مقتطفات المحاضرة الرمضانية الثالثة عشرة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 16 رمضان 1445هـ 26 مارس 2024م

 

مقتطفات المحاضرة الرمضانية الثالثة عشرة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 16 رمضان 1445هـ 26 مارس 2024م

 

1 -من أهم وأبرز الأحداث في سيرة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وفي تاريخ المسلمين: غزوة بدرٍ الكبرى، التي وقعت في السابع عشر من شهر رمضان المبارك، من السنة الثانية للهجرة

2. من أهم الأحداث في شهر رمضان، والتي وقعت فيما بعد بسنوات: فتح مكة، والذي كان في السنة الثامنة للهجرة النبوية

3.عودتنا إلى سيرة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله مسألة مهمة لنا في ديننا ودنيانا، ونستفيد منها على كل المستويات، ولها أهميتها بالاعتبار الإيماني، وباعتبار الواقع.

4.ليس هناك أمة اسُتهدفت عسكرياً، وتستهدف حالياً، فيما بين الأمم القاطنة على كوكب الأرض مثل ما هو حال المسلمين، أعداؤهم يغزونهم إلى عقر ديارهم، يحتلون أوطانهم، ينهبون ثرواتهم، يستبيحونهم ويقتلونهم بشكلٍ مستمر

5.نحن أمةٌ مستهدفة شئنا أم أبينا، ونحن بحاجة إلى أن نعود إلى سيرة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وإلى جهاده، من خلال ما قدَّمه القرآن الكريم، ومن خلال ما هو صحيحٌ وثابتٌ في كتب السِّيَّر والتاريخ؛ لنستفيد منه في واقعنا
6.الأهمية الكبيرة جداً في غزوةٍ بدرٍ الكبرى: في كيفية قيام الأمة الإسلامية وانتصارها، ومواجهتها للتحديات والأخطار آنذاك، ونشوء وامتداد نور الإسلام، وكذلك في انتصار المسلمين، وفي تغيير الواقع الجاهلي الظلامي في الجزيرة العربية

7.أتت التسمية في القرآن الكريم لغزوة بدر الكبرى تسميةً مميزة، وذات أهمية كبيرة، وتُلَخِّص لنا الفكرة عن مستوى الأهمية التي قد لا نستوعبها لتلك الغزوة، حينما سمَّها الله بيوم الفرقان

8.هو يومٌ فارقٌ فعلاً، ما بعده اختلف تماماً عمَّا قبله، ولمصلحة المسلمين، لمصلحة الرسالة الإلهية، لمصلحة قيم الخير والعدل والحق، ولطمس تلك الحالة من الخرافة، والجاهلية، والظلام، والباطل، والشرك، والكفر، فيوم الفرقان نعمة كبيرة امتدت آثارها ونتائجها المهمة عبر الأجيال.

9.يوم الفرقان “غزوة بدر الكبرى” محطة مهمة لاستنهاض الأمة؛ لأن الأمة في هذه المرحلة، في ظل ما تواجه من تحديات تُشكِّل خطورةً بالغةً عليها، والخطر الكبير هو في جمودها، وقعودها، وتخاذلها، أمام تلك الأخطار التي تستهدفها

10.ما قبل غزوة بدرٍ الكبرى، بدءاً بالمرحلة المكية، قبل هجرة النبي صلوات الله عليه وعلى آله من مكة، ومنذ أن بعثه الله بالرسالة فيها، تحرك صلوات الله عليه وعلى آله لتبليغ رسالة الله، وإيصال نوره إلى الناس، الرسالة التي بها الإنقاذ للبشرية

11.الإنقاذ ابتداءً لذلك المجتمع نفسه، ولمحيطه في الجزيرة العربية بكلها، الإنقاذ من الشرك، من الخرافة، من الباطل، من الضلال، من الكفر، من الظلم، الإنقاذ من نار جهنم، الإنقاذ من الخسارة الكبرى في الدنيا والآخرة

12.الإنقاذ من ذلك الواقع الجاهلي الظلامي السيء، الذي هبط بالقيمة الإنسانية للناس أنفسهم، وعندما تحولوا إلى عُبَّاد للأوثان والأصنام الحجرية والخشبية، وغيرها من الأوثان التي يصنعونها بأنفسهم، أو يشترونها من الأسواق بقيمتها، ثم يعكفون حولها كآلهة، ويعبدونها كآلهة، ويخضعون لها كآلهة

13.وضعية سيئة كانت أيضاً منعكسةً على ظروف حياتهم بكل ما فيها، فيما كانوا عليه من معتقدات، من ممارسات ممتلئة بالظلم، بالتوحش، إلى درجة قتل بناتهم، ووأد بناتهم وهن أحياء على قيد الحياة، وغير ذلك من الخرافات والمفاسد الرهيبة جداً

14.فالإسلام إنقاذ وشرفٌ عظيم، يسمو بالإنسان ليكون بمستوى إنسانيته.

