شعار الصرخة.. هتاف الأحرار.. و سلاح المستضعفين..

 شعار الصرخة.. هتاف الأحرار.. و سلاح المستضعفين

صحيفة الحقيقة /كتب / صادق البهكلي

مقدمة

منذ أطلقها قبل 15 عام صرخة مدوية وهتافاً ايقظ القلوب والضمائر النائمة ..صرخةَ للحرية وللإباء وشعاراً للبراءة وسلاحاً في وجه الاستكبار.. فحينما صدحت حنجرة الشهيد القائد بشعار الموت لأمريكا الموت لإسرائيل .. كانت لحظة فارقة مؤذناً بزمن جديد لا قبول فيه للذلة ولا مكان فيه للاستكانة والخضوع .. ومنذ ذلك الوقت وحناجر الاحرار تصدح، ومنذ تلك اللحظات ومسلسل الاستهداف الرامي لإخراس هذه الصرخة مستمراً، وكلما كبرت الأحداث كلما كبرت المواقف وكلما ازدادت حدة المؤامرات تطور الوعي الشعبي اليمني مدركاً لأهمية وتأثير الشعار.

صرخة ثائرة ايقظت الأمة من سبات عميق وضلال رهيب وجهل يعتصر بعضها البعض ففي وقت قياسي أصبح لشعار الصرخة دوياً هائلاً وتأثيراً تجاوز الخطوط والحدود وصارت كثير من أعناق المستضعفين مشرأبة تجاه هدير هذا الصوت فقد أصبح بالنسبة لهم بمثابة أمل للخروج من وضعية الاستضعاف والمهانة.

انهيار الاتحاد السوفيتي .. فتح شهية أمريكا.

يجدر بنا أن نوجز بشكل مختصر تداعيات المرحلة التي سبقت إطلاق شعار الصرخة فالشهيد القائد (رضوان الله عليه) لا سيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي كانت بمثابة نقطة الصفر لتحركات أمريكا لتحقيق أحلام السيطرة على العالم والمنطقة العربية والإسلامية بشكل خاص.

كان انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات هي بداية بحث أمريكا عن المبررات التي تمكنها من الاستحواذ على مناطق تركز الثروات في العالم لضمان تفوقها بعد أن شعرت انها اصبحت القطب الأوحد وأنها صارت سيدة العالم، ولأنه لم يعد هناك ما تخشى منه سوى خوفها من استيقاظ المارد الاسلامي فأتجه تركيزها نحو العالم والاسلامي والمنطقة العربية بشكل خاص ولأن المنطقة العربية والإسلامية لم تكن كما يقول السيد عبد الملك في خطابه الأخير (في واقعها القائم ككيان قوى ومنافس وندٍ لا لذلك كانت طبيعة التوجه نحو العالم الاسلامي والمنطقة العربية له شكل اخر وله اهداف اكثر خطورة من ازاحة ند منافس. لذلك فأن اتجاه أمريكا نحو العالم الاسلامي ونحو المنطقة العربية هو اتجاه عدائي بكل ما تعنيه الكلمة)

أمريكا .. وصناعة الصدمة

(لا يمكن الاعتماد على مشاعر الشفقة أو الخوف طويلًا. ولكي يكون لأي هجوم بالقنابل تأثير من أي نوع على الرأي العام، يجب أن يتخطى نية الانتقام أو الإرهاب إلى نية تدميرية بحتة)

[العميل السري: جوزيف كونراد]

شعرت أمريكا انها بحاجة لأحداث كبيرة تبرر نزعتها الاستعمارية وتخفف من ردة فعل الرأي العام العالمي فاتجهت لشيطنة الاسلام وأشعار العالم انها مستهدفة من قبل من تسميهم الاسلاميين المتشددين – خصوصاً وانها نجحت في اختراق الاسلام من خلال الجماعات التي أنشأتها لمحاربة الاتحاد السوفيتي في افغانستان عن طريق السعودية – فصنعت عدة مؤامرات وكان تفجير برج التجارة العالمي عام 1993م ونسبت تلك التفجيرات لشخصيات اسلامية واظهرتها في وسائل الاعلام بشكل مبالغ فيه ولكنها لم تكن عملية كبيرة وكانت متقاربة مع بعض العمليات التي لم تعد تثير الرأي العام العالمي كالانقلابات العسكرية التي كانت مزدهرة على يد المخابرات الامريكية، فلم يرقى ذلك الحادث الى مستوى الاطمئنان من أي ردة فعل للرأي العام العالمي تجاه أي خطوات استعمارية امريكية مع انها نفذت الكثير من الهجمات في ليبيا والسودان والجزائر لكنها كانت تريد حادث يشكل صدمة حقيقة للرأي العام العالمي يسنح لها بالتحرك بحرية بل وبمساندة الرأي العام العالمي نفسه فكانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي سبقها تخطيط عالي المستوى وفعلاً احدثت هزة عالمية نشرت الرعب بشكل غير مسبوق في اوساط الرأي العام الغربي  ما دفع بالرئيس الامريكي آنذاك الى إعلان الحروب الصليبية فتحركت أمريكا باتجاه العالم الاسلامي والمنطقة العربي على كل المستويات السياسية والعسكرية والثقافة والاعلامية.. يقابلها حالة من الجمود والحيرة والارباك والخوف من قبل الشعوب العربية وحالة استسلام واذعان وخضوع من قبل الانظمة العربية والاسلامية ذاتها.

