الشيخ قاسم : إيران ثبتت موقعها الإقليمي والدولي من دون تنازل عن مبادئها وخيارنا العمل لتحرير الأرض واستقلال وبناء لبنان
أكد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أنّ الجمهورية الإسلامية في إيران “واجهت عدواناً إسرائيلياً أميركياً عالمياً، قام على الزور، بادعاءات لا محل لها على الإطلاق”.
وأشار إلى أنّ الجمهورية الإسلامية، التي انطلقت “عزيزة منذ 46 عاماً”، استطاعت أن تُحدث تغييراً كبيراً على مستوى المنطقة والعالم، مشدداً على أن “الهدف المركزي لـ”إسرائيل” وأميركا، هو “ضرب أي قدرة مستقلة داعمة للمقاومة في منطقتنا، وأي اتجاه يسعى إلى تحرير فلسطين”.
وأضاف أن “ذنب إيران الكبير جداً، أنها دعمت فلسطين والقدس والفلسطينيين لتحرير أرضهم المحتلة”، موضحاً أن “إسرائيل هاجمت إيران كجزء من مشروعها التوسعي”.
وأكد الشيخ قاسم أنّ “إيران بعد الحرب مثل إيران قبلها بل أشد، وهي سند للمقاومة”، مضيفاً أن الجمهورية الإسلامية “ثبّتت موقعها الإقليمي والدولي بقناعاتها وخياراتها، ولم تتنازل عن شيء أبداً”.
ولفت إلى أنّ الكيان الإسرائيلي أثبت مجدداً عجزه عن الاستمرار يوماً واحداً من دون الدعم الأميركي المتواصل ليل نهار، مشيراً إلى أنّ إيران أثبتت قدرتها على مواجهة “الطاغوت العالمي أميركا”، ومعها “إسرائيل” والدعم الأوروبي بنسبة كبيرة.
وأوضح الشيخ قاسم أنّ الجمهورية الإسلامية أفشلت أهداف العدوان الثلاثة، وهي: وقف تخصيب اليورانيوم، وضرب البرنامج الصاروخي، وإسقاط النظام.
وفي الشأن اللبناني، قال: “نحن في لبنان، كحزب الله، مع خيارات إيران الاستقلالية، وضد الاحتلال والهيمنة الأميركية”، مشدداً على أن “الخضوع للإملاءات أو الاستسلام مرفوض، ونريد وطننا عزيزاً لأجيالنا، وسنقاوم من أجل ذلك مهما بلغت التضحيات”.
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة الأولى من شهر محرم الحرام 1447 هـ 26-06-2025:
في ما يلي النص الكامل لكلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الليلة الأولى من شهر محرم الحرام 1447 هـ 26-06-2025، والتي ألقاها في المجلس العاشورائي المركزي الذي أقامه حزب الله في مجمع سيد الشهداء (ع) بالضاحية الجنوبية لبيروت:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليكم منّي سلامُ الله أبدًا ما بقيتُ وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد منّي لزيارتكم.
السلام على الحسين، وعلى عليّ بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نُحيي الليلة الأولى من عاشوراء لهذا العام، الأول من محرّم الحرام.
لماذا نحيي عاشوراء؟ لأننا نريد أن نعود إلى الأصالة، ونتعرّف على أسس إحياء الدين في حياة الناس.
نُحيي عاشوراء لنعود إلى الجذور التي أدّت إلى أن نكون مع عاشوراء، وأن تكون عاشوراء قدوة لنا.
ذكرى الإمام الحسين عودة إلى الجذور
كيف نبدأ؟ نبدأ من الفطرة. هذا الإنسان مفطور من الله تعالى على مجموعة من الخصائص، مفطور من الله تعالى أن يكون متعلّقًا بالله تعالى، قريبًا من السماء. هذا الإنسان يحتاج إلى موجّه لحياته، لأنّ اليوم كلّ واحد منّا سيختار خيارًا معيّنًا في حياته: خيار ثقافي، خيار اجتماعي، خيار أخلاقي، خيار له علاقة بإدارة الحياة، خيار له علاقة بالتطلّعات. هذا كلّه عبارة عن خيارات تُشكّل مبدأً متكاملاً مع تشريع متكامل، حتى تكون حياة الإنسان مستقيمة وسعيدة وصالحة.
من الأقدر على أن يحدّد لنا منهج حياتنا؟ الله تعالى الذي خلقنا وسوّانا، ويعرف ما نحن عليه، هو الأقدر على أن يصمّم مشروع حياتنا، وأن يضع لنا التشريع المناسب.
