“يوم الأسير” تذكير بجرائم الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين

 

في تاريخ فلسطين المحتلة العديد من المناسبات الخاصة التي تمثل للفلسطينيين مظهرا من مظاهر الكفاح والصبر ضد الغزاة، ويحاول الشعب الفلسطيني الحفاظ على هدف تحرير القدس من خلال إقامة احتفالات رائعة في مثل تلك المناسبات. ومن هذه المناسبات التي باتت مصدر فخر للفلسطينيين هذه الأيام “يوم الأسير” الذي يكرّم فيه الفلسطينيون ذكرى أسراهم كل عام من أجل إرسال رسالة لإخوانهم وأخواتهم في الأسر مفادها أنهم لم يتركوهم بمفردهم.

نظم الفلسطينيون، يوم الاثنين (17 نيسان)، بمناسبة “يوم الأسير” كما في السنوات السابقة، مسيرات وتجمعات مختلفة لدعم معتقليهم في سجون الكيان الصهيوني في مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. كما طالبوا خلال هذه البرامج المختلفة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل.

وشارك العشرات من الفلسطينيين في وقفة التضامن التي أقيمت في مدينة البقاع الغربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. من خلال رفع العلم واللافتات والصور الفلسطينية دعما للأسرى في المعتقلات الصهيونية، واستنكر المشاركون في الوقفة الاحتجاجية الليلية عدوان هذا الكيان المستمر عليهم، وخاصةً السجين “وليد دقة” الذي يعاني من سرطان النخاع الشوكي وفقد جزءاً كبيراً من رئته اليمنى. وليد دقة (60 عاما) من مدينة البقاع الغربية معتقل منذ 38 عاما ويعتبر من أبرز المعتقلين الذين شاركوا في العديد من صور النضال.

وحمل المشاركون في هذا الاحتفال سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى نتيجة سياسة الإهمال الطبي التي تتبعها في معتقلاتهم، وطالبوا المنظمات الدولية والإنسانية بالتدخل الفوري لإنقاذ حياتهم.

إلى جانب الشعب الفلسطيني، تجمع مئات النشطاء البلجيكيين الموالين للفلسطينيين في محطة مترو بروكسل المركزية لإحياء ذكرى يوم الأسرى. كما حضر هذا التجمع عدد من النواب الأوروبيين وأعضاء المؤسسات الأوروبية الداعمة للأمة الفلسطينية. وأكد المتحدثون في هذا الحفل على ضرورة دعم الأسرى والسجناء الفلسطينيين في سجون الكيان الصهيوني وفضح اعتداءات وجرائم الكيان الصهيوني بحقهم.

في كل عام منذ عام 1974، في 17 أبريل، يحيي الفلسطينيون ذكرى إطلاق سراح “محمود بكر حجاز”، أول أسير فلسطيني احتجز في إطار أول خطة لتبادل الأسرى بين فلسطين وإسرائيل، باسم “يوم الأسير” والذي يتم فيه عمل برامج مختلفة للتأكيد على الافراج عن الاسرى الفلسطينيين.

آلاف الفلسطينيين في أسر نظام الفصل العنصري

لقد شن الكيان الصهيوني، الذي يعتبر جميع الفلسطينيين تهديداً لوجوده، حصاراً واسع النطاق منذ بداية احتلاله للقضاء على أعدائه. وحسب آخر الإحصائيات التي أعلنتها المؤسسات القانونية الفلسطينية، فقد وصل عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الكيان الصهيوني إلى حوالي 4900 شخص. ومن بين هؤلاء، هناك 31 امرأة و160 طفلاً. حوالي 400 سجين في الأسر منذ أكثر من 20 عامًا، ومن بين السجناء هناك أكثر من 1000 سجين رهن الاعتقال الإداري.

وحسب البيان المشترك للجماعات الفلسطينية، فقد استشهد 236 فلسطينيا في السجون الإسرائيلية منذ عام 1967. كما توفي مئات السجناء الآخرين بعد خروجهم من هذه السجون بسبب أمراض مختلفة. يذكر أن الجيش الصهيوني يعتقل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة كل يوم تقريبًا، وتمنع السلطات الصهيونية عائلات وأقارب الأسرى من زيارتهم بذرائع مختلفة.

محنة الأسرى الفلسطينيين

على الرغم من ضغوط حقوق الإنسان حول كيفية تعامل الصهاينة مع الأسرى، فإن السلطات الصهيونية تزيد من حجم جرائمها بحق الأسرى الفلسطينيين يومًا بعد يوم من أجل منع الفلسطينيين الآخرين في الضفة الغربية من مواصلة نضالهم ضد المحتلين. مع إقامة اليمين المتطرف في الحكومة الصهيونية، اتخذ أشخاص مثل إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي، المتعطش لدماء الفلسطينيين، سياسات جديدة ضد الأسرى الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم مثل الحصول على الماء الساخن، وهو عمل أثار غضب فصائل المقاومة وحذروا من عواقب هذه الحركات.

وقال ياسر مظهر، ممثل الجهاد الإسلامي في لجنة الأسرى، عن الأوضاع الأليمة للأسرى: “700 أسير فلسطيني يعانون من أمراض مختلفة في سجون الكيان الصهيوني، وعدد الأسرى المرضى في تزايد بعد تعليمات الحكومة الصهيونية الجديدة والفاشية بالامتناع عن رعاية الأسرى المرضى».

