على خُطَى النبي المجاهد.. بلهيب الصواريخ وهدير المسيّرات
عبد القوي السباعي
في مشهدٍ استثنائيٍّ يجسِّدُ الارتباط الوثيقَ بينَ الإيمانِ والجهاد كارتباط الفعل بالقول والاعتقاد، دشّـنت قواتُنا المسلحة اليمنية احتفالاتِها بذكرى المولد النبوي الشريف للعام 1447هـ على طريقتِها الخَاصَّة، بإطلاق سلسلةِ عملياتٍ نوعيةٍ أصابت عمقَ الكَيانِ الصهيوني، وأربكت موانئَه ومطاراتِه، ورسّخت معادلةَ الردع في أعالي البحر الأحمر.
العميد يحيى سريع، المتحدِّثُ باسم القوات المسلحة، دومًا سريع في وضع النقاط على الحروف ببيانٍ حافلٍ بالرسائل الروحية والعسكرية، مؤكّـدًا أن اليمن، أهل الإيمان والحكمة، باقون على عهد نبيهم المصطفى، لا يتراجعون حين يتراجع الآخرون، ولا يتخلّون حين يتخلّى المتخاذلون؛ بل يسيرون على نهجه ثابتين، ناصرين للمظلومين في غزة، ومواجهين بصلابة جرائم الإبادة والتجويع التي يقترفها العدوّ الصهيوني.
أربع عمليات عسكرية كبرى بسلاح الجو المسيّر، الأولى استهدفت مبنى هيئة الأركان الصهيونية في يافا المحتلّة بطائرة “صمّاد 4” – والثانية ضربت محطة كهرباء “الخضيرة” – والثالثة أصابت مطار اللُّد – والرابعة من نصيب ميناء أسدود.
جميعُها -بعون الله، وتوفيق الله، وتسديد الله- أصابت أهدافها بدقة، فالحمدُ لله.
إذن هي رسالةٌ عمليةٌ أن اليمنَ -قيادةً وحكومةً وشعبًا- يخوضُ معركةَ عــزٍّ ممهورةٍ بالتضحيات الجِسام -ميدانيًّا إسناديًّا- وحيدًا فريدًا متفرِّدًا بالشرف نيابةً عن كُـلّ الأُمَّــة.
ولم يقف الاحتفال الكرنفالي اليمني الرادعُ عند البر والجو؛ بل امتد إلى البحر، حَيثُ نفّذ سلاح الجو المسيّر والقوةُ الصاروخية عمليةً عسكرية مشتركة استهدفت سفينةَ (MSC ABY) شمالي البحر الأحمر، بعد انتهاكها قرارَ الحظر المفروض على الموانئ الصهيونية.
عمليةٌ مباركةٌ بمسيّرتين وَمجنّح، أصابت السفينة إصابة مباشرة، لتؤكّـد أن قرارَ اليمن بشأن الملاحة في البحرَين الأحمر والعربي ليس شعارًا بل قاعدة عملياتية ملزمة.
استقبال اليمن لذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام.. مولدٌ لا يعرفُ قدرَه إلا من عرفَ قدرَ المولود (ص)، استقبالٌ لم يكن بمسيرات وفعاليات جماهيرية متنوعة وحسب؛ بل تجسّد بفعلٍ بعملٍ، بعمليات قلبت معادلاتِ العدوّ رأسًا على عقب، وأرسلت برسائلَ واضحة؛ بأن اليمن يحتفلُ بمحبوبه الأعظم عبر خوض القتال جِهادًا في سبيل الله، دفاعًا عن الدين ونصرةً للمستضعفين.. حقًّا هو اليمني، يجمعُ بين عرس ومعركة.
وجاءت الصواريخ والمسيّرات الانقضاضية اليمانية الإيمانية، لتؤكّـد أن غزةَ ليست وحيدة، ودماء أطفالها وجوع أهلها ستقابلُها طيورُ الأبابيل وحجارةٌ من سجيل تقرع أبواب يافا وما يسمى “تل أبيب” الكبرى وأسدود وحيفا، وباتت الملاحة البحرية الصهيونية رهينةَ قرارٍ يمني مستقل، يكشف خوارَ الكَيان أمام إرادَة أُمَّـة آمنت بمشروعها الجهادي التحرّري.
تزامن العمليات مع ذكرى المولد النبوي الشريف، ربطٌ منهجي بين سيرة المصطفى ومعاركه ضد عتاولة الكفر وطغاة المشركين ومواليهم، وبات اليمن يتحدث بلسانِ أُمَّـة لا يدَ لها ولا عَضُدَ ولا لسانَ سويًّا لها، واضعًا الكَيانَ الإسرائيلي الغاصب في قلب دائرة النار.
وسجّل اليمن الذي جعل من شغفِه بذكرى المولد النبوي الشريف، احتفاء مشحونًا بمدافِع الحق، لا بالأناشيد والأهازيج فقط، مؤكّـدًا أن حُبَّ النبي الأكرم يتمثّل في نصرة المستضعفين والوقوف في وجه الطغاة كما كان (ص)، وأن “أهلَ الإيمان والحكمة” ماضون على العهد، لا تراجع ولا انكسار، حتى يُرفعَ الحصارُ عن غزة وينكسر العدوانُ الصهيوني – الأمريكي كما انفضَّت الأحزاب المطوِّقة لخندق عليٍّ ومدينة النبي.