صحيفة الحقيقة العدد “243”:ثقافة قرأنية :دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه

من هم أعداء اليهود..؟  

عندما يكون الناس قاعدين، لا يقفون أي موقف، ويرون أنفسهم في وضعية من الذلة  فإن هذه هي الخزي، لا مخرج لنا فيما أعتقد، فيما أعتقد، لا مخرج لنا إلا بأن نعود إلى الله سبحانه وتعالى، وأن ينهض الناس بمسؤوليتهم في مواجهة اليهود والنصارى، ينهض الناس لمواجهة اليهود والنصارى، وأولياء اليهود والنصارى، وكل من يقف معهم، ولنجرب الله سبحانه وتعالى، على أساس ما وعد في كتابه، وإلا فلنفهم أننا سنعيش أخزى العرب، نحن الزيدية، ونحن أهل البيت، في هذا البلد سنعيش حالة هي أشد مما يعيشه بقية العرب.

أولسنا الآن عندما نقيِّم واقعنا، نحن حتى فيما يتعلق بالوسائل لا نمتلك أي شيء من الوسائل، أليس السنة يمتلكون أشياء كثيرة؟ الزيدية هي الطائفة التي لا تمتلك شيئاً، ليس لدينا إذاعة، ولا قناة فضائية، ولا مطبعة، ولا مراكز علمية، ولا جامعات، ولا دور نشر، ولا شيء.. هل نمتلك شيئاً؟ لا نمتلك أي شيء من الإمكانيات! بينما الآخرون من يمتلكون أشياء أخرى.

إذا لم ننتبه لأنفسنا – أيها الإخوة – إذا لم ننتبه لأنفسنا فيحتمل أن نكون من أشد الناس معاناة في المستقبل، في هذه الأحداث بالذات، وقد رأينا بأم أعيننا كيف أن الأمريكيين دخلوا اليمن، وسمعنا جميعاً أن الأمريكيين دخلوا اليمن، وأن هناك حملة إعلامية ضد اليمن، تهيئ الرأي العام لتقبل أن يفد إلى اليمن الأمريكيون بشكل جنود، وقد دخلوا فعلاً اليمن.

عندما يدخلون اليمن ماذا نتوقع؟ هم يقولون بأنه من أجل مساعدة الحكومة في مكافحة الإرهابيين! كم يوجد في اليمن إرهابيين؟ ألم يدخل اليمن في حرب في عام 94؟ هل احتاج اليمنيون إلى مدربين؟ أو احتاجوا إلى مساعدين من أطراف أخرى؟ أما الآن فلماذا بعد أن قال الرئيس: هناك ثلاثة إرهابيين فقط عند بعض القبائل نحتاج إلى مساعدة من أمريكا، وتدخل فرق من الجيش الأمريكي إلى اليمن لمساعدتنا في مكافحة الإرهابيين؟! كلها تبريرات.

ثم نحن قد نقول، نحن الزيدية رأينا أن الإرهابيين يقال عنهم هم الوهابيون! الإرهابيون الحقيقيون لدى أمريكا، ولدى اليهود هم الزيود، وليس الوهابيون، هم الشيعة، إن العدو الحقيقي لليهود هم الشيعة، هم أهل البيت وشيعتهم، وليس الآخرون، فما جرى على أولئك سيجري علينا، وإن كنا ساكتين نغمض أعيننا.

أولم تسمعوا أنتم أن العبارة التي رددت عندما جاءت زيارة لوفد أمريكي من وزارة الدفاع، حوار حول التعاون، ومساعدة أمريكا لليمن في مكافحة الإرهاب، ومنابع الإرهاب، وجذور الإرهاب! هذه العبارات هل هي عبارات عادية عند الأمريكيين؟ هي عبارات عندنا أيضاً عادية، لا تثيرنا، ولا تثير مشاعرنا، ولا تثير اهتمامنا عندما نسمع منهم: منابع الإرهاب، وجذور الإرهاب؟!.

الفكر الزيدي في قائمة منابع الإرهاب، القرآن الكريم في قائمة منابع الإرهاب، رسول الله إرهابي، أهل بيته هم أهل بيت الإرهاب، قرناء القرآن هم قرناء لكتاب إرهابي، مراكزنا إذاً تكون إرهابية، مدارسنا إرهابية، حلقات الدرس في بيوتنا، ومساجدنا إرهابية، كتبنا إرهابية لديهم.. هذه العبارة ليست عادية. إذا ما سمحنا بأن تمر الأشياء على هذا النحو فسنكون أكثر من يعاني، سنكون أكثر من يتضرر حقيقة.

