YNP : بعد توسيع عملياته الداعمة لغزة في 3 قارات.. اليمن يُطيح بأمريكا من قمة هرم النظام العالمي؟

على وقع الإعلان اليمني للمرحلة الرابعة من التصعيد ضد الكيان الإسرائيلي، في إطار الانتصار للدم الفلسطيني المسفوك ظلماً وعدواناً تحت مقصلة الصهيونية وعلى مأدبة أممية معدومة الضمير في قطاع غزة؛ يكسر التصعيد اليمني الذي شمل 5 مسارح بحرية استراتيجية في 3 قارات؛ أغلال الصهيونية الرابظة على صدر العالم، ويفتح عهداً جديداً قد يُعيد رسم الخارطة السياسية والعسكرية والاقتصادية للنظام العالمي، كما يفتح معه أيضاً الأمل لكافة الشعوب المقهورة.

لا شك، أن توسيع القوات المسلحة اليمنية، نطاق حصارها للملاحة الإسرائيلية ليشمل أهم الممرات البحرية في العالم، بدءاً من البحرين الأحمر والعربي وباب المندب والمحيط الهندي إلى البحر المتوسط، لا يمكن أن يكون حدثاً عابراً في مخيلة القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لما له من وقع بالغ على مافيا الإجرام الصهيوني الغربي المهيمنة على القرار الدولي، وحضورها العسكري والاقتصادي على امتداد المعمورة.

إطباق الحصار البحري على الموانئ الإسرائيلية، هو إيذان بنكوص أسهم كبرى الشركات الصهيونية، ومصرع اقتصادات الدول الغربية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالخزينة الإسرائيلية، ما يعني قطع الشريان الحيوي الهام الذي يغذي استمرار العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أولاً، واشعال جذوة الجمر في الداخل الإسرائيلي المنقسم والملتهب على ضوء صراعات السلطة وإخفاقات غزة وأعبائها البشرية والمادية.

هذه المرحلة الجديدة التي يخوضها اليمن، في خضم معركته ضد التحالف الأمريكي الأوروبي في البحر الأحمر، هي إعلان صريح بوفاة هذا التحالف الذي فقد البوصلة والسيطرة في أهم وأقوى الاختبارات في ميادين المواجهة الحقيقية، والتي كانت محط رهانات الولايات المتحدة لتحقيق مكاسب إستراتيجية قد تساعدها في البقاء على عرش الهيمنة العالمية في ظل صراعات السيطرة والنفوذ على العالم الجديد، قبل أن تقع في فخ الشباك اليمنية.

بالتالي، فإن الوسائل العسكرية الأمريكية التي لم تمنح طوق نجاة للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، لن تسعفها في البحر المتوسط أو في أي منطقة أخرى في العالم. وعلى ضوء ذلك يمكن القول، إن ما سيحدث في المسرح الجديد للصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية، هو أن اليمن سيعري هشاشة “القوة العظمى” على مرى ومسمع الحلفاء القابضين على الجمر في القارة العجوز، مثلما فعل ذلك وما يزال، أمام ناظري الوكلاء في المنطقة العربية.

إلى ذلك، فإن الوصول إلى البحر المتوسط وحدود أوروبا، يمنح اليمن القدرة على صياغة التوازنات العالمية على إمتداد الخارطة، بل والحق بالمشاركة في تقرير مصير مستقبل النظام العالمي القائم. ناهيك عن ذلك، فإن هذه المرحلة من التصعيد، تستنهض بواقع الأمة العربية والإسلامية من تحت أنقاض اليأس والسبات المرير بفعل الخيانات المتراكمة، إلى واقع مغاير يعيد للأمة حضورها وتأثيرها الذي يستحق في مصاف الأمم القوية والحية، وأنه لا حدود لأمنها القومي والاستراتيجي إذا ما اقتضت الحاجة.

وفي هذا السياق، فإن أهم ما يمكن ملاحظته في التصعيد اليمني لمساندة غزة، خلال مراحله الأربع، أن اليمن قشع كل الخطوط والإشارات الحمراء والصفراء التي وضعها من ينصب نفسه شرطياً للعالم طوال عقود، وغادر من باطن القوقعة التي رسمتها محددات الغطرسة ومعاهدات الانبطاح التي جيء بها على ظهر المشهد في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ليقول كلمته في الميدان.

لقد تمرد اليمن عن هذه المحددات، أولا بقوة الموقف قبل تفوق السلاح، وبالشجاعة والإصرار على مقارعة أعداء الله وأعداء الإنسانية والبشرية جمعاء دون النظر لحجمهم وموقعهم الاستراتيجي، ودون الاكتراث لما يدور في لعبة الأمم وتوزيع الأدوار، وبعيداً عن حسابات الدواوين والغرف المغلقة، ولعل هذا الصدق والاندفاع خلف الانتصار للحق هو ما دفع البوارج الأمريكية والأوروبية للفرار تباعاً من البحر الأحمر. كل من اختبر قوة وصلابة اليمنيين في هذه المعركة، يدرك تماماً أن الاستعراض بالقوة وحشد حاملات الطائرات والبوارج، لا يمكن أن يوهن من عزيمتهم في خوض معركة الانتصار للقيم والأخلاق حتى صافرة النهاية.

هذا ما تؤكده أرقام ووقائع هذه المعركة، وعلى رأسها اصطياد نحو 107 سفينة بينها مدمرات وقطع حربية أمريكية وبريطانية والتي فقدت قوة ردعها بين ليلة وضحاها بعد أن أصبحت إلى أهداف مباشرة للقوات المسلحة اليمنية.

إذن.. وحده اليمن، الذي أشهر سيفه في معركة الحق والباطل، أمام أقوى الطواغيت وفي أسوأ المراحل والأوقات التي تعيشها شعوب الأمة العربية والإسلامية على وقع مسارات التطبيع والتتبيع، وضياع المواقف تحت آلات القمع والسلطوية وبين بورصات الارتزاق في مزادات الدم، ليعلن اليمن من فوق كل هذا الركام، ميلادا جديدا للأمة في أصعب فترات الصبر والامتحان، لذلك فهو أهل لخوض هذه المعركة، كما هو أهل لأن يحقق فيها انتصارا كبيرا عابرا لحدود المكان والزمان، انتصار تحتفي به الأمة وجميع الشعوب المقهورة في قادمات السنوات.

 

حلمي الكمالي :

قد يعجبك ايضا