بالتوازي مع انتصار “النجاشي” في معركة “لاهاي”.. سعودية “بن سلمان”: من باع “مكة” والأقصى لن يشتري الأندلس!

من يريد أن يعرف، أيّ قاع وصلت إليه سعودية بن سلمان، والتي كانت في زمن فيصلها، رحمة الله عليه، خطا فاصلا بين الحق والباطل، ما عليه إلا العودة إلى أرشيف الرئيس السابق لأمريكا دونالد ترامب، ليرى، كيف حَوَلَ غلام السعودية “محمد بن سلمان” بلاد الحرمين الشريفين، ليس فقط إلى “ماخور دولي”، مفتوح على الجنس والشذوذ وكل موبقات العصر، ولكن لسجن في الهواء الطلق، ضدّ الدعاة الحقيقيين وضدّ كل صوت ينكر عليه ما اقترفه في حق الأرض المقدّسة من مسخ وتشويه ورٍدَّةٍ تجاوزت حتّى زمن سجاح ومسيلمة و”أعل هُبل”..

ترامب وللتاريخ، فرغم أنّه العربيد الذي جسّد فعلا وقولا صورة راعي البقر الأمريكي بوجهه الحقيقي القذر بعيدا عن “هوليوود” الوهم والتزييف والتسويق المبتذل لصورة البطل والمنقذ، ترامب ذاك، ستحفظ له السجلات والصحائف، أنه “الكاوبوي” المهرّج الذي امتلك القدرة على تسمية الأشياء بمسمياتها، بعيدا عن أي مجاملات سياسية لآلهة النفط و”الخِرَاج” والسقي الخليجي، ولعل فضحه لآل سعود من خلال غلامها وولي عهدها المدعو “بن سلمان”، أكبر خدمة قدّمها للأمة العربية، لتعرف أجيالها الحالية والقادمة، أي عرش ذاك وأي مملكة تلك، التي  قَرْصَنَتِ من الإسلام “كعبته”، قبل أن تقرصن من الأمة “مكّتها” وقضاياها وحتى صلاة ربها، فحين نتذكّر ما قاله دونالد ترامب عن علاقة المملكة بالكيان الصهيوني، في اعتراف وإقرار علني يوم كان رئيسا، والذي لخّصه في قوله: “أنه لولا السعودية لكانت “إسرائيل” في ورطة كبيرة”، حين نعرف ونتذكر ذلك، سنفهم، لماذا نتنياهو ومن وراءه شلّته الصهيونية، كانوا مطمئنين بمذبحتهم بغزة، حيث القبة الحديدية، التي كثيرا ما كلّمونا عنها، لم تكن إلا مملكة خادم “الهرمين”، الهرم الأمريكي والهرم الصهيوني، كما أنّ الثقة الصهيونية، كانت مستمدة من عمامة بن سلمان وولاءه المطلق لآل العجل، بعد أن أصبح سجين منشاره الذي قطع به خاشقجي في واحد من مسالخ آل سعود، حين يتعلّق الأمر بتصفية معارضيهم..

بعبارة أكثر وضوحا، إذا أردت أن تعرف السعودية اليوم، بكل تاريخها المغمور الذي كانت تحميه فتاوى الوهابية وشيوخ بول البعير، يكفيك أن تستحضر مقولة دونالد ترامب في تجمع شعبي، حين قال لأنصاره، أنه التقى ملك السعودية وخاطبه بصريح العبارة قائلا: “ادفع لنحميكم”، ليواصل فاضحا مملكة من بول بعير كعرش وكسلطان وكمسخ تم زرعه في أقدس بقعة، وذلك في نفس التجمع بقوله: “..وقد تجاوب معي الملك، حين صارحته بأنه لولانا، ما بقيتم في الحكم لأسبوعين”..

الكلام واضح وترامب ورغم تهريجه وعربدته ناهيك عن تصعلكه، إلا أنه يعرف جيدا عرش بن سلمان وتاريخ تأسيس ونشأة مملكته والأصح قبيلته المجهولة المشرب والأصل، لذلك، فإن  مجنون أمريكا ومهرّجها الأول، كان أكثر الرؤساء الأمريكيين وضوحا وفضحا لخونة الأمة العربية، ليقول لذات الأمة، أن هؤلاء عروشا وتيجانا وممالك، ليسوا إلا أدواتنا التي تحكمكم بالنيابة وبالوكالة عنا، لذلك، فإنّ كل الذي يجري وسيجري من تجسيد لمخططات البيت الأبيض لمشروع مملكة “الهيكل” الموعود والمزعوم، ما هو إلا تحصيل حاصل لمملكة أسّستها بريطانيا في عشرينيات القرن الفارط، لترثها أمريكا في القرن الواحد والعشرين، فيما الهدف كما الغاية والمشروع واحد أوحد..

