المشهد الانتخابي لجمهور الثنائي (حزب الله وحركة أمل) يفاجئ الخصوم في البقاع وبيروت!

خلافاً لكل الرهانات على تراجع نفوذه، خرج حزب الله من الانتخابات البلدية في بيروت وبعلبك أكثر رسوخاً، في مشهدٍ يعكس عمق العلاقة بين الحزب وبيئته، رغم حملات التحريض والضغوط الداخلية والخارجية. كان المشهد الانتخابي في بعلبك لافتاً، حيث شهدت مراكز الاقتراع إقبالاً كثيفاً من الناخبين. وكذلك في بيروت، حيث كان حزب الله ممثلاً إلى جانب حركة أمل وأحزاب أخرى ضمن لائحة “بيروت بتجمعنا”. وقد جاء تحالف حزب الله في بيروت مع القوى السياسية الأخرى رغم التباينات السياسية، تأكيداً على حرصه على المناصفة ومصلحة لبنان والتزامه بجميع أطيافه، وسعيه إلى جمع اللبنانيين تحت مظلة وطنية واحدة وقد أكدت الماكينة الانتخابية لحزب الله في بيروت على هذا الأمر، وأكدت على حماية الوحدة والاستقرار. وفي هذا السياق، كشف النائب عن حزب الكتائب نديم الجميّل، خلال مقابلة تلفزيونية، أن حملتهم الانتخابية في بيروت اعتمدت على الناخب الشيعي، وعلى الثنائي حزب الله وحركة أمل، رغم أنه هو نفسه ممن اعتادوا التحريض على الحزب، واتهامه باحتلال الدولة، والتشكيك في وطنيته. إلا أن هذه الانتخابات كشفت زيف تلك الشعارات. وفي ظل الحملة الممنهجة لاستهداف حزب الله وضرب شعبيته، جاءت نتيجة الانتخابات البلدية أعلى من التوقعات. فكيف ظهرت هذه النتائج ولماذا لم تتأثر بيئة الحزب بكل الرهانات؟

حضور الثنائي في بيروت 

أشارت النتائج إلى فوز لافت في لائحة “بيروت بتجمعنا” المدعومة من الثنائي الوطني. وهذا ما قد يدل على أن القاعدة الشعبية للثنائي في العاصمة ما زالت ثابتة، رغم كل حملات التشويه. هذه النتيجة أكدت أن البيئة الشيعية في بيروت لم تنجر خلف محاولات العزل، بل عبّرت عن موقف واضح يرفض الإقصاء ويتمسك بالشراكة الوطنية. كما أن التحالف ضمن لائحة جامعة يعكس حرص حزب الله وحركة أمل على حماية التوازن في العاصمة، لا اختلاله، وهو ما سقطت فيه جهات كانت تروّج لعكس ذلك. كما أظهرت هذه النتيجة تراجع قوى التغيير ووفق المصادر فقد جاء هذا الفشل بعد عجزها عن تقديم أي بديل فعلي، ما زاد من قناعة الناس بضرورة الالتفاف حول قوى فعلية تعرف كيف تدير الأمور.

بعلبك حاضرة بقوة

بعد الحرب “الإسرائيلية” الأخيرة على لبنان، تصاعد الخطاب التحريضي ضد حزب الله، ووجّهت إليه بعض الأطراف اتهامات بجرّ البلد نحو الهلاك. وقبيل هذا الاستحقاق الانتخابي، علت الأصوات التي زعمت أن حزب الله قد انتهى، وأنه فقد شعبيته، وبالتالي شرعيته. إلا أن نتائج الانتخابات، ولاسيما في محافظة بعلبك الهرمل، أثبتت العكس تماماً إذ نجحت لوائح “التنمية والوفاء” في كل بلديات المحافظة، حيث بلغ معدل الاقتراع 46%، بالإضافة إلى 28 بلدية فازت بالتزكية. وهذا مؤشر واضح على أن كل الحملات الإعلامية والسياسية فشلت في تقليب بيئة المقاومة عليها. لقد أثبتت البيئة الحاضنة أنها واعية لخياراتها، وثقتها بحزب الله لا تزال راسخة رغم كل الضغوط.

البيئة ترد الجميل

أثبتت التجربة أن لا فصل ممكن بين حزب الله وبيئته، فالعلاقة بين الطرفين مبنية على مسار طويل من التضحية والثقة المتبادلة. هذه البيئة لم تتخلَّ عن الحزب في أصعب الظروف، لأنها رأت فيه الحامي الحقيقي للبلد، من العدوان “الإسرائيلي” إلى الأزمات الأمنية والسياسية. وكلما اشتدت التحديات، ازداد هذا الترابط قوة. فحزب الله الذي واجه الحروب وحفظ الحدود وقدم التضحيات الكبرى، يقابل اليوم بوفاء واضح من بيئته، التي تدرك أن وجودها واستقرارها جزء من معادلة الصمود والانتصار.

ما جرى في الانتخابات البلدية لا يمكن فصله عن السياق الأوسع، فهو بمثابة صورة مصغّرة لما ينتظر لبنان في الانتخابات النيابية المقبلة، التي تُعد الاستحقاق الحقيقي. النتائج أظهرت أن بيئة حزب الله على وعي تام بالمخططات التي تستهدفها، وأن محاولات الخرق – رغم كثافة التمويل وحملات التحريض الإعلامي التي قادتها قنوات عربية وبقيت في بعلبك طيلة فترة التحضير للانتخابات – قد باءت بالفشل. وهذا يعني أن الرهان على تفكيك هذه البيئة أو اختراقها ما زال رهاناً خاسراً، وأن الثقة المتبادلة بين الحزب وجمهوره لا تزال تشكل عامل صمود أساسي في مواجهة التحديات المقبلة.

المصدر: الخنادق

قد يعجبك ايضا