قال تعالى في كتابه العزيز: “فطرةَ اللهِ التي فطرَ الناسَ عليها، فأقِم وجهكَ للدينِ حنيفًا، فطرةَ اللهِ التي فطرَ الناسَ عليها، لا تبديلَ لخلقِ الله، ذلك الدينُ القيّمُ ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
المشكلة في الجهل، لأنّ ربّ العالمين الذي خلقنا وضع لنا هذا الدستور، وضع لنا هذا التشريع، وأرسل إلينا الأنبياء ليُعلّمونا، ليُربّونا، ليُعرّفونا على حياتنا المستقيمة السعيدة الصالحة، وهذا منسجم مع فطرة الإنسان.
إذًا، نبدأ من هنا. هذا الدين الذي شرّعه الله تعالى منسجم مع فطرة الإنسان، وهو لمصلحة الإنسان، حتى تكون حياته حياة سعيدة.
كيف يصل إلينا هذا التشريع؟
لا بدّ من رسول. أرسل لنا الأنبياء، وأرسل خاتمهم محمدًا صلى الله عليه وآله وسلّم، بهذه الشريعة السمحاء التي تُضيء معالم حياتنا وتُعرّفنا على الحقائق.
قال تعالى: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”، لماذا؟ لأنّه “وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يُوحى”.
إذًا، نأخذ الرسالة من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، على قاعدة أنّه يُبلّغنا عن الله تعالى، حتى نكون في إطار التشريع الذي يُصلح حياتنا.
الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم قال: “الشريعة أقوالي، والطريقة أحوالي”.
هذه الشريعة يُعبّر عنها بأقواله، بمواقفه، بما نقله إلينا من القرآن الكريم، ومن خلال سلوكه العملي نتعلّم كيف نُمارس حياتنا، وكيف نُطبّق هذه الشريعة.
هناك سلسلة لا بدّ أن تكون بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم لتتابع مسيرة إيصال الشريعة إلى الناس، وفي قناعتنا أنّها سلسلة الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، بدأت بأمير المؤمنين علي عليه السلام وتنتهي بالإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف. هذه السلسلة التي تتابع مسار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان لها محطة هامة وأساسية ترتبط بالإمام الحسين صلى الله تعالى عليه.
كيف عرفنا أنّ هذه السلسلة هي المطلوبة؟ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدًا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض”.
من هم أهل البيت؟ يبدأون بأمير المؤمنين علي عليه السلام وتتتابع المسيرة، وكانت المحطة الحساسة والأساسية لإصلاح الدين في مرحلة زمنية صعبة ومعقّدة، وكاد الانحراف يصل إلى أقصاه، كانت على يد الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “حسين مني وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسينًا”.
الله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلّغنا الشريعة، وناب عنه بعد ذلك كأئمة معصومين الأئمة الذين نحتفي اليوم ونتعرّف اليوم على شخصيته وعطاءاته وتضحياته العظيمة الإمام الحسين عليه السلام الذي هو من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالولادة، وبالتوجيه، وبالفكر، وبالقناعات، وبالإيمان، وبالالتزام. من أراد أن يحافظ على استقامته في الشريعة المقدسة عليه أن يكون مع الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه.
إذًا نحن نُحيي ذكرى الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه من أجل أن نعود إلى الجذور وإلى الأصول، ونرى سلوكه العملي من أجل أن نتعلم منه كيف نتخذ المواقف في الحالات الصعبة والمعقّدة والتي تحتاج إلى خيار حاسم.
ما الذي حصل مع الإمام الحسين عليه السلام؟ كان في المدينة المنوّرة وقد تسلّم يزيد الخلافة بعد معاوية بالملك، وهو فاسد فاسق لا يستحق أن يكون على رأس المسلمين وعلى قيادة المسلمين، ومع ذلك كلّف الخليفة واليه على المدينة الوليد بن عتبة أن يأخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام، يعني أن يقرّ الإمام الحسين عليه السلام بأن يزيد هو الخليفة، وأنه مطاع، وبذلك يأخذ شرعية لحكمه ويضلّل المسلمون أكثر فأكثر، لماذا؟ لأنّه إمام بهذا المستوى، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سيد شباب أهل الجنة، في نظر الكثيرين أنه الإمام المعصوم، فإذا عندما يقول نعم لخلافة يزيد، نعم لقيادة يزيد، يعني أنّ سلوك يزيد وأداءه صحيح، وبالتالي هذا يبدأ بتثبيت الانحراف بشكل مركزي، ليس في الفكر فقط وإنما بالسلوك، وهذا يوصل الإسلام إلى الأجيال القادمة بطريقة منحرفة وخاطئة.
