الحراك السياسي المضاد لمساعي السلام العُمانية

شهد شهر يناير -الحالي- حراكاً سياسياً عاصفاً من مختلف الأطراف؛ فقد كان هناك تقدماً في الجهود التي تبذلها سلطنة عمان في تقريب وجهات النظر بين صنعاء والرياض، كما ظهرت تسريبات إعلامية عن وصول السفير السعودي إلى صنعاء، تزامنت مع نشر قناة “الحدث” مبادئ عامة لتجديد الهدنة متعلقة بالجوانب الإنسانية.

إزاء ذلك كثفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والمبعوث الأممي من حراكهم الدبلوماسي، حيث قام المبعوث الأممي برحلات مكوكية بين الرياض وصنعاء وعمّان ومسقط وسويسراً، وكان الملف اليمني معه في كل هذه التحركات.

ظهرت خلال هذه الفترة نبرة خطاب روسي جديد أكثر واقعية في تأكيدها على ضرورة الاستماع إلى صنعاء وعدم تخطيهم، وكذلك الإشارة إلى اهتمام الغرب بإعادة تصدير النفط والغاز اليمني لا تحقيق السلام اليمني.

كان ملاحظاً الحراك اليومي النشط للسفيرين الأمريكي والبريطاني، واللقاءات شبه اليومية مع مسؤولين في حكومة المنفى وأعضاء في “المجلس القيادي” الذي يرأسه العليمي ، فلا يكاد يمر يوم دون لقاء سفير لمسؤول في الحكومة العميلة، أي أنهم عملياً باتوا يمارسون النشاط السياسي عوضاً عن الحكومة العميلة ومجلس القيادة العميل، متجاوزين بذلك التوجيه عن بُعد الذي كان سائداً سابقاً.

تكرر خلال هذه الفترة في الخطاب الأمريكي الأوربي والامم المتحدة التشديد على مسألة ضرورة اشراك بقية القوى اليمنية في المباحثات، إلا أن هذا المفهوم لا يُعنى به الأطراف السياسية اليمنية التي كانت منخرطة في مفاوضات موفمبيك، إنما يقصدون القوى السياسية العسكرية التي تملك خارطة سيطرة حالياً، فهي دعوة إلى التقاسم، لا إلى حل للقضايا اليمنية.

برز في هذه الفترة متغير له صلة بالحراك السياسي وهو اتصال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال “مايكل كوريلا” بقائد الأركان العميل “صغير بن عزيز” ، وعلى غير العادة كان هذا الاتصال مباشراً متخطياً لقيادة “التحالف”، وهو ما يجعلنا نفترض أن الولايات المتحدة تضع في الاعتبار إمكان الضغط عبر الجبهات، وعملياً شهدت هذه الفترة مناوشات في مختلف الجبهات على طول البلاد.

من المُستبعد أن تكون الولايات المتحدة التي خسرت الحرب في اليمن من الناحية الاستراتيجية، تعد نفسها لحرب جديدة في اليمن، إلا أن ذلك لا يعني دعمها السلام، بل مساعيها لتوجيه عملية السلام بالكيفية التي تخدم مصالحها لا بما يخدم الشعب.

تتجه محصلة الحراكات السياسية من قبل الدول الغربية إلى إعادة الحكومة العميلة وما يسمى بمجلس القيادة إلى الواجهة وإشراكها في المباحثات، فقد استثمرت بهم، وتريد من اسنادهم ضمان مستقبل نفوذها الاستعماري الجديد.

إلا أن المعيق الأبرز لهذا التوجه هي التصدعات التي تنتاب مجلس القيادة العميل ،ولهذا فإن قدر كبير من الجهود التي يبذلها السفيران الأمريكي والبريطاني هي من أجل تهدئة الصراعات بين الفصائل العميلة وإعادة اللُحمة إلى مجلس القيادة، وهي مساعي حثيثة إلا أنها تصل إلى النتيجة المرجوة.