15.مع حركة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله لتبليغ الرسالة في مكة، واجهه معظم قريش بالتكذيب، والكفر، والصد، والإساءة، والحملات الدعائية بالرغم من وضوحها، وقوة حجتها وبرهانها، وانسجامها مع الفطرة، ولكنهم كانوا يعاندون؛ لأنهم ارتبطوا بمجموعة من الطغاة، المجرمين، المستكبرين

16.الإسلام بعدله، ونوره، وهديه، لا ينسجم مع تلك الأطماع والأهداف الشخصية، والأنانيات والممارسات الظالمة التي هم عليها، فوجدوا أنفسهم في تباينٍ مع نور الإسلام وعدله وهديه، وقيَّمه العالية والراقية

17.كانوا يحاولون أن يمنعوا الناس من الإسلام، ولا سيَّما المستضعفين، من ليس له سند، ولا حماية عشائرية توفر له الحماية من شرهم، بل بعض العشائر والبيوتات كانوا هم الذين يتوجهون لممارسة الاضطهاد والقمع والظلم تجاه من يُسلِم منهم

18.عاش المسلمون حالةً من الاضطهاد والظلم والمعاناة في مكة؛ لدرجة أن اضطر البعض منهم إلى الهجرة إلى الحبشة، فسار عددٌ منهم للهجرة هناك، وبقوا هناك؛ ليسلموا تلك الحالة من الاضطهاد.

19.تزايدت حالة التكذيب، والمعارضة، والاضطهاد، ومحاولة إقناع الوفود التي تأتي إلى مكة للحج، أو للتجارة، بعدم الاستماع للنبي، ولا الإصغاء إليه، ولا الاستماع لرسالته، ولا التَّقبل لها

20.من بعد وفاة عم النبي أبو طالب، الذي كان له دورٌ أساسيٌ في حماية النبي صلوات الله عليه وعلى آله في مكة، بما له من نفوذ وتأثير، ومعه عشيرته (بنو هاشم)، ازداد الاستهداف للنبي صلوات الله عليه وعلى آله، وفي المرحلة الأخيرة أصبحت هناك مؤامرات لاستهدافه بالقتل

21.أذن الله لرسوله صلوات الله عليه وعلى آله بالهجرة بعد أن وصل الوضع في مجتمع مكة إلى مرحلة لا يؤمَّل منهم أن يهتدوا للإسلام، ويتحركوا كحاضنة للإسلام، تحمل راية الإسلام، وتنشر نور الإسلام إلى بقية محيطها في الجزيرة العربية، أصبح أكثرهم- باستثناء القليل، يتجهون في إطار معارضة الإسلام ومحاربته والصد عنه

22.هيأ الله البديل الجديد، وهم الأنصار الذين سيتحركون كحاضنة لمشروع الرسالة الإلهية، ولحمل راية الإسلام، ولنيل هذا الشرف العظيم؛ فأذن الله لرسوله صلوات الله عليه وعلى آله بالهجرة إليهم.

23.هاجر النبي صلوات الله عليه وعلى آله إلى يثرب، إلى المدينة، إلى الأنصار، وبدأ مرحلةً جديدةً هناك، وانزعج المشركون في مكة انزعاجاً شديداً؛ ولذلك بدأوا تحركاتهم ما بعد هجرة النبي صلوات الله عليه وعلى آله في عدة اتجاهات

24.عقد تحالفات وتنسيقات مع بقية القبائل العربية، التي هي قريبة من المدينة، أو في الطرق إلى المدينة، أو ما بين مكة والمدينة.

25.إضافةً إلى التنسيق السري ما بينهم وبين اليهود أيضاً

26.وكل هذا في إطار العمل لمحاربة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، والاستهداف للمسلمين، بدءاً بالتضييق الاقتصادي عليهم، اتفقت قريش مع كثيرٍ من القبائل أن يمنع المسلمين من أسواقهم، ومن المرور بأي نشاط تجاري أو حركة اقتصادية في مناطقهم

27.بدأوا التحضيرات لمرحلة الغزو العسكري، والهجوم العسكري، والاستهداف العسكري للرسول صلوات الله عليه وعلى آله إلى المدينة؛ ولهذا الهدف أرسلوا قافلةً كبيرة- تعتبر من أكبر قوافلهم التجارية- أرسلوها إلى الشام؛ من أجل أن يحققوا مكاسب ضخمة

28.قرر مجتمع القريش أن يخصص عائدات وأرباح تلك القافلة لتمويل هجومٍ عسكري وعمليةٍ عسكرية تستهدف النبي صلوات الله عليه وعلى آله، ومن معه من المسلمين في المدينة المنورة.

