مقتطفات من المحاضرة الرمضانية السابعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 

مقتطفات من المحاضرة الرمضانية السابعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 

 

–  في حديث القرآن الكريم عن بداية وجود الإنسان، وعن خلق الله سبحانه وتعالى لآدم عليه السلام أبي البشر، وهي قصةٌ عظيمةٌ ومهمةٌ، وتضمنت الكثير من الدروس والعبر، الدروس حتى للملائكة وللجن وللإنس

– تحدث القرآن الكريم عن آدم عليه السلام وعن خلقه فيما يقارب الثلاثين موضعاً في القرآن الكريم، فتكررت قصة آدم، وقصة خلقه، وقصته مع الملائكة والسجود، وقصة دخوله في الجنة التي سكنها ثم أُخرج منها

– تكررت كثيراً لما فيها من الدروس المهمة جداً، والتي – للأسف – لم تحظَ بالاهتمام اللازم من جهتنا نحن البشر، للاستفادة منها، بما كان سيقينا الكثير من المتاعب والشقاء

– ما قبل الإنسان بزمنٍ طويل خلق الله السماوات والأرض، وخلق الملائكة بأعداد كثيرة جداً وهائلة، وخلق أيضاً على الأرض عمرها بالكائنات، وبث فيها من كل دابة، وهيأها مسبقاً، قبل خلق الإنسان بدهرٍ طويل هيأها للإنسان.

– دور الملائكة في السماوات تحدث القرآن الكريم عن بعضها في عبادتهم الدائمة لله سبحانه وتعالى فيما يتعلق بعبادة التسبيح والتقديس، مهام أيضا تتعلق بالكون، مهام جعلها الله إليهم، ومهام ارتبطت فيما بعد بالإنسان

– على الإنسان أن يتذكر هذه الحقيقة أولاً: أنه لم يكن شيئاً مذكوراً، وخلق الله السماوات والأرض، وخلق الملائكة، وخلق الجان، وبث في الأرض من كل دابة، قبل أن يُخلق.

– الإنسان لم يكن موجوداً، لم يكن حياً، لم يكن في ما هو عليه بعدما خلقه الله سبحانه وتعالى من وجود، مستخلفٍ فيه في هذه الأرض

– الإنسان كان من قبل لا شيء، كان في عداد العناصر الميتة في تربة الأرض؛ لأن الإنسان خُلِق منها فكان ما قبل ذلك مجرد عناصر ومعادن ميتة، لا حياة فيها، بين تربة الأرض

– ثم إن الله سبحانه وتعالى ابتداءً بخلق آدم أبي البشر عليه السلام، ثم بخلق نسله حتى السلالة من الماء المهين التي يتكون منها البشر

– الإنسان في بداية وجوده كنوع، ككائن، ثم على مستوى كل شخصٍ مِنَّا، لم يكن شيئاً مذكوراً

– الله هو الذي أحيانا، ووهبنا الحياة، وأنعم علينا بالوجود كبشر، واستخلفنا في هذه الأرض وأنعم علينا بنعمه الواسعة

– الملائكة خلقهم الله سبحانه وتعالى قبل خلق الإنسان بوقتٍ طويل، وبأعداد هائلة، وبمهام متنوعة، ونشرهم في أرجاء سماواته بتلك الأعداد الكبيرة جداً، باعتبار دورهم المنوط بهذا الإنسان، والمتعلق به، بعد أن يخلقه الله سبحانه وتعالى ويستخلفه في هذه الأرض، وباعتبار ما سيحصل في هذه القصة من الدروس والعبر، ومن دروس في مجال الهداية حتى للملائكة.

– الله سبحانه وتعالى أخبر الملائكة مسبقاً؛ لأنهم سيرتبطون بدور في حياة هذا الإنسان؛ ولذلك بما أخبرهم الله به وشرح لهم عن حالة هذا الإنسان الذي سيستخلفه في الأرض، وعمَّا سيحصل من البشر أثناء استخلافهم في الأرض

– لدى الملائكة معرفة بما أخبرهم الله إياه، وليست المسألة كما يتصور البعض مجرد تقدير من الملائكة، أو توقعات من جهة الملائكة، أو قياساً على كائنات أخرى كما يقوله بعض المفسرين.

