المقاطعة الاقتصادية: السّلاح الشعبي الفعّال في وجه الهيمنة والعدوان

في ظل الانحياز السافر من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني ضد قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما يرتكبانه بحق أبناء قطاع غزة من جرائم وحشية لا نظير لها في العصر الحديث، تبرز المقاطعة الاقتصادية اليوم كسلاح فعّال تمتلكه الشعوب، بعيدًا عن الأنظمة الخانعة المقيدة بالتبعية أو الضغوط الدولية. إنّ هذا السلاح المشروع أثبت عبر تجارب كثيرة قدرته على إيلام الشركات الداعمة للاحتلال والضغط على دوائر صنع القرار في الغرب.

لقد أدركت الشعوب، خصوصًا بعد مجازر غزة الأخيرة، أن كل دولار يُدفع مقابل منتج أمريكي أو إسرائيلي قد يتحوّل إلى رصاصة تُزهق بها أرواح الأبرياء. ومن هنا، بدأت موجات المقاطعة تتجدد وتتصاعد، لا بوصفها حملة عابرة أو ردّة فعل عاطفية، بل كخيار مقاوم ممتد في عمق الوعي الجمعي الحر

تجربة الشعوب تؤكد الفاعلية                                                                                                                                                        

التجربة التاريخية لحملات المقاطعة – من جنوب أفريقيا في حقبة الأبارتهايد، إلى الحملات الحديثة ضد شركات مثل “ستاربكس”، و”ماكدونالدز”، و”كوكاكولا”، و”بيبسي”، و”HP”، و”بوما”، و”نايكي”، وغيرها – تؤكد أن الشركات متعددة الجنسيات ليست بمنأى عن خسائر فادحة حين يوجه المستهلك وعيه وخياراته نحو بدائل محلية أو غير داعمة للعدوان.

سلاح المقاطعة يضرب الاقتصاديات الداعمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي

وقد سجلت دراسات اقتصادية أن بعض الشركات الأمريكية خسرت خلال فترات ذروة المقاطعة في العالم الإسلامي ملايين الدولارات. وفي ظل ثورة التكنولوجيا وانتشار الوعي، بات من السهل تعقب الشركات المتورطة في دعم الاحتلال الإسرائيلي سياسيًا أو ماديًا، وملاحقتها شعبيًا واقتصاديًا.

المقاطعة ليست شعارًا.. بل جهادًا شعبيًا                                                                                                                                   

في الوقت الذي تقف فيه معظم الأنظمة العربية صامتة أو متواطئة تجاه الجرائم اليومية بحق الفلسطينيين، تمثل المقاطعة أداة ضغط حقيقية، بل عمل جهادي. إنها رسالة مفادها: “لن نكون شركاء في دماء إخوتنا، ولن نغذي آلة القتل بأموالنا”. وهذا يتطلب ليس فقط الامتناع عن الشراء، بل نشر الوعي، وتوسيع نطاق التأثير، وربط المقاطعة بخطاب ثقافي وديني وأخلاقي يُعزز المسؤولية الفردية والجماعية.

في اليمن موقف شعبي ورسمي متقدم                                                                                                                                   

اليمن، الذي يعيش منذ سنوات تحت حصار وعدوان، كان له السبق في تبنّي المقاطعة كجزء من معركته التحررية. وقد دعا قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي مرارًا إلى المقاطعة، معتبرًا إياها واجبًا دينيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا, وتفاعلت الأسواق الشعبية والمؤسسات التجارية مع هذه الدعوة، مما أحدث أثرًا اقتصاديًا ملموسًا، وأعاد الاعتبار لقيمة المقاطعة كسلاح شعبي ناعم لكنه موجع.

إن المقاطعة الاقتصادية ليست بديلًا عن المواجهة العسكرية أو السياسية، لكنها أحد أركان الجهاد الشامل، ورافعة للضغط الشعبي الذي يُقلق العدو ويحرجه أمام العالم, إنها معركة الوعي، وساحة يملك فيها الفرد البسيط قوة تغيير حقيقية.. كل ريال يُنفق بوعي، هو طلقة في صدر المحتل.

الكاتب: محرر الحقيقة

قد يعجبك ايضا