الأمم المتحدة.. سجل أسود من التجسس والفساد والاستغلال الجنسي من هايتي إلى اليمن

من “النفط مقابل الغذاء” إلى اتهامات صنعاء الأخيرة.. هل أصبحت المنظمة الدولية أداة للاختراق والهيمنة؟

النفط مقابل التجسس: هل تستغل الأمم المتحدة العمل الإنساني كغطاء استخباراتي؟

60 ألف اغتصاب خلال عقد.. الأمم المتحدة في قلب فضيحة أخلاقية بلا نهاية

ردة فعل غاضبة دون دليل؟.. الأمم المتحدة تنفي اتهامات اليمن قبل فحص الأدلة

من البوسنة إلى صنعاء.. كيف تحولت الأمم المتحدة من حامية للسلام إلى شريكة في الفساد؟

الحقيقة ـ جميل الحاج

فيما سارعت الأمم المتحدة إلى نفي اتهامات وجهتها الحكومة اليمنية بصنعاء تتعلق بتورط موظفين أمميين في أنشطة تجسسية واختراق للأمن القومي، أعاد الموقف الأممي إلى الواجهة تاريخًا معقدًا ومثيرًا للجدل عن تورط مسؤولين وموظفين تابعين للمنظمة في قضايا تتراوح بين الفساد، التجسس، التواطؤ في الصراعات، وحتى الاستغلال الجنسي للأطفال والنساء في الدول المنكوبة.

اليمن لم توجه اتهامات مرسلة، بل تحدثت عن “أدلة دامغة” وأجهزة اتصالات متطورة تم ضبطها بحوزة خلية عاملة في برامج أممية، ما يضع الأمم المتحدة أمام مساءلة أخلاقية وسياسية، خاصة في ظل تاريخ مليء بالشواهد الخطيرة.

التجسس والتدخل السياسي: من هايتي إلى اليمن

في هايتي (2010)، أدّى تدخل الأمم المتحدة عقب انقلاب سياسي إلى كارثة صحية. قوات حفظ السلام النيبالية نشرت الكوليرا وأودت بحياة أكثر من 9300 شخص. لم تعترف المنظمة بمسؤوليتها القانونية.

وفي اليمن (2024)، أعلنت صنعاء عن ضبط خلية تجسسية مرتبطة ببرامج الأمم المتحدة (الغذاء واليونيسف) وبحوزتها أجهزة اتصالات تُستخدم عادة في عمليات استخباراتية، ما يشير إلى انحراف خطير عن العمل الإنساني.

الرد الأممي جاء سريعا بالنفي، دون الاطلاع على الأدلة أو التواصل مع الحكومة اليمنية، ما اعتبره مراقبون تصرفا سياسيا يفتقر للحياد المطلوب من منظمة أممية.

الفساد المالي: برنامج النفط مقابل الغذاء نموذجًا

يعد برنامج “النفط مقابل الغذاء” في العراق أكبر فضيحة فساد في تاريخ الأمم المتحدة.

 

تورط مسؤولون أمميون، بينهم مقربون من الأمين العام السابق كوفي عنان، في تلقي رشاوى وتسريب العقود.

تقرير الكونغرس الأمريكي كشف تقاسم المليارات بين مسؤولين دوليين ونظام صدام حسين وشركات عالمية.

الفضيحة تحولت إلى فيلم سينمائي شهير بعنوان: Backstabbing for Beginners.

تواطؤ مع جرائم الحرب: مذابح البلقان

في سربرنيتشا 1995، وقف جنود حفظ السلام الهولنديون التابعون للأمم المتحدة متفرجين على مذبحة ارتكبتها القوات الصربية بحق أكثر من 7500 مسلم.

المدينة كانت ضمن “الجيوب الآمنة” التي أعلنتها الأمم المتحدة.

ورغم التحذيرات، لم يتدخل الجنود لمنع الإبادة، مما شكّل وصمة في تاريخ المنظمة.

فساد إداري وتوظيفي في اليمن

عام 2019، كشفت وكالة “أسوشيتد برس” تورط موظفين في برنامج الغذاء العالمي بسرقة مساعدات وتحويل الأموال لحساباتهم الخاصة.

التحقيقات الأممية أشارت إلى عقود وهمية، وشراء مناصب، واختفاء مواد طبية وغذائية.

موظفون سابقون أكدوا أن البرنامج كان يستخدم كغطاء لتعيين مقربين، لا علاقة لهم بالمجال الإنساني.

شبكات تجارة الجنس والأعضاء: المنظمة “الإنسانية” في وجهها المظلم

تقارير صادمة نشرتها صحيفة التايمز البريطانية وثقت:

60 ألف حالة اغتصاب خلال عقد من الزمان ارتكبها موظفون أمميون.

تجارة الجنس في مناطق النزاع مثل البوسنة، كوسوفو، وهايتي.

تورط مسؤولين في تهريب أطفال واستغلالهم جنسيا في مقابل الغذاء أو المال، خاصة في إفريقيا (سيراليون، ليبيريا، الكونغو، السودان، ساحل العاج، إفريقيا الوسطى).

تقرير أممي داخلي كشف وجود 3300 موظف أممي مصنفين كمولعين بالأطفال وذوي سوابق في استغلالهم.

اليمن مجددًا: هل تصطدم المنظمة بـ”خط أحمر سيادي”؟

صنعاء تؤكد أن ما جرى في أغسطس 2024 ليس “حادثة فردية”، بل عملية منظمة لاستخدام برامج الأمم المتحدة كغطاء لاختراق أمني وتجسسي.

الخارجية اليمنية أكدت أن إجراءاتها تحت مظلة اتفاقية فيينا التي تنظم عمل البعثات الدبلوماسية، وأن الأمن القومي ليس خاضعًا للحصانة.

بيان المتحدث الأممي ستيفان دوجاريك بدا وكأنه تجاوز الاتفاقية الدولية، وهو ما فسر بأنه محاولة لدفن الفضيحة مبكرًا.

ما وراء “العمل الإنساني”.. ستار يخفي أجندات؟

أسئلة مشروعة تُطرح اليوم في ظل تضخم الأدلة:

لماذا تحتاج منظمات أممية لأجهزة اتصال متطورة تُستخدم في مهام استخباراتية؟

هل هناك تنسيق مع أطراف خارجية معادية لليمن؟

لماذا رفضت الأمم المتحدة مجرد طلب التحقيق أو الاطلاع على الأدلة التي قدمتها صنعاء؟

هذه الأسئلة تكشف أن “العمل الإنساني” قد يكون في بعض الحالات ستارًا لأنشطة لا علاقة لها بالحياد ولا بالإنسانية.

أن تاريخ الأمم المتحدة من البلقان إلى العراق، ومن هايتي إلى اليمن، يشير إلى خلل بنيوي وأخلاقي في إدارة البعثات والبرامج.

الاتهامات اليمنية اليوم ليست استثناء، بل امتداد لتاريخ طويل من الفساد، التجسس، الاستغلال، والتدخل في سيادة الدول.

رفض المنظمة الاتهامات دون تحقيق شفاف قد ينقلها من خانة الضحية إلى خانة المتورط والشريك، ويقوّض الثقة العالمية فيها.

الحاجة اليوم ليست فقط لمحاسبة الأفراد، بل إلى إصلاح جذري في تركيبة المنظمة الدولية وآليات الرقابة والشفافية، إذا أرادت أن تستعيد دورها الحقيقي كحارس للسلام وحقوق الإنسان.

قد يعجبك ايضا