مناسبة هذا الكلام، تتجاوز مذابح غزة وأي دور لعبته فيها مملكة مهرجان “أجمل وأسرع وأنبح كلب عالمي”، والذي نظمته السعودية بالتوازي مع محرقة غزة، ولكنها، ونقصد المناسبة، هو ما حبلت به مؤخرا سماء سعودية بن سلمان من انقلاب على مقاومة شعب عربي آخر، لا زال يئنّ حتى نيران الاحتلال والقهر، ألا وهو الشعب الصحراوي الشقيق، حيث فيما العالم كله منشغل بمجريات محاكمة الكيان الصهيوني بلاهاي، وذلك بعد أن بعثت جنوب إفريقيا من بطنها رجولة “النجاشي” ليذود عن غزة المحاصرة والمخذولة من خونتها وأعرابها، خرجت علينا مملكة بن سلمان، بانقلاب على الشعب الصحراوي المحتل من طرف مملكة “سادس” السداسية، لتضع يدها في يد المخزن وتتبنّى خريطة الخزي التي ألغت حق الشعب الصحراوي في حريته وتحرّره، والنتيجة، أنّ من خان الأقصى في محرقة غزة وباع مكة في مراقص جدة، لن يشتري ولن ينتصر لا للصحراويين ولا حتى للأندلس..

ليست غزة ولكنها مكة من سقطت!

العار السعودي الذي حبلت به مملكة آل سعود، بارتمائها في حضن نتنياهو بـ”تل أبيب” وبين ذراعي محمد السادس بالمغرب، وذلك في خيانة مزدوجة هي الأقذر ضد الشعبين الفلسطيني والصحراوي، ذلك العار، أسقط آخر ورقة توت من على عورة بن سلمان ورهطه، فرغم كل الطعنات والسقوط والمسخ الذي أغرق المملكة في وحل الخنوع والعمالة والانبطاح على مدار سنوات من “قرصنة” قبيلة لأرض كانت هي الحجاز فأضحت بمباركة وتخطيط وهندسة بريطانية تسمى آل سعود، إلا أنه لا أحد كان يتصوّر أن تكون الخيانة، ليست فقط وجهة نظر، ولكنها “شرف” يتسابق على نيله آل بن سلمان، والمنتهى الذي رست عليه بؤرة الانحطاط والتردي، أنه إذا كان دونالد ترامب، قد فضح عمالة آل سعود، فإن غزة ثم قضية الصحراء الغربية، أثبتتا ما كانت بعض التحليلات تعتبره تشويها للمملكة من طرف أمريكا ترامب، فإذا بالواقع والوقائع يؤكدان، أنهم آل سعود ووراءهم عمائم وآبار النفط، هُم الخنجر المزروع  في خاصرة أمة “مكة” وكعبتها وذلك من يوم التأسيس لكيان السعودية إلى يوم التدليس هذا..

للأسف، نقولها بحسرة، أنها ليست غزة من سقطت ولكنها “مكة”، ونقصد بها نظام المملكة لا الأرض المقدّسة، من سقطت وتم تحييدها كقبلة سماء لآل أرض كانوا هُم الأمة من نهر الفتوحات إلى بحر الفاتحين..

