المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية : معركة البحر الأحمر هددت استراتيجية البحرية الأمريكية وكشفت خللاً واضحاً في معادلة تكاليف الدفاع
قال المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية إن المواجهات الأخيرة في البحر الأحمر كشفت خللاً واضحاً في معادلة تكاليف الدفاع البحري، بحيث أن أسلحة اعتراضية متطورة تُستهلك لمواجهة هجومات طائرات وصواريخ مسيّرة رخيصة الثمن، مما يضع حاملات السفن والمدمرات في موقف يعتمد أكثر على عمق مخزون الذخيرة منه على جودة الأنظمة، محذراً من أن هذا الخلل قد يتحول إلى مشكلة استراتيجية كبيرة في صراع ممتد أو ضد منافس صناعي ضخم.
وأوضح التقرير المنشور في موقع التحليل والتعليق التابع للمعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية The Strategist . أن الأسطول يعاني من «نموذج اقتصادي-تكتيكي غير مستدام» حيث تُستخدم طلقة أو صاروخ يكلف ملايين الدولارات لاعتراض طائرة بدون طيار أو قذيفة تبلغ قيمتها بضع آلاف من الدولارات، ما يخلق علاقة تكلفة غير متكافئة تقوّض القدرة على الصمود في مواجهات طويلة الأمد.
وأشار التقرير إلى أرقام توضح الفجوة: صواريخ مثل SM‑2 وSM‑6 تُعد من أفضل وسائل الاعتراض لكنّ كلفة كل وحدة من هذه الصواريخ تُقارب ملايين الدولارات، وهو ما يجعل إعادة ملء المخازن عبئاً مالياً ملموساً على الميزانيات الدفاعية، وهذه الحسابات تُستند أيضاً إلى دراسات أوسع تناولت تكلفة وحاجة التخزين والتزويد للذخائر الموجهة.
كما نبه التقريى إلى أن البحرية الأميركية أطلقت أكثر من مئة صاروخ اعتراضي لاعتراض العمليات اليمنية في البحر الأحمر، وطلبات ميزانية البنتاغون لإعادة تكديس هذه الذخائر تُظهر الضغوط المالية الناتجة عن هذا الإنفاق المتكرر، خصوصاً إذا تحوّلت المواجهات إلى نزاع مُطوّل.
كما أن النقطة الجوهرية التي يسلّط عليها التقرير الضوء هي «عمق المخزون»؛ فالسفينة التي أطلقت صاروخاً ثم لم يعد لديها ذخيرة كافية قد تواجه صعوبة بالغة في التصدي لتهديدات أكثر تطوراً لاحقاً، وبناءً على ذلك، اعتبر التقرير أن الاعتماد الكبير على عدد محدود من الوحدات البحرية عالية التقنية والمتعددة المهام —كالمدمرات المتقدمة— قد لا يكون كافياً في بيئة تواجه تهديدات غير متكافئة ورخيصة التكلفة.
وأضاف التقرير أن الخصم ذي القدرات الصناعية الكبيرة (مثلاً دولة قادرة على إنتاج أعداد هائلة من صواريخ أو طائرات مسيّرة بتكلفة منخفضة) قد يخوض استراتيجية استنزاف بإغراق ساحة القتال بوحدات رخيصة، ما يدفع القوات المدافعة إلى استنزاف مخزونها الغالِي قبل أن يحدث انفجار قتالي أوسع.
ويشير التقرير إلى أن الحاجة الآن قائمة لتبني حلول أقل كلفة —مثل استعمال ذخائر موجهة منخفضة الثمن أو أسلحة إلكترونية/ليزرية أو منصات جوية وسريعة التعبئة— لتقليل هوة التكلفة بين الهجوم والدفاع.
وأوصى التقرير بأن تستفيد التخطيطات البحرية المستقبلية —بما في ذلك تصاميم السفن والتجهيزات التي ستشتريها أستراليا وحلفاؤها القريبون من المنظومات الأميركية— من دروس البحر الأحمر عبر التركيز على مخزونات ذخيرة أعمق، دفاعات متعددة الطبقات، وتوزيع القوة على منظومات أصغر وأكثر قابلية للتجدد بدلاً من الاعتماد الكلي على عدد قليل من السفن باهظة الثمن.
وحذر التقرير أن «الخسارة اقتصادياً وصناعياً» في حرب استنزاف ليست أمراً هيناً.