أمريكا خططت وشاركت في العدوان الإسرائيلي على قطر لتحقيق هذه الأهداف
أمريكا خططت وشاركت في العدوان الإسرائيلي على قطر لتحقيق هذه الأهداف الابتزازية لدول الخليج.. ولماذا جاءت نتائج قمة الدوحة العربية الإسلامية أسوأ مما توقعنا بكثير؟
عبد الباري عطوان
الدليل الأبرز على “نجاح” قمة قطر العربية الإسلامية التي حضرها ما يقرب من 57 ملك ورئيس وأمير دولة، لبحث كيفية الرد على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الدولة المضيفة، ان دولة الاحتلال المعتدية قامت بعد ساعات محدودة من انتهاء أعمالها، بشن هجوم شامل على قطاع غزة بهدف احتلاله، والهجوم على ميناء الحديدة في العاصمة اليمنية صنعاء بعد ظهر اليوم الثلاثاء.
البيان الختامي للقمة جاء أسوأ، وأكثر استسلاما مما توقعه الكثيرون، ونحن من بينهم، لأنه جاء بلا مخالب ولا أنياب، وتم ذكر العدوان والدولة التي شنته على استحياء شديد، الامر الذي سيشجع المعتدي على تكرار هجماته وربما بوتيرة أكبر وأكثر خطورة في ظل غياب أي نوايا لردعه.
ما يجعلنا نصل الى هذه النتيجة، التصريحات التي أدلى بها ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكي الذي طار على عجل الى تل ابيب، واكد في مؤتمر صحافي عقده في ختام مباحثاته مع بنيامين نتنياهو دعم بلاده الكامل للكيان الإسرائيلي، في هجوم جيشه الموسع لاحتلال قطاع غزة، وتحقيق كل الأهداف المرجوة، وعلى رأسها القضاء على المقاومة بزعامة كتائب القسام، وتهجير مليونين ونصف المليون من أهله (القطاع) هذا اذا بقوا على قيد الحياة في ظل تصعيد حرب الإبادة والتجويع.
ما يجعلنا على ثقة بأن الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب ليس على علم مسبق بهذا العدوان على دولة قطر فقط وانما مشارك فيه بدور كبير أيضا، وكل ما قيل عن عدم علم الرئيس الأمريكي به كان كذبا وخداعا، وجرى التخطيط للعدوان منذ أشهر، وعلى دولة توجد فيها أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط (العيديد)، وتتمتع بتصنيف الدولة الحليفة لحلف الناتو، والصديقة جدا لواشنطن.
ما يؤكد هذه الفرضية، ما ورد على لسان الوزير روبيو في مؤتمره الصحافي في القدس المحتلة عندما قال وننقل هنا حرفيا “ان هذا الهجوم الإسرائيلي على قطر يعجل بضرورة توقيع معاهدة دفاع بين قطر وامريكا قريبا جدا”.
نشرح أكثر ونقول ان أمريكا دعمت هذا الهجوم، ووفرت له الغطاء للوصول الى هذه المعاهدة، ليس مع دولة قطر، وانما مع الدول الخليجية الأخرى، مقابل مردود مالي ضخم جدا.
بمعنى آخر، الرئيس ترامب صديق العرب، ودول الخليج بالذات، لم يكتف بالخمسة تريليونات التي جمعها اثناء زيارته القصيرة جدا لثلاث دول خليجية (السعودية الامارات قطر)، وقال انها ثمن الحماية التي تقدمها أمريكا الى هذه الدول، فلا منّة منها، ولا يكتفي بوجود قواعد عسكرية أمريكية جرى دفع تكاليف اقامتها واحتياجاتها المالية من الدول المضيفة، وثبت ان هدفها، بعد العدوان على قطر، ليس حماية هذه الدول، بل حماية إسرائيل، وقصف أي دولة عربية او إسلامية “تفكر” مجرد التفكير، بشن هجوم عليها، وحلب المزيد من التريليونات والمليارات من خزائنها المتضخمة بعوائد الغاز والنفط.
وربما يفيد التذكير ان هذا الابتزاز الأمريكي بلا حدود، ولا يقتصر على إجبار الدول الخليجية بدفع الجزية، وثمن الحماية، وانما يتمثل أيضا في صفقات الأسلحة التي تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، ويكفي الإشارة الى ان دولة قطر تحتل المكانة الرابعة كمستورد للأسلحة الامريكية بعد الهند وأوكرانيا والسعودية، وجرى اغلاق كل شفرات الرادارات والصواريخ قبل وصول الطائرات الإسرائيلية المهاجمة.
الرد على هذا العدو الإسرائيلي ومخططاته لا يحتاج الى تأسيس “ناتو إسلامي”، وانما الى الإرادة والايمان، فها هو اليمن يقصف إسرائيل يوميا بالصواريخ الفرط صوتية والانشطارية الرؤوس والمسيّرات، دون هذا الناتو الإسلامي، او مساعدة أي دولة عربية، والشيء نفسه فعلته أفغانستان عندما قاومت الاحتلال الأمريكي ودول حلف الناتو، وفعلته وتفعله المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم تمنعها حرب الإبادة والتجويع من الاستسلام ورفع الرايات البيضاء، وتسليم الاسرى الإسرائيليين دون مقابل.
نحن على ثقة بنهوض هذه الأمة من غفوتها، والتصدي لهذا العدوان الثنائي الأمريكي الإسرائيلي، و”إسرائيله الكبرى”، ولكن ليس بزعامة هذه القيادات التي شاركت في قمة الدوحة المخيبة للآمال، وانما بزعامة قيادات جديدة، عربية وإسلامية شابة ومؤمنة، ومن رحم الشعوب ومعاناتها، فمن العار ان تهزم دولة مارقة لا يزيد عدد مستوطنيها عن 6 ملايين شخص اكثر من ملياري مسلم، او ثلث سكان العالم تقريبا، فعندما تغلق صواريخ اليمن ومسيّراته المطارين الوحيدين الإسرائيليين (رامون وبن غوريون) معظم أيام العامين الماضيين، وتجبر اكثر من سبعة ملايين مستوطن للعيش في الملاجئ وانفاق القطارات في حالة من الرعب غير مسبوقة، وعندما تصمد كتائب القسام المحاصرة المجوعة ومعها سرايا القدس اكثر من 23 شهرا لم تتوقف عن المقاومة ومواجهة الجيش الإسرائيلي الإرهابي يوما واحدا، وما زالت تصّنع الأسلحة والذخائر، ويفشل العدو في الوصول الى انفاقها ومقر قيادتها، ومصانع أسلحتها الذاتية فيها، فهذا ما يدفعنا الى التفاؤل، وهذه أيام يتداولها الناس، فيوم لك ويوم عليك، والأيام القادمة ستكون أيامنا بإذن الله، مثلما قال سيد الشهداء حسن نصر الله في خطابه الأخير.. والأيام بيننا.