موفع ناشونال انترست الأمريكي: السعوديون مستعدون للخروج من اليمن كخاسرين .. خرافة القوة السعودية
كتب استاذ العلاقات الدولية في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا في الكويت “محمد نور الزمان” مقالة نشرت على موقع “National Interest” وحملت عنوان “خرافة القوة السعودية”.
وتحدث الكاتب عن وجود مؤشرات تدل على ان الرياض تخسر في محاولاتها للهيمنة الاقليمية، معتبراً ان ذلك يضع مصداقيتها كقوة توازي ايران في خطر. واشار الى ان السعوديين يتفاوضون سراً مع الحوثيين من اجل انهاء الحرب، ورأى ان السعوديين يبدون مستعدين للخروج من اليمن “كالخاسرين”، وترك الحوثيين “يهتفون بالنصر وعلى الارجح يتحكمون بالسياسية في اليمن في المستقبل”، على حد قوله.
اما في سوريا، فلفت الكاتب الى ان بقاء الرئيس السوري بشار الاسد يبدو مضموناً اكثر من اي وقت مضى، وذلك على الرغم من مساعي السعودية للاطاحة به.
الكاتب شدد على ان تحدي “ايران الشيعية” يبقى “الجزء المركزي من سياسة الملك سلمان”، لكنه اضاف انه ما من شك بان الحراك المطالب بالديمقراطية في العالم العربي (ما يسمى الربيع العربي) قد ادى بشكل مباشر او غير مباشر الى توسيع دائرة نفوذ ايران الاقليمية، وان كان بشكل افتراضي.كذلك اعتبر ان احداث ما يسمى بالربيع العربي مهدت لتدخل ايران وحزب الله عسكرياً في سوريا من اجل الدفاع عن الحليف المتمثل بالاسد. ورأى ايضاً ان صعود “داعش” ادى الى توطيد العلاقات اكثر فاكثر بين ايران وفصائل مختلفة من الشيعة العراقيين، خاصة وان داعش و”كما رجال الدين السعوديين الوهابيين” تعتبر الشيعة كفارًا.
هذا وتحدث الكاتب عن الاستياء السعودي من الولايات المتحدة بسبب عدم تدخلها دفاعاً عن نظام حسني مبارك في مصر، وكذلك عدم تدخلها عسكرياً لازاحة حكومة الاسد في سوريا (عندما قرر اوباما احالة قضية ضرب سوريا الى الكونغرس بعد مزاعم استخدام الجيش السوري اسلحة كيماوية في صيف عام 2013). وشدد على ان هذه الرغبات السعودية لم تكن تلتقي مع المصالح الاميركية في المنطقة.
وعليه قال ان الرد السعودي على هذه التطورات غير الايجابية من منظور الرياض اخذ بعدين اثنين: الاول هو تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، والثاني تشكيل تحالفات لمواجهة ايران و”وكلائها”. الا انه اعتبر ان كلا البعدين قد ثبت انه غير فاعل او تشوبه العيوب.
ولفت الكاتب الى انه وفي اطار مساعي تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، لجأت السعودية الى كل من الصين وروسيا والهند بغية تعزيز نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي، غير ان الصين وروسيا كانتا اكثر اصطفافاً مع ايران بينما الهند لا تتمتع بنفوذ كبير في قضايا الشرق الاوسط. بالتالي شدد على صعوبة ايجاد الرياض بديل عن واشنطن، ما أجبر السعوديين على عدم الخروج بشكل كامل من الفلك الاميركي.
وفيما يخص انشاء السعودية تحالفات عربية و”إسلامية جديدة” مثل التحالف العربي للحرب على اليمن والتحالف “الاسلامي” المزعوم الذي قيل انه يتالف من اربع وثلاثين دولة، فرأى الكاتب هنا ان كلا التحالفين يبدوان تحالفاً على الورق اكثر من تكتل عسكري حقيقي. واشار الى “ضربة قوية” تلقاها التحالف السعودي في اليمن بعد تصويت البرلمان الباكستاني برفض المشاركة بهذا التحالف. ولفت ايضاً الى رفض سلطنة عمان المشاركة بالحرب على اليمن.
