اليمن في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس: إيمانٌ، وعطاء، تضحيةٌ، وثبات مستمر في وجه العدوان الصهيوني قراءة في كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)
اليمن في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس: إيمانٌ، وعطاء، تضحيةٌ، وثبات مستمر في وجه العدوان الصهيوني
قراءة في كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) حول آخر التطورات والمستجدات الأسبوعية الخميس 24 ربيع الآخر 1447هـ
………………
تضيء الكلمة على تضحيات الشهداء، وأدوار محور المقاومة، وتطورات العمليات العسكرية والأمنية، وترسخ حقيقة أن معركة التحرر ليست مجرد صراع مسلح، بل منظومة متكاملة من الوعي الشعبي، والعمل المؤسسي، والإسناد الإعلامي، والصمود الاجتماعي. كما تكشف عن حقيقة العدو الإسرائيلي وأطماعه، وتدعو الأمة إلى اليقظة الدائمة، والبناء على الصحوة العالمية، والاستمرار في طريق العزة والحرية، مستلهمين من القرآن الكريم الهداية واليقين بالنصر.
إنها كلمة تحي الأمل في النفوس، وتؤكد أن التضحيات لا تذهب سدى، وأن إرادة الشعوب الحرة قادرة على قلب موازين القوى، مهما عظمت المؤامرات وتعاظمت التحديات. في ظل هذا الإيمان، يثبت اليمن أنه حاضر في قلب المعركة، يبني قدراته، ويحفظ هويته، ويواصل طريقه بثبات نحو النصر والكرامة والاستقلال، حتى تتحقق وعد الله بزوال الطغيان وانتصار الحق في هذا التقرير نستعرض أبرز ما ورد في الكلمة:
الذكرى السنوية لاستشهاد القائد يحيى السنوار مدرسة الصمود والوفاء
في مستهل كلمته تحدث السيد القائد عن الذكرى السنوية لاستشهاد القائد المجاهد الكبير يحيى السنوار “رحمه الله”، ذلك الرمز الذي شكل عنواناً بارزاً للصمود الفلسطيني، وترك للأجيال إرثاً من الدروس العظيمة في التضحية والثبات والعطاء في سبيل الله تعالى. لقد جسّد السنوار في حياته ومماته منظومة فريدة من القيم الراقية: الصبر، والصدق، والوفاء، والثبات، والوعي العالي، حتى غدا مدرسة ملهمة لكل الأحرار والمجاهدين في جهادهم ضد العدو الإسرائيلي.
وفي استلهام لسيرته، يؤكد السيد القائد أن عطاؤه المثمر في خدمة القضية الفلسطينية قد تجلّى بوضوح في ملحمة “طوفان الأقصى”، الحدث التاريخي الذي شكّل نقلة نوعية في مسار مقاومة الشعب الفلسطيني والأمة جمعاء.
ولا تقتصر الذكرى على السنوار فحسب، بل تمتد لاستذكار جميع القادة العظماء والشهداء الأبطال في فلسطين، أولئك الذين صاغوا بدمائهم وحضورهم معنى العطاء العظيم في ساحات الجهاد والمقاومة.
ويمتد الحديث كذلك إلى جبهات الإسناد، وعلى رأسها جبهة حزب الله في لبنان، وما قدمته من تضحيات كبرى عبر قادتها ومجاهديها وعلى رأسهم شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله “رضوان الله عليه”، ثم الجمهورية الإسلامية في إيران التي واجهت العدوان الإسرائيلي بثبات ومساندة لا تلين، مجسدةً دورها المحوري في دعم القضية الفلسطينية ومناصرتها، ومقدِّمةً الشهداء وفي طليعتهم الحاج قاسم سليماني، في ملحمة مستمرة منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”.
إن هذا العطاء الممتد من مختلف الجبهات، والموقف الصادق في الإسناد والدعم، يرسخان وحدة الأمة الإسلامية في مواجهة العدو الإسرائيلي، الذي يشكّل خطراً وجودياً عليها وعلى المجتمعات البشرية جمعاء.
اليمن… جبهة الإسناد والتضحية المتواصلة
يركز السيد القائد في كلمته على أن عطاء الشعب اليمني في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس يمثل نموذجاً فريداً في التضحية والثبات. ويؤكد أن جبهة الإسناد اليمنية تميزت بموقفها القوي، ومبادرتها منذ اللحظة الأولى للأحداث، واستمرارها في تقديم الشهداء بسخاء وإيمان لا يتزعزع.
