ثقافة قرآنية :صحيفة الحقيقة العدد “342”: دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه

 

كلمات من نور 

إذا أنت تخاف من الموت حاول أن تقتل في سبيل الله شهيداً؛ لأنه بالعملية هذه أنت قهرت الموت فعلاً، ولم يكن الموت بالنسبة لك إلا نقلة قد تكون ربما [ثواني] قد تكون [دقائق] وتنتقل إلى حياة أبدية في نعيم، وفرح، واستبشار، ورزق

من يتراجعون عن القتال في سبيل الله حرصاً على الحياة يعرضون أعمارهم للقصف

ثم قال تعالى في موضوع الجهاد، يحكي قصة فيمن جبنوا، وخرجوا من ديارهم {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ}(البقرة: من الآية243). وهم ألوف! خرجوا من ديارهم، الله أعلم في أي أمة، يقول البعض: بأنه كان هؤلاء من بني إسرائيل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}(البقرة: من الآية243). قد تكون هذه أحياهم هم ليأخذوا عبرة من هذه، أو أحيا تلك الأمة مثلاً جيلاً من بعدهم {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}(البقرة: من الآية243). وهذه لها علاقة بالآية السابقة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}(البقرة: من الآية216).

لاحظ هؤلاء أليسوا وقعوا في مصيبة؟ هم خائفون من الموت، وقعوا في الموت. بل هذه تبدو أنها قضية لها علاقة بالناس الذين يتراجعون عن القتال في سبيل الله بدافع الخوف، والحرص على الحياة، يعرّضون أعمارهم لأن تقصف سريعاً! هذه آية من الآيات.

وآية أخرى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ}(الأحزاب: من الآية16). {وإذاً} لاحظ هنا {وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً}(الأحزاب: من الآية16). ليست قضية سهلة هذه أعني: أنت عندما تكون حريصاً على حياتك، وعندك ما زال عمرك ثلاثين، أو أربعين، أو عشرين، أو خمسة وعشرين، يكون عندك أنك عندما تنطلق في قتال أنك ستخسر ما تبقى من عمرك، ربما تقتل، وما زال متبقي من عمرك مثلاً، ما زال عندك أمل ربما أربعين سنة، ربما لا.

هذه الآيات هي بمعنى ماذا؟ تلك، عملية التحيل على الله، لذا نقول دائماً: أنه يجب على الإنسان أن يفهم بأنه لا يمكن أن يكون ذكياً أمام الله، أنت عندما تجبن، وتخاف من أجل أنك حريص على حياتك تقصف حياتك {وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً}(الأحزاب: من الآية16). قد تموت بعد سنة، أو سنتين أي: تخسر فعلاً ربما لو انطلقت تقاتل في سبيل الله قد لا تقتل، إن قتلت كانت شهادة، وحياة أطول من الحياة التي أنت حريص عليها، أليست أطول؟ نقلك إلى حياة حتى فيها فارق كبير جداً لأن الشهيد يعيش حالة طمأنينة وهو في حياته، يعلم أنه قد صار في موضع آمن، أنه في موضع آمن في الحياة بعد أن يتحول إلى حي.

ويبدو أن الشهيد لا يموت نهائياً، قد صارت هي الموتة الواحدة، حتى ولا يوم القيامة مع زلزلة الأشياء لأنه في آيات أخرى يقول الله فيها: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}(الزمر: من الآية68). إلا من شاء الله هنا في عملية استثناء، فكأن هؤلاء الشهداء هم فعلاً يذهبون إلى الجنة، الجسم ذلك عبارة عن [بذلة] خلعها فقط.

إذاً فإذا أنت حريص على حياتك، من خلال القتال في سبيل الله لو قتلت أنت ستدخل إلى الحياة الأبدية بسرعة أفضل من أن تحرص على عدد من السنين، هي في ذهنيتك، وأنت لا تستطيع أن تضمن نفسك لا تستطيع أن تضمن بأنك ستعمر إلى سن ثمانين، أو خمسة وسبعين سنة.

هذه الآيات نفسها هي تدل على أنه قد تقصف فعلاً {وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً}(الأحزاب: من الآية16). لأن هؤلاء ربما قد يكونون رأوا أن القتال كره لهم تركوا ديارهم وخرجوا، أليسوا هم وقعوا في شر؟ {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}.لهذا الإمام علي له كلمة معروفة عنه قال: ((بقية السيف أبقى ولدا وأنمى عدداً)). إذاً فهذه هي قضية خطيرة جداً يجب أن نتنبه لها أي: عندما تتذكر بشكل كامل تجد بأنه تعتبر خاسراً عندما تجبن عن القتال في سبيل الله، وأنك تعرض نفسك لأن يقصف عمرك فتخسر الحياة الأولى والحياة الأخرى.