لم يقبل الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه أن يعطي البيعة، وقال في هذا المجلس الذي كان فيه مروان بن الحكم، والذي كان يحرّض على أخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام أو قتله، الإمام الحسين عليه السلام كان صلبًا واضحًا: “إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب للخمر، قاتل للنفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله”. لا يمكن أن يعطيه البيعة، لأنه إذا أعطاه البيعة، معنى ذلك أنه أعطى براءة للانحراف، وسينعكس هذا على كل المشروع الإسلامي في الحاضر وعبر الأجيال.
ترك الإمام الحسين عليه السلام المدينة المنوّرة بعد هذا الموقف مع الوالي، ولكنه كتب رسالة إلى أخيه محمد بن الحنفية. طبعًا أنا لفتني أن هذه الرسالة واضح أن الإمام الحسين عليه السلام يريد أن يترك وثيقة للتاريخ. ماذا كتب في الرسالة إلى محمد بن الحنفية، إلى أخيه، قبل أن يخرج إلى مكة المكرمة؟ قال: “وإني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ عليّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين”.
يعني أنا عندي وظيفة، عندي موقف، عندي دور قيادي. عند الإمام الحسين عليه السلام دور قيادي تربوي أساسي له علاقة بالمستقبل: “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم”. يريد الإصلاح. إذا أعطى البيعة ليزيد، ذهبت معالم الإسلام إلى الانحدار. إذا رفض البيعة ليزيد، هذا يعني أنه ثبّت قيادته، وبدأ بالعمل من أجل أن يزيح هذا الطاغية، ومن أجل أن يصل إلى أن يكون الإسلام هو الحَكم بحسب ما ورد عن الله تعالى وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإذًا هو كان يهدف إلى الإصلاح في الدين، هذا هو الهدف المركزي الأساسي.
مدرسة الإمام الحسين (ع)
الإمام زين العابدين سلام الله تعالى عليه، في دعاء مكارم الأخلاق، عنده لفتة توجيهية في الدعاء، وكل دعاء مكارم الأخلاق مدرسة كاملة لبنيان الشخصية. أنا دائمًا أقول لإخواني إن دعاء مكارم الأخلاق يمسك كل مفصل من مفاصل الإنسان، من عقله إلى روحه إلى قلبه إلى جوارحه إلى كذا، ويضع له التوجيه المناسب. ماذا يقول الإمام زين العابدين سلام الله تعالى عليه في دعاء مكارم الأخلاق؟ “اللهم وانطقني بالحق، اللهم وانطقني بالهدى، وألهمني التقوى، ووفقني للتي هي أزكى، واستعملني بما هو أرضى، اللهم اسلك بي الطريقة المثلى، واجعلني على ملّتك أموت وأحيا”. هذا الدعاء يرسم الطريقة التي يجب أن نفكر بها. علينا أن نفكر بالاستقامة، أن نفكر بالصلاح. الإمام الحسين عليه السلام ماذا قال؟ “إنما خرجت لطلب الإصلاح”، الهدف الإصلاح. إذا كنت أريد أن أحقق الإصلاح في حياتي وفي حياة الأمة، عليّ أن أناجي الله عز وجل ليساعدني حتى أتخذ الموقف الصحيح، لأننا سنواجه تحديات، سنواجه صعوبات، سنواجه تعقيدات، ومرات تصل إلى القتل. ماذا يفعل الإنسان من أجل تثبيت معالم الحق؟ هنا الدعاء للإمام زين العابدين عليه السلام الطلب من الله عز وجل أن يساعده ويسدّده من أجل أن يسلك الطريقة المثلى، التي هي إقامة الحق وإقامة الدين.
هنا يجب أن نلتفت إلى مسألة مهمة، كيف نقارب مواقفنا في الحياة الدنيا؟ هو نموذج الإمام الحسين عليه السلام نموذج للمواقف في المحطات الصعبة خاصة، هناك طريقتين لمقاربة المواقف: هناك من يقارب المواقف تحت عنوان ما يعتقد أنه قد يؤدي به إلى الضرر، وهناك من يقارب المواقف تحت عنوان الثبات على الموقف الصحيح. علّمنا الإمام الحسين عليه السلام أن تكون مواقفنا قائمة على الثبات على الطريق الصحيح، حتى ولو كلفتنا، خاصة عندما نتمكن من اتخاذ موقف يؤدي إلى آثار إيجابية ويحقق نتائج إيجابية. لأنه في يوم من الأيام، كان الإمام الحسين عليه السلام مع الإمام الحسن عليه السلام، فلم يقف في وجه معاوية، ولم يقم بثورة، بل التزم بأمر الإمام الحسن عليه السلام، الذي كان الإمام المعصوم، وبالتالي كان مقتنعًا تمامًا أن المرحلة مع معاوية تتطلب السكون، لماذا؟ لأنه لم يبلغ الأمر إلى درجة يصبح فيها التحرك ضروريًا، لم يكن التحرك ليؤدي إلى انعطافة في حياة المسلمين.
