موقفك من المضلين في الآخرة لا ينفعك ومكانه الصحيح هنا في الدنيا

موقفك من المضلين في الآخرة لا ينفعك ومكانه الصحيح هنا في الدنيا

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ}(فصلت:29).
هذه الآية تكشف اهتماماً كبيراً وندامة شديدة، وحسرة عظيمة عند أهل النار؛ لأن كل من يدخل النار لا يدخل إلا بسبب آخرين، مضلين يضلونه عن دين الله، عن هدي الله؛ ولهذا وجدنا في عدة آيات على مستوى الأمم, وعلى مستوى الأفراد كل يتحسر, ويتندم, ويتحول إلى عدو يبحث عمن أضله, ويطلب من الله المزيد من العذاب لمن أضله.
لأن الناس بطبيعتهم، بفطرتهم مجبولون على قبول دين الله، على الاهتداء بهدي الله, وإنما يأتي الضلال من قبل أطراف أخرى, أمة تضل أمة, أو فرد يضل أمة, أو شخص يضل شخصاً من شياطين الجن والإنس.
فبالتأكيد أن هذه الآية تدل على أنه تجلى للناس جميعاً وهم في جهنم, وهم في ساحة المحشر أن من أوصلهم إلى الهاوية إلى المصيبة العظمى هم أطراف أخرى أضلوهم.
وإذا كررنا الحديث حول هذا الموضوع فلأنه موضوع مهم؛ لأنه الشيء الذي نلمسه لسنوات عديدة, ونحن كنا نتحرك في مجال محاربة ضلال الوهابيين، نتحدث مع الناس حول المضلين، وحول ضلال الوهابيين وغيرهم من اليهود والنصارى، وغيرهم من المضلين.
كنا نلمس بأن هذا هو الموضوع الذي لا يحظى باهتمام كبير، ولا يستثير مشاعر الناس, ولا يستثير غضبهم, ولا يثير اهتمامهم.
وهذه الآية الكريمة تخبرنا بأن الكافرين، كل من دخلوا النار ـ النار ليست خاصة بالكافرين بالمعنى الذي نعرفه؛ لأن ما أكثر الكافرين بمعنى الرافضين لدين الله, أو الرافضين لمبادئ مهمة من دين الله، أو الرافضين لجملة من هدي الله وأحكامه, كلهم يشملهم اسم الكفر ـ هؤلاء أصبحوا يبحثون بكل جد واهتمام عن من أضلهم وليس فقط من الإنس بل يريدون من الجن والإنس {أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}، هذا يدل على اهتمام، ما هو فقط من أضلوهم من الإنس حتى من الجن فين هم؟ هاتهم {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ}.
وقلنا أكثر من مرة: أن الوقت المناسب للبحث عن المضلين، لمعرفة المضلين، هو هنا في الدنيا، فلماذا نجد أنفسنا لا نكترث إذا ما قلنا لفلان لا تجالس فلانا قد يضلك، هذا إنسان مضل، لا يهتم ولا يبالي ولا يكترث بالمسألة.
إذا قلنا الطائفة الفلانية قد تضلك، إذا قلنا اليهود والنصارى الله أخبرنا بأنهم يعملون على أن يردونا بعد إيماننا كافرين، على أن يحولونا إلى أولياء لهم. كذلك لا تلمس اهتمام بالشكل المطلوب, واكتراث بالقضية بالشكل المطلوب.
فكل واحد منا، كل واحد منا يجب عليه أن يرجع إلى هذه الآية لتعرف كيف وصل الأمر بهؤلاء إلى أنهم يريدون أن يتعرفوا على من أضلهم من الجن وليس فقط من الإنس، وأي طرف أضلهم حتى وإن لم يكونوا يعرفون اسمه أو يعرفون عنوان الطائفة التي ينتمي إليها، هم يريدون من الله أو يطلبون من الله بأن يريهم.
أما نحن هنا في الدنيا فنحن نقول للناس ونقول لأنفسنا: الوهابيون يريدون أن يضلونا، اليهود والنصارى يريدون أن يضلونا، بالاسم نُعرِّف, قد نقول, وقد يقول غيرنا لشخص أو لفئة معينة: فلان يريد أن يضلكم, فلان قرين سوء قد يضلكم، فلا يكترث الكل بكلام من هذا!.

قد يعجبك ايضا