صحيفة الحقيقة العدد”385″:القول السديد :دروس من خطابات ومحاضرات السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله

 

القول السديد

الحالة الجهادية حالة ملازمة للإيمان، فلا إيمان من دون جهاد مقبول عند الله ومتحقق في الواقع، ولا جهاد من دون إيمان يمكن أن يكون مقبولاً عند الله، ولا متحققاً في أرض الواقع.

كيف نحافظ على روحيتنا الجهادية وننطلق بمعنويات عالية في ميادين الجهاد في سبيل الله؟

أولاً ـ الانطلاقة الجهادية على أساس بيع النفس من الله

أول عامل للتخلص من حالة الانكسار وحالة الضعف وحالة الوهن وحالة العجز وحالة الاضطراب، هو أن انطلاقتك الجهادية من أساسها مبنية على عقد عظيم عقد مقدس هو أشرف عقد في حياة الإنسان عقد ما بين الإنسان المؤمن وبين ربه: هذا العقد عبرت عنه الآية القرآنية {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} التوبة111

الإنسان المؤمن ينطلق في سبيل الله الانطلاقة الواعية، الصحيحة الانطلاقة من واقع إيماني متكامل، الانطلاقة القائمة على بيع النفس من الله…مدلول بيع النفس من الله سبحانه وتعالى هو الاستعداد التام والقرار الذي اتخذه الإنسان بمصداقيةٍ ما بينه وبين الله سبحانه وتعالى في بيع نفسه وحياته من الله جل وعلا

ثانياًـ الرفع لمستوى العلاقة بالله

جانب أخر من العوامل المهمة على المستوى النفسي والمعنوي الرفع لمستوى علاقتك بالله جل شأنه في المحبة لله والمحبة لرسوله والمحبة للجهاد في سبيلة: هذه مسألة مهمة جداً من أكبر عوامل الضغط النفسي والمعنوي التي تكسر الإرادة وتوهن العزم وتضعف نفسية الإنسان هي علائق المحبة عندما يرتبط بأشياء كثيرة يحبها أشد من حبه لله وأشد من حبه للجهاد في سبيل الله

 الله سبحانه وتعالى يتحدث عن هذه المسألة في كتابه الكريم فيقول جل شأنه {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم}التوبة24  كل هذه الروابط في الحياة لا ينبغي أبداً أن تنشد إليها أو تتعلق بها فوق مستوى محبتك للجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، دعك مما هو أعظم وأكبر وأهم.

ثالثاًـ تقوية الإيمان بالله وباليوم الآخر

وهذا جانب مهم وأساسي جداً لأنه يضبط عندك حالة الرهبة والخوف، إيمانك بالله سبحانه وتعالى ينمي فيك الخوف من الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء والاستصغار لما دون الله سبحانه وتعالى، يقول في القرآن الكريم {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران175 حينما يقول {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ}التوبة13 إيمانك على هذا النحو تخاف من الله في أن تهمل في أن تفرط وتتنصل عن المسؤولية، أن تتراجع تعصيه فيما وجهك به وأمرك به تخاف في أن تتجاوز حدوده فيما نهاك عنه، هذا الخوف عامل مهم في مواجهة التحديات مهما كانت.

رابعاً: الوعي بحقيقة الحياة والاختبار الحتمي وواقع البشر:

إذا لديك الوعي عن واقع الحياة هذه فيما فيها من صراع فيما فيها من حتمية الاختبار وأن الحياة هذه ميدان مسؤولية أنت فيها معرض للاختبار إذا حملت الروح الانهزامية، إنسان مهزوز النفس منكسر الإرادة واهي العزم دائماً تتهرب من المسؤوليات والمواقف فأنت إنسان خاسر، القرآن الكريم يؤكد أن الإنسان في موقع المسؤولية وساحة الاختبار وأن الحياة هذه ميدان مسؤولية وميدان اختبار والانسان يقول جل شأنه في كتابه الكريم{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}الأنبياء35 يقول  {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً }التوبة16

خامساً: اليقين بإيجابيات الجهاد في سبيل الله

هذه مسألة من أهم المسائل، النظرة إلى الجوانب الإيجابية في الدنيا والآخرة، في بعض الظروف إذا هناك متاعب وصعوبات معينة أو أخطار وتهديدات معينة فالبعض لا ينظر إلا إليها لكن عندما تتجه وتركز على الجوانب الإيجابية ما يمثله الجهاد في سبيل الله من نعمة كبيرة جداً وحاجة ضرورية نحتاج إليها،

فالتركيز على إيجابيات الجهاد وانه وسيلة للعناية الإلهية للرعاية الإلهية للنصر الإلهي، وأنه عزة وأنه كرامة وأنه حرية وأنه … والخ.. ومكاسبه في الآخرة هذا شيء مهم والتذكير بذلك يشجع الإنسان ويدرك أنه في الاتجاه الصحيح الذي لا ينبغي أن يندم عليه ولا أن يتحسر فيه ولا أن يتراجع على الإطلاق.

