عقوبات أميركية جديدة على اليمن: صنعاء تصعّد ردودها الاقتصادية

صنعاء تطرح فئة نقدية جديدة في تحدٍّ مباشر لتحالف العدوان وواشنطن، مؤكّدة قدرتها على كسر القيود الاقتصادية المفروضة عليها.

أعلنت حكومة صنعاء، أمس، طرح عملة ورقية جديدة من فئة 200 ريال، وذلك للمرة الثانية في غضون أيام، بعد إصدارها عملة معدنية من فئة 50 ريالاً. وجاء هذا الإعلان في بيان صادر عن البنك المركزي في صنعاء وفقاً لقانون البنك المركزي رقم 14 لسنة 2000، الذي يمنحه صلاحية إيجاد المعالجات الخاصة بالعملة التالفة. وستُطرح الفئة الجديدة للتداول اعتباراً من اليوم، في خطوة من شأنها أن تنهي مشكلة العملة التالفة، وبالتحديد فئة 200 ريال، التي تدهور وضعها الفنّي كونها طُبعت عام 1996.

وفي رسالة موجّهة إلى دول التحالف السعودي – الإماراتي، أكّد البنك أنه سيدرس «خلال الأشهر الستة المقبلة مدى الحاجة إلى سك فئات (معدنية) ما دون الـ50 ريالاً»، مشيراً إلى أنه قام بتأجيل «طباعة الـ200 ريال رغم جاهزيّتها منذ مدّة؛ وذلك كفرصة لتنفيذ خارطة الطريق» التي ماطل فيها النظام السعودي، وتهرّبت من استحقاقاتها الأطراف اليمنية الموالية للتحالف.

وتزامنت هذه الخطوة التي وصفها البنك المركزي الموالي لحكومة عدن بـ«التصعيدية» كونها تمسّ صلاحياته باعتباره بنكاً معترفاً به دولياً، مع تصعيد أميركي لافت، تمثّل في إعلان وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على اليمن. وعدّ مراقبون قرار «مركزي صنعاء» رسالة إلى واشنطن بتمكّن «أنصار الله» من تجاوز القيود المفروضة عليها كافة، المتعلّقة بطباعة العملة في الخارج.

وكانت نشرت السفارة الأميركية لدى اليمن، أمس، اسم زيد الوشلي كاسمٍ جديد على لائحة العقوبات الأميركية، علماً أنّ الوشلي هو قيادي إداري تابع لحكومة صنعاء في مؤسسة «موانئ البحر الأحمر» في الحديدة. وجاء الإعلان الأميركي بعد يوم على مزاعم ساقها نائب وزير الخزانة الأميركية حول ارتباط عدد من الشركات بدعم «أنصار الله»، تمهيداً لفرض عقوبات عليها. والعقوبات الأخيرة تأتي في إطار ردّ واشنطن على رفض صنعاء عرضاً أميركياً، بتقديم تسهيلات ذات طابع اقتصادي لها، مقابل وقف حرب إسنادها لقطاع غزة.

ورغم استمرار الحكومة في عدن في التحريض على توسيع العقوبات الأميركية ردّاً على قيام صنعاء بإعادة كتلة نقدية طبعت بغطاء نقدي قبل نحو 30 سنة، بالقيمة الشرائية السابقة نفسها، إلا أنّ الإدانات الأجنبية لهذه الخطوة لن يكون لها أثر في سريان تداول تلك الفئات النقدية، التي يتمّ التعامل بها محلّياً منذ عقود. ويقول خبراء اقتصاد في صنعاء إنّ أي إجراء من قبل الحكومة في عدن، سيُقابل بتصعيد مماثل ضد دول التحالف باعتبارها هي صاحبة القرار السياسي والاقتصادي في عدن.

وفي هذا الإطار، أكّد مصدر اقتصادي مقرّب من حكومة صنعاء، لـ«الأخبار»، أنّ «الأخيرة لا تغلق أبواب التفاهمات الاقتصادية مع الرياض، ولا تزال مستعدّة لاستكمال ما تمّ تنفيذه مع المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ ومكتبه بشأن الملف الاقتصادي، ومنفتحة على كل المبادرات والحلول التي من شأنها تبديد تخفيف الشعب اليمني».

وفي ردود الفعل الخارجية على خطوة صنعاء، أعلن الاتحاد الأوروبي رفضه إصدار البنك المركزي التابع لـ«أنصار الله» عملات في المناطق الخاضعة للحركة. وشدّد سفراء بعثة الاتحاد الأوروبي، أثناء لقائهم محافظ بنك عدن، أحمد المعبقي، على أنّ «البنك المركزي في عدن هو المؤسسة الوحيدة التي تستطيع إصدار العملة القانونية في اليمن». وأشاروا إلى أنّ «أي محاولات أخرى لسك العملة المعدنية تُعدّ تزويراً غير قانوني». وجاء ذلك بعدما طالب وفد البنك الدولي الذي يزور مدينة عدن منذ أيام بوقف التصعيد مع صنعاء بشكل كلّي، والعمل على إيجاد حلول ومعالجات للانقسام الاقتصادي بين الجانبين.

رشيد الحداد الأربعاء 16 تموز 2025

قد يعجبك ايضا