اعتقال «المشبوهين» يضاعف التعقيدات | صنعاء – الأمم المتحدة: أزمة ثقة

صارت أولوية الأمم المتحدة الحفاظ على وقف النار في اليمن، فيما تتهم صنعاء المبعوث الأممي بالانحياز وتجاهل جذور الأزمة ومسؤولية واشنطن عن تعطيل السلام.

تراجعت حركة المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، بشأن «خريطة الطريق» التي جرى التوصّل إليها بين صنعاء والرياض، بعدما اتّهمته الأولى بتجاوز دوره كوسيط، إثر دعوته إلى وقف جبهة الإسناد اليمنية لقطاع غزة، وانحرافه عن مهمّته للتركيز على ملف الموقوفين الأمميين الذين اعتقلوا بعد اغتيال رئيس حكومة صنعاء، أحمد الرهوي، وعدد من وزرائه في غارات إسرائيلية أواخر آب الماضي، وذلك بتهمة التجسّس لمصلحة العدو.

وعُقد في مسقط، الأسبوع الماضي، لقاء جمع رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، وغروندبرغ، تمت خلاله مناقشة سبل الحفاظ على ما تحقّق في طريق السلام في اليمن في أثناء السنوات الماضية، وكذلك أزمة صنعاء مع الأمم المتحدة، الناتجة من احتجاز عدد من العاملين في المنظمات الأممية من قبل السلطات الأمنيّة، على ذمّة التحقيق في قضايا التخابر مع دول معادية، في إشارة إلى إسرائيل والولايات المتحدة.

ومنذ أشهر، تراجعت جدّية المبعوث الأممي في استكمال الترتيبات السابقة المتعلّقة بالملفّين الاقتصادي والإنساني، في حين صارت الأمم المتحدة ترمي بفشلها في تنفيذ خطوات السلام على التصعيد اليمني الذي تعتمده حركة «أنصار الله» ضدّ الكيان الإسرائيلي في إطار إسنادها لقطاع غزة.

صارت أولوية الأمم المتحدة الحفاظ على وقف النار وليس التحرّك لتحقيق السلام

ويقول مصدر سياسي مطّلع في صنعاء، لـ«الأخبار»، إنّ «جولات المفاوضات السرّية مع السعودية والتي كان آخرها في نهاية تموز 2024، وجرت بوساطة عمانية، وأدّت إلى وقف التصعيد الاقتصادي بين صنعاء والرياض باعتبار الأخيرة الراعية الأولى للحكومة في عدن، توقّفت، ولم يعُد هناك أي حراك دبلوماسي واضح حول تنفيذ خريطة الطريق المعلن عنها من قبل الأمم المتحدة أواخر عام 2023».
وفي ظلّ التعقيدات التي فرضتها العقوبات الأميركية الصادرة بحقّ «أنصار الله»، بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل وزارة الخارجية الأميركية، مطلع العام الجاري، لا تزال السلطنة قناة التواصل الرئيسة بين صنعاء والمجتمع الدولي.

ورغم الركود الحادّ الذي يشهده مسار السلام، أسفرت الجهود التي بذلها الجانب العماني مؤخّراً، عن الإفراج عن نائبة مدير مكتب «اليونيسف» في صنعاء، لانا شكري كتاو، التي احتُجزت على ذمّة التحقيق في أعقاب استهداف الرهوي والوزراء. وكانت أُوقفت شكري، الأردنية الجنسية، مع 11 شخصاً آخر بينهم 7 من موظّفي «برنامج الأغذية العالمي»، و3 من موظّفي «اليونيسف». وردّت وزارة خارجية صنعاء على اتّهامات أممية لها باعتقال موظّفين أممين، بدعوة الأمم المتحدة إلى الالتزام بمعايير العمل الإنساني. واعتُبر ذلك تلميحاً إلى أنّ السلطات تمتلك أدلّة تثبت تورّط بعض العاملين في منظمات دولية بالتجسّس لصالح إسرائيل.

وجدّدت حكومة صنعاء التي هدّدت، الشهر الماضي، بوقف التعامل مع المبعوث الأممي على خلفيّة اتّهامها له بالانحياز إلى القوى الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، منتصف الأسبوع الجاري، انتقادها لمنطق غروندبرغ، واعتبرت «ما جاء في إحاطته الأخيرة التي قدّمها إلى مجلس الأمن، غير منصف، و يتجاهل الأسباب الجذرية للأزمة الإنسانية في البلاد»، مشيرة إلى أنه «لم يذكر الطرف المعرقل لعملية السلام، وعلى رأسه الولايات المتحدة التي أعاقت تنفيذ خريطة الطريق».

واتّهمته بالتركيز على ملف الموقوفين من موظّفي الأمم المتحدة، معتبرة ذلك تجاوزاً لدوره كوسيط. وكان المبعوث الأممي قد أكّد، في إحاطته إلى المجلس، أنّ «دوامة العنف الراهنة في المنطقة تدفع باليمن بعيداً عن عملية يمكن أن تُفضي إلى سلام مستدام»، داعياً إلى إعادة توجيه الاهتمام نحو اليمن، وهو ما عكس رغبته في وقف التصعيد ضدّ إسرائيل والتركيز على التحدّيات الداخلية.

رشيد الحداد رشيد الحداد الخميس 18 أيلول 2025

قد يعجبك ايضا