في حوار خاص مع صحيفة الحقيقة: رئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة السرطان الدكتور عبدالسلام المداني: مرضى السرطان يعانون بصمت ونحن نستقبل 40 حالة مرضية كل يوم والنساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض وبالأخص سرطان الثدي وارتفاع مهول في أعداد المصابين منذ بداية العدوان

 

يعانون في صمت..

وفاقم العدوان والحصار من معاناتهم للدرجة التي أصبح الموت يقتاتهم بشكلٍ يومي ليتحولوا إلى ارقامٍ واحصائيات تتصدر عناوين التقارير الإخبارية. قد يتساءل البعض أين هي الإنسانية التي يصطنعها سماسرة العمل الإنساني من المنظمات الدولية العاملة في اليمن والتي تتحيّن الفرص سنوياً لتتسول باسم اليمن واليمنيين في مؤتمرات المانحين؟

مرضى السرطان في اليمن قصةٌ أخرى تسلط عليها الضوء صحيفة الحقيقة في لقاءٍ صحفي مع الدكتور عبدالسلام المداني رئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة السرطان..

 

حوار /الحقيقة

بدايةً دكتور عبدالسلام. نريد منكم أن تعرّفوا السادة القراء بصندوق مكافحة السرطان وما هي أبرز أهدافه ومهامه؟

يعد صندوق مكافحة السرطان أحد الصناديق الحكومية المنشأة من أجل دعم وتعزيز الجهود الحكومية المبذولة في مجال مكافحة السرطان والوقاية منه، حيث أنشئ الصندوق بموجب القانون رقم (8) لسنة 2018م، وتم البدء في ممارسة مهامه مطلع العام 2019م.

أما بالنسبة للأهداف والمهام فإن القانون كان واضحاً بهذا الخصوص، ومنها أولا: الإسهام في إنشاء ودعم المراكز الصحية للأورام، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه وللأسف لا يوجد في عموم محافظات الجمهورية سوى مركزين. وهذان المركزان لا يستوفيان مقومات المراكز العلاجية وذلك بسبب عدم وجود القسم الجراحي فيها. وما هو متوفر في كل منهما فقط قسم العلاج الكيماوي وقسم العلاج بالإشعاع والقسمان ليسا بالكفاءة المطلوبة.

ثانياً الإسهام في دعم وتوفير الأدوية والعلاجات لمرضى السرطان.. وهذا ما نقوم به منذ بداية تسلمنا للعمل.

ثالثاً: الإسهام دعم وتمويل البرامج والابحاث والدراسات العلمية المتعلقة بمكافحة السرطان وفق الامكانيات المتاحة، وهذا ما نعمل به ضمن خطة 2020م، حيث تم إنشاء إدارة خاصة بالدراسات والبحوث.

رابعاً: الإسهام في دعم برامج التأهيل والتدريب وفي هذا الجانب بدأنا العام الماضي بإقامة دورات تدريبية للكادر الطبي والصحي في أربع محافظات هي حجة، المحويت، عمران، ذمار، على أساس أن يتم فتح وحدات علاجية في هذه المناطق للتخفيف من معاناة المرضى وعناء السفر الى صنعاء، ويجري التواصل حاليا مع محافظات أخرى وهي: إب، الحديدة، البيضاء، صعدة، وذلك بهدف تدريب وتأهيل الكوادر الصحية فيه.

وتابع الدكتور المداني حديثه بالقول: ومن الأهداف التي يسعى الصندوق لتحقيقها الإسهام في إنشاء مركز مرجعي للأمراض السرطانية وهذا العمل يتم بالتنسيق مع وزارة الصحة.

كما أوضح أن صندوق مكافحة السرطان يلعب دوراً مهما في تخفيف الأعباء الملقاة على عاتق المريض وذلك من خلال دفع تكاليف الأدوية والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي، حيث أنفق الصندوق خلال ثمانية أشهر لصالح الحالات المرضية وغيرها من التزامات (تأهيل الكوادر الطبية – مستلزمات للمركز الوطني لعلاج الأورام -مستلزمات مركز سرطان الاطفال في مستشفى الكويت) ما يقارب ثلاثمائة مليون ريال.