متى سنعمل بعد عندما نقصر في وقت يمكننا أن نصرخ فيه بما يعبر عن موقف قوي ضدهم، كما هو الآن يُرفع الشعار في مناطق أخرى، عندما نسكت عن مثل هذا، عندما نسكت عن أن يكون لنا موقف من هؤلاء في ظروف كهذه ربما في المستقبل لا نستطيع أن نعمل شيئاً؛ لأنهم الآن يحاولون أن يعمموا في اليمن أن تكون كلمة مقبولة، وأن تكون شرعية مطلقة مقبولة.

 

قال رجلان

إن المسؤولية الإسلامية علينا كأمة إسلامية ان نصل بالإسلام إلى كل أنحاء هذا العالم أما إذا أصبحنا على هذا النحو، نرى أن حديثاً كهذا لا معنى له، ولا قيمة له، ولا هناك أي موجب أن يكون هناك تغيير في موقفنا، وأن نعمل، أن نعمل على أن نكون أصحاب موقف، ولو بأن نرفع شعاراً، ونحن قد رأيناهم غزونا إلى عقر دورنا، ونحن قد رأيناهم في سواحلنا، ونحن قد رأيناهم فرقاً تجوب البحار من مختلف المناطق، فإن ذلك هو مظهر من مظاهر الذلة، والمسكنة، فلنقر بذلك، فلنقر بذلك، وأنه التيه الذي عاشه بنو إسرائيل: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} حالة تيه، تيه نفسي, تيه فكري، مشاعرنا كلها تاهت، الخطر على أبوابنا، ونحن لا نحس بشيء، ولا نصدق ما يقال، ولا نهتم، ولا نكترث! أليس هذا هو التيه؟ هذا هو التيه.

بعد أن قال موسى لقومه: {ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ} قالوا نفس المنطق الذي نقوله الآن، وكنا نقوله أيام حزب الحق، {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا} ألم يقولوا هكذا؟ ماذا حصل؟ {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} قال رجلان، ألم يعتد الله سبحانه وتعالى بقول رجلين من تلك الأمة؟ وهناك – أيضاً – في تلك الأمة عبادها، وعلماؤها، ووجهاؤها؛ لكنهم كانوا في الصف الآخر الذي يقول: {لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا}

كلام رجلين وضعوا خطة لدخول تلك الأرض المقدسة التي قد كتبت لهم، وقد كتب الله للعرب في القرآن الكريم، وكتب لمحمد وآل محمد، وشيعة آل محمد في القرآن الكريم أكثر مما كتبه لبني إسرائيل.

{قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} أليست هذه خطة حكيمة في الواقع العملي، وفي الواقع النفسي؟ إن كنتم مؤمنين فتوكلوا على الله، وانطلقوا في هذا العمل، رجلان قالا هذا الكلام الذي هو إيقاظ لأمة. أوليس من المفترض أن في ذلك الصف الآخر علماؤها، وفيهم عبادها، وفيهم قراؤها، في الجانب الآخر؟.

رجلان.. لم يقل: عالمان، ولم يقل: شيخان، أو وجيهان.. رجلان، لكن الرجلين لما جاءوا بخطة حكيمة، وانطلقوا ليوقظوا أولئك إلى أنه يجب عليهم أن ينطلقوا في مسؤوليتهم، وإذا كانوا مؤمنين فعليهم أن يتوكلوا على الله، هو منطق القرآن الكريم لنا، إن كنتم مؤمنين فلتتوكلوا على الله. أليس منطق القرآن بالنسبة للمؤمنين أن يتوكلوا على الله؟ وتكرر في القرآن كثيراً.

{قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} أليست هذه حالة سيئة من الرفض؟ كنا نسمع مثيلها أيام [حزب الحق] من بعض علمائنا، كنا نقول: نتحزب، هذه فرصة لنا نحن، نحن أحوج الناس إلى أن يكون لنا حزب، نحن من نحن ضائعون، وتراثنا ضائع، ومذهبنا محارب، نحن مَن مسؤوليتنا كبيرة، نحن كذا… قالوا: [ما هم راضين لنا] كانوا يقولون هكذا: [ما هم راضين لنا نتحزب] أي: ليرضوا لنا أولاً، وليمنحونا تصريحاً، وليمنحونا ضمانة بأنه لن يمسنا من جانبهم سوء، ولن يعملوا أي تحرك ضدنا، ونحن إذاً سنتحزب!.

{لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} {إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ} جبارين  {وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}

هكذا واقعنا أيضاً، الحالة التي نحن عليها هي حالة من ليس مستعداً أن يعمل شيئاً أبداً وإن كان يتعلم هذا الدين الذي كله عمل، هذا القرآن الكريم الذي كله عمل، وكله هداية، وكله وعود إلهية عظيمة، لن نعمل شيئاً إلا بعد أن ينتهي كل شر من هذه الساحة، من هذه الدنيا، فلا يكون هناك أمريكا، ولا يكون هناك إسرائيل، ولا يكون هناك أي دولة نخافها، ولا يكون هناك أي حزب نخافه، حينئذ سنعمل!.