الشهداء قهروا الموت وانتقلوا للحياة الأبدية

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}(البقرة: من الآية216) لكم باعتبار رؤيتكم، ونفسياتكم، وفهمكم للأشياء، وإلا فالواقع، لو أن الإنسان يتأمل يتذكر بشكل جيد لرأى بأنه ليس القتال بالشكل الذي تكرهه. عندما تنظر إلى قضية واحدة هو أنه: أن كل إنسان سيموت، أليست هذه قضية معروفة؟ كل إنسان سيموت، وكل إنسان يلاقي في هذه الحياة أشياء تتعبه، ويعاني منها. أليست هذه قضية معروفة؟ إذاً فالقتال ما هو؟ غاية ما هناك أن تقتل، ألست ستموت وإن لم تقتل؟ أليس الأفضل لك أن تستثمر موتك فتقتل في سبيل الله؟ أفضل من أن تموت فلا يحسب لك موتك شيء؟.

إذا أنت مثلاً تخاف من الموت كموت، فالله جعل من يقتل في سبيله حياً أي: أن الشهداء هم لا يموتون فعلاً، تراها في الأخير قضية لو يتأملها الإنسان حتى وإن كان ضعيف نفس، وإن كان يتخوف من الموت، إذا أنت تخاف من الموت حاول أن تقتل في سبيل الله شهيداً؛ لأنه بالعملية هذه أنت قهرت الموت فعلاً، ولم يكن الموت بالنسبة لك إلا نقلة قد تكون ربما [ثواني] قد تكون [دقائق] وتنتقل إلى حياة أبدية في نعيم، وفرح، واستبشار، ورزق كما ذكر الله في آية أخرى ولهذا لم يقل {وهو كره}لم يقل: {وَهُوَ كُرْهٌ} هذه قضية هامة أن كل ما أمرنا الله به، كل تشريعات الله ما فيها كره هي، هي. قد يكون المحيط الذي نحن فيه هو الذي يجعل القضية ونحن نتحرك فيها، فيها نوع من الكره، لكن هناك في دين الله، في هدي الله ما يعطيك دفعة كبيرة إلى أن تتجاوز كلما تراها كرهاً، كلما تراها صعوبات وأنت تقوم بالعمل الذي أمرك الله أن تتحرك فيه فقط أنتم {كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}(البقرة: من الآية216) لأن الإنسان لا يعلم الغيب والإنسان وكثير من الناس تكون نظرته محدودة، نظرته قاصرة ومحدودة {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}(البقرة: من الآية216) ربما قد تكرهون شيئاً هو في الواقع هو خير لكم، وأنتم تحبون الخير، وهو معلوم أن الإنسان نفسه في حياته يعمل أشياء فيها كره له عندما يكون فاهماً أن وراءها خيراً.

أعمال الناس، أليس هناك أعمال شاقة؟ في تجارتهم، في زراعتهم، في أشياء كثيرة من أعمالهم، يذهب يتغرب ويعمل من الفجر إلى المغرب [بنّاء أو مليّس أو خلطة، أو أشياء من هذه، أو يحفر في الأرض] هو عارف أن هذا كره، وهذا عمل ثقيل لكن متمسك به يجمع له فلوساً ويعود إلى البلاد ويجلس فترة ويأخذ بعض أشياء هو يرى بأنه بحاجة إليها، أو كانت نفسه تطمح إليها، أليس هذا يجعله وهو يعرف أن وراء التعب هذا خير أليست معنوياته ستكون مرتفعة؟ ويذهب يبحث هو لمن يتعب معه، أليس هناك حراج للعمال؟ حراج للعمال ماذا معناه في الأخير؟ مجموعة ناس يبحثون عمن يتعبون معهم، أليست هكذا؟ لأنه يعرف أن وراء التعب خيراً له.

إذاً هذه قضية تقيس عليها ومن منطلق ثقتك بالله سبحانه وتعالى عندما يقول لك: لو كان في هذا كره لك لكن فيه خير لك، فثق به فعلاً، عليك أن تقيس المسألة على الأشياء التي هي معروفة في حياتك أنت تُكره نفسك على أعمال معينة لأن وراءها خيراً لك.

 

قد يعجبك ايضا