عندما يهزم الإيمانُ أحدثَ الأسلحة

فهد شاكر أبوراس

بكل ثقة ويقين، نقولها للعالم أجمع: هذا الكيان الصهيوني الغاصب، برغم كُـلّ ما يملكه، برغم كُـلّ الدعم الذي يتلقاه، سيُهزم بإذن الله تعالى، وستُحقن الدماء، وتُحرّر الأرض المقدسة، وترتفع راية الحق عالية خفاقة.

نعلمُ جيِّدًا أننا نعيشُ في واقع تعصف به العواصف وتتصارع فيه القوى، واقع يظهر للعيان أن موازين القوى المادية مائلة بشدة ضدنا.

والكيان الغاصب المدعو احتلاليًّا “إسرائيل” لا تمثل قوتُه العسكرية الفتاكة سوى وجه واحد من أوجه التفوق الظاهر، فهو يعتمد على ترسانة هائلة من أحدث الأسلحة: من الصواريخ المتطورة إلى القبة الحديدية التي تحاول صد الحجارة، ومن طائراتF-35 الشبحية التي تخترق الأجواء إلى الغواصات النووية، وهو مدعومٌ بلا تردّد أَو تحفظ من قبل أقوى القوى على وجه الأرض -الولايات المتحدة- التي تمده بالمال والسلاح والدعم السياسي في المحافل الدولية، دون أن ننسى الدعم الأُورُوبي المتواصل والتطبيع الخانق من بعض الأنظمة العربية، الذي منحه غطاءً إقليميًّا مزيَّفًا.

هذه الصورة قد تثبط العزائم وتبعث على اليأس لو كانت الموازين تقاس بالماديات وحدها، ولكننا نؤمن بأن المعادلة مختلفة تمامًا، وأن حساب القوة لا يقوم على مُجَـرّد الحديد والنار، بل هناك متغير أسمى وأعظم، متغير يغفله الكثيرون وينكره المستكبرون: إنه متغير القوة الإلهية. نعم، بقوة الله سننتصر؛ ليسَ لأَنَّنا قوة مادية معادلة؛ بل لأَنَّنا نتوكل على القوي العزيز الذي لا يُهزم.

وهذه ليست المرة الأولى التي نواجه فيها طغيانًا يمتلك من الإمْكَانيات ما يفوقنا بمئات المرات. ألم يكن تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي الذي اجتاح بلادنا يحظى بكل مقومات النصر المادي؟!

لقد أمطرونا بوابلٍ من القنابل -أغلبها محرَّمةٌ دوليًّا- وحاصرُوا شعبنا برًّا وبحرًا وجوًّا، وقطعوا الطعام والدواء، واستخدموا أحدث تقنيات المراقبة والاستخبارات، وكانت خزائنهم لا تنضب، بينما كنا نحن نعاني من الفقر والحصار، ندفع من قوت أطفالنا ثمنًا للدفاع عن أنفسنا. كنا نرميهم بما تيسر من صواريخ بدائية صنعتها أيادٍ يمنية في ورشات بسيطة، بينما كانت طائراتهم من أحدث ما أنتجته مصانع البنتاغون وأُورُوبا. ومع ذلك، هُزموا، نعم هُزموا شرَّ هزيمة. لماذا؟!

لأنهم قاتلوا بأسلحة باطلة مدعومة بأحقاد عمياء، وقاتلنا بإيمان راسخ وعزيمة صلبة وتوكل على الله، فانكسرت هيبتهم، وتهاوت أساطيرهم، وخرجوا من مستنقعهم المهين ذليلين خاسرين، بعد أن أيقنوا أنهم لا يحاربون بشرًا فحسب، بل يحاربون قوة لا تقهر: قوة المؤمنين المتوكلين على رب العالمين.

مشهد معاركنا في البحر الأحمر وباب المندب ضد التحالف الأمريكي البريطاني العتيد خيرُ شاهد على هذه الحقيقة. من يتذكر جولتيهم الأولى والثانية؟! كيف أنهم جاءوا بحاملات طائراتهم العملاقة التي توصف بأنها “دول عائمة”، وجاءوا بمدمّـراتهم المجهزة بأحدث الصواريخ، وبغواصاتهم النووية، وبطائراتهم الشبحية من نوعB-2 التي تكلف مليارات الدولارات، وطائراتB-52 الثقيلة التي كانت تملأ الأفق. كانوا يظنون أنهم سيحسمون المعركة في ساعات، وأن قوتهم سترغمنا على الخنوع والاستسلام. ولكن ماذا حدث؟!

لقد رأيتم بأعينكم كيف تحولت تلك القوة الهائلة إلى رمز للعجز، وكيف أننا أصبنا سفنهم وطائراتهم بصواريخ كنا نصنعها بإمْكَانيات متواضعة، وكيف أجبرناهم على التراجع والفرار، وكيف أصبحت أعتى قوة بحرية في العالم عاجزة عن تأمين سفنها وقطعها الحربية. كُـلّ ذلك ليس لأَنَّ صواريخنا كانت أعتى من صواريخهم؛ بل لأَنَّ الله كان معنا، وكنا ندافع عن حقنا، عن أرضنا، عن كرامتنا، وعن مقدسات أمتنا وقضايا الأُمَّــة المركزية. وكانت معنويات مقاتلينا -المؤمنين بلقاء الله والواثقين بنصره- هي السلاح الحقيقي الذي حطم غرورهم وأفشل خططهم.

إن فلسفتنا في المواجهة والقتال لا تقوم على معادلة القوة المادية وحدها. ونحن لا نقلل من شأن الإعداد، فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه بقوله:

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60].

نحن نطيع الأمر: نعد ما نستطيع، نطور قدراتنا، نبتكر أساليبنا، نصنع أسلحتنا؛ لأَنَّ هذا هو السبب المادي الذي يجب أن نتمسك به. ولكننا في اللحظة الحاسمة، في ساحة المعركة، لا نعتمد على هذا السبب. لا نعلق آمالنا على نوعية الصواريخ أَو عدد الطائرات. اعتمادنا الأول والأخير، وركيزتنا التي لا تهتز، هو على قوة الله وحده، على توكلنا عليه، على ثقتنا المطلقة بنصره.

وهكذا، وبكل ثقة ويقين، نقولها للعالم أجمع: هذا الكيان الصهيوني الغاصب، برغم كُـلّ ما يملكه، برغم كُـلّ الدعم الذي يتلقاه، سيُهزم بإذن الله تعالى، وستُحقن الدماء، وتُحرّر الأرض المقدسة، وترتفع راية الحق عالية خفاقة. وسيندم كُـلّ من ارتجز لنا الشر، وساخر منا، وخان قضيته، وساند الباطل، سواءٌ أكان من أعدائنا المعلنين أَو من المتخاذلين. وسيأتي يوم يرى فيه الجميع أن حساب القوة لم يكن أبدًا بما تملكه من حديد، بل بقوة الإيمان التي تحملها في قلبك، بقوة الاتصال بالله، بقوة اليقين بأن النصر من عنده وحده.

فإلى كُـلّ صامد، إلى كُـلّ مجاهد، إلى كُـلّ مؤمن: ثِق بوعد الله، فَـإنَّ كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى. والله عزيز حكيم.

 

الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام

قد يعجبك ايضا