– من أكبر المآسي في واقع الإنسان، ومن أكبر الجرائم والمظالم، أن يصل الحال في ظلم البشر لبعضهم البعض: أن يقتلوا بعضهم بعضاً عدواناً وظلماً، جريمة رهيبة جداً، ضج منها الملائكة، واستفظعوها واستعظموها.

– في أطار دورهم في هذا الاستخلاف كان لدى الملائكة معرفة بما أخبرهم الله إياه، وليست المسألة كما يتصور البعض مجرد تقدير من الملائكة، أو توقعات من جهة الملائكة، أو قياساً على كائنات أخرى كما يقوله بعض المفسرين

– ولذلك كان مقتضى إيمان الملائكة: ألَّا يتساءلوا هذا التساؤل، وأن يُسَلِّموا لأمر الله سبحانه وتعالى، وأن يتقبلوا المسألة من جانب الله سبحانه وتعالى؛ لأن هذا شيءٌ منه

– ولم يكن تساؤلهم هذا من قبيل الاعتراض على الله سبحانه وتعالى، فهم خاشعون لله، خاضعون لله، قال الله عنهم: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}

– لم يكن لديهم معرفة كاملة بمفهوم الاستخلاف، وطبيعة الدور الذي يقوم به الإنسان في هذه الأرض

– ولديهم الاستياء الشديد من ذلك الدور السلبي لبعض البشر

–  الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعل من الحادثة نفسها، ومن هذا التساؤل نفسه، وسيلةً لهدايتهم، فهو سبحانه وتعالى بعد ذلك عمل ما يعالج لهم هذا التساؤل بطريقةٍ يرتقون حتى هم الملائكة في الاهتداء بهدى الله سبحانه وتعالى؛ لأن كل مخلوق: الملائكة، والجن، والإنس… الجميع بحاجة إلى هدى الله سبحانه وتعالى

– خلق الله آدم الذي هو بداية الوجود البشري، وبداية النوع الإنساني، هذا النوع من الكائنات الذي هو الإنسان، بدايته آدم، خلق الله آدم من طينة الأرض

– الإنسان في بداية وجوده، وفي استمرار تواجده، مخلوقٌ من طينة الأرض نفسها، فهو كائنٌ أرضي، ليس مخلوقاً من خارج الأرض، ثم أتى إلى كوكب الأرض، خلقه الله من هذه الأرض، من طينتها، من عناصرها.

– وعندما خلق الله آدم خلقه كما قال جلَّ شأنه: {مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}

 الحمأ هو: نوعٌ من الطين، الذي قد بقي لفترة طويلة خاضعاً للرطوبة والمياه حتى تحوَّل إلى تربة لزجة سوداء، ثم سوِّي منه شكل الإنسان من ذلك الطين، عجن منه شكل معين، وهيكل معين، أشبه ما نشاهده في التماثيل، سوِّي منه شكل الإنسان، وركِّب منه بشكل الإنسان تماماً، وترك حتى يبس.

– الله سبحانه وتعالى خلق آدم، وسواه، ونفخ فيه من روحه، والله سبحانه وتعالى في خلق الإنسان، أولاً- كما قلنا- هو خلقه من طينة الأرض، والإنسان كائنٌ أرضي، كما يقول الله سبحانه وتعالى أيضاً: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ}

– الله خلق الإنسان خلقاً مميزاً عن بقية الدواب التي على وجه الأرض، فخلقه في أحسن تقويم، وكرَّمه في خلقه، على المستوى الجمالي، على مستوى التركيب، على مستوى ما وهبه إيَّاه بما يتناسب مع طبيعة ودور الاستخلاف على الأرض

– بداية خلق البشر، ببداية وجود آدم، وبهذه الطريقة ابتدأ الله خلق الإنسان من الطين، وثَّقها الله وبيَّنها لعباده في القرآن الكريم، وما قبل القرآن في كتب الله السابقة، وهذه مسألة مهمة للإنسان أن يعرفها، ويعرف أنَّ الله سبحانه وتعالى خلقه ككائنٍ أصيل من بدايته

– هذا النوع الإنساني من بدايته كان إنساناً منذ خلقه الله، منذ الإنسان الأول، الذي هو أبو البشر آدم عليه السلام. ولذلك فنظرية [التطوُّر] هي سخيفة، نظرية باطلة، لا مستند لها، ولا حقيقة لها

