تقرير : العلاقات الاستخباراتية بين السعودية وكيان العدو منذ التسعينيات

 

كشف مسؤولون استخباراتيون اميركيون سابقون كبار ان العلاقات الاستخباراتية بين السعودية وكيان العدو تعود الى حقبة التسعينيات، بعد ان اصدر سفير السعودية لدى وشنطن يومها بندر بن سلطان تعليماته بفتح هذه العلاقات. كما لفت هؤلاء الى ان العلاقات الاستخباراتية هذه هي جزء من علاقات “آخذة بالتوسع” بين كيان العدو ودول خليجية اخرى مثل البحرين والامارات. هذا ونبه مسؤول استخباراتي اميركي سابق آخر الى انه وبرغم العلاقات الجيدة بين السعودية وادارة ترامب، الا ان العلاقات بين السعودية والجناحين القضائي والتشريعي الاميركي تشهد توترا ملحوظا. وفي نفس السياق تحدثت مجموعة غربية معروفة تعمل في مجال الامن والاستخبارات عن فشل المساعي السعودية في كل الساحات للتصدي لايران.

العلاقات الاستخباراتية بين السعودية وكيان العدو

كتب مدير برنامج التحليل الاستراتيجي للاسلام السياسي السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “CIA” اميل نخلة مقالة نشرت على موقع “The New Arab” اشار فيها الى ان العلاقات الاستخباراتية بين السعودية والكيان الصهيوني بدأت منذ اعوام عدة وذلك استناداً لتعليمات بندر بن سلطان الذي شغل سابقاً منصب السفير السعودي لدى واشنطن وكذلك منصب مدير جهاز الامن القومي السعودي.

وأضاف الكاتب بان العلاقات بين جهازي استخبارات الطرفين تكثفت بشكل ملحوظ خلال مفاوضات دول الخمس زائد واحد مع ايران التي ادت الى الاتفاق النووي، وخاصة بعد ما اصبح محمد بن سلمان “الحاكم الفعلي للسعودية”، وفق تعبير الكاتب نفسه.

كما تابع الكاتب بان السعودية وكيان الاحتلال قاما بحملة ضغط كبيرة في واشنطن من اجل تعطيل الاتفاق النووي، لكن دون تحقيق اي نجاح. الا انه قال بالوقت نفسه ان الطرفين استمرا بالتعاون الوثيق من اجل تقويض الاتفاق وشيطنة ايران.

واشار الكاتب الى ان ابن سلمان “يوحّد الصفوف” مع كيان العدو اليوم من اجل منع انتشار ما يسميه “الهلال الشيعي”. ووصف ابن سلمان بالساذج كون الاخير يعتقد بان “الهلال السني” يمكن ان يقيد ايران ونفوذها، او يمكن ان تكون مقبولة اكثر للغرب وايضاً للحكومة الصهيونية. غير انه لفت بالوقت نفسه الى ان حملة ابن سلمان ضد ايران لقت ترحيباً إسرائيلياً، خاصة بعد ان وسع الاخير الجبهة لتشمل حزب الله ولبنان.

الكاتب وصف قيام ابن سلمان باتهام لبنان باعلان الحرب على بلاده بالمضحك، لكنه اعتبر بنفس الوقت ان ولي العهد السعودي يهدف من خلال ذلك الى توطيد علاقته مع الاسرائيليين، وذلك بسبب العداء بين حزب الله وكيان العدو.

ونبه الكاتب الى ان اتصالات السعودية الاستخباراتية مع جهاز الموساد هي جزء من علاقات آخذة بالتوسع بين الاستخبارات الصهيونية ودول اخرى بمجلس التعاون الخليجي، “خاصة البحرين والامارات”.

كما قال الكاتب الذي بقي يعمل لدى “CIA” حتى عام 2006، ان مشاركة المعلومات الاستخبارتية بين السعودية وكيان العدو بدأت في التسعينيات لكنها تطورت بشكل كبير واخذت طابعا علنيا اكثر منذ بداية القرن الحالي.

كذلك تابع بان مشاركة المعلومات الاستخباراتية بين الجانبين ركزت على التحالف الثلاثي الذي يضم ايران والرئيس السوري بشار الاسد وحزب الله.

