“المتغطي” بأمريكا عريان: فضيحة الوهم والتحالفات العربية
تتصرف أمريكا اليوم كما اعتادت دائماً: مصالحها أولاً، ومصالح حلفائها العرب على قائمة لاحقة، إن وجدت. أما بعض الدول العربية، فتغرق في وهم التحالف الأمريكي، معتقدة أن القرب من واشنطن يمنحها حصانة مطلقة، بينما الحقيقة المؤلمة تقول عكس ذلك. وكما يقول المثل الشعبي المصري: “المتغطي بأمريكا عريان” – تعبير صارخ أطلقه ذات يوم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك عن واقع التحالفات المضللة، وعن هشاشة الأمان الذي تبنيه هذه الدول على سند أمريكي متقلب.
الولايات المتحدة ليست صديقة ثابتة، ولا حامية أمينة، بل قوة تعمل وفق مصالحها الخاصة، غير ملتزمة بالقيم أو القوانين الدولية إلا حين تصب في مصلحتها. دعمها المعلن لبعض الدول العربية يتحول بسرعة إلى صفقة سياسية أو ورقة ابتزاز، وإذا ما تغيرت مصالحها، تتخلى عن أقرب الحلفاء كما لو لم يكونوا موجودين أبداً..العراق وفلسطين وسوريا واليمن أمثلة حية على أن الغطاء الأمريكي سرعان ما يختفي حين تواجه الشعوب العربية الأزمات الحقيقية.
والسؤال الصعب: لماذا ما زالت بعض الأنظمة العربية تعتقد أن التحالف مع أمريكا كفيل بضمان الأمان؟ هل نسيت تلك المرات التي تخلت فيها واشنطن عن حلفائها أو تغاضت عن انتهاكات ارتكبتها قوى معادية لمصلحة العرب؟ الواقع السياسي يثبت أن الغطاء الأمريكي لا يحمي إلا مصالحه، وأن أي وهم بالحماية يصبح سريعاً عبئاً على الوطن، وليس سنداً له.
أمريكا ستحمي العرب من من…؟! طالما أنها لا ترى إلا حليفها المدلل إسرائيل، الحامي الأول لمصالحها في المنطقة..كل تهديد عربي أو نزاع محلي خارج دائرة مصالح واشنطن، يتحول بسرعة إلى مجرد صراع محلي يجب على العرب مواجهته بأنفسهم، بينما تُترك وعود الحماية الأمريكية على رف الانتظار.
الوهم الأكبر يكمن في الاعتقاد بأن التحالف مع القوة العظمى يعني قوة سياسية أو اقتصادية. الحقيقة مرة: الاعتماد على أمريكا في القرارات المصيرية يجعل الدول العربية أضعف وأكثر انكشافاً أمام الأزمات، ويؤجل مواجهة الواقع الحقيقي للسيادة الوطنية. الحكمة الشعبية المصرية لا تخطئ: “المتغطي بأمريكا عريان” – أي أن أي غطاء خارجي، مهما بدا ضخماً، لا يغني عن بناء القوة الذاتية، ولا عن السيادة الحقيقية التي يجب أن تبدأ من الداخل.
على العرب أن يستخلصوا الدروس الآن قبل فوات الأوان: أماننا ليس في تحالفات خارجية، بل في قدرتنا على إدارة مصالحنا، حماية شعوبنا، وتوحيد جهودنا. وحدها السياسات المستقلة، القائمة على المصالح الوطنية الحقيقية، هي التي توفر الحماية والأمن، لا وعود متقلبة من قوة خارجية تسخر العالم لخدمة مصالحها.
المغزى واضح: أي دولة عربية تعتمد على الحماية الأمريكية، مهما طال غطاءها الظاهر، ستظل في النهاية عارية أمام الحقيقة، ضعيفة أمام التحديات، وأسيرة وعود لا تتحقق. “المتغطي بأمريكا عريان”، والدرس صارخ لمن يريد أن يرى الواقع كما هو، لا كما يريد أن يحلم به.
عدنان نصار
كاتب وصحفي أردني