مجريات الأحداث
في الربع الأول من شهر يناير، شهدت قوى العدوان حالة نفير، مع تواتر الحديث عن مباحثات مباشرة بين صنعاء والرياض تجري برعاية مسقط، خصوصاً بعد وصول وفد من سلطنة عمان إلى صنعاء في 10 يناير 2023م، وكان القصد من هذه التحركات احباط أي مساعي سلام لاتُشركهم في الهيمنة على مستقبل اليمن، ففي 11 يناير 2023م ظهر كل من الأمريكي والبريطاني والفرنسي، والمبعوث الأممي في ذات الوقت بنبرة حديث موحدة.

فقد استقبل وزير الخارجية العُماني المبعوث الأممي الذي زار السلطنة، ووفق الوكالة فإنه تم خلال المقابلة تبادل وجهات النظر حول المساعي المبذولة لتحقيق السلام في اليمن.

الزيارة جاءت ضمن توصيات تقرير “مجموعة الأزمات الدولية” مطلع الشهر،([1]) الذي حث الأمم المتحدة على إثبات حضورها والتأكد من أن أي مباحثات بين صنعاء والرياض لا تأتي على حساب الحكومة العميلة، وبشكل دقيق وكلائهم المحليين في اليمن ، قبلها بيوم التقى سلطان العرادة بالسفير الفرنسي لدى اليمن.

وفي ذات اليوم التقى السفير الأمريكي بكل من عضو ما يسمى بمجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، وكذلك اللقاء بعيدروس الزبيدي، الذي شدد يومها على ضرورة وجود موقف دولي وإقليمي موحّد ضد صنعاء.

كان واضحاً أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أثبت الواقع فشل خيار إزاحة القوى الوطنية، ترى أن الخيار الآخر هو ترسيخ وضع التوازنات التي تتيح لها صياغة حل سياسي قائم على أساس التقاسم والمحاصصة وهو مشروع الأقاليم منذ البداية وإن كانت مساعي اعادته اليوم على أسس تقاسم جديدة تعكس تعدد القوى على الأرض.

بعدها بأيام ظهرت الأنباء عن زيارة محتملة للمبعوث الأممي إلى صنعاء، ورفض الأخيرة لاستقبال المبعوث، وكان المبعوث يريد الوصول إلى صنعاء لتقديم تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي، إذ حُدد الأثنين الُقبل موعد جلسة مغلقة في مجلس الأمن حول التطورات في اليمن.

في الـ 15 من يناير، غادر الوفد الوطني والعماني العاصمة صنعاء، بعد أن وصف المناقشات أنها كانت ايجابية وشملت الترتيبات الانسانية التي تمهد لسلام شامل. ومنذ وصول الوفد الوطني ووفد سلطنة عمان كانت وسائل الإعلام الأجنبية تطلق التكهنات حول فحوى ما تم نقاشه.

في الغالب كادت تجزم أن هناك اتفاق مبدئي بين صنعاء والرياض، فيما أنبرت وسائل إعلامية اُخرى لنفي ذلك، كما ظهر خطاب إعلامي أكثر قلقاً مما يدور وهو خطاب الإخوان، الذي ظل يُعيد خطابه القديم أن صنعاء تعيق السلام وتطرح الشروط التعجيزية، ومن جهة اخرى، تحدث أصحاب هذا الخطاب بنبرة تحذير ضمنية من أن أي تسوية لا تستوعب الجميع – وهم يقصدون أنفسهم- فإنها ستكون مدخلاً لحرب يمنية- يمنية جديدة.

نظرياً تمكنت الوساطة الُعمانية من إحداث اختراق في جمود العملية السياسية منذ أكتوبر الماضي 2022م، في الجانب الإنساني المتعلق بتسليم رواتب كل الموظفين اليمنيين ورفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة وقضايا تبادل الأسرى وفتح الطرقات.

قبيل يوم من انعقاد جلسة مجلس الأمن بشأن اليمن، التقى وزير الخارجية في الحكومة العميلة بالسفير البريطاني (حامل قلم الملف اليمني في مجلس الأمن)، كما التقى السفير الفرنسي الذي يمثل مصالح شركة توتال الاحتكارية العالمية بصورة رئيسة.