 

بالحديث عن مرضى السرطان في اليمن كأرقام ومؤشرات. ما هي الإحصائية لعدد المصابين بالسرطان في اليمن؟

في الحقيقة نحن بدأنا في 2018م على أساس أن يكون لدينا سجل وطني خاص بالأورام، حيث بدأنا في إدارة الإحصاء وذلك ضمن الخطة الجديدة 2020م لتكون لدينا إدارة خاصة بالسجل الوطني للأورام، وقد رفعنا مذكرة لمعالي الأخ وزير الصحة طالبنا فيها بالتوجيه للإخوة مدراء المستشفيات سواء كانت حكومية أو خاصة بأن يتم التعاون مع الصندوق وموافاتنا بما لديهم من إحصائيات وتزويدنا بها بشكل دوري ومنتظم لكي نستطيع أن نصدر سجلاً وطنياً للأورام يتم من خلاله انشاء قاعدة بيانات دقيقة بالأرقام واحصائيات لعدد المرضى وعلى ضوئها يتم معرفة وتحديد مؤشرات ومعدلات الإصابة السنوية في اليمن.

ومن خلال ما يصل إلى الصندوق من حالات مرضية لوحظ أن النسبة في تزايد. وبلغة الأرقام نحن نستقبل يوميا حوالي (40 حالة) مصابة بالسرطان.. أي بمتوسط (120 حالة) كل شهر وهو عدد كبير مقارنة بدول الجوار.

 

من واقع استقبالكم للحالات المرضية هل لكم أن تحددوا لنا ما هي الفئة الأكثر تعرضاً للإصابة بالأمراض السرطانية؟

من خلال رصدنا للحالات المستفيدة من خدمات الصندوق فإننا نستطيع القول إن النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض وبالأخص سرطان الثدي، حيث انتشرت هذه الحالات في الفترة الأخيرة بشكل مخيف، بالإضافة إلى انتشار سرطان الدم لدى الأطفال ولدى الكبار، وقد لوحظت زيادة الحالات في هذا الجانب في الأعوام الخمسة الماضية مقارنةً بالسنوات التي سبقتها، وهنا تفيد العديد من التقارير البحثية والمؤشرات أن سببها العدوان واستخدامه الأسلحة الجرثومية والقنابل التي تحتوي على نسب عالية من الإشعاع والمواد الكيماوية وانواعاً مختلفة من الأسلحة الجديدة التي لم يتم الكشف عنها في الوقت الحالي، إلا أن نتائجها ستظهر مستقبلا عند إجراء الفحوصات والمسح للمناطق التي تعرضت للقصف.

 

عام على تأسيس الصندوق.. هل لكم أن تحدثونا عن الإنجازات التي حققها خلال هذه الفترة؟

على الرغم أن الصندوق لم يحقق إيراده المالي إلا منذ منتصف 2019م، علماً أن هذا العام يعتبر عام التأسيس والبناء الإداري إلى أننا حققنا العديد من الإنجازات على مختلف الأصعدة، فعلي الصعيد العلاجي والدعم الدوائي فقد قدم الصندوق ما يقارب (250.000.000) ريال يمني قيمة تكاليف علاجية وإشعاعية للمرضى، وما يقارب (150.000.000) ريال يمني تكاليف دعم مشاريع وشراء مستلزمات دوائية للمركز الوطني لعلاج الأورام ووحدة لوكيميا الأطفال بمستشفى الكويت.

وعلى صعيد التأهيل والتدريب قام الصندوق بالتعاون مع المركز الوطني لعلاج الأورام بتنفيذ العديد من الدورات للعشرات من الكوادر الطبية في كلٍ من ذمار وحجة وعمران والمحويت، بهدف توفير الكادر الطبي اللازم والمؤهل لتسيير أعمال الوحدات الطبية المزمع إنشاؤها في هذه المحافظات بهدف التخفيف عن مرضى السرطان من تحمل مشقة السفر للعاصمة لتلقي العلاج والمكوث فيها وما يترتب عليها من أعباء مالية كبيرة، بالإضافة إلى التخفيف من الضغط الكبير الحاصل على المركز الرئيسي لعلاج الأورام في صنعاء.

وعلى صعيد التوعية المجتمعية والتثقيف الصحي لأفراد المجتمع بأمراض السرطان وطرق الوقاية منها قام الصندوق وبالتعاون مع إدارة المرأة بوزارة الصحة بتنفيذ أكثر من (46) ندوة تثقيفية في أكثر من (20) جامعة وكلية في عموم محافظات الجمهورية باستثناء المحافظات المحتلة، وذلك حول التوعية بسرطان الثدي وعنق الرحم وطرق الوقاية منها، كما قام الصندوق باستهداف أكثر من (150) مدرسة في أمانة العاصمة وتدريب وتأهيل مشرفات الصحة المدرسية فيها على إعداد ونشر رسائل التوعية الصحية بأمراض السرطان وطرق الوقاية منها.

