وزير الخارجيّة الأردنيّ الأسبق: 6 مليارات دولار شهريا نفقات العدوان السعودي على اليمن

 

يقول وزير الخارجيّة الأردنيّ الأسبق، مروان المعشّر، وهو نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي الأمريكيّة، يقول إنّ تاكيان الإسرائيلي يقوم بالترويج منذ فترةٍ لنظريةٍ جديدةٍ مفادها أنّ علاقاتها المستجدّة مع الدول الخليجية بسبب التقارب في وجهات النظر تجاه إيران ستجعل من حل القضية الفلسطينية أقل استعصاءً.

لافتًا إلى أنّه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ “إسرائيل” غير مستعدة للقبول بالحدّ الأدنى الذي يمكن أن يقبل به الفلسطينيون، فإنّ التلميح يكمن في أنّ القيادة السعودية الجديدة قد تكون مستعدة للقبول بحل دون المبادرة العربية، وأن تعاونها مع “إسرائيل” ضد إيران سينسحب على القضية الفلسطينية بما يمكن من الضغط على الجانب الفلسطيني لقبول ذلك، على حدّ تعبيره.

وبرأي المعشّر، الذي افتتح أوّل سفارةٍ إسرائيليّةٍ في المملكة الهاشميّة في العام 1995، فإنّ الأخطر من هذا التلميح أنّ ذلك يعني تحديدًا قبول الجانب العربيّ بالموقف الإسرائيليّ تجاه القدس الشرقية وعدم إرجاع السيادة فيها للفلسطينيين.

من هنا، تابع وزير الخارجيّة الأردنيّ الأسبق، كان اهتمام “إسرائيل” بتعيين الأمير محمد بن سلمان وليًا لعهد السعودية، باعتبار أنّه، برأيها، سيدعم مثل هكذا مشروع، وبدأت بعض مراكز الفكر المؤيّدة لـ”إسرائيل” في واشنطن تطرح هذه النظرية وتروج لها، كما أكّد.

ولكن السؤال، وفقًا للمعشّر: هل يتبع أنّ هذا التعاون يمكن أنْ ينسحب على القضية الفلسطينية؟ بمعنى آخر، هل سيساعد في حل القضية؟

وساق قائلاً إنّ السعودية صاحبة مشروع مبادرة السلام العربيّة التي تنص على عودة القدس الشرقية بالكامل للسيادة الفلسطينيّة، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه من الواضح أنّ كيان الاحتلال لن يقبل هذا لا لعيون السلام ولا لعيون علاقتها مع دول الخليج الفارسي، فهل ستقبل السعودية بقيادتها الجديدة أنْ يتّم التنازل عن القدس أوْ عن السيادة الفلسطينية ثمنًا للتعاون ضد إيران؟

الجواب، يُضيف المعشّر، هو بالتأكيد لا، وهي صاحبة المبادرة العربية و”قائدة العالم الإسلاميّ”، حسب تعبيره.

وأردف: لن تقبل السعودية أنْ يُسجل عليها أنّ القدس العربية ستسلم للأبد للسيادة الإسرائيلية، أوْ أنّها ستقبل أيّ تغييرٍ جذريٍّ في مبادرة السلام العربية.. وبرأيه، فإنّ السيناريو الأقرب للواقع أنّه سيستمر تجاهل القضية الفلسطينيّة في المرحلة القادمة، ولن تشهد المنطقة أيّ تقدّمٍ جادٍ لحلّ النزاع العربيّ الإسرائيليّ، بغضّ النظر على المحاولات الأمريكيّة الأخيرة، والتي لا تتسم بالجدية في رأيي، كما قال.

علاوة على ما ذُكر آنفًا، أضاف أنّ هناك معارك عديدة أخرى على ولي العهد السعوديّ الجديد خوضها داخل بلده، لديه معركة مع القوى المحافظة الدينية والمدنية لإصلاح مجتمعيّ في ثقافة لا تقبل حتى بقيادة المرأة للسيارة. أمّا المعركة الاقتصادية التي يخوضها حاليًا لتحرير النظام السعودي من ريعيته واعتماده على النفط، فستُواجه تحديات حقيقية حين يكتشف أنّ لا مجال لإصلاح اقتصادي إلا بفتح الفضاء السياسي وإشراكه/ها بصورةٍ أكبر في عملية صنع القرار، وهو ما أدركته القوى المحافظة في الأردن، فكان الحل لديها للأسف التضحية بالإصلاح الاقتصادي وتحميل الأجيال القادمة عبئا غير معقول حتى لا تفقد هذه الطبقة امتيازاتها الحالية.

وشدّدّ المعشّر على أنّ جميع هذه المعارك طاحنة وستحتاج لمواجهات صعبة مع العديد من القوى، هذا عدا عن العدوان على اليمن الذي يكلف السعودية حوالي ستة مليارات دولار شهريًا، (من الجدير ذكره، أنّ العدوان على اليمن بدأت في 25 آذار (مارس) من العام 2015،  تحت مسمى (عملية عاصفة الحزم)، وما زالت مستمرّةً حتى يومنا هذا)، إضافةً للأزمة مع قطر والمرشحة للاستمرار لوقت طويل.

وأكّد أيضًا أنّه ضمن هذه الظروف، من المستحيل التوقع أنّ القيادة السعودية الجديدة ستقبل التفريط بالقدس الشرقية، وتجلب عليها معارضة داخلية وعربية وإسلامية ضخمة، وتفتح عليها جبهة جديدة هي في غنى عنها.

ولفت إلى أنّ التعاون مع العدو الإسرائيلي ضدّ إيران لا يمكن سحبه على القضية الفلسطينية كما يتوهم نتنياهو أوْ يعتقد بعض من يرى في هذا التعاون فرصة لقتل الحلم الفلسطينيّ، على حدّ تعبيره.

يُشار إلى أنّ مروان المعشّر هو نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي، حيث يشرف على أبحاث المؤسسة في واشنطن وبيروت حول شؤون الشرق الأوسط.. شغل منصبَي وزير الخارجية (2002-2004)، ونائب رئيس الوزراء (2004-2005) في الأردن، وشملت خبرته المهنية مجالات الدبلوماسية والتنمية والمجتمع المدني والاتصالات.

* راي اليوم

قد يعجبك ايضا