إعلان نهاية فلسطين بصيغة قانونية.. تحركات أخطر من الحرب

 منذ إعلان ترامب وقف العدوان الصهيوني على إيران عبر التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فيما يعرف بحرب الـ 12 يوماً، كثر الحديث حول إمكانية أن يلقي بظلاله على التوصل لوقف الإبادة الجماعية الصهيونية على قطاع غزة منذ أكثر من 21 شهرًا.

في ختام قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت في لاهاي مطلع الأسبوع الحالي، أشار ترامب إلى أن إيقاف العدوان على قطاع غزة بات وشيكًا جدًّا.

ما يعزز ذلك هي التسريبات التي تحدثت عن تحضيرات بين المجرم نتنياهو والمجنون ترامب وتفاهمها على ما أسموه باتفاق وقف إطلاق النار في غزة خلال أسبوعين بالكثير.

حقيقة ما يدور في أروقة البيت الأبيض والغرف المغلقة يتلبسه الغموض إلا أن المؤشرات تنبئ عن تغير كبير في خريطة المنطقة بالكامل، إذا ما نظرنا إلى الثمن الذي سيدفع أو ما هو المقابل لهذا الاتفاق؟ وما هو شكله؟ 

إفراغ غزة من أهلها

في مكالمة هاتفية جرت بين ترامب ونتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي روبيو، ووزير الشؤون الاستراتيجية الصهيوني رون ديرمر، تم التوصل إلى تفاهمات لإيقاف العدوان على غزة “خلال أسبوعين”، وفق تقارير صحفية صهيونية.

وذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم” أن الاتفاق يتضمن الإفراج عن الأسرى الصهاينة لدى حماس، ونقل من تبقى من قيادات الحركة إلى دول أخرى، في إطار تسوية أكبر تهدف إلى تهدئة التصعيد في المنطقة.

المكالمة التي أسمتها وسائل إعلام “بالتفاهمات” هي في الحقيقة مخطط خطير جدًّا؛ نظرًا للمخرجات، والتي سيتم العمل عليها بشكل مباشر خلال القمة ما بين ترامب ونتنياهو، والبدء بتنفيذها ما بين ستيف ويتكوف مبعوث واشنطن في المنطقة -بدون أي وساطة مصرية أو قطرية كما كان يحدث سابقًا- وبين المقاومة الفلسطينية مباشرة مقابل بعض الشروط.

وكشفت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية عن بعض هذه الشروط والمتمثلة بإيقاف العدوان على غزة مقابل إطلاق جميع أسري الكيان الصهيوني المتبقين، بالإضافة إلى إخراج قيادات حماس إلى خارج القطاع تمامًا، وتحديدًا إلى دولة أخرى، وفقاً لما يروجون له تحت مسمى تحقيق تسوية إقليمية للصراع في المنطقة.

في المقابل سيتم إعطاء إدارة القطاع لتحالف من أربع دول عربية وحسب تقرير “إسرائيل هيوم”، منهما مصر والإمارات، وتحت إشراف دولي أمريكي وصهيوني.

إذًا غزة لن تكون للفلسطينيين، وبالتالي تحقق الهدف والخطة الأمريكية بإفراغ غزة من أهلها لاحقًا. 

توسيع السيادة الصهيونية

لم تقف الأمور عند هذا الحد، حيثُ اعترف المجرم ترامب بـ “توسيع السيادة الصهيونية ” عبر موافقة رسمية بـ “سيادة صهيونية جزئية” على أجزاء من الضفة الغربية، في خطوة ستقلب موازين وشكل المنطقة.

حيثُ ستمنح الولايات المتحدة ضم أجزاء من الضفة الغربية للكيان المحتل ولكن هذه المرة بطريقة دبلوماسية على العكس من غزة التي سيتم تهجير أهلها وفق خطة إبراهام، وبالتالي إظهار الموضوع للعالم أن الأمر تم بسلام واتفاقات بينما في الحقيقة هو توسع الكيان جغرافيًّا وليس فقط في الضفة الغربية.

في السياق، وصف المحلل السياسي الفلسطيني عدنان الصبَّاح، ما يجري في الضفة الغربية بالعلميات الوحشية والنهب اليومي للممتلكات من قبل قوات الاحتلال، مشيرًا إلى أن هناك مخططاً صهيونيًّا لنسف وإخفاء دولة فلسطين والفلسطينيين.

وأوضح في تصريحٍ سابق لقناة “المسيرة” أن 64 % من الضفة الغربية تم السيطرة عليها وضمها إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى القدس، مؤكدًا أنه لن يبقى إلا 8 % من الضفة الغربية عبارة عن مناطق سكنية يحشر فيها الناس حشرًا.