– فنظرية [التطوُّر] هي نظرية تافهة وسخيفة، ولم يكن ينبغي أبداً أن يتقبَّلها الغرب، وأن تنتشر في الأوساط الغربية لعقودٍ من الزمن، أو لمدة طويلة، أكثر من مسألة عقود من الزمن

– لو كانت نظرية [التطوُّر] صحيحة؛ لكانت مستمرة، فهم عندما زعموا أنَّ أصل الإنسان قرد، ثم تطوَّر إلى كائن بشري مع الوقت، لو كانت المسألة كما يقولون لا استمرت، لكانت القردة باستمرار تتطور إلى بشر، وتتحول إلى كائنات بشرية، بعد كل فترة دفعة جديدة تأتي من القردة ليتحولوا إلى كائن بشري

– وهي وفق ما يقدَّم في الغرب من سخافات تسيء إلى الإنسان، وإلى أصله، وإلى دوره، وإلى مسؤولياته ومهامه في هذه الأرض، فهم لا يريدون أن يؤمنوا بالكرامة التي وهبها الله لهذا الإنسان، أنَّ الله كرَّمه، كرَّمه في خلقه، وخلقه في أحسن تقويم، وكرَّمه في طريقة حياته، وأسلوب حياته، وفي رزقه

– ما هو مفهوم الاستخلاف في الأرض؟ الاستخلاف في الأرض بالنسبة للإنسان هو في إطار العبودية لله تعالى

– الاستخلاف للإنسان في الأرض، هو لدورٍ مهم، وواسع، ومتميز عن بقية الدواب على هذه الأرض؛ ولذلك فالإنسان أيضاً بهذا الدور، وبهذه المسؤولية الكبيرة، التي يتبين من الجزاء عليها عظمها وأهميتها، هو أُكرِمَ بهذا الدور، هي نعمةٌ كبيرةٌ عليه

– ينتهي دور الإنسان في الأخير في إطار العبادة لله، في الشهادة بكمال الله.

– [الإنسان] في مخالفته لهدى الله سبحانه وتعالى هو يجني على نفسه، عندما يُفسِد في الأرض، عندما يسفك الدماء، عندما ينحرف عن تعليمات الله؛ يسبب لنفسه هو المضار، الأخطار، الشقاء، العذاب؛ وبالتالي هو حتى بذلك رغماً عنه يشهد بعظمة هدى الله سبحانه وتعالى وتعليماته المقدَّسة والمباركة، التي تدل على علمه وحكمته.

– هناك مثال رائع قدَّمه الشهيد القائد رضوان الله عليه يقرِّب إلى الأذهان هذه المسألة:

في واقعنا نحن البشر عندما يذهب الإنسان إلى الطبيب، ويقدِّم لك وصفةً طبية، ويحذِّرك من أشياء معينة تؤثِّر على صحتك، فإذا التزمت بتلك الوصفة الطبية، وحصلت على النتيجة من ورائها؛ أنت ستشهد لذلك الطبيب بأنه ماهرٌ، وحاذقٌ، وصاحب خبرة ومعرفة في مهنته الطبية.

– وعندما لا تلتزم، وتعمل أو أنك مثلاً تمارس أشياء حذَّرك منها، أو تأخذ أشياء وتتناول أشياء حذَّرك منها؛ فتتضرر بذلك، أنت أيضاً ستلحظ ما قال لك، ما هو شاهدٌ على حكمته، على معرفته، على خبرته؛ لأنه كان قد حذَّرك، ونهاك، وبيَّن لك المخاطر الناتجة عن استخدامك لتلك الأشياء، أو تناولك لها.

– الإنسان ليس منفياً على الأرض، وهذا مما يرتبط به سوء فهم لدى البعض.

– البعض يقدِّمون المسألة أنَّ الإنسان نفي إلى هذه الأرض، أنه خلق في الجنة، بناءً- في تصوُّرهم -على أنها جنة الآخرة، ثم إنه بسبب معصية آدم نفي نفياً إلى هذه الأرض، وأصبح منفياً على هذه الأرض

– الإنسان ليس منفياً على هذه الأرض، الإنسان خلق منها، وخلق للاستخلاف فيها، ووجِدَ لهذا الدور الذي هو دورٌ عظيم، ليس دوراً مسيئاً إليه، أو ينتقص منه، وفيه خيرٌ كبيرٌ له، وهو نعمةٌ عظيمةٌ عليه

 

قد يعجبك ايضا