مشروع الشرق الأوسط الجديد.. مؤامرة يهودية.

يعد مشروع الشرق الأوسط الجديد من أكبر المؤامرات التي تلت تفكك الاتحاد السوفيتي فقد كتب فخلال عام 1993م أصدر (شمعون بيريس – رئيس الكيان الصهيوني الاسبق) كتابه المعنون: «الشرق الأوسط الجديد» الذي قدّم من خلاله أطروحته (الجهنمية) «الشرق الأوسط الجديد»!! واصفا إياها : «بالأسلوب الجديد في التفكير للوصول للأمن والاستقرار، الذي يتطلب منا جميعا نظاما أمنيا وترتيبات إقليمية مشتركة واسعة النطاق، وتحالفات سياسية لدول المنطقة كلها» موضحاً ان استقرار الشرق الأوسط لا يمكن الا في ضل تفكيك بعض الكيانات وفصل البعض الآخر .. وبالمختصر تفكيك الدول العربية والإسلامية حتى تصبح أشبه بكانتونات ضعيفة لا تملك القدرة على حماية نفسها وتترك مهمة حمايتها لأمريكا وإسرائيل.. وقد لاقى هذه المشروع اهتمام إدارة ” بوش الابن” في ذروة حملتها العسكرية على المنطقة العربية والإسلامية واحتلالها أفغانستان والعراق..

فلم يكن صحيحاُ ما تعديه أمريكا من أنها تكافح ما تسميه ” الإرهاب” بل هي مؤامرة تم اعدادها منذ فترة ويجري تنفيذها تحت المبررات التي أرغمت العالم على القبول بها والمشاركة فيها بحيث لا تخسر الا مثلما تخسره أي دولة بل انها تسترد خسارتها من الدولة التي تغزوها بحجة انها قد حررتها من الإرهاب .. كما حدث لثروة العراق..

تحركات السيد حسين .. وانطلاق شعار الصرخة.

بعد ان شعر السيد حسين بحجم المؤامرة وخطورة حالة اللامبالاة والتردد والحيرة والذهول التي تخيم على الواقع العربي وما يمر به من أزمة وعي حادة اضافة الى ما تركه الماضي من ارث استبدادي وتسلط وقمع وتدجين جعلت الشعوب العربية في حالة من اللاوعي غير مدركة للمخاطر التي تمس هويتها ووجودها، وادراكه لضعف الأنظمة العربية وهشاشة جيوشها واتجاهها للخضوع والقبول بكل ما تمليه عليها أمريكا سعى السيد حسين لاستنهاض الشعوب العربية منطلقاً من مرتكزات ومقاييس قرآنية مشخصاً لواقع الأمة ومقدماً للحول متجاوزاً الاطار المذهبي وداعياً للعودة الى القرآن الكريم اعطائه الحاكمية المطلقة ومقدماً من القرآن وثقافة القرآن الكريم الوسائل والأساليب المناسبة لمواجهة المؤامرات الأمريكية والصهيونية و سعيا منه لكسر حاجز الخوف ومدركاً لحجم  المظلومية التي تثقل كاهل الشعوب العربية وقلة حيلتها فاتجه  الى تبني ” الشعار” الذي يعتبر بمثابة صرخة للمظلومين والمستضعفين وحث الناس على رفعه باعتباره سهل كما يقول وفي متناول الجميع: ((الآن الشعار سلاح، الآن الشعار سلاح، وما دام باستطاعة الكل يرفعوه يرفعوه، هو الآن سلاح، هو الآن مؤثر, ومطلوب من الكل أن يستخدموا هذا السلاح المؤثر والسهل والذي هو في متناولهم)) و لقد اثبت الواقع ان اختيار السيد حسين ( رضوان الله عليه) لهذا الشعار كان حكيماً وموفقاً الى حد بعيد وبشكل لم يكن أحد يتصوره بل انه كشف لنا عن عبقرية قيادية فذة. فالشعار على الرغم من بساطة محتواه ومعانيه  شكل سلاحاً مؤثراً جداً أمتد تأثيره الى جوانب كثيرة سياسية وثقافية واقتصادية من خلال حركة المقاطعة التي تزامنت مع رفع الشعار وأهم من ذلك كله أنه ترك تأثيراً نفسياً كبيراً واستطاع اخراج الناس من حالة التردد والخوف الى التحرك الفعّال ومن حالة اللاموقف الى حالة اتخاذ الموقف المسؤول وحرك المياه الراكدة من خلال بث الوعي القرآني بين أوساط الناس وكشف المؤامرات الصهيوامريكية التي تستهدف الأمة و عزز حالة السخط بين أوساط الأمة واستطاع تحصين المجتمع اليمني الذي انتشر فيه هذا الشعار من تضليلات الامريكيين وخداعهم.. كما أن الشعار شكل سلاحاً محرجاً جداً لأمريكا فلم يستطيعوا اتخاذه كمبرر مثلاً لاحتلال اليمن بالرغم انهم كما قال الشهيد القائد يبحثون للمبررات ” يدورن لها دوّار” لكن الشعار ما أمكن ان يتخذوه ذريعة بل هو فضحهم وكشف نواياهم وخداعهم باسم الديمقراطية وباسم حقوق الانسان عندما اتجهوا لاستهدفه من خلال تحريك أدواتهم في المنطقة.