في 16 من يناير وصل المبعوث الأممي إلى صنعاء قادماً من عمّان مع مجموعة من مساعديه، في يوم انعقاد الجلسة وبعد أن غادر الوفد العُماني والوفد الوطني، وفي احاطه رفعها إلى مجلس الأمن من صنعاء، قال: إنه أجرى مناقشات إيجابية وبناءة مع القيادة هنا في صنعاء ممثلاً لها السيد مهدي المشاط ، وأنه يتطلع قدماً لمواصلة هذه المحادثات كما عدد لقاءاته مع العليمي والرياض ومسقط.

وفي احاطته إلى مجلس الأمن تحدث المبعوث عما يلي:
“تواصله المستمر مع الوفد الوطني”.
“استمرار القيود المفروضة على النساء”.
“اليمنيون يحتاجون لإنهاء الحرب وليس إحاطات أممية متكررة.”.
“يخشى أن يكون 2023 عام صعب آخر لليمنيين”.
“قال إن المنظمة الدولية سجلت ثلاثة آلاف و300 حالة إعاقة لوصول المساعدات الإنسانية في اليمن خلال العام الماضي” .
في جلسة مجلس الأمن، كان الملاحظ اتساع نقاط الخلاف بين الخطاب الأمريكي -البريطاني والروسي في هذه المسألة، ففيما يُبدي الأمريكيون انزعاجاً من الحراك السياسي الأخير ويُعيدون التذكير بعمليات منع نهب النفط، وافتراض أن انخراط صنعاء في العملية السياسية تلاعبا (ليس بحسن نية) والحديث عن مزاعم التهريب وغيرها مطالباً أنصار الله بتغيير سلوكهم، وفيما جددت بريطانيا دعم الحكومة العميلة على لسان سفيرها، كان خطاب ممثل روسيا في مجلس الأمن أكثر قرباً من صنعاء بالحديث عن ضرورة التفاوض مع أنصار الله، وعن انتهازية الغرب ورغبته في نفط وغاز اليمن لا السلام، كما دعا إلى دعم السكان ورفع القيود عن دخول المواد الغذائية، وهو خطاب أكثر ايجابية مقارنة بمواقفهم في بداية العدوان.

في الرياض وفي ذات اليوم استقبل عيدروس الزُبيدي سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن..

في 17 يناير، وأثناء لقاء سفير الاتحاد الأوربي زعم رئيس ما يسمى بمجلس القيادة رشاد العليمي تأييد حكومته الكرتونية “نهج السلام العادل والشامل الذي يضمن شراكة جميع اليمنيين في السلطة والثروة”، كما حذر من خطر الرضوخ لما أسماه ابتزاز صنعاء.

عكس خطاب العليمي الخوف من استبعادهم من المستقبل السياسي، وفي ذات السياق تحدث عن ضرورة الالتزام بالمرجعيات الثلاث منها المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن التي لم تعد واقعية.

في 18 يناير، التقى وزير الخارجية السعودي بالمبعوث الأممي إلى اليمن في سويسرا، وافترض وزير الخارجية أن السعودية تستثمر في الآمان والاستقرار في المنطقة ويهمها أمن اليمن، حد قوله.

من جهة أُخرى قال السفير الفرنسي: الطريق إلى السلام يمر عبر المصالحة الوطنية في اليمن، ومسألة المصالحة الداخلية تكررت على لسان المبعوث الأممي والسفير البريطاني قبل ذلك في أكثر من محضر، واقعياً تكتسب المصالحة الوطنية الأهمية بالغة في مسار السلام وهي ضمان الأمن والسيادة لأن العدوان جاء بتواطئ أطراف داخلية، كما تكتسب المفاوضات الشاملة أهميتها من حقيقة أن اليمن تمر بمرحلة انتقالية منذ العام 2011م ولم تحل كثير من القضايا الداخلية التي تتطلب التوافق.

إلا أن خطاب الأطراف الدولية عن المصالحة الوطنية والحوار اليمني اليمني، لا يقصد الشراكة الوطنية، فهذه الدول تريد أن تضمن مستقبل الحكومة العميلة لتضمن مصالحها إذ هم وكلائها، فالخطاب الغربي مضمونه: “لا نريد تسوية بين صنعاء والرياض، لا تمثل فيها مصالحنا”.

