صحيفة الحقيقة العدد”279″: الثقافية:كلمات من نور والقول السديد

   إعداد / دائرة الثقافة القرآنية

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

أهمية مناسبة يوم الولاية

مناسبة يوم الولاية وحديث الولاية الذي نقيمه كل عام هي مناسبة لها عمقها التاريخي والثقافي والعقائدي والسياسي بالشكل الذي يجعلها أهم مناسبة في حياة الأمة الإسلامية، وهي القضية التي تحتاجها الأمة في كل زمان ومكان، وتمثل الحل والمخرج لها في كل العصور، والآلية التي على أساسها يبنى واقع الأمة الإسلامية بناء قرآنيًّا يجعلها أمة عظيمة قادرة على أداء مسؤوليتها التي كلفت بها وجاهزة لمواجهة أعدائها بكل أنواعهم وأصنافهم بعيدة عن ظلم الظالمين وهيمنة المستكبرين وطغيان المتسلطين.

ولو أن الأمة عادت إلى مثل هذا اليوم وما قدم فيه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) من بلاغ مبين ومن أسس مهمة في ولاية أمر الأمة لما ظلمت ولما تمكن المفسدون والطامعون والظلمة والمستكبرون من الهيمنة عليها وإذلالها، ولكنّ تهاونَ الأمة ببلاغ الرسول في هذا اليوم والحلول التي قدمها جعلها أمة تعيش حالة رهيبة من الظلم والاستبداد وبالشكل الذي لم يحصل لأي أمة أخرى حتى ظهرت في الأخير أمة عاجزة عن أداء دورها في هداية البشرية مفارقة لخيريتها التي تؤهلها لتكون أمة جديرة بنشر المعروف في كل بقعة من بقاع العالم وقادرة على إزالة المنكر من هذا الوجود.

هذه المناسبة العظيمة وما جرى فيها تقدم لنا الرؤية الصحيحة في ولاية الأمر

فهذه المناسبة العظيمة وما جرى فيها لها قيمتها الكبيرة؛ لأنها التي تقدم لنا الرؤية الصحيحة من ثقافة القرآن، موقف الإسلام تجاه مسألة الولاية، من نتولى وإلى أين يكون ولاؤنا؟ من يحكمنا، من يتحكم في شؤوننا؟ قائمة على الرحمة، قائمة على الحكمة، قائمة على العزة، قائمة على الخير، قائمة على السعادة في الدنيا والآخرة، يترتب عليها أن نكون أمة غالبة، يكون الله معنا ينصرنا، يعزنا، يؤيدنا، يكون بذلك فلاحنا وخيرنا؟ أو الاتجاه الآخر الذي يوجد دفع للأمة فيه بشكل غير مسبوق، تجاهه بشكل لا نظير له، تُسخر من أجله كل الإمكانيات، إمكانيات الشعوب نفسها، ثرواتها المادية، إمكاناتها كلها تتجه فيه الحكومات العربية بكل ثقلها وبكل إمكاناتها، مع أنها في نهاية المطاف هي ستكون خاسرة، الحكام العرب، الزعماء العرب أنفسهم في نهاية المطاف سيخسرون كل شيء؛ لأنه اتجاه يترتب عليه الخسران ويترتب عليه الندم كما أكده القرآن الكريم.

وإننا في هذا العصر في هذا الزمن في هذه المرحلة نحتاج إلى أن نتفهم موضوع الولاية أكثر من أي وقت آخر، وبالذات في ظل الوضع الراهن الذي يتسابق فيه معظم المسلمين -في مقدمتهم الأنظمة والحكام -يتسابقون في الانضواء تحت ولاية اليهود والنصارى بدلاً من ولاية الله وولاية رسوله وولاية الإمام علي (عليه السلام) التي هي امتداد لولاية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم

 

مبدأ الولاية يشكل الضمانة لحماية الأمة من أكبر عملية اختراق تعاني منها الأمة اليوم

اليوم بقدر ما يتمكن أعداء الأمة من إبعادها عن مبادئها خصوصاً المبادئ المهمة الضامنة الحيوية في واقع الأمة التي تضمن للأمة الاستقلال والقوة، فالشكليات يمكن أن تخترق وأن تحتوى وأن تفرغ من تأثيرها، لكن المبادئ المهمة، والرئيسية والحيوية التي يتحقق بها استقلال الأمة، قوة الأمة، العدل في الأمة، الخير في الأمة، كل المبادئ التي لها أهمية في قيام الأمة، وإقامة الدين بكله، هذه المبادئ تستهدف، القيم المهمة تستهدف بشكل كبير جدًّا.