الشعار في مواجهة الاستعمار الجديد.

كان الشهيد القائد (رضوان الله عليه) على وعي عالي وفهم عميق لأساليب الصراع مع العدو وكيف يتحرك العدو نفسه ((استعمار لكن وبأسلوب أخبث من الأول, أسلوب أخبث من الأول, كان الأسلوب الأول يكون من البداية عبارة عن هجوم, الهجوم يخلق عند الناس حالة ردة فعل واستياء من المستعمر؛ ولهذا تجد أنهم في الأخير اضطروا إلى أن ينسحبوا من البلدان التي استعمروها. الاستعمار الحديث الآن جاء تحت عنوان خبيث، باسم مكافحة إرهاب)) ومن هنا فالسيد حسين ومن رؤية قرآنية ثاقبة أدرك أن الاستعمار الجديد يتجه مباشرة نحو العقول لتغيير قناعات الناس   وخلق الانظمة الدكتاتورية ثم اسقاطها وتقديم نفسه للشعوب على أنه محرر لهم وحريص عليهم من خلال اساليب الخداع والتضليل وكذلك خلق رموز وهمية وشد الناس إليها بهدف ابعادهم عن الرموز الحقيقية وكذلك استخدام التأثير الاعلامي الهائل لتسويق افكاره وتشويه الدين حتى يخلق  ممسوخ الهوية يتقبله بل ويجد ويعتبر الاحتلال والعبودية تحرراً.

ومن هنا فشعار الصرخة كان سلاحاُ مهماً لمواجهة كل هذه الاساليب الخادعة وأصبح الشعار بمثابة ” المشرحة” بالنسبة للمؤامرات الأمريكية حيث كشف وعرى القناع الأمريكي المزيف المختبئ تحت هالة كبيرة من المبررات والمسوغات التي تسوق بها احتلالها ونهبها لخيرات المنطقة  ولذلك من الطبيعي جداً ان تسعى أمريكا لمحاولات متكررة لاجتثاثه وشنت حروب بالوكالة منذ اكثر من 12 عام ولا زالت الحروب مستمرة بهدف اخراس هذه الصرخة التي اصبحت اكبر كابوس قوض مضاجع الامريكيين  وما يجري من حرب اجرامية شاملة على اليمن منذ عام ونصف الا في سياق القضاء على هذه الصرخة وهو ما كشفه بجلاء الناطق الرسمي لأنصار الله عندما صرح في مقابلة مع قناة ” الميادين ” ان السعودية تطالب بالتوقف عن رفع الشعار.. فلماذا الشعار بالذات؟

يقول السيد حسين في ملزمة [في ضلال دعاء مكارم الاخلاق]: ((هذه الصرخة وحدها التي نريد أن نرفعها، وأن تنتشر في أي مناطق أخرى وحدها تنبئ عن سخط شديد، ومن يرفعونها يستطيعون أن يضربوا أمريكا، يضربوها اقتصاديا قبل أن تضربهم عسكريا، والاقتصاد عند الأمريكيين مهم يحسبوا ألف حساب للدولار الواحد.