ويبرز السيد القائد بإجلال خبر استشهاد القائد الكبير، رئيس هيئة الأركان، المجاهد العظيم محمد عبد الكريم الغماري “رضوان الله عليه”، معتبراً أن هذا الاستشهاد يُتوّج مسيرة الجهاد اليمني، ويكرّس إسهامات اليمن البارزة في نصرة القضية الفلسطينية، ضمن ملحمة الإسناد الفاعلة التي لم تتوقف منذ بداية المواجهة وحتى اليوم. ويشدد السيد القائد على أن هذا العطاء هو قربان إلى الله، وأن موقف اليمن الرسمي والشعبي في التضحية والثبات يستحق أن يُدرّس على مستوى الأمة الإسلامية، خاصة وأن الشعب اليمني تحرك بوعي راسخ لا يخشى إلا الله، متجاوزاً القيود التي حاول أعداء الأمة فرضها لمنع نصرة فلسطين.
وفي هذا المقام، يتوجه السيد القائد بخالص العزاء والمواساة إلى أسرة الشهيد الغماري وجميع رفاقه في القوات المسلحة، وإلى مؤسسات الدولة والشعب اليمني العزيز، بل وإلى الأمة الإسلامية جمعاء، مؤكداً أن الشهيد العظيم لم يألُ جهداً في الإسناد الفاعل للشعب الفلسطيني، وأن نتاج هذه التضحيات سيبقى حياً وفاعلاً، حيث يواصل رفاقه المجاهدون المسيرة بكل كفاءة وإيمان وسد للفراغ الذي تركه الشهيد.
ويتوجه السيد القائد بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من اليمن هذا العطاء الكبير بالشهداء العظماء، ويخص بالذكر مسؤولي الدولة والكوادر والجيش والبحرية والصاروخية والطيران المسيّر، وكل فئات الشعب اليمني، مؤكداً أن هذا العطاء يمثل علامة فارقة في تاريخ الأمة وملاحم الجهاد المعاصر.
اتفاق وقف العدوان وانكشاف فشل العدو
يشير السيد القائد في هذه الذكرى إلى أن مسار إعلان الاتفاق لوقف العدوان على غزة يمثل دليلاً دامغاً على فشل العدو الإسرائيلي، الذي اضطر هو ورعاته من الأمريكيين والغربيين إلى الدخول في مفاوضات وصفقة تبادل الأسرى بعد عجزهم عن تحقيق أهدافهم العسكرية والسياسية المعلنة وغير المعلنة.
ويحلل السيد القائد حجم الدعم الهائل الذي تلقاه العدو الإسرائيلي، من أسلحة وعتاد حربي متطور، ومن دعم سياسي واقتصادي غير مسبوق من أمريكا والغرب، ومن تحركات الصهيونية العالمية بكامل نفوذها وإمكاناتها، ومع ذلك لم يستطع هذا العدو أن يفرض سيطرته على قطاع غزة أو أن ينهي المقاومة أو يستعيد أسراه إلا عبر صفقة تبادل، رغم مستوى الإجرام الذي وصل إلى حد الإبادة الجماعية والتدمير الشامل لقطاع غزة وارتكاب أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني.
ويؤكد السيد القائد أن هذا الفشل الكبير يُقاس بحجم الإمكانات التي امتلكها العدو، وحجم المشاركة الغربية والأمريكية، وما ارتكبه من جرائم تستحق أن تُسمى بجريمة القرن، لكنه واجه إرادة فولاذية من المجاهدين والشعب الفلسطيني، الذين رغم الحصار والخذلان، تمكنوا بإمكانات محدودة من فرض معادلتهم وإرغام الاحتلال على الخضوع للصفقة.
ويضيف أن العدو الإسرائيلي كان بإمكانه منذ اليوم الأول عقب عملية طوفان الأقصى أن يتجه إلى صفقة تبادل للأسرى، ويجنب المنطقة كل ما ارتكبه من جرائم وطغيان، لكنه بسبب عدوانيته وتقديراته الخاطئة ظن بدعم أمريكا والغرب أنه سيحقق كافة أهدافه، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك، حيث تصدعت حساباته أمام صمود المقاومة وتضحيات الشعب الفلسطيني المستمرة منذ ثمانية عشر عاماً من الحصار.