سادساً: اليقين بملك الله وهيمنته وقهره فوق عباده

 عندما تنكسر إرادتك وتتهيب من العدو وتنظر إليه وكأنه مدبر شؤون السماوات والأرض هذه نظرة كفر إذا نظرت إلى عدوك هذه النظرة فأنت تبطن في نفسك كفراً في أعماق قلبك، العدو مهما كان ومهما امتلك ليس إلا خاضعاً لهيمنة الله، الله هو القاهر فوق عباده الكل في مملكته الأمر له الملك له في السماوات والأرض هو مالك الملك وكما قال جل شأنه في كتابه الكريم  {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}آل عمران26-27

سابعاً: الوعي بسلبيات التخاذل والتنصل عن الجهاد

هذه مسألة في غاية الأهمية ما الذي يمكن أن يؤثر عليك فتتراجع أو يؤثر عليك فتتنصل عن المسؤولية أو يكسر إرادتك فتحاول التهرب من الجهاد في سبيل الله؟ مخاوف .. مخاوف ما يجب أن نخافه نتيجةً للتنصل أكبر مما يمكن أن تخاف منه نتيجة للنهوض بالمسؤولية المخاطر كبيرة جداً جداً مخاطر التنصل عن المسؤولية والتخاذل مخاطر فظيعة في الدنيا والآخرة ولهذا الإمام علي عليه السلام عندما تحدث ذات مرة وهو يتحدث بألم فيقول من على منبر الكوفة: ( أما بعد : فإن الجهاد بابٌ من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أولياءه فمن تركه رغبةً عنه ألبسه الله ثوب الذل) يعني أنت إذا تركت الجهاد أنت تخلع ثوب العزة وتستبدل عنه ثوب الذل تتحول في هذه الحياة إلى ذليل .. ذليل لا عزة لديك لا كرامة لديك ذليل جبان مقهور مكسور يفعل فيك الآخرون ما يشاؤون ومستذل لمن؟ مستذل لأعداء الله مستذل للذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة مستذل لشرار خلق الله

ثامناً: الوعي واليقين بأسباب النصر وعوامله، وأسباب الهزيمة وعواملها

أيضاً من المسائل المهمة جداً الوعي بأسباب النصر وعوامله واليقين بها أيضاً يعني حتى وأسباب الهزيمة وعواملها مع اليقين وعي بيقين هذه مسألة مهمة جداً لأن البعض من الناس يقولوا لك علينا زحف مكثف يعني ما عاد به حل إلا الهزيمة. لا، يعني إما الباري ما عاد با ينصرك إذا به زحف مكثف ما بلا با ينصرك إذا هو زحف سهيل لا، ما هو صح به عوامل وأسباب للنصر تلتزم بها وعوامل وأسباب للهزيمة يحذروا منها ، القرآن تحدث عنها، في مقدمة هذه الأسباب ما ذكره الله في كتابه الكريم ي{َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)}الأنفال45-46  من

 

تاسعاً: الايمان بالقضية والبصيرة بالطريق والوعي واليقين

أيضاً الإيمان بالقضية والبصيرة بالطريق والوعي واليقين: البصيرة، البصيرة أنت واثق من طريقك ومشوارك ما تتراجع أبداً واعي بقضيتك، واعي بمشروعيتك، موقفك، واعي بعدوك، ومخاطرة، مقتنع مما أنت عليه، يقين وبصيرة عالية، ما تتراجع أبداً، مثل ما قال علي بن الحسين (أولسنا على الحق؟) قال الإمام الحسين عليه السلام (بلى، قال: إذاً لا نبالي) خلاص ما دمنا على الحق ما يهمنا أبداً لو نواجه ما نواجه ولو يحصل ما حصل خليه يحصل ما حصل احنا في سبيل الله وعلى الحق ما نقلق أبداً.

أخيراًـ تحرك في الميدان بعزة وحكمة:

تحرك في الميدان بعزة وحكمة وتطلّع دائماً، لأن تكون عزيز نفس، ما عندك قابلية للهوان، للهزيمة، للضعف والاستكانة والتنصل عن المسؤولية لتبقى هذه المسألة غير واردة، لا تضيع الأمور الكبيرة من أجل أشياء تافهة، تفقد عزة النفس فتغضب من أبسط الأسباب، لأنه أذا توفرت عزة مع حكمة يحصل تكامل، العامل النفسي يكون قوي يؤهل للموقف الحكيم والتصرف الحكيم والتحرك الحكيم، عزة من دون حكمة تدفع إلى تهور وتصرفات غير صحيحة ولا سليمة، وحكمة من دون عزة يصبح الناس منظرين عندهم أفكار جميلة لكن ما عندهم نفوس تنفذ تلك الأفكار والمواقف المهمة والإيجابية.

 

قد يعجبك ايضا