 اليوم نرى أن هناك كثيراً من القيم الإيمانية، والقيم الإسلامية غائبة إلى حد كبير في أوساط الأمة، وغيابها نتج عنه فراغ كبير، مساحة كبيرة يستطيع العدو أن يتحرك فيها، يستطيع الصهيوني اليهودي يستطيع الأمريكي يستطيع أي ضال أو مفسد أو طاغية في العالم أن يجد أمامه بيئة مفتوحة.

 الذي يحصن الأمة ويبني الأمة يحافظ على كيان الأمة كياناً متماسكاً كياناً عظيماً كياناً قوياً هو تلك المنظومة من المبادئ والقيم والأخلاق وفي مقدمتها وعلى رأسها المبادئ الحيوية المبادئ المهمة فمبدأ الولاية هو منظومة، هو ارتباط قيمي، ارتباط مبدئي، ارتباط أخلاقي، ارتباط منهجي، ارتباط عملي، التزام عملي يمسك الأمة من هذا البعثرة، من هذا التفكك، من هذا الضياع، من هذا الشتات.

 اليوم هناك فراغ كبير في واقع الأمة الملايين في الأمة ذهنياتهم فارغة، من يأتي يحشوها بأي حشو يريد، يأتي الأمريكي يحشوها، يأتي الإسرائيلي يحشوها، يأتي من هب ودب كل يؤثر كل يشتغل في هذه الساحة.

 نحن طالما نتألم، نعبر عن أسفنا من هذا الواقع المرير في العالم الإسلامي هذه الأمة التي يفترض أنها أمة النور، أمة القرآن، أمة الهدى، التي يفترض أن لديها من النور ما يحصنها من كل الظلمات، من الحق ما يحميها من تأثير الباطل، من القيم والأخلاق ما يجعل منها أمة عظيمة متميزة بتلك، هي اليوم بيئة مستهدفة مفتوحة وفيها فراغ كبير، قيم كبيرة غائبة أفسحت مجالاً للأعداء أتوا ليضعوا بدلاً عنها أباطيلهم ليضعوا بدلاً منها سمومهم التي تدمر الأخلاق، تدمر القيم، تدمر حتى الفطرة الإنسانية.[1]

وهكذا قدمت هذه القضية المهمة للأمة بهذا الوضوح الذي لم تشهده أي قضية أخرى بدءًا بلهجة الآية ومرورًا بالترتيبات التي قدمها النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) والتي تبين للأمة عظم هذه المسؤولية وخطورة التفريط فيها. ثم يختتم الله هذه المراسيم العظيمة بقوله سبحانه وتعالى}الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا{. [المائدة: 2].

 

إيماننا بمبدأ الولاية هو إيمان بكمال الدين

يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي  رضوان الله عليه:

إيماننا بثقافة الولاية، وإيماننا بمبدأ الولاية هو إيمان بكمال الدين، وأن الدين ليس بناقص، من يجعلون أمر الدولة في الإسلام قضية غائبة لم يحدد فيها الإسلام منهجاً ولم ترتبط بالله هم يضيفون النقص إلى الله، يجعلون في دينه ثلمة ونقصاً خطيراً جدًّا، يترتب عليه ضياع شؤون الناس، ويترتب عليه ألا يقوم الدين، هذه بعض الأمور الهامة التي نستفيدها من هذه المناسبة التي هي مناسبة هامة.

ويقول الشهيد القائد  السيد حسين بدر الدين الحوثي  رضوان الله عليه في (أمر الولاية):

إن من لا يعلنون ما أعلنه الرسول في هذا اليوم هم من يَصِمُون الله في حكمته، وفي عدله، وفي رحمته، هم من يضيفون النقص إلى الله.

كيف يجوز على الله سبحانه وتعالى، الذي سمى نفسه بالحكيم، العليم، العدل، الذي سمى نفسه بالرحمن الرحيم، أن يأتي لينظم شؤون كل أسرة، لينظم حتى المواريث، ثم لا ينظم شأن الأمة، ويترك الأمة دون أن ينظم أمرها!.

