجدداً، كما أنها جادة بتهديداتها التي أكدها غير مرة المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، والتي لمستها الأولى، بالعمليات الأخيرة في الضبة والقنا.

وعلى ضوء المستجدات الأخيرة التي وردت فيما يتعلق بالمفاوضات الجارية بين الوفدين اليمني والسعودي والذي أبدى فيها الأخير، نوعاً من المرونة، بعد تيقنه من أن لا حل عسكري قد يحسم المعركة بعد 8 سنوات من الحرب، ولا مصير للعرقلة المستمرة لجهود وقف إطلاق النار، إلا فرضها بالقوة عبر ادخال باب المندب وممرات الملاحة الدولية إلى بنك الأهداف، يبرز تصريح المتحدث باسم الجيش التابع لحكومة عدن والمدعومة من الرياض، عبده مجلي. اذ ان زعمه بأن صنعاء قد قامت بتجربة “لإطلاق صاروخ مضاد للسفن، أطلق من صنعاء وسقط غرب الحديدة”، يأتي ضمن إطار معرفته الأكيدة، بأن القوات المسلحة تمتلك فعلاً هذا النوع من الصواريخ، بعد ان كانت الالة السعودية قد شككت بالعروض العسكرية الاخيرة التي أقيمت في الحديدة وميدان السبعين. كما انه اعتراف بأن صنعاء جادة في تهديداتها وهي قد تقدم على الاستهداف الفعلي للنقاط التي تراها مناسبة في “أي نقطة في البحر من أي نقطة في اليمن”، وفق ما صرحه سابقاً، رئيس المجلس السياسي في صنعاء، المشير مهدي المشاط.

وتعليقاً على هذه المزاعم، أشار مساعد مدير دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة العميد الركن، عابد محمد الثور، في حديث خاص لموقع “الخنادق”، ان الميليشيات تحاول “تجيير اعمالها العسكرية في المخا والخوخة جنوب الحديدة على انها خروقات من قبل قواتنا”، مشيراً إلى ان “صنعاء ان ارادت القيام بأي عمل عسكري رداً على الحصار والانتهاكات المستمرة فهي قادرة، وقد أثبتت ذلك في العروض العسكرية، خاصة فيما يتعلق بالقوة الصاروخية”، مشيراً إلى ان “تسمية صاروخ البحر الأحمر بهذا الاسم، يكشف عن فعاليته وقدراته”.

بدوره، أكد مستشار المجلس السياسي الأعلى، الدكتور عبد العزيز الترب، في حديث خاص مع موقع “الخنادق” على “اننا قادرين ان ننتصر بحراً، وقد أثبتنا قدراتنا بالوصول إلى سقطرى وحضرموت”.

 تركت الزيارة الاخيرة للمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الذي تعمد خلالها افشال المفاوضات الحاصلة بين صنعاء والرياض، ثم ما شهدته جزيرتا سقطرى وميون، من تحركات بريطانية- أميركية، عدداً من التساؤلات التي تتعلق بحجم التوترات الحاصلة بين كل من الولايات المتحدة والرياض، منذ وصول الرئيس الأميركي، جو بايدن إلى البيت الأبيض، وما اختتمته السعودية في منظمة أوبك بلس التي خفضت خلالها، معدل انتاج النفط، في ذروة الحاجة الأميركية لزيادة الإنتاج.

وعلى ما يبدو ان تضارب المصالح بين ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي انهكته حرب اليمن ويسعى لإنهائها، وبين الإدارة الأميركية، التي تجد مصالحها باستمرار الحرب، ولو بشكلها الحالي، بدا ينعكس على المشهد. وبالتالي، فقد تشهد المرحلة المقبلة، مزيداً من الاخبار التي تضج بها وسائل الاعلام تكون بمثابة رسائل متبادلة بين الطرفين. اما بالنسبة لصنعاء، وبمعزل عن مدى صحة الانباء الواردة عن التجربة الصاروخية في الحديدة، إلا ان ما يمكن التأكيد عليه، انها عندما ستقدم فعلاً على عملية عسكرية، لن تحتمل نتائجها الشك ولن تترك أثارها مجالاً للتأويل، خاصة اذا ما كانت بعمق باب المندب.

 

الخنادق

قد يعجبك ايضا