بينما مع يزيد، لا، الانعطافة في حياة المسلمين حصلت بالموقف الشجاع العظيم النبيل الاستشهادي الذي قام به الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه.
من هنا، لدينا قاعدة، لا نقارب مواقفنا بالهروب من المسؤولية وتوهم المحافظة على الحياة، الحياة بيد الله. بل نقارب مواقفنا بعدم الخضوع، وتحمل المسؤولية، والاستفادة من الإمكانات المتاحة. هكذا يجب أن تكون مواقفنا، هكذا علمنا الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، حتى لا نناقش في كل قضية: “نواجه أم لا نواجه؟”، لا، هذه مقومات الوقفة، مقومات الصلاح، مقومات الاستقامة، مقومات مواجهة الخطر، الذي لن يبقى خطرًا علينا فقط، بل سيصبح خطرًا على الأجيال القادمة أيضًا، كما حصل مع الإمام الحسين عليه السلام.
في هذه الحالة، ما المطلوب؟ هل المطلوب أن يتحرك الإنسان فقط إذا كان سيربح وينتصر ويحقق المطلوب؟ وإذا لم تكن هناك إمكانية لتحقيق النصر المؤزر الكبير المطلق، ينسحب؟ لا ليس هكذا، مدرسة الإمام الحسين عليه السلام مدرسته مختلفة عن مدرسة أولئك الذين يبحثون عن الحياة بالمذلة والخضوع، وبنهاية المطاف لن يحصلوا عليها. نحن جماعة نؤمن أن الأجل بيد الله تعالى. هل يظن هذا الإنسان الذي يعيش ذليلًا ويقبل أن يستسلم، فإنه في النهاية سيحمي نفسه، ويحمي حياته؟ لا، حياتك إن بقيت، فليس لأنك استسلمت، بل لأن الله أبقاها لك لأنه لم يأتِ أجلك، “فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون”. ومن يُستشهد أيضًا، يُستشهد في سبيل الله تعالى، ليس لأنه ذهب إلى هذا المكان، بل لأن حياته وأجله بيد الله تعالى. لكن الفرق أنه عرف كيف يختم حياته في موقف العز والشرف، فينتقل إلى الباري جلّ وعلا وهو شهيد عظيم، قاتل وعمل في سبيل الله تعالى، فأصبح عظيمًا في الأرض وفي السماء.
ماذا قال إمامنا الحسين، صلى الله تعالى عليه، عندما خُيّر؟ وصل إلى كربلاء، وكان لا يزال لديه فرصة، ما رأيك؟ العدد الذي معك قليل، 73 شخصًا، عدد قليل، ومعك عيال، فأنت أمام خيارين: إما أن تبايع يزيد، وبالتالي تسلم أنت وأصحابك، أو تقاتل بالمعسكر، وبالتالي بحسب المعطيات، فإن الجميع سيُستشهد في سبيل الله تعالى. فما كان جواب الإمام الحسين عليه السلام؟ الجواب كان جواب موقف، جواب اتجاه: ”ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة – بحمل السيف وسلّه والقتال، وبين الذلة – بالاستسلام والخضوع – وهيهات منا الذلة.” نعم، هيهات منا الذلة، نكررها مع الإمام الحسين دائمًا وأبدًا هيهات منا الذلة.
ماذا يظنون أنفسهم، أنهم يعطون الحياة؟ هؤلاء الكفار المنحرفون، هم الذين يعطون الإنسان أن يستطيع أن يعيش؟ لا، الحياة بيد الله، ومن عند الله، والموت بيد الله، ومن عند الله، ما نملكه هو كرامتنا، ما نملكه هو موقفنا، ما نملكه هو كتابنا الذي سيحمل أعمالنا يوم القيامة. ماذا نقول لله تعالى يوم القيامة عند الحساب؟ الاستشهاديون أصحاب الموقف يقولون يوم القيامة ربنا قمنا بما علينا، ورفعنا لواء الحق، ونصرنا المستضعفين، وكنا من المحررين للأرض، فيقول لهم بارك الله بكم، ادخلوا الجنة، وقد حققتم رضوان الله تعالى.
”ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة. يأبى الله لنا ذلك، ورسوله، والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.” هذا هو الموقف الحسيني.
