لا يزال الحديث مستمراً على خطوة التطبيع “العلني” الاماراتي مع كيان العدو الإسرائيلي، باعتبارها خطوة كاشفة للحقائق في زمن كشف الحقائق، وتحمل الكثير من الدلالات المخزية والمهينة للحكَّام المهرولين نحو أحضان الأمريكي والإسرائيلي.

 والجميع يعرف ان ما قامت به الامارات يصنف في خانة الخيانة بجميع المعايير والمقاييس والشعوب العربية رافضة لأي شكل من اشكال التطبيع، حتى أن شعب الامارات ليس موافقاً على ما جرى من خيانة، وغير راضيين عما يقوم به حكَّام بلادهم، وما يقومون به ببيع القضية الفلسطينية.

 

محاولات تجميل الخيانة:

لقد حاول حكاَّم الامارات تجميل الخيانة التي قاموا بها بحق الشعب الفلسطيني، وادَّعوا أن اتفاق السلام الذي أجرته مع كيان العدو الإسرائيلي، سيكون لصالح الشعب الفلسطيني وسيوقف “إسرائيل” عن ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، إلَّا أن رئيس وزراء كيان العدو الإسرائيلي كذّبهم وفضح تبريراتهم، حيث قال أن الاتفاقية لا تضم أي بند عن هذا الموضوع وأكد أن ضم أجزاء من الضفة الغربية سيتم، ولكن في الوقت المناسب، وأنه تم تأجيله حاليا فقط، ومن المرجح انه في حال نجح الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات المقبلة، فإن نتنياهو سيقدم على هذه الخطوة.

 وعلى هذا الأساس، أكد السفير الأمريكي لدى كيان العدو، “دافيد فريدمان”، في وقت سابق، أن التحالف الإماراتي – الصهيوني، تم بناءً على تعليق مخطط الضم وليس وقفه، وهذا ما كرره رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، الذي أكد أنه لا يزال ملتزماً بفرض سلطة احتلاله على المستوطنات في الضفة الغربيّة المحتلة، وأن الإدارة الأمريكيّة طلبت منه تعليق التنفيذ مؤقتاً فقط.

 وفي هذا الخصوص، حثت دويلة الإمارات وأمريكا القادة الفلسطينيين على إعادة الانخراط مع العدو الإسرائيلي في المناقشات الرامية إلى تحقيق ما يصفونه بـ”السلام”، لكنهم تناسوا أن يوجهوا الدعوة لقوات كيان العدو الغاشم للكف عن ممارساتها الإجراميّة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وإيقاف الحصار على قطاع غزة، والتوقف عن العبث بالمقدسات الفلسطينية.

 وفي الوقت الذي يعبر فيه حكَّام الامارات أن إقامة علاقات اعتيادية بين دولة الإمارات وكيان العدو الإسرائيلي يعد “فرصة تاريخيّةّ” من وجهة كذبهم؛ لإيقاف ضم الأراضي الفلسطينية لمستوطنات العدو الغاصب، إلَّا أن ما قام حكَّام الامارات يعدّ خيانة تاريخية بكل ما تعنيه كلمة خيانة من معنى، رغم السعي الحثيث لحكَّام الإمارات لاختلاق وايجاد تبريرات لفعلته النكراء، التي مثلت طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني المقاوم، وشكلت تآمراً على قضيته، وتكريساً لاحتلال أراضيه.

 والسؤال هنا: هل لماذا حاول حكاَّم الامارات تقديم كل هذه المبررات وأنهم فعلا يدافعون عن الشعب الفلسطيني وقضيتهم؟، وهل أدرك أولئك الحكَّام أنهم لم يدافعوا عن الشعب الفلسطيني وقضيتهم، ولم يقدموا لهم أي مساعدة تذكر؟ خاصة إذا ما عرفنا أن الامارات لم تحظى بأي ربح، أو فائدة من هذه الصفقة التي عقدتها مع العدو الإسرائيلي!!!.

ويمكن القول إن الفائدة التي قد تعود عل حكَّام الامارات لا تزال تنحصر في مجرد كونها كأداة فقط، تعمل على نشر الفوضى في المنطقة، إذ كانت البداية من ليبيا ومروراً باليمن، حيث تمكنت الامارات من تنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة كما يريده أسيادها الأمريكي والإسرائيلي، والسيطرة على أهم المرافئ الاستراتيجية، والمناطق الغنية بالثروات النفطية، وهي بلاد شك تدرك جيداً حقيقة أنها وقعت في مستنقعات، ولا تزال تتخبط، ولا تعلم كيف بإمكانها الخروج من هذه الفوضى وتلك المستنقعات التي صنعتها بنفسها، وتنفيذاً لأوامر أسيادها، وليس أمامها إلا المكابرة إلى أن تلقى حتفها.