بهذا، يجدد السيد القائد التأكيد على أن الاتفاق هو شهادة واضحة على عجز الاحتلال، وعلى قوة الإرادة الفلسطينية التي قلبت موازين الصراع وأربكت استراتيجيات العدوان وأعوانه.
خروقات الاحتلال واستمرار اليقظة
يواصل السيد القائد في كلمته التركيز على المسار الراهن للاتفاق، كاشفاً عن استمرار الخروقات الإسرائيلية، التي تتخذ أشكال القتل المتواصل لأبناء الشعب الفلسطيني، والمضايقات المتكررة في إدخال المساعدات الإنسانية التي تُعد حقاً مشروعاً ومعترفاً به عالمياً. ويشير السيد القائد إلى أن العدو الإسرائيلي يسعى بشكل ممنهج لتقليص حجم المساعدات والاحتياجات الضرورية التي تدخل إلى قطاع غزة، ضارباً بالأرقام المتفق عليها عرض الحائط، في محاولة لإبقاء الحصار والضغط المستمر على الفلسطينيين.
ويلفت إلى تعامل الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، موضحاً أن العالم بات شاهداً على ما ارتكبه من جرائم تعذيب وقمع بحقهم، والتي ظهرت آثارها بوضوح، في تجاهل تام لكل القيم الأخلاقية والإنسانية والقانونية. ويضيف: “لقد كشف الاحتلال عن وحشيته المطلقة، ولم يلتزم بأي ميثاق ولا قانون، بل تجاوز كل الضوابط الإنسانية في معاملته للأسرى والشهداء.”
كما يشيرإلى جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال بدم بارد، حيث أُعيدت جثامين بعض الشهداء وهم مكبلو الأيدي ومعصوبي الأعين، ودلت الأدلة على عمليات إعدام ميدانية، بالإضافة إلى جرائم فظيعة مثل دهس الجثامين بجنازير الدبابات، في مشهد يعكس مدى الحقد والعدوانية التي يحملها هذا الكيان.
لافتا إلى محاولات الاحتلال المستمرة لمنع مظاهر الفرح بعودة الأسرى، ومداهمته لمنازل ذويهم، ومنع أهالي الأسرى المبعدين من السفر إليهم، في سياسة ممنهجة تفضح عقلية الانتقام والحقد. كما يكشف عن تحريك الاحتلال لعملائه الخونة للسيطرة على بعض المناطق، والسعي لتصوير ذلك على أنه “حرب أهلية”، لكن الأجهزة الأمنية في غزة نجحت في حسم الأمر، بدعم شعبي واسع من العشائر والقبائل وكافة فئات الشعب الفلسطيني، الذين أكدوا وقوفهم مع المقاومة وضد العصابات العميلة.
ويعلق السيد القائد على تصريحات القيادة الوسطى الأمريكية المتضامنة مع هذه العصابات، والتي تدعي الأسف على الفلسطينيين في تناقض صارخ مع حقيقة مشاركتها المباشرة في الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، قائلاً: “من يدّعي الشفقة في الإعلام، هو ذاته من يشارك بالسلاح والتخطيط في جريمة القرن التي قتلت آلاف الأطفال والنساء وحرمت حتى الرضع من الغذاء.”
ويؤكد السيد القائد على أهمية استمرار اليقظة والجهوزية، نظراً لطبيعة العدو الإسرائيلي العدوانية، وعدم التزامه بأي اتفاق إلا تحت الإرغام، مشدداً على ضرورة المواكبة المستمرة والاستعداد لأي تطورات في الساحة، في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية في لبنان وسوريا، وضمان أن تظل المقاومة في أعلى درجات الاستعداد لمواجهة كل التحديات المقبلة.
محور الجهاد وجبهات الإسناد وتوازن الردع
يخصص السيد القائد في كلمته مساحة هامة لتسليط الضوء على الدور الاستراتيجي الذي اضطلع به محور الجهاد والدفاع المقدس وجبهات الإسناد في نصرة الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن هذه الجبهات شكلت رافعة حقيقية في تغيير معادلات الصراع مع العدو الإسرائيلي.