نحن اليوم، عندما نحيي ذكرى الإمام الحسين عليه السلام، ماذا نحيي؟ نحيي ذكرى أصالة الشريعة، من الله تعالى إلى محمد، إلى الأئمة عليهم السلام، إلى الإمام الحسين سلام الله تعالى عليه، ومنه إلى الأمة جمعاء، أن اسلكوا الموقف الصحيح، الحق، لتنجوا وتنجحوا في الدنيا والآخرة. ولا أحد يستطيع أن ينهي حياة الله عزّ وجل لم ينهها، ولم يُعطِها نتيجتها.
نحن في هذه السنة، في هذا العام، رفعنا شعار: “ما تركتك يا حسين.” وأرغب أن يكرر الإخوة هذا الشعار ثلاث مرات الآن، من أجل أن نثبت هذا المشروع: ما تركتك يا حسين… ما تركتك لأنك أنت الحق، ما تركتك لأن مسارك يوصلنا إلى الله تعالى، ما تركتك لأننا نريد أن نربي أجيالنا وأطفالنا على طاعة الله، وعلى الاستقامة، وعلى الحياة السليمة. ما تركتك يا حسين، سنستمر وسنتابع.
هكذا كان سيد شهداء الأمة، سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، كان يقول ما تركتك يا حسين، وكان يجاهد ما تركتك يا حسين، وأعطى دمه وروحه وحياته تحت شعار “ما تركتك يا حسين”، وهو في الرفيق الأعلى عند الله تعالى، يعيش سعادة أبدية بسبب هذه المواقف التي استطاع من خلالها أن يجعل جيلاً كبيراً من الشباب والأمة من الرجال والنساء يسيرون على طريق الحسين، “ما تركتك يا حسين”. هذه هي المسيرة، هذه هي النتيجة التي نريد الوصول إليها.
مسيرة الحسين هي المسيرة التي سار عليها سيد شهداء الأمة، السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، والسيد الهاشمي رضوان الله تعالى عليه، وكل الشهداء الأبرار من أبناء حزب الله والمقاومة الإسلامية وأبناء خط الإمام الحسين على امتداد الأمة بحمد الله تعالى.
أنتم يا أهل المقاومة، يا أهل الشرف، أيها الأغلى والأسمى والأعظم والأتقى، أنتم رفعتم رؤوس الأمة عالياً، وأنتم أثبتم أن الحسين فينا، وأنتم ستستمرون إن شاء الله على العهد، على عهد سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، حتى نحقق كل الأهداف على طريق النصر أو الشهادة. هذا هو طريق الإمام الحسين، سلام الله تعالى عليه. صلّوا على محمد وآل محمد.
العدوان على إيران
طريق الحسين، سلام الله تعالى عليه، له أنصار وله مريدون. الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسير على طريق الإمام الحسين عليه السلام، وأنا اليوم سأتكلم عن موضوع الجمهورية الإسلامية في السياسة، ونترك الأبحاث السياسية الأخرى لليالي أخرى لأن المجال لا يتسع. الجمهورية الإسلامية واجهت عدواناً إسرائيلياً أمريكياً عالمياً، زوراً وعدواناً، بادعاءات لا محل لها على الإطلاق. الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد أن نجحت ثورتها في سنة 1979 على يد الإمام الخميني، قدّس الله روحه الشريفة، وانطلقت عزيزة منذ حوالي 46 سنة تقريباً، استطاعت أن تحدث تغييراً عظيماً وكبيراً، ليس على مستوى إيران فقط، بل على مستوى المنطقة والعالم.
منهج الحسين عليه السلام حضر في الجمهورية الإسلامية، يعني أصحاب الموقف، أصحاب الاتجاه، أصحاب القرار، أصحاب العطاء. دعونا نجري تقييماً سريعاً، لماذا حصل هذا العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ سأطرح أربعة أمور:
أولًا، الهدف المركزي لإسرائيل وأمريكا، ضرب أي قدرة مستقلة وداعمة للمقاومة في منطقتنا، وضرب أي اتجاه يسعى إلى تحرير فلسطين، وذنب إيران الكبير جداً أنها دعمت فلسطين والقدس والفلسطينيين من أجل أن يحرروا أرضهم المغصوبة والمحتلة. والآن حتى عندما تتحدث الأمم المتحدة عن إسرائيل تقول “الاحتلال الإسرائيلي”، يعني صفة ملازمة الاحتلال منذ 75 سنة، ما زالت وستبقى، وإن شاء الله يأخذونها معهم ويخرجون من الأرض نهائياً.
فإذًا، السبب الأول أن إيران تشكل قدرة مستقلة داعمة للمقاومة، وهذا أمر لا يقبلون به.