إن هؤلاء بإمكانهم أن يقاطعوا المنتجات الأمريكية، أو منتجات الشركات التي لها علاقة بالأمريكيين، وباليهود أو بالحكومة الأمريكية نفسها, وحينئذ سيرون كم سيخسرون؛ لأن من أصبح ممتلئا سخطا ضد أمريكا وضد إسرائيل أليس هو من سيستجيب للمقاطعة الاقتصادية؟ والمقاطعة الاقتصادية منهكة جداً)).

 

الشعار .. وتعرية الخطاب المضاد.

لم يتوقف تأثير الشعار على تعرية وكشف النفاق الأمريكي (ازدواجية المعايير) بل انه أيضاً كشف وعرى التيار النفاقي الذي يتحرك داخل أوساط الأمة وضمن البوصلة الأمريكية ولكنهم يتقنعون خلف عناوين مختلفة فتارة تحت عنوان الوطنية والمصالح الوطنية وتاره أخرى تحت عنوان الاسلام والدفاع عن الصحابة وكان موقفهم من الشعار منذ انطلاقته نفس الموقف الأمريكي بل أنه أكثر صخباً ولكن ” الشعار” استطاع فضحهم وتعريتهم وأظهرهم على حقيقتهم  وكشف أنهم فقط وجوه اسلامية مزيفة وبلا موقف أو مشروع يخدم الأمة بل مجرد أدوات من ضمن ادوات المشروع الاستعماري الامريكي .. وبالتالي وجدناهم اليوم يتحركون ويقاتلون في الصف الذي تقاتل فيه أمريكا كما يحدث هنا داخل اليمن حيث امتزجت دمائهم بدماء اليهود والمجرمين وقطاع الطرق.

الشعار .. في الذكرى الثانية عشر لانطلاقته.

أخيراً ونحن نعايش الذكرى السنوية الثالثة عشر منذ الانطلاقة المباركة للشعار بين أيدينا الكثير الكثير من الانجازات التي حققها الشعار وتحققت على أيدي المؤمنين المستبصرين الواعين الذين اتخذوا من هذا السلاح المهم موقفاً لهم وتحركوا على نهج الحسين ثواراً ضد الاستبداد ومجاهدين ضد الغزاة والمستكبرين والمنافقين حتى صاروا اليوم حديث العالم واصبحت صرختهم المدوية تدوي بكل صخب وعنفوان في ارجاء المعمورة إيذاناً بجيل جديد من الأحرار الرافضين لسياسات الامتهان والارتهان والاستعباد العاشقين للحرية والكرامة.

لقد استطاع  الشهيد القائد من خلال الشعار وما ترافق معه مما قدمه من ثقافة قرآنية عظيمة ان يبني أمة تشهد مواقفها على عظمة هدى الله سبحانه وقدمت نموذجاً اسلامياً نقياً  لا يقبل الهزيمة ولا مكان فيه للضعف والوهن تجاهر بولايتها لله ورسوله والامام علي واعلام الهدى وبدلاً من ان تتخذ  من قادة البيت الأبيض وتل أبيب لها أعلاماً وقدوات اتخذت لها رسول الله وعلي والحسين وزيد ومن تبعهم من رجال الاسلام العظماء أعلاماً لها .. أمة قوية أصبح الاسلام يفاخر بوجودها تدافع عنه، تحمل السلاح وتقدم الأرواح في سبيل الله وفي سبيل الدفاع عن دوحة الاسلام السامقة وفي سبيل حماية المستضعفين والدفاع عن حريتهم وكرامتهم.

سيدي الشهيد القائد نم قرير العين فصرختك  صارت حديداً وشظايا وباروداً تزمجر لهباً وجحيما تحرق اجساد المستكبرين والمنافقين .. وها هو باب الجهاد الذي فتحته بيديك الطاهرتين  يتزاحم عليه الرجال الصادقين الذين  بَذَرت فيهم ملازم – الصرخة في وجه المستكبرين ــ والشعار سلاح وموقف ـــ ولا عذر للجميع امام الله ــ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى ــ و…..الخ  بذرات الحرية فنمت تحدياً لا يعصر وصمودً لا  يكسر  و شجاعة وإباء تتطاول على  قمم الذرى ..

وها نحن نردد بعدك شعار البراءة وستردده بإذن الله أجيال قادمة وستبقى صرخة الاحرار حتى تزول قوى الكفر والاستكبار ..

الله اكبر ـ الموت لأمريكا ـ الموت لإسرائيل ـ اللعنة على اليهود ـ النصر للإسلام.

 

قد يعجبك ايضا