29.رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله كان على اهتمام مستمر يرصد تحركات الأعداء، لم يكن في حالة غفلة، وكان يسعى إلى تهيئة المسلمين وتحضيرهم في إطار هذه المرحلة الجديدة، التي سيدخلون فيها في مواجهات عسكرية وجهادٍ عسكري

30.رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله كان يسعى إلى رصد تحركات الأعداء، وإلى تنشيط المسلمين بدءاً بسرايا، سرايا (مجموعات) استطلاعية، تُنَفِّذ مهام استطلاعية، وتتحرك أيضاً لتكون المسألة مسألة مقبولة في الساحة

31.أراد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله للمسلمين أنفسهم أن يكونوا هم متعودين على التحرك والخروج في تلك السرايا الاستطلاعية، وأن ينفِّذوا تلك المهام التي هي مهام تهيئهم ذهنياً ونفسياً لما بعد ذلك من المواجهة مع الأعداء، وتنشطهم، وفي نفس الوقت تهيئ الساحة أمامهم؛ لتكون متقبلة لهذا التحرك، ولا تكون ساحةً مغلقةً في وجوههم.

32.عندما علم رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بتلك الترتيبات والاستعدادات لدى قريش، والتي تهيئ لمهمة عسكرية لاستهداف المسلمين في المدينة، تحرَّك رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وقت عودة تلك القافلة وعلى رأسها أبو سفيان.

33.رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله جمع من انطلق معه واستجاب له من المسلمين في التحرك لاستهداف تلك القافلة، وكان من الوارد ابتداءً أن هذه الخطوة قد يقابلها المشركون بتحركٍ عسكريٍ عاجل من مكة

34.خرج النبي صلوات الله عليه وعلى آله بنفسه في هذه المهمة، وعلى رأس هذه المهمة، وفي نفس الوقت خرج بمن استجاب له من المسلمين، بأكثر من ثلاثمائة شخص، في بعض الروايات ما بين ثلاثمائة إلى ثلاثمائة وأربعة عشر شخصاً

35.قدَّم لنا القرآن الكريم عرضاً مهماً، عرضاً مهماً جداً لتسلسل تلك الأحداث، وقدَّم سورة الأنفال، التي هي بكلها تعرض من أولها إلى آخرها وعرضاً مميزاً جداً أحداث غزوة بدر، عرضاً مليئاً بالدروس والعبر، يبني الأمة فيما بعد ذلك، سواءً في عصر رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، أو ما بعده؛ لتكون في مستوى القوة، والمنعة، والتحرك الفاعل في مواجهة المخاطر التي تهددها.

36.يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، أتى الإذن من الله سبحانه وتعالى للنبي صلوات الله عليه وعلى آله وللمسلمين بالتحرك العسكري

37.كانت هذه الآية- بعد تواجدهم في المدينة، واستقرار وضعهم فيها- هي الإعلان عن بداية المرحلة الجديدة، التي سيتَّجه المسلمون فيها لمواجهة الأعداء، إلى هذا المستوى: لمواجهة التحديات والمخاطر التي تستهدفهم عسكرياً.

38.نجد أنَّ الله سبحانه وتعالى هو الذي أمر رسوله صلوات الله عليه وعلى آله بالتحرك، لم يكن ذلك التحرك عبارة عن رأيٍ شخصيٍ من النبي صلوات الله عليه وعلى آله، أو من بعض المسلمين، وإنما كان أمراً من الله سبحانه وتعالى

39.وهذا درسٌ مهمٌ لنا نحن المسلمين في هذا العصر، الذين نتقاعس عن التحرك حتى بعد أن يدهمنا الخطر إلى عقر ديارنا، نجد أنَّ رسول الله تحرَّك حركةً مسبقة، لم يبقَ هو والمسلمون معه، الذين استجابوا له، في المدينة، ويقررون أن يجلسوا حتى يأتي العدو، وحتى يهجم العدو، وحتى يدخل إلى ديارهم وبيوتهم، ثم يوافقون على التحرك.