هل يجوز على الله؟ هذا لا يجوز على الله، لكن الآخرين جوزوه على الله، ولما جوزوا على الله أن يكون أهمل شأن الأمة رأينا عشرات الخلفاء، والرؤساء، والزعماء الذين هم بعيدون عن الإسلام يتقافزون على حكم المسلمين، وعلى أكتاف المسلمين جيلاً بعد جيل.

 

هل يجوز على الله أن يهمل أمر الأمة؛ ليفسح المجال لأولئك الذين لا يدينون بدينه، ولا يخشونه، ولا يخشون اليوم الآخر، هل يجوز على الله أن يترك شأن الأمة؟ لا يجوز.

فنحن عندما نعلن في هذه المناسبة تولينا لله ورسوله والذين آمنوا وفي مقدمتهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فهذا ما يوجبه علينا ديننا وما تتوقف عليه عزتنا وكرامتنا وقوتنا ونجاتنا وسعادتنا. هذا هو المسار الذي سيربطنا بالله ورسوله هذا هو المسار الذي اختاره الله لنا وسمانا عندما نسير عليه حزبه الغالب.

 

البديل عن ولاية الله التي قدمت في يوم الغدير

هو ولاية اليهود والنصارى

يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي  رضوان الله عليه في خطاب الولاية لعام 1431هـ :

مناسبة الغدير بثقافتها تجاه مسألة الولاية، هذه المناسبة التي تدفعنا إلى الاتجاه الصحيح: أن نتولى الله، أن نتولى رسوله، أن نتولى الذين آمنوا ، هذا الاتجاه الصحيح الذي ينسجم مع انتمائنا للإسلام، ينسجم مع القرآن الكريم، ينسجم مع هويتنا الأساسية التي فيها الخير لنا، فيها العزة لنا، فيها الكرامة لنا، فيه السعادة لنا، فيه عزتنا وقوتنا وخيرنا في الدنيا والآخرة }وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ{ [المائدة:56] هذه الثمرة العظيمة التي تحصل ما الذي يقابلها؟ الذي يقابلها حسب المنطق القرآني هو التولي لليهود والنصارى، واتخاذهم أولياء، أن يكون ثمنه ذلة وهوان وضعف وعجز وشتات وفرقة وشقاء ونكد، في مقابل ذلك هذا الربح العظيم في تولي الله ورسوله، تولي الإمام علي (عليه السلام)، تولي هداة الله وأوليائه ورموزه لعباده، أن يكون الثمن هو القوة، هو النصر، هو الغلبة، أن تكون الأمة بدلاً من أن تكون أمة مغلوبة تكون أمة غالبة، بدلاً من تكون أمة مستضعفة تكون أمة قوية، بدلاً من أن تكون أمة مستذلة مهانة تكون أمة عزيزة بعزة الله، بعزة رسوله، بعزة الإمام علي، بعزة الإيمان، بعزة القرآن الكريم، فهناك مساران وتوجهان متباينان لا بد للإنسان أن يكون في أي منهما.

وبالتالي الأمة بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن تكون في هذا الاتجاه الذي تقدمه ثقافة القرآن الكريم، تقدمه ثقافة الغدير، تقدمه ثقافة الولاية، إما أن تكون في هذا الاتجاه تتولى الله وتؤمن بولايته عليك، وأن ولاية رسوله امتداد لولايته، وأن ولاية الإمام علي (عليه السلام) امتداد لولاية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، وأن ولاية أولياء الله والهداة لعباده امتداد لولاية الله سبحانه وتعالى وفي إطار ولاية الله سبحانه وتعالى، ولاية قائمة على الرحمة، ولاية تبني أمة على أساس الرحمة والحكمة والعزة، تبني أمة لتكون قوية، تبني أمة لتكون بمستوى مسؤوليتها الكبرى في الأرض كأمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أمة لها مسؤوليتها العالمية في إقامة الحق، في إقامة العدل، في مواجهة الظلم ولتكون بمستوى هذه المسؤولية في عزتها، في قوتها، في حكمتها، في ارتقاء وزكاء نفوس أبنائها.

