عطوان: حزب الله لن يسمح بنزع سلاحه.. واستعدوا للحرب..
حزب الله لن يسمح بنزع سلاحه.. واستعدوا للحرب.. من انتصر في يوم الأحد العظيم لن ينهزم في المواجهة القادمة والوشيكة.. ومحور المقاومة عائد بقوة.. والمفاجآت صاعقة.. وهذه أدلتنا
بقلم/ عبد الباري عطوان //
أن يؤكد الحاج محمد رعد، رئيس كتلة “حزب الله” البرلمانية، أن نزع سلاح الحزب رضوخ للإملاءات الإسرائيلية والأمريكية هو انتحار وخيانة للسيادة الوطنية وهدية مجانية لدولة الاحتلال، فهذا يعني أن المقاومة في لبنان اتخذت قرارًا بمواجهة مؤامرة نزع سلاحها مهما كان الثمن.
الثنائي اللبناني، المتمثل في الرئيس جوزيف عون ورئيس وزرائه نواف سلام، بقبولهما الورقة الأمريكية التي حملها المبعوث الأمريكي توم براك، وتعهدهما بنزع سلاح “حزب الله” قبل نهاية العام، لم يكن متسرعًا فحسب، بل كان شريكًا في المؤامرة، واختار أن يكون أداة لتنفيذها بإشعال فتيل الحرب الأهلية. فإذا كان المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين قد نجح في خداع اللبنانيين بتمرير وقف إطلاق نار ملغوم مستندًا إلى قصف سجادي للضاحية الجنوبية، ومسبوقًا بمخطط حرب الاغتيالات والتفجيرات، فإن المؤكد أن خلفه براك لن ينجح في مشروعه للإجهاز على المقاومة وتقليم أظفارها ونزع أنيابها، وإدخال لبنان في نهاية المطاف إلى حظيرة التطبيع العفنة.
من يهدد السلم الأهلي في لبنان ليس من يتظاهر سلميًا بالدراجات النارية في الضاحية الجنوبية ويردد شعارات المقاومة والكرامة، وإنما من يريد تحويل لبنان إلى “ريفيرا” إسرائيلية بلا سيادة ولا كرامة، بعد إغراقه في بحيرة دماء طاهرة.
نزع السلاح يعني نزع السيادة والهوية الوطنية العربية والإسلامية، تمامًا كما حدث في العراق وليبيا تحت مسميات الديمقراطية ومحاربة الاستبداد، وتكريس قيم حقوق الإنسان، وتحقيق الرخاء الاقتصادي، والسلم الأهلي. وأحسنت قيادة “حزب الله” السياسية والميدانية الشابة التحلي بأعلى درجات الوعي بإصرارها على عدم السقوط في هذه المصيدة الإسرائيلية في ثوب أمريكي.
المقاومة اللبنانية استعادت عافيتها وأعادت ترتيب بيتها، وباتت في حالة عالية من الجاهزية العسكرية والمعنوية لمواجهة العدو الأمريكي الإسرائيلي وكل عملائهما سواء في الداخل اللبناني أو المحيط العربي، وإلا لما وقفت هذه الوقفة المشرفة الواعية في مواجهة مؤامرة نزع السلاح وتبعاتها.
ندرك جيدًا أن الفرق بين الحرب الأهلية الأولى التي استمرت 15 عامًا، ووقوف أمريكا ودولة الاحتلال إلى جانب من يريد نزع سلاح المقاومة بشكل مباشر، هو أن الأولى كانت ضد السلاح غير اللبناني، أي الفلسطيني، بينما الظروف تغيرت في الثانية الزاحفة، فالهدف هو السلاح اللبناني الوطني، ومحور المقاومة والعزة.
أدوات أمريكا وإسرائيل في لبنان لن ينتصروا في أي حرب قادمة، بل سيدفعون ثمنًا باهظًا، ومعهم أسيادهم في واشنطن وتل أبيب، وشرفاء الجيش اللبناني ـ وهم الأغلبية ـ لن ينخرطوا في حرب المؤامرة لنزع سلاح المقاومة، بل سيقفون في خندقها ويقاتلون بكل شرف ورجولة.
انسحاب وزراء الثنائي الشيعي الوطني من اجتماع “ضرار” للحكومة اللبنانية، الذي كانت قضية نزع سلاح المقاومة على قمة جدول أعماله، سحب الشرعية منها كليًا، وجعلها لا تمثل الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني، كما سحب الشرعية من اتفاق الطائف، العنوان الأبرز للسلم الأهلي والتعايش اللبناني، وهو الاتفاق الذي أنقذ لبنان وصان وحدته الوطنية بتشريع سلاح “حزب الله” واستثنائه من النزع، وتتويجه بشرف البقاء لمقاومة الخطر الإسرائيلي.
انهيار اتفاق الطائف مع انطلاق الرصاصة الأولى في أي مواجهة بين المقاومة والمتآمرين على سلاحها، يعني تبخر كل البنود الأخرى فيه، وأبرزها التركيبة الطائفية الحالية، والتوزيع “غير العادل” للمناصب العليا، وخاصة رئاستي الدولة والحكومة.
أمريكا ليست “معصومة” من الهزائم، والحال نفسه يقال عن “إسرائيل”. فالأولى انهزمت في العراق وأفغانستان، وأخيرًا في اليمن، الذي أذلها رجاله وكسر هيبتها العسكرية بجدع أنف حاملات طائراتها ومدمراتها البحرية. أما الثانية، إسرائيل، فقد انهزمت مرتين في لبنان فقط: الأولى عام 2000، والثانية في حرب الكرامة عام 2006، والثالثة في قطاع غزة على أيدي رجال كتائب الأقصى وسرايا القدس. فمن فشل في حرب دخلت شهرها الثالث والعشرين في نزع سلاح المقاومة في غزة، لن ينجح في نزع سلاح “حزب الله”. والرابعة في حرب الـ12 يومًا مع إيران، التي دمرت صواريخها “خيبر” و”فتاح” و”سجيل” المدن الكبرى مثل تل أبيب وحيفا وعسقلان وصفد وأسدود، وأغلقت ميناء “أم الرشراش” (إيلات) بشكل كامل، مما استدعى إسرائيل لاستجداء وقف إطلاق النار.
ختامًا، نتمنى على الرئيس اللبناني ورئيس وزرائه التراجع فورًا عن قرارهما بنزع سلاح المقاومة إنقاذًا للبنان، والعودة إلى المعادلة الذهبية (الجيش، الشعب، المقاومة) التي حفظت السيادة والسلم الأهلي اللبناني، وعدم السقوط للمرة الثانية في مصيدة الدمار الأمريكية ـ الإسرائيلية، واستيعاب دروس المصائد الأخرى في ليبيا والعراق وأخيرًا سوريا.
إسرائيل وأمريكا خسرتا جميع حروبهما الأخيرة رغم توالد حروبهما في فلسطين والعراق ولبنان وإيران، وربما يفيد التذكير بالانتصار الكبير على إسرائيل في يوم الأحد العظيم، الذي قصفت فيه صواريخ “حزب الله” الدقيقة قلب تل أبيب، وغرفة عمليات الجيش الإسرائيلي، ومقر أكبر قاعدة للتجسس في العالم (مقر وحدة 8200). هذه الصواريخ المباركة ما زالت موجودة، أو أكثر من 7500 منها على الأقل، كما أعيد استئناف تصنيعها من قبل القيادة العسكرية الشابة التي اتخذت كل الاحتياطات اللازمة لجعل كل أيام دولة الاحتلال “أحداثًا” عظيمة.. والأيام بيننا.