في 19 يناير، أعادت وسائل الأنباء نشر تسريب زيارة السفير السعودي إلى صنعاء، بالتزامن مع نشر قناة الحدث بنود الاتفاق المتمثل بتسليم رواتب كل الموظفين ورفع الحصار عن ميناء الحديدة وفتح وجهات جديدة في مطار صنعاء الدولي.

في هذه الأجواء أكد رئيس تجمع الإصلاح، دعم التجمع لكافة جهود إحلال السلام الشامل والمستدام في اليمن، المرتكز على المرجعيات الثلاث، كنوع من محاولة العودة إلى المشهد بعد تجاوز السعودية للمرتزقة عموماً في مباحثاتها الأخيرة مع صنعاء.

وفي لقاء مع رئيس حزب الإصلاح أكد السفير الأمريكي ضرورة إزاحة الخلافات جانباً وتوحيد صفوف المرتزقة، من أجل الضغط على القوى الوطنية في عملية السلام.

كانت هذه الأحداث المتسارعة مثار اهتمام الصحافة الأجنبية حيث توقع مركز ACLED الأمريكي أن المحادثات عبر القنوات الخلفية بين صنعاء والرياض ستؤدي إلى احتمالين:

(الأول) مفاوضات سلام ومحادثات سياسية مع الأطراف اليمنية، (الثاني) الوضع الحالي للأعمال العدائية المنخفضة المستوى سيستمر إلى أجل غير مسمى، مدعومًا بزيادة حجم وفعالية قدرات صنعاء.

ورأى موقع “TRT” أنه بات من المستحيل عودة صنعاء إلى طاولة المفاوضات، وفي المصدرين كان هناك تأكيد على تنامي قوة صنعاء العسكرية وبالتالي السياسية.

فيما أفترض الكاتب الكندي “توماس جونو”، في مقال له نشرته صحيفة “LA PRESSE” أن المفاوضات الأخيرة بين صنعاء والرياض لن تنجح، وأن الطرفين ليس لهم رغبة في بناء السلام، فهو يفترض أن السعودية تسعى إلى فك الارتباط بالحرب، مع تقليل تكاليف مغامرتها الكارثية باليمن، فيما أنصار الله اصبحوا أقوى بدعم إيراني وليس لديهم نية لتقديم تنازلات جدية للسعودية أو الحكومة (العميلة)، حسب فهمه.

وأبدت الصحافة الغربية اهتماماً كبيراً بتطورات الأوضاع في اليمن وظهرت وكأنها حملة إعلامية للتشكيك في مصداقية أنصار الله في مسألة السلام، ودفاع عن الحكومة العميلة المستبعدة من المباحثات.

في 24 يناير تلقى صغير بن عزيز اتصالاً هاتفياً من قائد القيادة المركزية الأمريكية، وبحسب الخبر: “جرى خلال الاتصال مناقشة التعاون المشترك بين القوات المسلحة اليمنية والجيش الأمريكي، والجهود المشتركة في مجال محاربة الإرهاب”.

يُعد هذا الاتصال الأول من نوعه كاتصال مباشر من قائد القيادة المركزية الأمريكية مع وزير دفاع أو قائد أركان يمني عميل منذ بداية العدوان، فعادة ما كانوا يأخذون الإملاءات مباشرة من السعودية.

الخبر يجعلنا نفترض أن الولايات المتحدة -التي لا تُبدي ارتياحاً من المباحثات المباشرة بين صنعاء والرياض- نقلت التواصل مباشرة إلى المرتزقة اليمنيين لتنسيق الأعمال العدوانية.

وانطلاقا من حقيقة أن مراكز البحوث الغربية معبرة عن وجهة النظر الغربية وصانعة لها، فقد ذكرت “مجموعة الأزمات الدولية” في تقرير لها قبل أسابيع أن المفاوضات المباشرة بين صنعاء والرياض بمعزل عن المرتزقة قد تؤدي إلى أن تتخذ الحكومة العميلة قراراً بعودة الحرب.

وليس من المُستبعد أن الولايات المتحدة تخطط للتصعيد عبر المرتزقة، من أجل إثبات حضورهم وبالتالي الضغط على كل من صنعاء والرياض في استيعابهم في هذه المفاوضات.