وأضاف الدكتور المداني بأن الصندوق قام بتزويد (9) مدراس بلوحات عملاقة يتم من خلالها نشر رسائل صحية توعوية عن أمراض السرطان وكيفية الوقاية منه، وهذه الرسائل يتم استبدالها بشكل شهري ومنتظم. هذا وقد أشار للعديد من الإنجازات المختلفة التي حققها الصندوق خلال العام 2019م.

 

ماهي الطموحات التي تسعون لتحقيقها في سبيل تخفيف معاناة مرضى السرطان؟

لقد قمنا بإعداد خطة لمشروعات وأنشطة الصندوق للعام 2020م وبموازنة بلغت حوالي 7 مليار ريال، متماهية ومتسقة مع التوجهات الحكومية في رؤيتها الوطنية لبناء الدولة الحديثة وسعت هذه الخطة لتحقيق طموحات تأسيس بنية صحية حديثة لعلاج الأورام السرطانية ومواكبة للتقدم والتطور العلمي والطبي على الصعيد العالمي. وتتلخص طموحاتنا في إنشاء أول مركز لجراحة الأورام، وإنشاء مركز زراعة نخاع العظم والخلايا الجذعية، وشراء جهاز المعجل الخطي، حيث تعتبر هذه المشاريع الثلاثة هي من أهم مقومات البنية الطبية العلاجية للأورام في أي دولة وبالنسبة لنا في اليمن فإن هذه المشاريع الثلاثة غير موجودة في اليمن لهذا نسعى بكل جهودنا لتحقيق هذا الطموح بإذن الله.

 

مكافحة السرطان مسئولية الجميع. كيف يمكن توظيف كافة الجهود لتحقيق هذه الغاية؟

إذا أردنا فعلياً مكافحة السرطان والتخفيف من معاناة المرضى فيجب على الجميع التعاون والتكاتف لتحقيق ذلك، ونحن في منتصف العام 2019م تقريباً عقدنا ورشة عمل ضمت حشداً كبيراً من الجهات وذلك بهدف توظيف الجهود للتخفيف من معاناة مرضى السرطان ودق ناقوس الخطر للوقوف جميعا أمام مشكلة انتشار مرض السرطان في اليمن، وكانت الورشة قد دعي لها العديد من الوزارات مثل وزارة الزراعة، والإعلام، والتربية والتعليم والصحة، وغيرها من الجهات. فنحن بحاجة إلى تعاون ومشاركة الجميع من أجل بناء بنية أساسية لخدمة مرضى السرطان وكل جهة لها دور في ذلك، فمثلا نحن بحاجة إلى تعاون الهيئة العامة للزكاة من خلال المشاركة والإسهام بتخصيص جزء من مصارفها لصالح دعم صندوق مكافحة السرطان، فكثير من التجار وأصحاب رؤوس الأموال توقفوا عن تزويد الصندوق بالتبرعات وذلك بحجة انهم يكتفون بالدفع للهيئة العامة للزكاة وكأن الجانب الإنساني لا يهمهم. كما نحن بحاجة إلى تعاون أمانة العاصمة ووزارة الأشغال بخصوص تنفيذ توجيهات حكومة الإنقاذ المتعلقة بتسليم المباني المجاورة للصندوق لصالح مرضى لوكيميا الأطفال.

لدينا الكثير من الهموم والصعاب التي تقف عائق أمام توفير بعض احتياجات المرضى حيث أن خطة الصندوق للعام 2020م تبلغ موازنتها (7 مليار) ريال وما لدينا من موارد مالية لا يتجاوز (3مليار) ريال تقريبا، إذ يبلغ العجز المالي نحو (4 مليار) ريال أليس سد هذا العجز بحاجة إلى تظافر جهود؟

من منبر الحقيقة هل لديكم رسائل ترغبون في توجيهها؟

كما أشرت لك سالفاً، لدينا الكثير من الهموم والصعاب والتي بحاجة إلى تعاون الجميع لتجاوزها ومن صحيفتكم الموقرة نوجه مناشدة لفخامة الأخ رئيس المجلس السياسي الأعلى ودولة رئيس حكومة الإنقاذ بالمزيد من العناية والرعاية لمرضى السرطان من خلال التوجيهات لوزارة المالية بتقديم التسهيلات المالية للصندوق لتنفيذ مشاريعه وخطته، والتوجيهات لأمانة العاصمة ووزارة الأشغال بتسليم المباني المجاورة للصندوق وذلك لما فيه من خدمة وتخفيف من معاناة مرضى السرطان.

قد يعجبك ايضا