ثانيًا، إسرائيل كيان توسعي، والله يجب أن نفهم، يجب أن يعرف الناس، يجب أن يعرف العالم، إسرائيل لن تكتفي بأراضي 1948 في فلسطين، ولن تكتفي بأراضي فلسطين كلها دون استثناء، ولن تكتفي باحتلال الجولان وما بعده. إسرائيل تريد أن تسيطر على كل المنطقة بقدر ما تصل إليه يدها، ولن تتوقف يوماً بعد يوم، وهذا تثبته الأيام وتثبته الوقائع. إسرائيل تعمل للمزيد من السيطرة والتوسع، وذلك لمصلحتها ومصلحة الطاغوت الأمريكي، لأن الطاغوت الأمريكي هو الذي سيستعمر من خلال هذه الأداة الإسرائيلية ويكبر. فإذًا، إسرائيل هاجمت إيران كجزء من العمل التوسعي.
ثالثًا، لا يوجد مبرر لهذا العدوان إلا الحديث عن أن إيران ستصل إلى القنبلة النووية. كل الأدلة تدل على أن النووي سلمي، وبحسب القوانين الدولية ومنظمة الطاقة الذرية، يحق لإيران أن يكون لها برنامج سلمي. والمراقبون في منظمة الطاقة موجودون داخل المنشآت، وبالتالي يعرفون كل التفاصيل، وكل تقاريرهم تدل على أنه لا يوجد شيء عسكري. لكن هم يريدون أن يرفعوا شعارًا للعملية، لا يمكنهم أن يقولوا إنهم سيعتدون على إيران، بل يقولون إن إيران تعتدي عليهم لأنها تفكر يوماً من الأيام أن تقوم بعمل عسكري، بدليل أنها لديها مقدمات سلمية نووية، لكن من يعرف ماذا ستفعل إيران في المستقبل؟ وبالتالي، نحن يجب أن نواجهها. حسناً، الآن المحاسبة على النوايا والمواجهة على النوايا! هذا طبعاً مبرر وإسرائيل لا تحتاج إلى مبرر.
رابعًا، تبيّن من هذا العدوان أنه مهما عملت أمريكا، ومهما كانت مكانتها في العالم، ومهما حاولوا أن يغشوا بالإعلام ويكذبوا على العالم، فإن العالم كله تقريباً، من دول وشعوب، استنكر العدوان الإسرائيلي على إيران. وهذا ما معناه؟ معنى أن العمل بشع جدًا، وإجرامه واضح جدًا، وواضح جدًا بأنه هو عمل عدواني حقيقي على دولة مستقلة.
ما هي النتائج التي حصلت؟ بناءً على هذه المقدمات التي عملت على أساسها إسرائيل للعدوان مع أمريكا، ما هي النتائج التي تحققت؟
النتيجة الأولى، أفشلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أهداف العدوان الثلاثة، كان هناك ثلاث أهداف للعدوان، أولاً إلغاء التخصيب النووي، وبالتالي إيران عندها بعد وستستمر، والأضرار مهما كانت بالغة، في نهاية المطاف لديهم العلم والإرادة والقرار، وبالتالي لم يتمكنوا من إنهاء البرنامج النووي السلمي.
ثانيًا، كانوا يريدون ضرب البرنامج الصاروخي، لماذا؟ لأن الصواريخ تشكل حالة دفاع، هم لا يريدون دولًا تقدر أن تدافع عن نفسها، لا يريدون شعوبًا تدافع عن نفسها حتى يتمكنوا أن يقرروا ما يريدون، يدخلون إلى إيران ويخرجون منها متى ما أرادوا، لكن الصواريخ تمنعهم، فماذا حدث؟ لم يستطيعوا أن يضربوا المنظومة الصاروخية، وبقية الصواريخ تنزل وتعمل تأثيراتها الكبيرة على الكيان الإسرائيلي.
ثالثًا، كانوا يريدون إسقاط النظام، عندما ضربوا البنية الأولى من القيادة واستهدفوا ولو بالتهديد سماحة الإمام القائد دام ظله، وكذلك ضربوا الضربات المتعددة على النووي وعلى الصاروخي، كانوا يعتقدون أن القيادة في إيران ستنهار، وبالتالي تستطيع إسرائيل التعاون مع جهة أخرى، وبالتالي تقدر أن تقود المسرح الإيراني كما تريد، وهذا أيضًا لم يحصل.
إذًا ثلاث أهداف إسرائيلية كانت تريدها من خلال هذا العدوان على إيران: النووي وإلغاؤه، الصاروخي وإلغاؤه، وإسقاط النظام، والثلاثة أهداف سقطت بالكامل بحمد الله تعالى.
اليوم نحن نعتبر أن إيران خرجت منتصرة بعد 12 يومًا، وقف إطلاق النار بالتأكيد هو مصلحة إيرانية حقيقية لأنه إيقاف لعدوان عليها، وهذا الوقف لإطلاق النار هو إعلان مباشر ورسمي لسقوط أهداف العدوان على إيران، هذه أول نتيجة.