 

لا أثر لعلم بدون عمل

مؤكد أن العلم إذا لم يكن علماً يدفع إلى العمل بالقرآن الكريم فأنت لا تتعلم دين الله، وإنما تتعلم كيف تموِّت القرآن، وفق قواعد معينة، وتبحث عن مبررات، وتبحث عن حِيَل، لكن لنفترض….، الوضعية التي نحن عليها الآن ليست وضعية أن يبحث الإنسان عن مبررات إطلاقاً حتى ولو كان هناك مبررات شرعية، وضعية خطيرة، ليست وضعية أن يبحث الناس عن المبررات، ولا أن يقولوا: [نحن منشغلون بكذا أو كذا] هي وضعية يجب أن نتجه فيها لأن نتحدث دائماً مع الناس جميعاً عن خطورة المرحلة، وعن خطورة اليهود والنصارى، وعن أضرارهم ومفاسدهم، وعن كيف يجب أن نواجههم، وعن موقف نتبناه، أدناه وأقله أن نصرخ في وجوههم، ونرفع الشعار الذي قد جربوا هم مرارته.

ثم لاحظوا نحن نقول أحياناً: نحن طلاب علم، ونحن نبحث عن الهداية، نريد أن نهتدي… من يتأمل القرآن الكريم، مهما عملت من برامج روحية، مهما عملت من برامج على أساس أن تهتدي وتهدي الآخرين، إذا لم تسر على السنة الإلهية التي تحقق لك الهداية، ويمنحك الله العلم، فإنك لن تهتدي، {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} المحسنون قمتهم المجاهدون، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}

إذا كنا نريد العلم، ونريد الهداية، فليس ميدانها الكتب وحدها، ليس طريقها كتاب بعد كتاب، ومجلد بعد مجلد، وعام بعد عام، لا بد أن نرجع إلى القرآن؛ لنعرف أسباب العلم، وأسباب الهداية، وأسباب العلم، وأسباب الهداية مرتبطة بالعمل، هذا هو من علمنا، وثقافتنا، وهذا هو من هدانا.

أوليس من هدانا أيضاً، ومن ثقافتنا أيضا أننا نقول: نحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً، نحن مستضعفون، ونحن مساكين… أليست هذه العبارة [هي العبارة التي نسمعها؟! مع أن الله سبحانه وتعالى يقول كما في]؟ تلك الآية التي قرأناها: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} وتلك الآية الأخرى التي كانت تحكي واقع صدر هذه الأمة: {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ} إنه يؤكد أن المستضعفين هم محط تأييد الله ونصره إذا ما وعوا، إذا ما كانوا من ذلك النوع الذي يعرف واقعه، ذلك النوع الذي أمر الآخرين أن يجاهدوا عنهم عندما قال: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ}(النساء75).

هم يفهمون واقعهم، يفهمون وضعيتهم، يرجعون إلى الله، يبحثون عن ولي من أولياء الله يعملون تحت لوائه، {يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً}.

هذا النوع من المستضعفين لا يضيعهم الله أبداً، وعلى أيديهم تقوم الرسالات، وعلى أيديهم يتم تغيير الدنيا، هل جاء في واقع الرسالات أن تغير الدنيا نحو الأفضل على يد المستكبرين والجبابرة، أم على يد المستضعفين؟ لكن أما إذا كان الناس المستضعفون من ذلك النوع الآخر: {قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ} هؤلاء مستضعفين من نوعيتنا لا نعي شيئاً، ولا نفهم واقعنا، ولا نفهم مسؤوليتنا، ولا نفهم من أين أوتينا، مما هو مرتبط بأعدائنا، ومما هو مرتبط بثقافتنا، من هذا النوع ماذا يقال لهم؟ {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً} ألم يقل: {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}؟ وهم مستضعفون؟.

هكذا نحن متى ما قلنا: نريد أن نعمل شيئاً، نواجه بأشياء تدل على أننا لا نهتدي بالقرآن، ولا يجوز لي ولا لك أن تسمي نفسك عالماً، أو أسمي نفسي عالماً وأنا بعد لم أهتد بالقرآن، ولم أعرف كيف أهتدي بالقرآن، في أوضح الأمور وأبسطها، فيما هو متعلق بواقع الحياة، الواقع الذي أعيشه أنا، ليس أعماق القرآن، وأسرار القرآن، وغوامض القرآن.

قد يعجبك ايضا