في مقدمة هذه الجبهات، يشيد السيد القائد بدور حزب الله في لبنان، الذي قدّم منذ اللحظة الأولى دعماً عظيماً للمجاهدين الفلسطينيين، ووقف بثبات في مواجهة العدوان الإسرائيلي. يشير السيد القائد إلى أن جبهة لبنان لم تقتصر على الإسناد والدعم، بل خاضت معركة مباشرة ألحقت بالعدو خسائر فادحة، وأفشلت مخططاته الرامية إلى القضاء على المقاومة في لبنان، ليخرج منها الاحتلال الإسرائيلي بفشل ذريع يؤرخ لتحول نوعي في المقاومة الإقليمية.
وفي سياق التطورات المهمة، يشير إلى إسهام فصائل المقاومة العراقية، التي مثّلت مصدر قلق كبير للعدو الإسرائيلي، وأثبتت حضورها الفاعل في معادلة الردع، مما وسّع دائرة المواجهة وأربك حسابات الاحتلال.
ويبرز السيد القائد كذلك دور الجمهورية الإسلامية في إيران، التي تبوأت موقع المقدمة في محور الإسناد والدعم، وأظهرت ثباتاً استثنائياً أمام التحديات والضغوط المتواصلة. ويؤكد السيد القائد أن إيران واجهت العدوان الإسرائيلي المباشر بدعم أمريكي، وخاضت معه مواجهة عسكرية استمرت اثني عشر يوماً، خرج منها الاحتلال مهزوماً، متلقياً ضربات موجعة، في مشهد جسّد مدى قوة وصلابة محور المقاومة في مواجهة مشاريع الهيمنة الإسرائيلية.
اليمن… زخم شعبي وإعلامي في معركة الفتح الموعود
يخصص السيد القائد جزء مهم من كلمته المباركة عن جبهة الإسناد اليمنية و معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، مؤكداً على أن هذه الجبهة تميزت بموقف رسمي وشعبي متكامل، تحرر من كل السقوف الأمريكية، وانطلق من معيار الواجب الديني والمسؤولية الإيمانية، ليشكل نموذجاً رائداً في الزخم الشعبي والأنشطة الميدانية.
يشير السيد القائد إلى الحراك الشعبي غير المسبوق، حيث جسد الشعب اليمني حالة استثنائية من التعبئة والوعي، عبر مظاهرات مليونية أسبوعية متواصلة على مدى عامين، في أكثر من ألف وأربعمائة ساحة، إلى جانب مئات الآلاف من الأنشطة والوقفات والندوات التي شملت جميع فئات المجتمع.
ويركز على أهمية الأنشطة التعبوية التي شملت العروض العسكرية والمناورات وبرامج التدريب والتأهيل، والتي أخرجت أكثر من مليون مجاهد، وأحدثت نقلة نوعية في القدرات الدفاعية، ليصبح الشعب اليمني في طليعة جبهات الإسناد على المستوى الإقليمي.
ويبرز دور رابطة علماء اليمن، وبرعاية المفتي العلامة شمس الدين شرف الدين، في قيادة جهد توعوي وموقف ديني مسؤول، حيث قدّم العلماء نموذجاً راقياً في بيان الحق ونصرة القضية الفلسطينية، وتصدروا المشهد الشعبي في الفعاليات والبيانات والمواقف الصريحة التي عبرت عن الواجب الديني الحقيقي في مواجهة العدوان الإسرائيلي والصهيونية العالمية.
كذلك النشاط الطلابي والجامعي، الذي تميز بالمظاهرات والفعاليات الواسعة للطلاب والأساتذة والمدرسين، مؤكداً أن هذا الحراك يعكس مستوى وعي ونضج المجتمع اليمني، ويبرز الفارق الجوهري بينه وبين مجتمعات أخرى في المنطقة.
ولا يغفل السيد القائد الإشارة إلى الوقفات القبلية المسلحة، حيث خرجت القبائل اليمنية برجالها وعتادها، معبرة عن موقف إيماني شجاع وثابت، أفشل مؤامرات الأعداء، وحافظ على السلم الاجتماعي، ووجّه الجهود في إطار الجهاد في سبيل الله تعالى.
وفي مسار الإعلام، يؤكد السيد القائد أن الإعلام اليمني خاض معركة ضارية في مواجهة ماكينة الدعاية الصهيونية والأمريكية، التي حاولت تشويه المقاومة وتزييف الحقائق. ويخص فرسان الجهاد الإعلامي بالتحية والتقدير، مشدداً على أهمية استمرارهم في تطوير الأداء ودعم جبهة الوعي، حيث أصبح تأثيرهم محل شكوى الأعداء وأبواقهم، وقدموا شهداء في سبيل الكلمة الحرة والموقف الحق.
