زمن المفارقات!

يكتبها/ حمدي دوبلة

-في كولومبيا ورئيسها الفذ غوستافو بيدرو، يمضون في مساعيهم المحفوفة بالمصاعب لإنشاء جيش دولي من أجل تحرير فلسطين باعتبارها الدولة الوحيدة في زماننا التي ما زالت تحت الاحتلال القهري، وهنا في بلاد العروبة والإسلام من يسعى جاهدا لإرسال قوات عسكرية إلى الأراضي المحتلة، ليس لمواجهة المحتل، بل لمواجهة وتأديب حماس والقضاء على المقاومة في غزة، كما أفصح عن ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أيام.

-وفي بلاد الرئيس بيدرو الذي فرض القاتل الأمريكي عليه وعلى أسرته عقوبات وإجراءات صارمة نظير مواقفه المشرفة كان قرار القيادة الكولومبية بوضع الذهب المصادر من التجار المخالفين وعصابات الجريمة المنظمة من أجل علاج أطفال غزة المصابين بصواريخ ترامب ونتنياهو والمساهمة في إعادة إعمار القطاع، بينما يذهب المال العربي وبالمليارات والتريليونات لصالح أمريكا وإسرائيل ودعم وإنعاش الاقتصادات الغربية القائمة على امتصاص ثروات ودماء شعوب الأمة.

-لن يطول الوقت كثيرا حتى يفصح ترامب بالتفاصيل المملة عن الحلفاء في الشرق الأوسط المتحمسين لإرسال جيوشهم إلى غزة من اجل قتال وتأديب حماس، وفق قوله، كما لن يطول الزمن لتتكشف المزيد من الخيانات العربية والإسلامية لمقدساتهم وقضيتهم الأولى.

-من مفارقات هذا الزمان الأرعن كذلك هرولة بلد عربي مسلم وذي ثقل عالمي وإقليمي مثل المملكة السعودية نحو مستنقع التطبيع، بينما ينبري مجرم معتوه مثل الإرهابي سموتيريتش وهو المسمى وزير مالية الكيان إلى الرفض علانية لمساعي المملكة للتطبيع مع كيانه اللقيط قبل أن يوجه الإساءات البالغة لقادة وسكان نجد والحجاز وهو يطلب منهم صراحة أن يواصلوا هواياتهم في ركوب الجمال في رمال الصحراء وستواصل بلاده التطور بحق في الاقتصاد والمجتمع والدولة وكل الأمور العظيمة والرائعة التي تعرف كيف تفعلها ولا حاجة لبلاده المتطورة – كما يقول- لتبرم اتفاقيات تطبيع مع بلد لا يجيد غير ركوب الإبل في الرمال.

-مؤخرا أجرت قناة فضائية أمريكية حوارا مع فلسطيني يتبوأ منصب الناطق الرسمي لحركة فتح وآخر باحث وأكاديمي يهودي، ومن تابع هذا اللقاء يصاب بالصدمة والحيرة ويلتبس عليه الأمر من هو اليهودي من بين الرجلين؟ فالقائد الفتحاوي يصر على أن المقاومة الفلسطينية هي السبب في كل ما حصل لغزة من تدمير وإبادة وانها تتلكأ في إخراج وتسليم جثامين عشرة من الأسرى الصهاينة، بينما يتحدث اليهودي مستغربا إزاء عدم اكتراث هذا الفلسطيني لأكثر من عشرة آلاف مدني فلسطيني مازالوا تحت الأنقاض ويا للمفارقة عندما يوضح اليهودي مرارا أن عملية السابع من أكتوبر كانت نتيجة طبيعية لإجرام وممارسات الاحتلال، فيما يستميت نظيره الفلسطيني لتبرئة ساحة الاحتلال من كل الجرائم والفظائع التي ارتكبت طيلة عامين ويرمي بكل المسؤولية والتبعات والتداعيات على أبناء بلاده من مجاهدي المقاومة.

-ما أكثر مفارقات وعجائب ما بتنا نرى ونسمع، لكن أكثرها غرابة أن تصبح السلطة الفلسطينية العقبة الأكبر أمام قضايا وطموحات الشعب الفلسطيني وتعمل في سبيل ذلك أكثر من الاحتلال نفسه ولا تترك مناسبة صغيرة ولا كبيرة إلا وعملت بكل نفوذها وسلطتها وإمكانياتها ضد حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم المشروعة في الحرية والعدالة والاستقلال والعيش الآمن الكريم.

قد يعجبك ايضا