ضيف الله سلمان.. شاعر المسيرة والنصر

الحقيقة/عفاف محمد

في هذه الظروف المستجدة على الساحة اليمنية اندفع الشعراء في ظلالها ينهضون بالشعر ويطورون فنونه وأغراضه، وقد ازدهر الشعر ازدهاراً رائعاً وأخذ الشعراء يخضعون لمؤثرات مختلفة بيئية ودينية وحضارية وثقافية واقتصادية، وكان للمسيرة القرآنية، التي أضاءت الساحة اليمنية في هذا العصر، الدور الكبير في إحداث نهضة شاملة، حيث أنتجت تغييراً فكرياً وثقافياً أضحى معه للشعر لوناً جديدًا، واتقن شعراء وأدباء هذه المرحلة الشعر السياسي، وقد صور الشعراء في شعرهم، استبسالهم في الحروب وتهافتهم على حياض الموت، مستصغرين الحياة ومتاعها الزائل، داعين إلى الجهاد والاستبسال في سبيل الله، وفي فترة ما بعد العدوان على اليمن، ظهر شعراء بارعون في الوصف ودقته.

اشتعلت جذوة الشعر في نفوس الشعراء بعدما طالعوا مجازر التحالف الذي شن غاراته الخبيثة على كل شبر في أرضهم، مخلفاً المجازر الدموية البشعة، فأنشأ الشعراء شعرهم على هدى القرآن الكريم آيات بديعة من المواعظ الدينية، وكذلك ساح شعرهم فخراً ومجداً مباهين ببطولاتهم واستبسالهم ضد العدو المجرم. وهم في كل ذلك يستلهمون من المسيرة القرآنية المبادئ والقيم الأخلاقية والدينية.

وقد سال ابداعهم بمستويين من مستويات اللغة، هما: المستوى الفصيح الذي يحاكي فيه النص الأصلي بلغته الرفيعة، وتضمين مفرداته وتراكيبه الموروثة، والمستوى الثاني هو الذي يتخذ المفردات والتراكيب والألفاظ الشعبية الدارجة -على فصاحتها – في لغة الحياة اليومية للشعب اليمني،وقد اكتسبت نصوصهم قدراً كبيراً من قداسة الموروث ووقاره.

وفي دراسة خاصة لإنجاز بعض الشعراء المؤثرين داخل المرحلة الحالية التي أسهموا فيها نلقي الضوء عليهم بهدف الوصف والتحليل والتعريف والتثقيف.

واليوم نستعرض لكم بعضاً من شعر المبدع ضيف الله سلمان، وهو شاعر دائمًا ما يوافينا بالجديد والمفيد والممتع، يتبين من خلال أعماله أنه شاعر يعكس فهمه الوجداني للحياة بأسلوب رصين وراقٍ، تجده قائداً في أدبه، حيث يسخر نصوصه لتوجيه الإنسان والمجتمع نحو غايات أبعد من الحاضر، ولا يتوقف جمال قصائده عند الصياغة التي تثير فينا بخصائصها استجابات فنية وعاطفية ندركها عن طريق الذوق، وإنما يمتد جمالها بلمح أثر المضمون الكامن وراء هذه الصياغة ومدى ما فيها من إيجابية الهدف الذي يدعم حركة الفرد والمجتمع إلى الأمام.

نضع بين أيديكم قصيدة له بعنوان: «لله عاقبة الأمور»، وهي قصيدة توحي بعمق إيمانه ومقدار ثقته بالله التي لا حدود لها.

هي قصيدة ينبجس منها تأثره بتيار الفكر الصعدي وبيئته الأدبية التي تجعل من قصيدته أكثر نضجاً واكتمالاً.

كانت قصيدته قد نتجت من واقع الأحداث، حيث انبرى للعالم أن في نهاية الأمر الله هو الذي يقرر ويفعل ما يريد، وبالتالي كل ما فعله التحالف من تحشيد وتجهيز كانت قدرة الله قد غلبته.