اما التحالف الاسلامي المزعوم الذي اعلنت السعودية عن انشائه في كانون الاول اواخر العام الماضي، فقال ان التحالف هذا لا يقصي الدول الشيعية فقط وانما الدول الاسلامية في آسيا الوسطى وافغانستان.كما اشار الى ان سلطنة عمان ليست عضوا بهذا التحالف وكذلك الجزائر التي هي اكبر بلد اسلامي في شمال افريقيا يملك جيشًا حديثًا.
الكاتب تحدث أيضًا عن نقاط ضعف “جوهرية” تعاني منها السعودية في المجالين الاقتصادي والعسكري، معتبراً ان على الرياض التغلب على نقاط الضعف هذه قبل ان تفرض هيمنتها الاقليمية. ولفت الى ان الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط، اذ ان نسبة ثمانين بالمئة من الارباح القومية وتسعين بالمئة من دخل الصادرات تعود الى قطاع النفط. وشدد على ان الاعتماد الكبير على النفط جعل السعودية عرضة لتقلبات اسواق النفط العالمية، مثل انخفاض سعر النفط من 116 دولار مقابل البرميل منتصف عام 2014 تقريباً الى 40 دولار مقابل البرميل الذي هو السعر اليوم.
كما نبه الى ان العمليات الحربية في اليمن تكلف الرياض ستة مليار دولار كل شهر، محذراً من ان الاقتصاد السعودي لا يمكن ان يحتمل ذلك لفترة طويلة في ظل المشاكل الذي يعاني منها اصلاً. وتحدث عن “مثال موازٍ” يتمثل بالانفاق العسكري الاميركي في العراق، فقد وصل هذا الانفاق العسكري الى 2 ترليون دولار قبل ان تنسحب القوات الاميركية عام 2011 و”تسلم الملف العراقي لايران” على حد تعبير الكاتب. وعليه تساءل عما اذا كان السعوديون سيواجهون مصيراً مماثلاً في اليمن.
وبحسب الكاتب، هناك مصدر قلق اساسي آخر هو توسع الرياض العسكري مؤخراً، حيث قال ان هذا التوسع تشوبه العيوب، ان لم تكن المخاطر. ولفت الى ان الرياض تواصل استيراد الاسلحة والى انها احتلت المرتبة الاولى عالمياً في عام 2014 لجهة ايرادات السلاح، وعليه اعتبر ان السؤال المطروح هنا هو ما اذا كان باستطاعة دولة مثل السعودية فرض هيمنتها العسكرية على المنطقة “بناء على اسلحة مستوردة”، بينما “عدوتها ايران” قد حققت “اكتفاء ذاتيًّا لافتًا” في مجال التسلح. واشار الى ان “القوى العظمى و الصاعدة” هي ايضاً دول مصدرة للسلاح كبرى، الا انها تستورد السلاح بشكل محدود.
وهنا نبه الى ان السعودية لا تنتج اي سلاح او انظمة سلاح معتبرة، بل تعتمد على الغرب والصين وروسيا في هذا المجال. بالتالي قال ان هذا الاعتماد يجعل الرياض اكثر عرضة لضغوط الاطراف المصدّرة، خاصة في وقت الازمات الاقليمية. وتحدث عن احد الامثلة في هذا المجال التي هي قرار البرلمان الاوروبي بالدعوة الى فرض حظر سلاح على الرياض رداً على “الكوارث الانسانية في اليمن التي خلقتها عمليات القصف السعودية”.
وفي الختام، قال الكاتب انه يبدو ان السعودية تمارس سياسات “حافة الهاوية” بينما لا تملك من القوة ما يدعم هذه السياسات، وبالتالي فان مساعيها “لتصبح القوة العسكرية المتفوقة في المنطقة وللتحكم بشؤون المنطقة قد تفشل”.