40.تربية الإسلام، وهدي الله سبحانه وتعالى، يربي الأمة إلى أن تكون هي مبادرة، وسبَّاقة، وتتحرك لمواجهة الخطر قبل أن يدهمها الخطر، فتتحرك حركةً مسبقة في التصدي للأعداء

41.البعض منهم كانوا كارهين للخروج في تلك الظروف كانوا من حيث الإمكانات، من حيث العدد، من حيث العدة، في ظروف صعبة جداً، وبالمقارنة مع واقع أعدائهم

42.أعداؤهم لديهم الإمكانات الضخمة على المستوى العسكري، على المستوى المادي، ولديهم العدد والعدة؛ ولذلك كان البعض قلقين جداً من التحرك في خروج النبي صلوات الله عليه وعلى آله إلى درجة قال عنهم: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}

43.البعض كان فاقداً لأمله بالنصر، يرى النصر أمام تلك الظروف، وفي ظل تلك الوضعية الصعبة، والإمكانات المتواضعة، وكأنه شيءٌ من المستحيلات، وكأن ذلك الخروج نتيجته الحتمية هي الانتهاء بالموت، كأنه انتحار كما يقولون، انتحار وخروج لا يمكن أن يعود بنجاحٍ وظفرٍ ونصر.

44.رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بالرغم من كل ذلك تحرك، بالظروف الصعبة، مع قلة العدد والعدة، مع الإمكانات المحدودة جداً، ولم يقبل بتلك الاعتراضات، أتى الأمر من الله سبحانه وتعالى

45.رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله لم يتقبَّل مساعي من حاولوا إقناعه بعدم التحرك والخروج، ولا اكترث أيضاً للآخرين: للمنافقين والذين في قلوبهم مرض، الذين سعوا بالإرجاف، والتهويل، والتخويف

46.بلغ الخبر إلى المشركين في مكة، أنَّ رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بدأ بالتحرك من المدينة، ومن معه من المسلمين؛ لاستهداف تلك القافلة

47.وهم من الجهة الأخرى، قاموا بالخروج، وأعدوا العدة، وحشدوا إمكاناتهم، وتحركوا عسكرياً، بقوة عسكرية من مكة؛ لاستهداف النبي صلوات الله عليه وعلى آله

48.خرجوا جيشاً قريباً من الألف مقاتل، ومعهم إمكانيات ضخمة، البعض منهم يمتلك سيفين، ودرعين، وساقوا معهم العدد الكبير من الإبل، وكذلك كان معهم العدد الضخم من الفرسان، فكانوا يمتلكون الخيول، التي هي ذات أهمية كبيرة في القتال آنذاك

49.المشركون اعتبروها فرصةً للخروج لتحقيق هدفين بالنسبة لهم:

50.الهدف الأول: ما كانوا يتوقَّعونه ويظنونه هم، من أنهم سيتمكنون من القضاء على النبي صلوات الله عليه وعلى آله، ومن معه من المسلمين.

51.والهدف الثاني: أن يعززوا بذلك من نفوذهم، وهيبتهم، وتأثيرهم في بقية الجزيرة العربية، وأمام بقية القبائل العربية.

52.خرجوا بطراً، استعراض بما لديهم من إمكانات ضخمة مادية، لديهم أموال، خرجوا ولديهم مظاهر تلك الثروة، والإمكانات، والسلاح، والعتاد، والعدد، وأمام الناس كذلك كما قلنا، ومهمتهم التي يركِّزون عليها هي: الصد عن سبيل الله.

53.ما هي مشكلتهم مع النبي صلوات الله عليه وعلى آله، ومن معه من المسلمين؟ مشكلتهم هي في الإسلام، هم يصدون عن سبيل الله، يسعون إلى إطفاء نور الله، يحاولون أن يعملوا على إنهاء الإسلام، ووأد هذا المشروع الإلهي

54.أتى الوعد من الله سبحانه وتعالى للمسلمين: بالتمكين من إحدى الطائفتين، فذلك الخروج خروجٌ منتصرٌ حتماً وسيحقق نتيجةً بوعد الله سبحانه وتعالى، نتيجة مهمة للمسلمين

55.ولكن لا تزال في البداية مجهولة بالنسبة للمسلمين، ما الذي سيتحقق لهم؟ لأن الله وعدهم إحدى الطائفتين: إمَّا القافلة العائدة بالأموال التجارية، التي خصصت لتمويل هجوم على المسلمين، وإمَّا الجيش العسكري الذي قد خرج من مكة.