نجد أن قصائد هذا الشاعر الفذ من الناحية الفنية مسبوكة سبكاً جميلاً، حيث انه شاعر يجعل من تركيباته واقعاً إنسانياً.

وجاءت هذه القصيدة بشكل مختلف يدخل في نمط الشعر المتحرر من القفل والقافية المعتادة، حيث تخلص في هذه الابيات من البنية المقفلة، وذلك بالخلاص النهائي من القافية مع فتح البيت الشعري وجعله يفضي إلى الأبيات الأخرى اقتفاء تركيبيا ولغويا، والإبقاء على القافية كنهاية للترتيب اللغوي للبيت كجرس موسيقى.

وكي نتأمل القصيدة من حيث جمالها الفني نتطلع لدراسة فنية للناقد المبدع إبراهيم الهمداني والذي تجاوز بحسه الكثير من آفاق النقد الأدبي التقليدية وقدم لنا إبداعه الخاص، وهو يعد بحق واحداً من أبرز نقاد جيل التحول، الذي تجاوز الإطار الرومانتيكي على مستوى الإبداع، وحسبي أن أشير إلى خصوبة إنجازه النقدي المتميز الذي قدمه خلال سنوات العدوان.

 

للهِ عاقبةُ الأمُور

ضيف الله سلمان

للهِ عاقبةُ الأمور

هذا هو الوعدُ الإلهِيُّ الَّذِي

لا ريبَ فيهِ ولا قُصُور

وعلى مدى كُلِّ العُصُور

في مُحكمِ القرآنِ.. في التوراةِ

في الإنجيلِ جاءت، والزَّبُور

سُبْحانَهُ وهو العَليمُ

بكلِّ ما في الأرضِ يجري والسَّماءِ

وكلِّ أحوالِ العبادِ وما يَدُور

وبِكُلِّ خائنةٍ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ

للهِ عاقبةُ الأمور

هو مَـنْ يُحَددُها لِقَومٍ

جاهدوا في اللهِ حقَّ جهادِهِ

وعليهِ في كلِّ المواقفِ دائماً يَتَوَكَّلُون

يُجاهدون… يُسبِّحُون بلا فُتُور

بابُ الرِّعَايةِ بَابُهُم

رُبِطَتْ بهِ أسبَابُهُم

إن واجَهُوا أطغَى الورى

ثَبَتُوا.. وما وَهَنُوا، وكان جَوابُهم:

للهِ عاقبةُ الأمور.

****

يا أيُّهَا النَّاسُ

اتَّقُوا اللهَ الذي هو ربُّكم

وبه ثِقُوا وَلَهُ استجيبُوا

{ذلكم خيرٌ لكُم}.

وإذا دعاكم للجِهَادِ فسابقوا

يا قومِ واعتصموا بحبلِ الله

مولاكُمْ ولا تتفرَّقوا

وتذكَّروا يا قَومِ

إذْ أنتم قليلٌ في الورى

مستضعفونَ، وخائفون

واللهُ آواكم وبالنصرِ العزيزِ

على طغاةِ الأرضِ أيَّدَكُم

وأهلكَهُم وأنتم تنظرون

فتأملوا آياتِهِ

يا كُلَّ صَبَّارٍ شكور

ولتعلموا علمَ اليقينِ بِأَنَّهُ

للهِ قد كانت ومازالت

وسَوفَ تَظَلُّ عاقبةُ الأمُور.

****

من يعتصمْ باللهِ

لا خوفٌ عليهِ ولا قَلَقْ

وعدٌ إلهيٌ ويكفي

{إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقّْ}.

هَلْ مِنْ إلهٍ غَيْرُهُ

في هذه الدنيا هداكم

للصراطِ المُستقيم؟!