النتيجة الثانية، لدينا إجماع شعبي منقطع النظير، ومعروف أن إيران دولة حرة، فيها معارضة، فيها موالاة، فيها ناس عندهم موقف من النظام، وبالتالي هناك بعض المعارضات في الخارج وبعض المعارضات في الداخل، ومن اللافت أن كثيرًا من هذه الجهات التي لها إشكالية على النظام وعلى إدارته تعود لتلتف عندما تتعرض إيران الدولة والكيان إلى هذا الخطر وإلى هذا الاحتلال، كان هناك إجماع حقيقي على المستوى الشعبي، وهذا أمر عظيم.
هذا الإجماع الشعبي ملتف حول القيادة، قيادة الإمام القائد ولي الأمر المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام الخامنئي دام ظله، هذا الالتفاف مهم، وهذا يدل على أن ما زرعه القائد وما زرعته الثورة له آثاره الحقيقية على هذا الشعب وعلى ارتباطه، ومعهم القوات المسلحة، حرس الثورة الإسلامية المباركة، والجيش، وكل القوى الأمنية والعسكرية التي وقفت صلبة تقدّم القائد تلو القائد والمجاهد تلو المجاهد وتبقى في الميدان عصية وقوية وشجاعة لا تخشى أحدًا إلا الله تعالى. هذه نتيجة عظيمة.
إيران لديها قوة عظمى لا تضاهى، لديها ثلاث ركائز أساسية، لا يفكر أحد أن إيران سهلة، لا، إيران لديها قوة عظمى لا تضاهى مبنية على ثلاث ركائز:
أولًا، قائد شجاع حكيم ملهم يقتحم المصاعب ويقف في الميدان، لا يخشى في الله لومة لائم، يقتحم المصاعب بنور الله تعالى وبتسديده، وهو واثق بالنصر، من اليوم الأول يقول نصر من الله وفتح قريب، هذه ركيزة عظيمة.
ثانيًا، شعب له سجل حافل على الأقل من أول انتصار الثورة الإسلامية إلى الآن، كم تحمل، كم عانى، الحرب العراقية على إيران التي استمرت ثماني سنوات، والشعب يعطي الملايين من الشهداء والجرحى لكنه بقي ملتفًا حول القيادة وبقي يعطي وبالتالي استطاعت إيران أن تنتصر، وقتها العراق كان الواجهة، لكن كل الدنيا، كل العالم، كل الدول كانوا ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانوا يريدون إسقاط النظام الإسلامي القائم، لم يستطيعوا، لأن هناك هذا القائد وهذا الشعب.
ثالثًا، حرس الثورة الإسلامية المباركة والقوى الأمنية التي هي أصحاب سجل مليء بالتضحيات، إذا كان حرس الثورة يأتي إلى المنطقة من أجل فلسطين، إذا كان يدعم المستضعفين في كل العالم، إذا كان يدرب الأحرار في كل العالم، فإنه بالتأكيد سيعطي ببلده العطاءات المميزة، وهذا ما فعله حرس الثورة الإسلامية الذي خاض ميادين الشرف في كل مكان، والذي أعطى هذا العطاء مع القوى الأمنية ومع الجيش، ولا ننسَ أيضًا إدارة الدولة والمسؤولين وكل الذين عملوا في هذا الاتجاه.
إذًا، إيران الحمد لله أثبتت أنها قوة عظمى لديها هذه الركائز الثلاثة: القائد والشعب والقوى الأمنية المسلحة والجيش وحرس الثورة.
ثالثًا، أثبتت إيران – وهذه انتبهوا لها – أثبتت إيران أنها قادرة وحدها على مواجهة هذا الطاغوت العالمي أمريكا ومعه المجرمة إسرائيل ومعه الدعم الأوروبي بنسبة كبيرة، واستطاعت إيران أن تقف وحدها. إيران لا يدخل لها دعم عسكري من دول، ولا عندها طيران وخط إمداد للذخائر، ولا عندها دول تحارب معها، لا، لوحدها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وحدها واجهت، إيران واجهت وحدها بقدراتها التي صنعتها، بإمكاناتها الذاتية في مواجهة إمكانات أمريكا الضخمة وأساطيل الطائرات المحملة بالأسلحة والذخائر إلى الكيان الإسرائيلي، وكل الأعمال التجسسية والإعلامية والضغوطات والسياسة وكل الممارسات، ومع ذلك إيران وقفت وحدها. هذا ليس سهلًا أن تقدر إيران وحدها تواجه كل المواجهة وتقول أنا هنا. بارك الله بكم أيها الشعب الأبي، بارك الله بإيران الفتية المعطاءة المضحية، وقد سببت وحدها أضراراً بالغة في الكيان الإسرائيلي الذي استنجد بأمريكا وأثبت مجدداً أنه عاجز هذا الكيان عن أن يستمر يوماً واحداً إذا لم يكن الدعم الأمريكي ليل نهار لا يتوقف بكل الأشكال وبكل الأساليب. تقولون يعني إسرائيل قوية؟ لا، إسرائيل ليست قوية، إسرائيل مزروعة لتنفذ قرارات استكبارية الآن متمثلة بأمريكا ومن معها.