56.يقول الله جلَّ شأنه: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}

57.كانت الرغبة النفسية لدى المسلمين، هي: أن يتمكنوا من القافلة؛ ليستفيدوا منها مادياً، وليتفادوا الاصطدام العسكري

58.يقول الله سبحانه وتعالى: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}

59.النتائج الأكثر أهمية، والتي لها تأثير مهم جداً للإسلام والمسلمين، هي: بالتمكين من الجيش العسكري، وإحراز نصرٍ عسكري، هذا الذي ستكون له نتائج مهمة، أكثر أهمية بكثير من أن يظفروا بالقافلة

60.وهذا درس للمسلمين فيما يتعلق بالخيارات والأهداف الأكثر أهمية، وذات التأثير الأكثر أهمية أيضاً في واقعهم

61.اتَّجه الطرفان وقد فاتت القافلة وأصبح الخيار واضحاً أنه سيكون هناك صدام عسكري، وهناك وعد مسبق من الله للمسلمين، وعدهم الله به.
62.وصل الطرفان جيش المشركين الذي خرج من مكة، والنبي صلوات الله عليه وعلى آله ومن معه من المسلمين، الذين كانوا اتَّجهوا من المدينة، وكانوا يسعون إلى اللحاق بتلك القافلة، وصل الطرفان إلى بدر، موقع بين مكة والمدينة، فيه بئر ووادٍ هناك

63.كل طرف وصل إلى الجهة المحاذية له، جيش المشركين وصل في الجهة التي هي إلى مكة، محاذية لهم، والمسلمون وصلوا في الجهة من الوادي التي هي الأقرب إلى المدينة، محاذيةً لهم

64.ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}

65.أتت التهيئة من الله سبحانه وتعالى لالتقاء المسلمين بالجيش العسكري، بالقوة العسكرية التي خرجت لقتالهم من مكة

66.وعندما وصلوا هناك إلى بدر في اليوم الأول ومن تلك اللحظة أصبح واضحاً أنه سيكون هناك قتال، واصطدام عسكري، وأنَّ المسلمون سيخوضون هذه المعركة التي كان الكثير منهم لا يرغب أصلاً في أن يخوضها بالنظر إلى حالهم، وظروفهم، وقلة عددهم، وقلة إمكاناتهم

67.كانت حالة القلق من نتائج تلك المعركة مؤثِّرة على الكثير منهم، ولكن الله سبحانه وتعالى أمدهم بما هيأهم حتى ما قبل المعركة.

68.في اليوم الأول، وقبل أن يأتي اليوم الثاني، الذي وقعت فيه المعركة، هم التجأوا إلى الله سبحانه وتعالى، وهذه مسألة مهمة جداً، والله استجاب لهم ووعدهم بأن يمدهم بعدد كبير من ملائكته: {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}

69.في كل أحوال الإنسان المسلم، في ظروف الجهاد في سبيل الله، وفي مواجهة كل التحديات والأخطار، عليه أن يلتجئ إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يستغيث بالله جلَّ شأنه

70.الهدف من دور الملائكة عليهم السلام، ومن هذا العدد، وهذا التعزيز والمدد الذي سيأتي من ملائكة الله، ما سيقومون به من دورٍ مهمٍ جداً على مستوى رفع الروح المعنوية، فتواجدهم بين المسلمين سيضفي حالة السكينة، ولديهم طريقتهم هم في رفع الشعور المعنوي لدى المسلمين

71.أهم ما يحتاج إليه المقاتل في الميدان هو: الروح المعنوية، وفي مقدِّمة العوامل الأساسية للانتصار: الروح المعنوية، إذا كانت عالية؛ فلها أهميتها الكبيرة جداً على مستوى الثبات، على مستوى الأداء القتالي، ثم وصولاً إلى النتائج المهمة للمعركة

72.التأثير أيضاً في نفوس الأعداء، التأثير من جوانب متعددة، مهمة الملائكة الذين أنزلهم الله سبحانه وتعالى مدداً لعباده المؤمنين في معركة بدر

73.الملائكة لم تكن ليقوموا بالقتال نيابةً وبدلاً عن المسلمين؛ ليبقى المسلمون جالسين وقاعدين، وأولئك يقاتلون بدلاً عنهم

74.كانت المهمة في القتال للمسلمين، عليهم أن يؤدوا هذا الدور، وهذه المهمة، ولكن الملائكة هم إسناد معنوي من جهة وهناك أيضاً تأثيرات أخرى، تأثيرات على مستوى الأداء، على مستوى الفاعلية، زيادة مستوى الفاعلية في أداء المسلمين، وكذلك في التأثير على نفسيات الأعداء، فكان هذا من التأييد الإلهي المهم جداً

75.والذي يعد الله به المؤمنين، ليس فقط في تلك الغزوة، أو في تلك المعركة، هذا وعدٌ مفتوحٌ لعباد الله المؤمنين، الذين يتحركون حركة الإسلام في رسالته، في أهدافه، في تعليماته، في تشريعاته.

 

 

قد يعجبك ايضا