فتأمَّلوا في ما حَكَى? سُبْحَانَهُ

في شأنِ أهلِ الكهفِ أصحابِ الرَّقِيم

قاموا فقالوا رَبـُّنَا اللهُ العظيم

فأحاطهم بعنايةٍ كُبرى وأعلى قَدرَهُم

وبداخلِ القرآنِ خلَّدَ ذِكْرَهُم

للناسِ حتى يؤمنوا حقاً بأنَّ اللهَ

يرعى المؤمنينَ الصادقينَ بلا حُدُود

في كهْفِهِم لَبِثُوا المئاتَ من السِّنِين

واللهُ يرعاهم، يُقَلِبُهُم، يُدَبِرُ أمرَهُم…

ويُهَيِئُ المتغيراتِ {وَهُمْ رُقُـود}.

فتفكَّرُوا

لم يَغْفُلِ الرحمنُ عن تأييدِهِم يوماً

وما انقطعت رِعايَتُهُ ولو لدقيقةٍ عنهم

وقد لَبِثُوا عُقُود

هذا وهم كانوا {رُقُـودْ}.

أتُرَاهُ جَلَّ جَلالُهُ

ينسى رجالاً في سبيلِ اللهِ

{أيْقَاظَاً} بساحاتِ الجهادِ

يقدِّمُونَ التضحياتِ

ويبذلونَ لهُ الجُهُود؟!

حاشى وكلَّا. إنَّهُ من قال في آياتِهِ:

{وليَنصُرَنَّ اللهُ مَنْ}

كانوا له نعمَ الجُنُود

ايمانُهُم باللهِ أقوى?

في الثَّباتِ وفي الصُّمود..

داسوا على جبروتِ أمريكا

وهيمنةِ اليهود!

والمؤمنونَ بربِّهم وثقُوا

وما رسمُوا العواقبَ إنَّمَا

للهِ عاقبةُ الأُمُوْر

والمجرمون الخائنونَ بنُو سُعُود

ويلٌ لهم! بَعُدُوا كما بَعُدَتْ ثَمُود

وسَيُغْلَبُون ويُحشَرُون إلى جهنَّمَ صاغِرِينْ

واللهُ يَجْزِي كلَّ خوَّانٍ كَفُور

وإليهِ مَرجِعُهُم جميعاً… لا نبالي طالما

للهِ عاقبةُ الأُمُوْر.

****

فاستمسِكوا باللهِ

واتَّبِعُوا هُدَاهُ لترتَقُوا

وعليهِ في كلِّ الأمُورِ تَوكَّلُوا

ولتذكروهُ لتطمئنَّ قلوبُكُم. لا تَقْلَقُوا

مهما طغى المستكبرون

وغرَّهم شَيْطَانُهُم وتَشَدَّقُوا

وإذا أتَوا يتربصون بدِينِكُم

فاسْتَعْصِمُوا باللهِ والتَمِسُوا المَدَدْ..

كونوا على ثقةٍ بِوَعْد ِاللهِ في

القُرآن حاشَ اللهُ يُخْلِفُ مَا وَعَدْ

وهو القويُّ هو العزيز ُ القاهرُ

الجَبَّارُ والملكُ المُهيمنُ والصَّمَدْ.

حتى ولو كثُرَتْ فئاتُ الشَّرِّ

لا تُغْنِي وبأسُ اللهِ عنهم لا يُرَدْ

{واللهُ خيرُ النَّاصِرين}

للمؤمنينَ الصابرين

وكتابُهُ للعالمينَ هُدَىً ونُور

إن غرّكمُ باللهِ أو آياتهِ بعضُ الغُرُور

فلتحذروا، وتذكّروا

للهِ عاقبةُ الأُمُوْر

{واللهُ خيرُ الماكرين}

ومكرُ أمْرِيكا يَبُور

مهما عَلَتْ في الأرضِ

مهما استكبرت.. فاللهُ مُوْهِنُ كَيدِهَا

مهما تمادت في الفُجُور

هي قَشَّةٌ وستنتهي

حتى وإن زادت عُتُوَّاً أو نُفُور

لسنا نُبَالي طالما

للهِ عاقبةُ الأُمُور

للهِ عاقبةُ الأُمُور

 

المصدر:انصارالله

قد يعجبك ايضا