وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى
محمد الفرح
توالت الخطابات في ليلة السادس والعشرين من سبتمبر، من مختلف الأطراف اليمنية والكل يعلن تمسّكه بثورة 26 سبتمبر، حتى أولئك الذين لا جمهور لهم ولا يمثلون إلا أنفسهم.
وكما قيل: “وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى”، لكن الحقيقة التي لا مفر منها أن معيار الانتماء إلى الثورة ليس في الشعارات المرفوعة، بل في المواقف العملية التي تجسد أهدافها.
لقد حددت ثورة 26 سبتمبر أهم أهدافها في رفض الوصاية وتحقيق الاستقلال، والخروج من التبعية، وبالتالي فإن الأحق بتمثيلها هو من يواجه الوصاية اليوم ويرفض التبعية، ويقاتل لأجل ذلك الهدف. لا من يتذرع باسمها وهو غارق في أحضان الملكية أو مرتهن للخارج، متآمر مع من يقتل أبناء شعبه ويدمر مقدرات وطنه، والاسوأ من ذلك أن يتحول إلى مخبر ضد شعبه وبلده مع أقذر عدو وهو العدو الصهيوني.
فهؤلاء لا يحق لهم أن يزايدوا باسم ثورة سبتمبر وهم آخر من يتحدث عنها.
وإذا كانت الثورة قد رفعت شعار بناء جيش وطني يحمي البلاد، فإن المعبّر الحقيقي عنها هو من شيّد جيشاً صلباً وصمد في وجه عدوان جلبه الجملوكيون استمر لعقد من الزمن ولا زال، ووقف بوجه اعتداءات دولية أمريكية وبريطانية وإسرائيلية، وصنع في غضون سنوات أدوات دفاعية نوعية — من الصواريخ الفرط صوتية إلى الطائرات المسيّرة — لتأمين سماء اليمن وأرضه، حتى اصبحت تجربتة ناجحة وشهيرة تتطلع إليها كل أمم الأرض.
أما من حوّل الثورة إلى مجرد يافطة سياسية يتسول بها في عواصم الخارج، ويتاجر بكرامة الشعب، ويدعم المحتل ويحرسه، ويبني جيشا من المرتزقة يقوده ضابط سعودي أو إماراتي فإنه قد فرّغها من مضمونها وأساء إلى جوهرها.
إن ثورة 26 سبتمبر ليست شعاراً يرفع ولا ورقة سياسية للتفاوض، وإنما موقف وطني حيّ يتجسد في من بقي داخل أرضه، يذود عنها بدمه ونفسه وما يملك دفاعاً عن كرامة شعبه واستقلال قراره. هؤلاء هم السبتمبريون الحقيقيون، وهؤلاء وحدهم يملكون حق رفع رايتها.