الثأر القادم.. اليمن لا ينكسر ومعادلة ردع إقليمية تُرسم بدماء القادة
المقاومة لا تموت باغتيال قادتها.. بل تزداد قوة وصلابة
اليمن يرسم بدماء قادته معادلة ردع إقليمية جديدة
الحقيقة ـ جميل الحاج
في جريمة صهيونية تتجاوز الأعراف الدولية وتفتح أبواب الجحيم على العدو الصهيوني، عقب أقدم الكيان الصهيوني على استهداف مباشر وغادر لرئيس حكومة التغيير والبناء في اليمن، أحمد غالب الرهوي، وعدد من وزرائه في قلب العاصمة صنعاء، ما أدى إلى استشهاد رئيس الوزراء وعدد من رفاقه.
الجريمة لم تكن مجرد عمل عسكري عابر، بل تأتي ضمن مواجهة مفتوحة تخوضها القوات المسلحة اليمنية مع الكيان الصهيوني منذ بدء العدوان الإسرائيلي على أهالي غزة، وذلك في أطار الاسناد اليمني لمظلومية غزة.
ورغم قسوة الضربة، فإن المشهد الشعبي والسياسي في صنعاء أثبت أن دماء الشهداء لم تزد القيادة والشعب اليمني إلا إصراراً على المضي في في أسناد غزة، كما وصف رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، الذي تعهّد بأن هذه الجريمة “لن تمر دون عقاب”.
تشييع مهيب يوحّد اليمنيين لمواصلة أسناد غزة
شيّع اليمنيون، السبت، في موكب جنائزي غير مسبوق، شهداء حكومة التغيير والبناء الذين ارتقوا في العدوان الإسرائيلي الغادر عصر يوم الخميس.
المشيّعون الذين احتشدوا بعشرات الآلاف أكدوا أن اليمن اليوم يقدم خيرة رجاله في سبيل نصرة الحق وفلسطين، وأن دماء رئيس الوزراء ورفاقه ستتحول إلى وقود معركة فاصلة.
الحشود رددت شعارات العزة والكرامة، مؤكدة أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً، وأن الرد سيكون بحجم الجريمة، وبما يليق بمكانة القادة الذين استشهدوا دفاعاً عن قضايا الأمة.
وتحدث الكلمات عن الشرف العظيم للشعب اليمني.. وأن الله شرف اليمنين بأعظم موقف في الوقت الذي خنعت فيه البشرية جمعاء عن نصرة فلسطين.. مشيرين بالقول: لسنا نادمين بل متشرّفين ومفتخرين وراضين تمام الرضا بما نقدّمه، ونشعر أننا مقصرون رغم كل ما قدّمنا.”
جريمة تكشف الوجه الحقيقي للكيان الصهيوني
لم يكتفِ الكيان الصهيوني بجرائمه اليومية في غزة، بل مدّ عدوانه ليطال قادة دولة ذات سيادة، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية.
استهداف ورشة عمل حكومية كانت تناقش ملفات خدمية وتحويلها إلى بركة دماء هو دليل أن هذا الكيان لا يفهم سوى لغة القوة والقتل.
لقد أظهرت هذه الجريمة أن اليمن لم يعد مجرد “فاعل داعم لغزة”، بل طرف أصيل في معادلة المواجهة الإقليمية، وأن أي استهداف له سيدفع المنطقة إلى تصعيد غير مسبوق ضد الكيان الصهيوني.
تصريحات القيادة اليمنية: مرحلة جديدة من المواجهة
استشهاد رئيس الحكومة أحمد الرهوي ورفاقه الوزراء لن يكون مجرد خسارة إدارية أو سياسية، بل محطة فاصلة في مسار المواجهة.
الرهوي ورفاقه الوزراء الذين كرّسوا حياتهم لخدمة وطنهم والدفاع عن القضية الفلسطينية، تحولوا باستشهادهم إلى رمزو جديدة في معركة الفتح الموعود.
دماؤهم – كما يصف محللون يمنيون “ستكون لعنة تطارد قادة الكيان في منامهم ويقظتهم، وتفتح الباب أمام عمليات ردع أكثر إيلاماً”.
الرئيس مهدي المشاط أكد أن اليمن لن يترك هذه الجريمة تمر دون عقاب، مشدداً أن الأيام القادمة “سوداء” على العدو.
هذه ليست مجرد شعارات – وفق مراقبين – بل إعلان عن مرحلة جديدة من المواجهة الشاملة، خاصة وأن القوات المسلحة اليمنية أثبتت خلال الأشهر الماضية قدرتها على تنفيذ عمليات نوعية في البحر الأحمر وخليج عدن، وصولاً إلى استهداف العمق الفلسطيني المحتل.
بدورة رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الغماري أكد بالقول: على العدو الصهيوني أن يعلم جيدا أنه بارتكابه هذه الجريمة البشعة قد فتح أبواب الجحيم على نفسه وسيكون رد قواتنا المسلحة قاسيا ومؤلما وبخيارات استراتيجية فاعلة ومؤثرة بإذن الله تعالى.
وجدد الغماري التأكيد للقيادة والشعب اليمني بالمضي في تطوير القدرات العسكرية الاستراتيجية كما وكيفا وستسمعون في القريب العاجل وتشاهدون ما تقر به أعينكم ويشفي صدوركم وعلى الباغي تدور الدوائر.