رابعًا، ثبّتت إيران موقعها الإقليمي والدولي، لم يعد أحد قادرًا اليوم أن يقول من هي إيران وما هي إيران؟ لا، ثبّتت موقعها الإقليمي والدولي، بقناعاتها وخياراتها، لم تتنازل عن شيء أبداً. الآن إيران بعد الحرب مثل إيران قبل الحرب وأشد. إيران هي سند للمقاومة، وهي جمهورية مستقلة، وهي حليف الجوار والأصدقاء، وهي قادرة على أن تشكل أمناً جماعياً لدول المنطقة من دون الحاجة لأمريكا ولمن معها، وقد كشفت بشكل واضح أن تدخل أمريكا في المنطقة يحمي إسرائيل ويضر دول المنطقة. لا أحد يفكر أن القواعد الأمريكية الموجودة في المنطقة هي لحماية أهل المنطقة، لا، لحماية إسرائيل، بدليل أنه الآن خاضت أمريكا عدواناً على إيران مستفيدة من إمكاناتها في المنطقة، أين تحمي المنطقة؟ تحمي إسرائيل. إسرائيل التي لم تتوقف حتى الآن عن الإبادة في غزة أمام مرأى الجميع، أين العالم، أين الدول، أين الذين يهتمون بالإنسانية، لا تعرفون إلا الكلام؟ لا، نريد فعل، نريد عمل. أتمنى أن يأخذوا درساً من إيران، أن يتعلموا من إيران، وقفت ونجحت واستطاعت أن تقول إيران مستقلة.
خيارنا تحرير الأرض
نحن في لبنان كحزب الله مع خيارات إيران الاستقلالية وضد الاحتلال والهيمنة الأمريكية، ضد الاحتلال الإسرائيلي. البعض يقول: لماذا هكذا معلقون بإيران؟ لأن هذه إيران تمثل شرفاً، تمثل كرامة، لأنها تدعم المستضعفين، أعطتنا كل شيء، ولم تأخذ منا شيئاً، لماذا لا نكون معها؟ متوافقين معها بالفكر، بالقناعات، بالاتجاهات العملية، بمواجهة الاحتلال، كل ما تقوم به إيران شرف، قولوا لي أين الشرف عند الآخرين؟ قولوا لي ماذا يعملون لفلسطين؟ ماذا يدعمون لبنان؟ ماذا يدعمون الحق؟ قولوا لي؟ بينما إيران هكذا. نعم طبيعي نقول نحن إلى جانب إيران، نحن مع إيران، نفتخر أننا مع إيران، نحن تحت لواء القيادة الحكيمة العظيمة الشجاعة للإمام الخامنئي دام ظله. يا جماعة، هذا دين، هذا دنيا وآخرة، هذه استقامة، هذا عطاء نبيل شريف، هذه تربية للأمة في المستقبل. لذلك طبيعي أن نكون هنا، وليس طبيعياً أن الآخرين يلومونا على أننا كذلك.
العدو واحد، هو العدو الإسرائيلي، وخيارنا أن نعمل لتحرير الأرض والاستقلال وبناء البلد. لا يمكن أن نخضع للإملاءات، ولا أن نستسلم للاحتلال. هذه حياتنا، وهذا وطننا، نريده عزيزاً لأجيالنا ومستقبلنا. سنقاوم من أجل ذلك بالغًا ما بلغت التضحيات والنتائج. نحن أبناء الحسين، نحن أبناء سيد شهداء الأمة، نحن أبناء المجاهدين الشرفاء، نحن أبناء هذا الخط.
بالخاتمة، أود أن أعتذر من الجمهور الكريم أني كنت أتمنى لو أكون بشكل مباشر أتحدث معكم وأتواجد بينكم كسباً للأجر بحضور المجالس، لأن المجالس قيمتها وأجرها بحضورها، ليس عن بعد، لكن الظروف الأمنية هي التي حالت دون ذلك. أعتقد أنكم تعذروني، وعلى كل حال نسأل الله تعالى أن يكشف هذه الغمة عن هذه الأمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لمشاهدة الكلمة الكاملة اضغط هنا