دون أن يعني ذلك أن أمريكا تنوي إعادة الحرب مجدداً إلى ما كانت عليه قبل الهدنة، فالولايات المتحدة تدرك واقع المرتزقة وفشلها في الحرب ببعدها الاستراتيجي، ولديها حسابات متعلقة بالحرب في أوكرانيا تجعلها تفضل وقف الحرب في اليمن، ولكن إيقافها بالكيفية التي تخدم أمريكا وما يضمن مستقبل النفوذ الغربي الأمريكي الأوربي في بلادنا.

وفترة الحراك السياسي، كانت هناك مناوشات مع المرتزقة في مختلف الجبهات وخصوصاً في تعز ومأرب والجوف حيث يتمركز الإخوان بشكل أكبر.

في 26 يناير 2023م التقى وزير الخارجية العميل بوزيرة الخارجية الألمانية، “أنالينا بيربوك”، ومسؤولين ألمان آخرين، يأتي ذلك في إطار تكثيف الحكومة العميلة تحركاتها، من جانبه دعا المبعوث الأممي أطراف الأزمة إلى ما أسماه “تقديم تنازلات”.

فيما التقى عضو ما يسمى بمجلس القيادة سلطان العرادة مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي، تركز الحديث عن وضع مارب عسكرياً، باعتبارها أحد التماسات العسكرية، وطوال الأسابيع الماضية كثف المرتزقة الحديث عن جبهات المحافظة. وفي سياق متصل التقى عضو مجلس الخيانة “ابو زرعة المحرمي” في الرياض بسفير دولة الإمارات.

تستمر المساعي البريطانية الأمريكية في بعث القوى العميلة المتهالكة، لتخوض المعركة الأخيرة بهم، ويَظهر أن الجهود الأمريكية البريطانية الإماراتية أيضاً اُستغرقت في محاولة توحيد صفوف ما سمي بـ “مجلس القيادة الرئاسي” الذي ولد ميتاً، ومن غير المستبعد أن تنجح هذه الجهود في اعادة الوكلاء إلى الواجهة ،إلا أن أثار التصدعات فيما بينهم ستنعكس على أدائهم السياسي بما يُضعفه.

“اذا تمكنت صنعاء والرياض من التوصل إلى اتفاق، فإن القتال سيبقى متوقفا، لكن مثل هذا الاتفاق قد يقنع الحوثيين أيضاً بأن بإمكانهم تجنب المفاوضات مع المجلس القيادة الرئاسي، مما لا يبشر بالخير بالنسبة لآفاق الحوار الوطني الشامل.

يمثل المسار الحوثي السعودي مأزقاً محتملاً للأمم المتحدة واللاعبين الدوليين الآخرين الذين يسعون إلى إنهاء حرب اليمن.

الأمم المتحدة يجب أن تضمن أن المحادثات الحوثية السعودية تمضي قدما، ولكن مع تجريد المتمردين من فكرة أنه يمكنهم تجنب الحوار مع خصومهم، كما يجب أن يوضح أن الشرعية الدولية لجميع الأطراف تتوقف على المشاركة في المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة.

ومع وجود تأثير ضئيل أو معدوم على مسار المحادثات بين الحوثيين والسعودية، فإن المجلس الرئاسي لديه خيار: الانتظار ورؤية ما ستسفر عنه المفاوضات أو محاولة إفشالها من خلال القيام بعمل عسكري أحادي الجانب.

مجلس القيادة الرئاسي ضعيف ومنقسم، لكنه يضم دوائر سياسية وعسكرية رئيسية. تجاهلها سيكون خطأ، في الوقت نفسه، لا يمكن للمجلس الرئاسي أن يتوقع من القوى الخارجية أن تقوم بكل عملها نيابة عنه.

لم يلتق أي مسؤول كبير في الأمم المتحدة بعبد الملك الحوثي، القائد الأعلى للجماعة، منذ عام 2020. يجب أن يسافر شخص ما إلى صنعاء، ويبقى هناك لفترة من الوقت ويلتقي بالحوثي، سعيا لإقناعه بأن الوقت قد حان لصنع السلام”.

مجموعة الأزمات الدولية: “كيف ستنجح المفاوضات الحوثية السعودية في اليمن أو تفسده”،(29 ديسمبر 2022م )

 

المصدر :السياسية: أنس القاضي

قد يعجبك ايضا