واضاف الكاتب بان ابن سلمان يقوم اليوم ببناء تحالفات مع “دول سنية تقليدية” ومع “إسرائيل” وادارة ترامب،لكنه شدد على ان استراتيجية بناء التحالفات هذه تهدف فقط الى خدمة مصالح السعودية وليس الامة العربية او القضية الفلسطينية. كما تحدث عن تحديات “لا يمكن تخطيها” في مساعي بن سلمان للتودد الى كيان العدو.

واشار بهذا السياق الى ان ابن سلمان لا يمكن ان يستمر بالتقارب مع كيان العدو الا في حال تمكن هو وشريكه الاميركي “Jared Kushner” (زوج ابنة ترامب وأحد كبار مستشاريه) بالمساهمة بابرام اتفاق سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

وشدد الكاتب على ان مصداقية ابن سلمان في العالمين العربي والاسلامي ستخضع لاختبار صعب الا في حال اقنع حكومة نتنياهو بوقف الاحتلال للضفة الغربية وبما في ذلك “القدس الشرقية”.

كذلك لفت الكاتب الى ان اميركا وايضاً كيان الاحتلال لا يرغبان بحرب جديدة في المنطقة، وذلك رغم الدعم العلني الذي يقدمه ترامب و”Kushner” لما يقوم به ابن سلمان في اليمن وغيره. وأضاف بان اجهزة الاستخبارات الاميركية والصهيونية اصبحت تتوخى حذرا اكبر من سياسات ابن سلمان.

الكاتب تابع بان ايران لم يسبق ان خضعت امام السعودية، وشدد على انها لن تبدأ الخضوع لها فقط بسبب ما يقوله ابن سلمان. وحذر من ان النفط والمياه وغيره من مكونات البنية التحتية السعودية سيلحق بها اضرار جسيمة في حال اندلعت الحرب بين الجانبين.

ونبه ايضاً من ان اندلاع الحرب سيؤدي الى توتر طائفي غير مسبوق بين السنة والشيعة (بحسب قول الكاتب)، ومن ان هكذا سيناريو سيتسبب باضرار “لا تعد ولا تحصى” للامن القومي الاميركي وكذلك المصالح الاميركية في المنطقة.

كذلك قال الكاتب انه يمكن الافتراض بان اجهزة الاستخبارات الغربية والصهيونية بالتأكيد تنظر في توصية حكامهم السياسيين باتخاذ موقف حذر اكثر مما يقوم به ويصرح به ابن سلمان، مشدداً على ان “اميركا والعالم لا يمكن ان يتحملا حربا جديدة في الشرق الاوسط سواء في الخليج او على الحدود الاسرائيلية اللبنانية”، وفق تعبير الكاتب.

توتر في العلاقات بين السعودية والجناحين التشريعي والقضائي الاميركي

نبه المسؤول السابق لدى “CIA” المدعو”Bruce Riedel” من انه وعلى الرغم من وجود علاقة الوطيدة بين السعودية والجناح النفيذي في اميركا المتمثل بادارة ترامب،الا ان هذا لا ينطبق على العلاقات بين السعودية والجناحين التشريعي والقضائي الاميركي،اذ اشار الى ان القضاء الاميركي يقوم بمحاكمة السعودية من خلال قانون “JASTA” (الذي يجيز مقاضاة مسؤولين سعوديين على خلفية هجمات الحادي عشر من ايلول)، وايضاً الى ان الجناح التشريعي المتمثل بالكونغرس تمكن من تخطي الفيتو الذي وضعه الرئيس الاسبق باراك اوباما على قانون “JASTA”،حيث صوت الكونغرس بغالبية ساحقة لصالح تبني هذا القانون.

كلام “Riedel” جاء خلال ندوة بمعهد “Brookings” بمناسبة صدور كتابه الجديد الذي يحمل عنوان “الملوك والرؤساء: السعودية واميركا منذ عهد فرانكلين دي روزفلت”.

واضاف “Riedel” خلال الندوة بان آخر صفقات بيع السلاح الى السعودية تم تمريرها فقط بفارق صوتين اثنين بالكونغرس،منبهاً بالوقت نفسه من ان ادارة ترامب لم تقم بارسال اي صفقة بيع سلاح جديدة الى مجلس الشيوخ الاميركي منذ هذا التصويت الاخير. كذلك توقع بان لا تعفي محاكمات احداث الحادي عشر من ايلول السعودية من اي مسؤولية بهذه الهجمات.

