هي الأكبر في تاريخ العدو الإسرائيلي.. ملايين المستوطنين يشلّون الكيان رفضا للحرب

في سابقة هي الأولى من نوعها، تظاهر أكثر من مليونين ونصف مستوطن إلى الشوارع في يوم غضب غير مسبوق، رفضا لاستمرار الحرب على غزة ومطالبة بصفقة تبادل لإعادة الأسرى، مشهدٌ يفضح حجم التصدّع الداخلي، ويضع حكومة نتنياهو أمام مأزق وجودي تتعاظم ارتداداته يوما بعد يوم.

الاحتلال الإسرائيلي يترنّح تحت وقع أكبر موجة احتجاج في تاريخه. شوارع تل أبيب والقدس وحيفا وبئر السبع تحوّلت إلى ساحات صراع بين المستوطنين وقوات الشرطة، بعدما شهدت أكثر من ثلاثمئة وخمسين تظاهرة متزامنة شلت حركة الاقتصاد وأغلقت الجامعات والموانئ وأوقفت قطاعات واسعة من المواصلات.

المظاهرات التي لبّى الدعوة إليها أكثر من مليونين ونصف وصفتها صحيفة هآرتس بالحدث الأضخم منذ عقود مؤكدة أن حجم المشاركة غير مسبوق على الإطلاق.

مشهد أشعل القلق داخل حكومة نتنياهو، التي وجدت نفسها بين فكي كماشة: ضغط الشارع من جهة، واستعصاء المقاومة في غزة من جهة أخرى.

الانقسام السياسي ظهر إلى العلن بوضوح. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اتّهم المتظاهرين بخيانة الدولة وخدمة حماس، فيما وصف وزير الأمن إيتمار بن غفير الاحتجاجات بالانقلاب الداخلي الذي يُضعف إسرائيل ويكرّر إخفاقات السابع من أكتوبر.

في المقابل، خرج زعماء المعارضة وعلى رأسهم يائير لابيد وبيني غانتس ليحمّلوا نتنياهو المسؤولية، متهمين إياه بالمماطلة في ملف الأسرى حفاظًا على بقائه السياسي ولو على حساب دماء الإسرائيليين.

أما عائلات الأسرى، فقد رفعت الصوت في مواجهة وزراء الليكود، متهمة إياهم بالهروب من المسؤولية ومهددة بوصمهم بالعار الأبدي إن استمر تجاهل أبنائهم. كلمات قاسية وجّهت صفعة لحكومة لم تعد قادرة على التوفيق بين جبهاتها الداخلية المشتعلة وخسائرها العسكرية في غزة.

ومع توسّع دائرة الاحتجاج لتشمل البلديات والنقابات والجامعات والشركات الكبرى، بدا المشهد أكثر خطورة على المؤسسة الحاكمة، إذ لم يعد محصوراً في مظاهرات محدودة أو مجموعات معارضة، بل تحوّل إلى حركة عصيان واسعة تهزّ أركان الكيان من الداخل.

هكذا، وللمرة الأولى، يتكشّف حجم الشرخ الإسرائيلي إلى هذا الحدّ، حيث تتقاطع صرخات الشارع مع قوة المقاومة وصمودها، لتقول بوضوح: إن إسرائيل، التي اعتادت تسويق نفسها كدولة متماسكة، باتت اليوم كيانًا مأزوماً هشّاً، تفرض عليه المقاومة وقائع جديدة، وتدفعه إلى مواجهة ذاته قبل أي عدو آخر

قد يعجبك ايضا