إقرار أميركي بريطاني بفعالية الحصار البحري اليمني وتحذير من التداعيات
تصاعدت التحذيرات الدولية، مؤخراً، من مخاطر تهديدات قوات صنعاء للشركات الملاحية المتعاملة مع إسرائيل.
تستمر حالة استنفار القوات البحرية اليمنية منذ أكثر من أسبوع، تزامناً مع قيامها بعمليات رصد وتحقق لكافة السفن التجارية التي تمر في نطاق عملياتها العسكرية في البحرين الأحمر والعربي، تنفيذاً للمرحلة الرابعة من التصعيد البحري ضد إسرائيل، وفق ما أكدت مصادر ملاحية وأخرى عسكرية في صنعاء، لـ«الأخبار».
وقد تصاعدت التحذيرات الدولية، مؤخراً، من مخاطر تهديدات قوات صنعاء للشركات الملاحية المتعاملة مع إسرائيل.
وفي هذا الاطار، أصدر المركز المشترك لمعلومات الملاحة البحرية، التابع للتحالف الأميركي البريطاني، مناشدة للسفن والشركات الملاحية تقييم ارتباطاتها بإسرائيل، خوفاً من ضربات القوات المسلحة اليمنية.
وعرض المركز تقديم ما سماه «خدمة تحليل مجانية» للشركات الراغبة في تقييم ما إذا كانت على قائمة الاستهداف اليمني، مُقراً بفعالية أدوات صنعاء في رصد بيانات حركة السفن والسجلات التجارية وخرائط الموانئ وشبكات الملكية والإدارة.
وكان مركز المعلومات البحرية، قد دعا شركات الشحن العالمية إلى إعادة تقييم علاقاتها التجارية واللوجستية مع إسرائيل، تفادياً للمخاطر المتزايدة جراء التصعيد العسكري والعمليات البحرية التي تنفذها قوات صنعاء.
وأشار التقرير إلى أن استمرار الشركات في التعامل مع الموانئ الإسرائيلية وسفنها يعرضها لخطر الاستهداف المباشر في المناطق الحيوية، حفاظاً على مصالحها ولتقليل احتمالية تعرضها لخسائر مالية وبشرية جسيمة، في ظل حالة التصعيد المتواصلة.
تحول استراتيجي
جاء ذلك بالتزامن مع اعتراف موقع «ذا لودستار» البريطاني المتخصص في شؤون الملاحة بفعالية التصعيد البحري الأخير المعلن من قبل قوات صنعاء وتأثيره على سلاسل إمداد كيان الاحتلال.
واعتبر الموقع، في تقرير، قرار قوات صنعاء استهداف سفن أي شركة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، مطلع الشهر الجاري، تحولاً استراتيجياً في مسار الصراع البحري يفتح الباب أمام توسع غير مسبوق لقائمة الأهداف.
وذكر «ذا لودستار» أن القرار الأخير من قوات صنعاء يضع شركات شحن كبرى حول العالم في مرمى النيران، حتى وإن كانت أنشطتها التجارية مع إسرائيل غير مباشرة، في خطوة وصفها محللون بأنها شبكة استهداف واسعة النطاق.
ووفق التقرير، فإن خطوط الشحن إلى إسرائيل عبر قناة السويس توقفت كلياً، لكن الخطر يمتد إلى شركات مثل «هاباج لويد» الألمانية التي تصل إلى ميناء حيفا عبر اتفاقيات استئجار مساحات شحن، رغم أن سفنها لا تتجه إلى إسرائيل مباشرة، وشركة «سي أم أيه سي جي أم» الفرنسية المهددة بفعل شراكتها التشغيلية مع «ميرسك» التي تملك خدمات مباشرة في إسرائيل، إضافة إلى شركات أخرى مثل «إيفرغرين وون» و«إكسبرس فيدرز» التي تسيّر سفناً تبحر إلى الموانئ الإسرائيلية بانتظام.
لا حماية في ظل القواعد الجديدة
حذرت المصادر الملاحية التي نقل عنها الموقع من أن أي مستوى من الارتباط التجاري بإسرائيل قد لا يوفر الحماية في ظل القواعد الجديدة التي أعلنتها قوات صنعاء، معتبرة أن التصعيد يضع البحر الأحمر والممرات التجارية المتصلة به على أعتاب مرحلة أكثر سخونة وتعقيداً.
في الوقت نفسه، أكدت شركات شحن عالمية أنها تتجنب الإبحار إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي عبر المناطق المحظورة من قبل قوات صنعاء، وذلك خوفاً من وقوعها في دائرة الاستهداف، تنفيذاً لقرار فرض الحصار البحري على كيان الاحتلال على خلفية عدوانه على غزة.
وأوضحت شركة الشحن «هاباج لويد» الناقلة إلى موانئ إسرائيل، أن نطاق الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن يتسع أكثر فأكثر ولهذا نتجنب هذه المنطقة تماماً، فيما أكدت شركة الشحن البحري «ميرسك» الناقلة إلى كيان العدو، أن أزمة حركة شحن الحاويات في البحر الأحمر تتفاقم.
وتوقعت «ميرسك» أن تتقلص القدرة الاستيعابية للشحن البحري بين الشرق الأقصى وأوروبا بما يصل إلى 20 % في الربع الثاني من العام الحالي.
وسلّط موقع «بورت تو بورت» العبري المتخصص في شؤون النقل البحري، الأحد، الضوء على تداعيات التصعيد البحري اليمني الأخير.
وفي تعليق له على قرار حكومة صنعاء فرض عقوبات على 64 شركة شحن تتعامل مع موانئ إسرائيل، أشار الموقع إلى أن الخطوة ستترك أثراً بالغاً على تلك الشركات.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في أقساط التأمين على السفن التابعة للشركات، خاصة بعد شهر واحد فقط من استهداف قوات صنعاء لسفينتي الشحن اليونانيتين «ماجيك سيز» و«إيترنيتي سي».
وأوضح التقرير أن القوات البحرية الدولية المشتركة في الشرق الأوسط رفعت مستوى التهديد للسفن المرتبطة بإسرائيل في أعقاب العمليات الأخيرة.
ارتفاع تكلفة المواد الخام
وفي الاتجاه نفسه، أقر الإعلام العبري بتأثير الحصار البحري اليمني على عدد من القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية.
وقال موقع «والا» العبري، اليوم، إن الحصار البحري الذي تفرضه صنعاء على حركة الشحن المرتبطة بإسرائيل، تسبب في واحدة من أكبر المشاكل التي يواجهها قطاع البناء في إسرائيل، وهي ارتفاع تكلفة المواد الخام، حيث أدت هجمات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر إلى إجبار السفن التجارية على القيام بمنعطفات طويلة في طريقها إلى إسرائيل، والنتيجة هي أوقات تسليم أطول وتكاليف شحن أعلى بكثير.
وأضاف «والا» أنه «بالإضافة إلى ذلك، تضطر شركات الشحن إلى التعامل مع تكاليف التأمين المرتفعة على البضائع القادمة إلى المنطقة، وهذا يؤثر أيضاً، بشكل مباشر، على أسعار مواد البناء المستوردة».
رشيد الحداد الإثنين 11 آب 2025