كما وصف “Riedel” السياسة الخارجية السعودية الحالية بانها سياسة مغامرة وسياسة تدخلية متهورة، مجدداً القول بان الحرب على اليمن تحولت الى مستنقع وتشكل اليوم اسوأ كارثة انسانية في العالم.

اما حول ازاحة ولي العهد السابق محمد بن نايف اعرب “Riedel” عن قلقه في هذا الاطار، حيث وصف بن نايف بالقوة الديناميكية التي جعلت من وزارة الداخلية السعودية عنصرا ناجحا في محاربة الارهاب (على حد تعبير “Riedel”). كما تابع بان الاشهر الاخيرة شهدت تراجع الفاعلية بمحاربة الارهاب منذ ان غاب بن نايف عن المشهد.

كذلك حذر “Riedel” من ان إزاحة اشخاص مثل بن نايف يحمل معه ثمناً وان هذا الثمن سيكون في مجال محاربة الارهابيين.

فشل سعودي ذريع في محاولاتها لاضعاف ايران

مجموعة صوفان للاستشارات الامنية والاستخباراتية اشارت بتقريرها اليومي الى ان السعودية لم تفشل فقط بالتصدي لنفوذ ايران في المنطقة بل انها عززت هذا النفوذ، وذلك رغم موقف البيت الابيض الداعم بالمطلق لحكام السعودية الحاليين.

وفيما يخص اليمن وصفت المجموعة الحرب التي تشنها السعودية هناك بانها “كابوس جيوسياسي وانساني جاء لفائدة طهران”، بحسب تعبير المجموعة. كما لفتت الى ان علاقات جماعة انصار الله مع ايران اليوم هي اقوى بكثير مما كانت عليه قبل الحرب على اليمن عام 2015. وشددت على ان هدف الحرب على اليمن بالنسبة للرياض كان دحر نفوذ ايران، وعلى ان الحرب حققت عكس ذلك وبثمن مروع يتمثل بالمجاعة وانتشار الامراض.

كذلك اشارت المجموعة الى ان السعودية حاولت التصدي لايران ايضاً من خلال اجبار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة، وذلك قبل ان يعود الحريري ويجمد استقالته. واضافت بانه واذا كانت نية السعودية الضغط على لبنان من اجل خلق فجوة بين لبنان وحزب الله، فيبدو هنا ايضاً بان النتيجة كانت معاكسة. ولفت الى ان العديد من اللبنانيين ومن مختلف الانتماءات الطائفية غضبوا من تدخل السعودية بالسياسة اللبنانية.

هذا وتابعت المجموعة بان السعودية وأيضاً اميركا تعرقلان الحرب على الارهاب من خلال التركيز الحصري على محاربة ايران، اذ ان التركيز على “ايران الشيعية” (وفق تعبير المجموعة) يؤجج الطائفية، بينما من اهم ادوات محاربة الارهاب هي رفض الطائفية. واضافت بان الطائفية ساهمت بصعود داعش في العراق واليمن وايضاً في مصر، مشيرة الى ان الشيعة والصوفيين والمسيحيين استهدفوا من قبل متطرفي داعش في هذه البلاد المذكورة.

وحول إزاحة ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف اعتبرت المجموعة ان ذلك ايضاً اضّر بالحملة السعودية والاقليمية ضد الارهاب. كما قالت ان بن نايف كان معروفا لدى اجهزة استخبارات الشرق الاوسط والغرب بانه من اكثر الشخصيات الفاعلة في مجال محاربة الارهاب داخل المنطقة وخارجها.

ومن ثم عادت المجموعة وشددت على ان ايران في موقع اقليمي اقوى مما كانت عليه قبل عامين في كل الساحات التي حاولت فيها السعودية تكثيف الضغوط ضد طهران. وفي نفس الوقت رأت ان واشنطن تتصرف بما لا يتوافق مع ما تقوله لجهة استراتيجيتها في محاربة الارهاب، بحيث تصطف مع طرف في “صراع طائفي” (وفق تعبير المجموعة).

 

العهد

قد يعجبك ايضا