اليوم، ومع اغتيال قادة الحكومة، كل الخيارات مفتوحة أمام صنعاء، وكل مصالح العدو الإسرائيلي وحلفائه باتت أهدافاً مشروعة.
وتمتلك القوات المسلحة اليمنية ترسانة متطورة من الصواريخ والطائرات المسيّرة القادرة على تغيير قواعد الاشتباك.
مصادر عسكرية أكدت أن الرد هذه المرة سيكون “مختلفاً عن كل ما سبق”، وأن البحر الأحمر وخطوط الملاحة قد يشهدان تصعيداً أكبر.
هذا التوجه سيضاعف الضغوط الاقتصادية على الكيان الصهيوني وداعميه، ويضع العالم أمام حقيقة أن أمن الملاحة مرتبط بوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة.
هيستيريا إسرائيلية.. وإفلاس استراتيجي
فبعد فشله خلال عامين من ايقاف جبهة اليمن المساندة لغزة، والضربات المتصاعدة على اهداف حيوية للعدو داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، وفك الحصار البحري اليمني على ملاحة العدو وكل المرتبطين به، بالتوازي مع فشلة في غزة وتلقيه ضربات موجعة من جبهات المقاومة، لجأ إلى سياسة الاغتيالات الجبانة، لكن هذه السياسة لم تنجح يوماً في كسر شوكة المقاومة، بل كانت دائماً سبباً في ولادة قادة أشد بأساً وصلابة.
صحفيون إسرائيليون وصفوا العملية الأخيرة بأنها “مذهلة عسكرياً” لكن بلا أثر سياسي أو شعبي. الكاتب نير كيبنيس تساءل بمرارة: “ما الذي يعود عليّ من اغتيال حكومة صنعاء؟ هل ستتوقف الصواريخ؟ هل سيرفع الحصار عن طرق الملاحة؟ المشكلة أن التاريخ القريب والبعيد يقول لا.”
هذا الإقرار يعكس أن نتنياهو أخطأ في الحسابات، وأن أثر العملية تلاشى سريعاً، ليترك العدو في مأزق استراتيجي مفتوح.
ويعيش الكيان الصهيوني هواجس الخوف من قدرة “الصواريخ اليمنية” على الوصول لقياداتها السياسية والعسكرية عقب التباهي الصهيوني بضرب أهداف ذات قيمة قيادية في صنعاء لأول مرة منذ بدء “الغارات الإسرائيلية” على اليمن.
رسالة إلى المنطقة والعالم: زمن الاستباحة ولى
اغتيال رئيس الحكومة ووزرائه لم يكن حدثاً يمنياً محلياً فقط، بل رسالة إلى كل شعوب المنطقة: أن الكيان الصهيوني لا يتورع عن استهداف أي طرف يقف ضده، وأن المعركة لم تعد محصورة في غزة.
في المقابل، أرسلت صنعاء برسالة معاكسة: أن زمن الاستباحة انتهى، وأن أي اعتداء سيواجه برد قاسٍ، هذا الموقف يلهم الشعوب الحرة، ويضع الأنظمة المتواطئة في موقف حرج أمام شعوبها.
تداعيات إقليمية مفتوحة.. تصاعد العمليات
المراقبون يؤكدون أن هذه الجريمة ستدفع إلى توسيع جبهة المواجهة الإقليمية.
فاليمن بات اليوم رقماً صعباً، ولم يعد ممكناً تجاوزه في أي معادلة تخص المنطقة.
ومع تصاعد العمليات اليمنية في البحر الأحمر، ستزداد الضغوط على الكيان الصهيوني، الذي سيجد نفسه محاصراً من كل الاتجاهات: غزة، لبنان، العراق، واليمن.
في النهاية، لم يكن استشهاد رئيس الوزراء أحمد الرهوي ورفاقه نهاية طريق، بل بداية لمرحلة جديدة عنوانها “الثأر القادم”.. لقد أخطأ العدو حين ظن أن الجريمة ستكسر إرادة اليمنيين، لكن ما حدث هو العكس تماماً: توحّد الشعب خلف خيار المقاومة، وتجددت جذوة المواجهة.
إن الرد اليمني قادم لا محالة، ولن يكون عادياً، وسيُثبت اليمن للعالم أن المساس بسيادته وقيادته له ثمن باهظ، وأن زمن الهيمنة الصهيونية يقترب من نهايته.
الثأر الحتمي.. والعدو إلى زوال
لم يعد أمام اليمن وشعبه بعد هذه الجريمة النكراء أي خيار سوى الثأر الحتمي. فقد تجاوز العدو الصهيوني كل الخطوط الحمراء، وضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، ليستهدف حكومة في قلب عاصمة عربية حرة.
هذه الجريمة لن تُدفن في ذاكرة الشعوب، ولن تُطوى صفحتها بمرور الوقت، بل ستبقى وصمة عار على جبين الاحتلال، ودافعاً لأمة بأكملها كي تتحرك في مواجهة مشروعه الإجرامي.
إن دماء القادة الشهداء في صنعاء لم تُسفك عبثاً، بل ستُحوّل إلى معادلة ردع جديدة يرسمها اليمن بدمائه وصموده. والرسالة اليوم أوضح من أي وقت مضى: اليمن لن ينكسر، وفلسطين لن تُهزم، والعدو لن ينجو من لعنة التاريخ.
الساعة قد بدأت في العدّ التنازلي لنهاية الكيان، وفجر الحرية يلوح في الأفق، مهما طال ليل العدوان.