مسار العمليات العسكرية اليمنية
ويعلى السيد القائد من الدور الحاسم لجبهة الإسناد اليمنية في ميدان العمليات العسكرية، حيث انتقل الدعم من الحراك الشعبي والإعلامي إلى الفعل الميداني المباشر، عبر الصواريخ والطائرات المسيَّرة والعمليات البحرية. ويؤكد السيد القائد أن العمليات العسكرية استمرت بوتيرة عالية وزخم متصاعد، وتمكنت من فرض حصار بحري فعّال على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، مما شكّل تحوّلاً استراتيجياً في ميدان الصراع.
ويشير السيد القائد إلى أن الضربات اليمنية بالصواريخ والطائرات المسيَّرة استهدفت مواقع حساسة للعدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، بينما لعبت العمليات البحرية دوراً محورياً في منع السفن الإسرائيلية من التحرك في المسارات البحرية الحيوية، وهو ما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا للدخول المباشر في العدوان، من خلال آلاف الغارات الجوية والبحرية، واستخدام أكثر الأسلحة تطوراً، في محاولة فاشلة لكسر إرادة اليمنيين.
ويلفت إلى نتائج هذه المواجهة، التي تحولت فيها حاملات الطائرات الأمريكية من رمز للقوة إلى عبء استراتيجي، واضطرت للانسحاب من المواجهة، بينما كشفت المواجهة عن ابتكار يمني متجدد في تطوير الصواريخ الباليستية واستخدامها بدقة في العمليات البحرية، في سابقة عسكرية شهد بها خبراء العالم.
كما يؤكد السيد القائد أن كل محاولات الحلف الأمريكي-الإسرائيلي-البريطاني فشلت في إيقاف الموقف اليمني أو تعطيل القدرات الدفاعية، وأن الشعب اليمني واصل تطوير إمكاناته وتحويل التحديات إلى فرص، في معركة أصبحت عنواناً للابتكار العسكري والإصرار الشعبي.
وينوّه السيد القائد بأن هذه الإنجازات لم تكن بلا ثمن، فقد قدم الشعب اليمني قوافل من الشهداء، لكنه مع كل تضحياته ازداد ثباتاً وصموداً، وواصل عطائه في سبيل الله، متيقناً أن الشهادة ليست خسارة، بل شرف عظيم، وأن قوة المجتمع اليمني في وعيه وإمكاناته وكوادره المؤهلة، التي لا توهنها التضحيات ولا تُضعفها الضغوط، بل تزيدها إصراراً على مواصلة المشوار حتى النصر.
المسار الأمني وإفشال مخططات الاستهداف
يشدد السيد القائد في تحليله على أهمية المسار الأمني في مواجهة الأعداء، مؤكداً أن هذا المسار يمثل توأماً للمجال العسكري في الصراع، حيث يركز الأعداء جهودهم على تحريك الخلايا التجسسية، وتنفيذ العمليات الإجرامية، وإثارة الفوضى الداخلية لصالح مشاريعهم العدوانية. ويوضح السيد القائد أن كل هذه المسارات التخريبية، رغم الإمكانات الكبيرة التي سُخرت لها، فشلت فشلاً ذريعاً أمام يقظة الأجهزة الأمنية وكفاءة الشعب اليمني.
ويلفت إلى أخطر مسارات الاستهداف، المتمثل في الخلايا التجسسية التي تحركت تحت غطاء المنظمات الإنسانية مثل برنامج الغذاء العالمي واليونيسف، حيث استخدمت بعضها مواقعها كغطاء لأنشطة عدوانية خطيرة، من اختراق الاتصالات الوطنية إلى توفير الإحداثيات والرصد لصالح العدو الإسرائيلي، مشيراً إلى وجود أدلة قاطعة على تورط برنامج الغذاء العالمي في جرائم بارزة، منها دور الخلايا المرتبطة به المحوري في استهداف اجتماع الحكومة ورئيس الوزراء ورفاقه الشهداء.
ويكشف السيد القائد أن الأعداء سعوا لتوظيف الانتساب للمنظمات الأممية لحماية هذه الخلايا من المحاسبة، وتسهيل تحركاتها واستخدامها لأجهزة وتقنيات متطورة في الرصد والتجسس، مؤكداً أن اللوم الحقيقي يجب أن يتجه إلى الأمم المتحدة وتلك المنظمات، التي غضت الطرف عن اختراقاتها العدوانية، ووجهت الانتقاد للأجهزة الأمنية في صنعاء، في محاولة لتبرئة المجرمين وتوفير الحماية لاستمرار نشاطهم الإجرامي.
