‏(إسرائيل الكُبرى).. العرب يوقّعون والاحتلال يتمدّد

رهيب التبعي

نتنياهو لا يحلم.. هو ينفّذ. و”إسرائيل الكبرى” ليست تصريحًا، بل مشروع يجري بناؤه الآن، وبأيدٍ عربية قبل الإسرائيلية.

يدينون كلامه علنًا، ويطالبون بنزع سلاح لبنان، ويسلّمون سوريا، ويقيمون له “نيوم” على أبواب الحجاز.

الخيانة لم تعد تهمة.. صارت سياسة رسمية، والمطبعون شركاء في رسم حدود الاحتلال الجديد.

لا حاجة لنتنياهو أن يبذل جهدًا لإقناع العالم بمشروع “إسرائيل الكبرى”، فالعرب – أَو من يتصدرون المشهد باسمهم – يقومون بالمهمة على أكمل وجه. يخرجون أمام الكاميرات ليُدينوا تصريحاته، ثم يعودون إلى مكاتبهم ليوقعوا العقود، ويرسموا الخرائط، ويهدموا ما تبقى من حصون الأُمَّــة.

يدينون “إسرائيل الكبرى” لفظًا، ويطالبون في الوقت ذاته أن يكون لبنان منزوع السلاح، ويسلمون له سوريا قطعة قطعة، ويغضّون الطرف عن ابتلاع فلسطين، ويبنون له مشاريع عملاقة مثل “نيوم” وكأنها هدية مجانية في سبيل تتويج حلمه التوسعي.

المسألة لم تعد مشروعًا إسرائيليًّا يُخطط له في تل أبيب فقط، بل مشروعًا عربيًا–إسرائيليًّا مشتركًا: العرب يفرغون الساحات من المقاومة، ويقمعون كُـلّ صوت يرفض الاحتلال، ويمهّدون الطريق اقتصاديًّا وسياسيًّا وثقافيًّا، بينما الاحتلال يحصد الثمار.

هذا ليس غباءً سياسيًّا ولا “حُسن نية” كما يحاولون إيهامنا، بل خيانة واضحة المعالم، موثقة بالأفعال قبل الأقوال. وما أخشاه أن نصحو ذات صباح، فنجد أن “إسرائيل الكبرى” لم تعد فكرة على الورق، بل واقعًا مرسومًا على الخرائط، بحدود جديدة، وجيوش عربية تحرسه بدلًا عن أن تحاربه.

التاريخ لن يرحم. سيكتب أن مشروع الاحتلال اكتمل ليس بفضل قوته، بل بفضل خنوع بعض من كان يفترض أن يكونوا خصومه. وحينها، لن يكون السؤال: كيف توسعت إسرائيل؟ بل: من الذي مهد لها الطريق وباع الأرض بثمن بخس؟

قد يعجبك ايضا