أو سيكون البديل هم اليهود والنصارى والذلة والخنوع والعبودية والهوان كما هو حاصل في هذه المرحلة لأمة ابتعدت عن التولي الحقيقي لله ورسوله والذين آمنوا.

هذان المساران المتباينان إما أن يكون الإنسان في هذا الاتجاه كمسلم وهذا الشيء الطبيعي للإنسان كمسلم، اتجاه أن نتولى الله ورسوله والإمام علي (عليه السلام) ومن هم امتداد للإمام علي (عليه السلام) في إطار ولاية الله سبحانه وتعالى، أو الاتجاه الآخر المباين لهذا الاتجاه؛ لأن الاتجاه الآخر اتجاه اتخاذ أمريكا وإسرائيل أولياء معناه: أن يكونوا هم من يتحكمون في شؤون هذه الأمة، أن يكون ما هو سائد في واقع الناس، ما يُفرَض على الناس، ما يعمله الناس، ما يتوجه فيه الناس، ما يُلزَم الناس بالتوجه إليه، ما يُلزَم الناس بالتقبل له هو ما تريده أمريكا لا ما يريده الله، ما تريده أمريكا لا ما يأمر به الله، ما تقرره الإدارة الأمريكية لا ما يأمر الله به في كتابه.

 فيأمر الله بأمر ويوجه توجيهاً معيناً ويكون هناك في المقابل إرادة أمريكية مناقضة لهذا التوجيه الإلهي، توجه أمريكي، أمر أمريكي يعارض هذا التوجيه الإلهي، فهناك يُؤثَر ما تريده أمريكا على ما يريده الله، فيكون المُتبع، يكون المُتقبَّل، يكون السائد، يكون ما يُدفَع إليه الناس، ما يُؤمَر به الناس، ما يُوجَّه إليه الناس، ما تُبنَى عليه حياتهم، ما تُبنَى عليه شؤونهم، ما تُدار به أمورهم سياسياً، اقتصادياً، ثقافياً في كل أمورهم وشؤونهم ما تريده أمريكا وإسرائيل، ما تقرره أمريكا وإسرائيل، ما تأمر به أمريكا وإسرائيل، لا ما أراده الله، لا ما أمر به الله، لا ما قرره الله.

يكون المُتبَع بدلاً من القرآن الكريم وتعليمات القرآن الكريم تعاليم الإدارة الأمريكية، وما يقدمه الأمريكيون الذين يزورون هذه الدولة العربية أو تلك الدولة العربية، يكون هَم الزعيم العربي أو الحاكم العربي أو النظام العربي أو الحكومة العربية المعينة أن تُمضِي على شعبها، أن توجه شعبها، أن تقرر في شؤون شعبها ما تريده الإدارة الأمريكية، وما الذي ستريده الإدارة الأمريكية؟ ما الذي ستقدمه أمريكا وإسرائيل لأمتنا ولشعوبنا كعدوة حاقدة لا تريد لنا أي خير، كفئة ليس لها إنسانية ولا ضمير ولا شرف ولا أخلاق ولا مبادئ، كفئة تعادي الله وتعادي البشرية وتعادي الإنسانية؟ هل يمكن أن يقدموا لنا ما فيه خير لنا؟ كل ما يقدمونه من خطط، كلما يفرضونه علينا من رؤى، من ثقافات في أي شأن من شؤون حياتنا سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً هو بما يضرب أمتنا.

 

بقدر ما تتفاعل الأمة مع مبدأ الولاية بقدر ما ستكسب وتنتفع

 على العموم تبقى المسؤولية على الأمة، بقدر ماهي تتفاعل، بقدر ماهي تتحرك، بقدر ماهي تستجيب في واقعها العملي مع مبدأ الولاية، تتولى الله ورسوله والذين آمنوا – كما قال الله – بقدر ما ستكسب، تنتفع، تحصل على النتيجة التي أكد عليها القرآن كنتيجة حتمية: }وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ{.

 فالتولي هذا هو سير في خط الإسلام سيرٌ والتزام صحيح في المبادئ والقيم، في الأخلاق، في التعاليم.

 وعلي عليه السلام حينما تعود إلى سيرته يُؤَمِّن لك الارتباط بالنبي الارتباط بالقرآن الامتداد السليم والنقي والمريح، والقدوة العظيمة جدًّا.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

 

قد يعجبك ايضا