وأشار إلى أن المخطط الذي يتم تنفيذه في الضفة، كما في غزة، حيثُ إن جميع سكان غزة حشروا في 20% من مساحة غزة والتي وصفت بأكثر مكان كثافة سكانية بالعالم.

الصدمة الأكبر

وتتوالى الصدمات حيثُ كشفت وسائل إعلام أمريكية عن سعي الولايات المتحدة والعدوّ الصهيوني إلى توسيع اتفاقيات إبراهام، التي بدأت عام 2020م، بين الإمارات والبحرين وكيان العدوّ الإسرائيلي، من خلال ضم دول جديدة هي سوريا ولبنان والسعودية.

وبين الإغراءات الأمريكية والتفريط بالثوابت قدمت واشنطن عروضًا ضخمة مقابل التطبيع أولها رفع العقوبات عن سوريا وإعادة إعمارها ومساعدتها اقتصاديًّا.

بالإضافة لاستثمارات ضخمة، وبرنامج إنترنت فضائي من “ستارلينك” والذي يملكه “إيلون ماسك” للبنان، بما سيساهم بإعادتها إلى الاقتصاد العالمي بقوة أكبر من السابق، لا سيَّما وأن أمريكا تعمل على بناء أكبر سفارة لها في المنطقة ببيروت.

من هنا يتضح أن الاتفاق الذي تتكلم عنه الصحف العبرية والعالمية لو تم تنفيذه فعلًا فهو لن يكون مجرد إنهاء “حرب” بل هو إعادة هندسة شاملة للمنطقة بالكامل.

الجديد أنه لو تم تنفيذ هذا الاتفاق والحديث عن توسع حدود (إسرائيل) والتي تسيطر على الجزء الجنوبي من سوريا، بالإضافة إلى مناطق أخرى في لبنان؛ وبالتالي أن كل المناطق في هذه الدول ستضم للسيادة الصهيونية، وهو ما يشكل تهديداً حقيقياً للمنطقة ودولها التي لن يسلم منها أحد.

حيثُ إن الخريطة والحدود وربما دول عرفناها طوال عمرنا في المنطقة ستختفي لتحل محلها “إسرائيل الكبرى”، وكذلك تغير في السياسات والتحالفات بين الدول وحتى هويتنا كشعوب في المنطقة، كلُ ذلك سيتغير بشكلٍ جذري.

وبغض النظر عن نجاح تنفيذها من عدمه أو تنفيذ أجزاء تتعلق بمنطقة معينة وتأجيلها في أخرى إلا أن أنها خطة تشمل كل المنطقة وتهدد استقرارها وأغلب دولها وخاصة دول محور المقاومة الدي لم يسلم من هذا التهديد. 

وبعد فشل العدوان الصهيوأمريكي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستعمد واشطن على محاصرة طهران وفق ما سمته قناة فوكس نيوز الأمريكية، خنق النفوذ الإيراني، وإغلاق جبهات “محور المقاومة” بشكلٍ شبه كامل، ونزع السلاح السياسي منها ومن حلفائها.

 مناطق متفرقة منزوعة السلاح

فيما يخص السعودية التي وضعت إقامة دولة فلسطينية كشرط لتطبيع العلاقات مع كيان العدوّ الصهيوني، وحسب تقرير لقناة سي أن بي سي الأمريكية أن “إسرائيل” مستعدة لمناقشة مشروع حل الدولتين بالفعل ولكن ضمن إطار الاتفاق الجديد.

وبالتالي ترسيم جديد لفلسطين، فلو تم حل الدولتين بالفعل فإن ما تبقى من فلسطين التاريخية عبارة عن منطقة منزوعة السلاح أو دولة غير مركزية ومتفرقة لمناطق صغيرة وسط “دولة” احتلال كبيرة.

وبالرغم أن البعض قد يرى في تلك السيناريوهات صعوبة تحقيقها أو رفضها على الواقع أو أنها مجرد تسريبات من باب الاستخفاف بالمخطط الذي يعد في الأروقة المغلقة للمنطقة؛ فمن المؤكد أن هذه التحركات سيكون تأثيرها أخطر من أي حرب.

ولو تم تمرير ما يحصل الآن سيكون عبارة عن إعادة صياغة كاملة لمستقبل المنطقة، وممكن تجعل من فلسطين مثل ما نعرفها مجرد تاريخ.

وفي الأخير يبرز سؤال هل هذا اتفاق سلام حقيقي؟ أم إعلان نهاية لفلسطين بصيغة قانونية؟

المصدر ـ المسيرة نت

قد يعجبك ايضا