ذات مرة قال بوش الابن، وهو يشدّ رحاله تجاه عراق الحضارة وبغداد التاريخ: “إذا تركنا الإسلام يسيطر على دولة واحدة، فإنّه سيحشد الملايين من المسلمين إليه.. مما سيترتّب عليه الإطاحة بأنظمة الحكم التابعة لنا وإقامة إمبراطورية إسلامية من حدود إسبانيا غربا إلى أندونيسيا شرقا”. والمعنى هنا واضح وله من جذور التأسيس ما له من نتائج ومحصول نعايش إفرازاته اليوم، فالعراق حتى وإن كان تحت سلطة القومية العربية في زمن الشهيد صدام حسين، إلا أنّ خطره كان يكمن في أنه منبع لحضارة إسلامية يمكنها أن تؤسّس لدولة تستمد وجودها من الإسلام بعروبته التي حضنته فتحا وفتوحات، وذلك على حساب ممالك “سايكس بيكو” وعمائم خليجها بدءا من سعودية بن سلمان فإمارات آل نهيان ناهيك عن إمارة قطر وما أنتجته من ربيع “موز” عربي، أسقط قبل الشام طرابلس عمر المختار، والمهم، فيما قاله بوش الابن وحمله مشعلا من أتى بعده سواءً كان أوباما أو ترامب أو عجوز أمريكا جو بايدن، أنّ قوة أمريكا ومن وراءها الغرب و”إسرائيل”، ليست في الصواريخ ولا في الطائرات النفاثة أو في مسمى القبة الحديدية، ولكنها في أنظمة وعمائم “تاريخية” الخيانة، تمّ زرعها وسقيها وحمايتها، لتكون هي الجدار المتقدّم الذي يحمي ويرعى المصالح الأمريكو – أوروبية وصهيونية، كما يمنع أيّ صحوة قادمة أو مشروع تحرّر من الهيمنة الغربية..

من العراق إلى الشام فليبيا، وصولا لفلسطين فاليمن والمغرب العربي ممثلا في جزائر لا زالت صامدة في وجه المؤامرة المعولمة، فإنّ التطورات التي حدثت، كشفت أنّ الخنجر المسموم في جسد الأمة، ليس إلا تلك العمائم الملتفّة حول جسدها، حيث مشروع الهيمنة والسيطرة الغربية والأمريكية، عمره من عمر تأسيس تلك الكيانات النفطية في صفة ممالك وأنظمة عميلة وتابعة وراسخة الولاء والانتماء لمن عجنها عروشا من على ظهر غد الأمة..

منتهى القول، فيما عرّته جنوب إفريقيا بموقفها التاريخي بمحكمة لاهاي ضد الكيان الصهيوني من أمة الأعراب من حكام وأنظمة العار، أنّ التاريخ أعاد نفسه وأنّ الأمة من قدسها إلى غزتها وصولا ليمنها فشامها وعراقها، محاصرة في “شعاب” مكة، لكنه ليس أبا جهل ولا أبا سفيان أو دار الندوة من فعلوها وإنما آل بن سلمان والمتردية والنطيحة وما أكل السبع من كيانات حاكمة باسم الرب، الذي ليست إلا النظام الدولي الجديد وما توارثه من عباءات خيانة، لم تكتف ببيع الأقصى ولكنها قرصنت من الإسلام “كعبته” و”مكّته” وصلاة القادمين من بني جلدته، والمهم كخاتمة خبر و”حبر”، أنّ آخر ما أنتجته صفقات الخيانة والعمالة في مملكة “أعل هبل”، سواء كان رقصا أو تعريا وخمرا، أنّ ألمانيا قرّرت أخيرا، التخلي عن اعتراضها على بيع طائرات “يوروفايتر” العسكرية للسعودية والسبب الذي برّرت به رفع المنع والحظر، اقتناعها، بأنّ موقف مملكة بن سلمان من محرقة غزة، أثبت أنها مساهم رئيسي في أمن “إسرائيل”، لذلك فإنّ دعمها من دعم “إسرائيل” ذاتها وخاصة بعد أن تحوّلت إلى درع لاعتراض صواريخ اليمن،  ناهيك، عن حدث آخر لا يقل خطورة وسقوطا عن الاعتراف الألماني بدور السعودية المساند والحامي لـ”إسرائيل”، والمتمثل في فتح بن سلمان لأبواب مكة أمام وزيرة هندوسية، معروفة بعدائها للإسلام والمسلمين، وذلك بعد أن وطأت أقدامها، ليس جدة أو الرياض، ولكن ساحة وسجاجيد المسجد النبوي الشريف، في تدنيس علني لكل قدسية ومقدس، ولسان الحال هنا، مختزله.. لقد باع بن سلمان كل شرف للإسلام والمسلمين، وطبعا مكة بقبلة كعبتها من تحتاج الآن، قبل اليوم، لأن تستعاد من طرف قراصنة التاريخ والعروش والصلاة، فالقضية برمتها لم تعد في غزة تم تهجير أهلها ولكنها في مكة تم اغتصاب صلاتها قبل كعبتها المكرمة.

 

أسامة وحيد – الجزائر

قد يعجبك ايضا