وأشار مظهر إلى أن العدو الصهيوني انتهج سياسة الإهمال الطبي تجاه الأسرى الفلسطينيين، وأن “الكيان الصهيوني انتهك جميع القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأسرى، لأنه بموجب هذه القوانين، يحق لكل أسير فلسطيني أن يخضع للفحوصات الطبية كل ستة أشهر. ولكن الكيان الصهيوني يخالف كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بضرورة الفحص الطبي الدوري للأسرى الفلسطينيين من أجل تشخيص أمراضهم وتقديم الخدمات الطبية لهؤلاء الأسرى.

وحسب تقرير مركز دراسات الأسرى الفلسطينيين، يعاني 160 أسيرًا فلسطينيًا حاليًا من مجموعة متنوعة من الأمراض الخطيرة، بما في ذلك السرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب وضمور العضلات والجلطات الدموية والسكري وضغط الدم وأمراض خطيرة أخرى. فيما ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون من أمراض خطيرة، وخاصة السرطان، في السنوات الثلاث الماضية بسبب الإهمال وعوامل أخرى، وآخر هؤلاء الأسرى هو “وليد دقة”، الذي تعرض مؤخرًا لإصابة في النخاع الشوكي وكان في حالة بدنية خطيرة وتم نقله إلى المستشفى.

إن الوضع المؤسف في السجون الصهيونية بحق الفلسطينيين يتعارض مع ميثاق معاهدات أسرى الحرب. لأن غالبية الأسرى الفلسطينيين تم أسرهم من قبل قوات الاحتلال في ساحات القتال وأثناء العمليات العسكرية، ووفقًا للمعاهدات يجب معاملتهم وفقًا لقوانين أسرى الحرب، لكن قوات الأمن الصهيونية تعامل هؤلاء الأسرى مثل القتلة والمجرمين.

بل إن الكيان الصهيوني يرفض إطلاق سراح سجناء ليسوا في حالة بدنية جيدة. وفي هذا الصدد، أرجأت محكمة “سالم” العسكرية الصهيونية، مساء اليوم الاثنين، جلسة الاستماع في طلب الإفراج عن الأسير “خضر عدنان” بكفالة. وطالب محامي خضر عدنان بالإفراج الفوري عنه بسبب تدهور حالته واحتمال استشهاده في أي لحظة. وكان الأسير عدنان مضربًا عن الطعام لمدة 72 يومًا متتاليًا احتجاجًا على اعتقاله التعسفي. وفي إشارة إلى تدهور حالة خضر عدنان، حذر نادي الأسير الفلسطيني من احتمال استشهاده في أي لحظة. وفي السنوات الأخيرة، أضرب عشرات الأسرى الفلسطينيين عن الطعام احتجاجًا على سياسات الكيان الصهيوني، ونجح بعضهم في إركاع كيان الاحتلال وإطلاق سراحه من الأسر. وكلما تصاعدت جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، ازدادت عزيمتهم ضد العدو المحتل، وأثبت الأسرى أنهم إذا قاوموا، يمكنهم هزيمة العدو.

كما أكدت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في بيانها بمناسبة يوم الأسير، أن قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الكيان الصهيوني قضية مهمة في تاريخ الأمة الفلسطينية وأن هؤلاء هم في طليعة مواجهة كيان الاحتلال الصهيوني. يذكر في هذا البيان أن يوم الأسير الفلسطيني قد حل هذا العام في ظروف أظهر فيها الأسرى الأبطال الفلسطينيون ثباتاً بطوليًا ومثابرة في مواجهة السياسات الإجرامية للكيان الصهيوني، ورغم المعاناة والألم، فقد تمكنوا من الوقوف ضد “ايتمار بن غفير” وإلغاء قوانينه وإجراءاته.

على الرغم من أن الكيان الصهيوني يرتكب جميع أنواع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني المظلوم، إلا أن الدول الغربية لا تزال صامتة إزاء عمليات الاعتقال وغيرها من أعمال الفصل العنصري التي يقوم بها الكيان الصهيوني، وهذا ضوء أخضر لاستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية وانتهاك حقوق الفلسطينيين.

على الرغم من أن سلطات تل أبيب تدعي أنه من خلال اعتقال الفلسطينيين يمكنهم تحسين أمن حدودهم المزيفة، أظهر الفلسطينيون أنه حتى من وراء القضبان يمكنهم زعزعة الأسس المهتزة للكيان المزيف. والآن، ضيّقت فصائل المقاومة بالسلاح والأسرى داخل القضبان الحديدية الساحة أمام العدو الصهيوني الذي خسر زمام المبادرة وأصبح غير قادرٍ على مواجهة الفلسطينيين على أي جبهة. لذلك، فإن تصعيد التوتر مع الفلسطينيين لن يضر فقط بأمن المستوطنين، ولكن تحت قيادة المتطرفين، أصبحت الأراضي المحتلة أكثر انعدامًا للأمن يومًا بعد يوم، والاعتراف المتكرر للسلطات الإسرائيلية بزيادة العمليات الاستشهادية للشباب الفلسطيني وقوة المقاومة في غزة والضفة الغربية دليل على أنه لا يوجد مكان آمن للصهاينة في الأراضي المحتلة. لذلك، فإن تصعيد التوتر مع فصائل المقاومة لا يؤدي إلا إلى تقريب كيان الاحتلال خطوة واحدة من الانهيار، والتي تتجلى بوادرها بوضوح في الأراضي المحتلة اليوم.

 

* المصدر: موقع الوقت التحليلي

قد يعجبك ايضا