ويؤكد السيد القائد أنه لا يوجد في مواثيق الأمم المتحدة أو القوانين الدولية ما يبرر أن تكون المنظمات الإنسانية أو الأممية غطاءً للأعمال التجسسية والعدوانية، وأن الدور الإجرامي الذي يستهدف أمن الشعوب ويساعد على القتل والعدوان لا يمكن أن يكون إنسانياً أو مشروعاً بأي وجه.
الثبات والإيمان بالمستقبل
يختم السيد القائد كلمته بالتأكيد على أن شعبنا العزيز انطلق من منطلق إيماني وجهادي، ولا يزال مستمراً في بناء قدراته، ومحافظاً على عناصر القوة والإعداد، إدراكاً منه لطبيعة الصراع مع العدو الإسرائيلي وشريكه الأمريكي، الذي يمثل خطراً مستمراً على الأمة، ويواصل مخططاته العدوانية في فلسطين وفي المنطقة برمتها، في إطار مشروع صهيوني لا يتوقف، حتى وإن هدأت جولة من جولات العدوان.
يشدد السيد القائد أن العدوان الأخير كشف بوضوح حقيقة العدو الإسرائيلي، وفضح إجرامه وعدوانيته وخطورته الفادحة على الأمة، وضرورة اليقظة وعدم التهاون تجاه مؤامراته، مهما حاول الموالون له ولأمريكا صرف أنظار الأمة عن حقيقة الصراع، أو إشغالها بالفتن والمشاكل الداخلية.
ويرى السيد القائد أن الأمة بحاجة دائمة إلى الاسترشاد بالقرآن الكريم وحقائق الواقع، فالله تعالى بيّن في كتابه من هو العدو، ووجهنا إلى كيفية المواجهة في كل الميادين، مؤكداً على ضرورة التمييز بين مسار الأعداء الذين يواصلون مخططاتهم بعد كل جولة، ويبنون أنفسهم لجولات قادمة، وبين بعض العرب الذين يظنون أن المشكلة انتهت، أو أن الخطر الإسرائيلي زال، فيغفلون عن حقيقة استمرار الاحتلال والمخطط الصهيوني.
ويحث السيد القائد على ضرورة الحفاظ على منجزات الشعب اليمني في وعيه وروحيته الجهادية وبناء قدراته العسكرية والتدريبية، وعدم توقف العمل في كل المسارات، حتى وإن توقفت العمليات العسكرية مؤقتاً، لأن جولات الصراع ستتجدد ما دام الاحتلال قائماً، وما دام العدو الإسرائيلي والأمريكي مستمرين في عدوانهما على فلسطين والأمة.
ويشير السيد القائد إلى المكتسبات الكبرى لعملية “طوفان الأقصى” والمظلومية الفلسطينية، وأثرها في صحوة الضمير الإنساني عالمياً، حيث خرجت مظاهرات كبرى في أوروبا وأستراليا وأمريكا وغيرها، ضاغطة على حكوماتها لإيقاف العدوان على غزة، وللدفع نحو اتفاق تبادل الأسرى، وهو تطور مهم ينبغي البناء عليه وتطويره.
ويثمن السيد القائد الخروج الشعبي المليوني في اليمن، الذي جسد حالة فريدة من الصمود والتعبئة، بجهود اللجان المنظمة والأجهزة الأمنية والشخصيات الاجتماعية والمثقفين وكل فئات الشعب، متوجهاً إليهم بالتحية والتقدير والدعاء بأن يتقبل الله جهودهم وجهادهم العظيم.
وفي ختام كلمته، يؤكد السيد القائد أن موقف اليمن في الإسناد العسكري حاضر وجاهز دائماً، وأنه في حال عودة العدوان الإسرائيلي أو أي تطورات تستوجب ذلك، فإن اليمن سيستمر في دوره، وفق قاعدة القرآن الكريم: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}[الإسراء:8]، واثقاً بنصر الله ووعده الحق بزوال الكيان الإسرائيلي الظالم، وانتصار الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال التام، وأن المستقبل بإذن الله للأمة الحرة الصامدة، بعيداً عن الاستكبار والظلم والطغيان.