تعامل مُهين للغاية:

 في السنوات الأخيرة يتجه تصرفات حكَّام السعودية والإمارات إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية كخدَّام ومنفذين لقرارات ومشاريع الادارة الاميركية بكل خضوع واذلال، ولسنا بحاجةٍ إلى معرفة كيف يتعامل الأميركيين مع حكَّام السعودية والإمارات في السنوات الأربع الماضية، فالحقائق والأحداث قد كشفت ذلك بوضوح، فمنذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنصب رئيس الولايات المتحدة، فقد اتضحت بجلاء طريقة تعامله المهينة والمخزية مع حكَّام السعودية والإمارات إذ كان يتعامل ترامب –وما يزال- مع السعودية على وفق القاعدة التي اعلنها في حملة ترشحه للانتخاب بأن ووصفها بـ”البقرة الحلوب”، وعمل على حلب تلك البقرة، وأخذ مئات المليارات تلو المليارات منها، كما سيطَّر على النفط السعودي، وتحكم بسعره، وهذا ما أدى إلى تدمير سمعة حكَّام السعودية داخلياً وخارجياً.

 ومن المهم القول إن الإدارة الأميركية في الوقت الذي عملت فيه على إهانة حكَّام السعودية وحلب أموالهم، فإنها قد قامت بإهانة حكَّام الامارات أيضاَ، وبشكلٍ أعمق بكثير، إذ اشترت سمعة حكَّام الإمارات بثمنٍ بخسٍ للغاية، وذلك من خلال إرغامهم على الخضوع لكيان العدو الإسرائيلي، وتوقيع اتفاقية التطبيع معه، والذي يعد خيانة لقضية الشعوب المركزية فلسطين والقدس المحتلة. الآمن، لذلك فإنهم قد مهدوا الطريق أمام الشيطان الإسرائيلي لدخول المنطقة، والتحكم فيها دون حسيب أو رقيب.

 ويتوهم حكَّام الإمارات القابعين في المباني الزجاجية الهشة أن قراراتهم العميلة تتماشى مع أوهامهم، وتعمل على تثبيت أركان كراسي عروشهم، فهم يحاولون إضفاء الشرعية على عروشهم بالخضوع لأميركا وكيان العدو الإسرائيلي الغاصب، ويربطون مصالحهم بالولايات المتحدة الأمريكية، وكيان العدو الإسرائيلي، ودون أدنى شك سيكون نتيجة ذلك معاكساً لأحلامهم الوهمية، وسيتعامل رئيس وزراء كيان العدو الإسرائيلي “نتنياهو” مع الإمارات بطريقة مهينة جداً ويعتبرها وكأنها مستوطنات صهيونية جديدة، أضافها ببساطة إلى المستوطنات المحتلة لكيانه الغاصب، وهذا بحد ذاته يعد أعظم معاملة دونية ومُهينة للغاية لحكَّام عرب من قبل الصهاينة في التاريخ المعاصر.

 

خطوة تعكس ضعفًا وأهانه:

 دون أدنى شك فإن الخطوة التي اقدم عليها حكَّام الامارات بإعلان اتفاق التطبيع مع كيان العدو الإسرائيلي تعكس ضعفًا وأهانه، وليس قوة كما يتوهمون، ذلك الضعف والاهانة يشمل جميع الأطراف العربية، سواءً تلك التي سارعت بكشف قناعها بكل وقاحة، أو تلك التي مازالت تهرول في الطريق لتكشف عن قناعها، فعلى الجانب الاماراتي، لم يحقق حكَّام الامارات ومن سيلحق بهم، ومن يبارك خطوتهم، أي مقابل لصالح القضية الفلسطينية، بل جاءت الخطوة مجانية، وبصورة مهينة للغاية لصالح كيان العدو الإسرائيلي والذي سينضم كطرف جديد إلى جانب أمريكا في حلب حكَّام الخليج وسلب أموال شعوبهم.

 وتفيد الشواهد والحقائق الراهنة، أن هذا التطبيع لن يستفيد منه سوى العدو، حيث تتحدث مراكز الفكر الامريكية صراحة عن أن الخطوة جاءت لإنقاذ نتنياهو وترامب المأزومين من مأزقهما الداخلي.

قد يعجبك ايضا