لعنة اليمن تطارد طموحات بن سلمان وتطرح رؤيته على “كف عفريت”

الحقيقة/تقرير/ عبدالكريم مطهر مفضل

تكالبت المصائب على السعودية، منذ تولى محمد بن سلمان منصب ولى العهد، ليتيقن العالم بأن بن سلمان مجرد غر، أوصل المملكة إلى الهاوية، جراء قراراته المتسرعة، لاسيما الدخول في المستنقع اليمني والمبالغة في العداء ضد إيران وقطر وعمليات القمع التي مارسها ضد معارضيه ومنها جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.

حلم “ارامكو” الخائب

أصبح اليوم بن سلمان أكثر المقتنعين بأن كل طموحاته تتبخر بفعل تورطه في العدوان على اليمن خاصة بعد هجمات الطيران اليمني المسير على منشآت أرامكو في منتصف شهر سبتمبر الماضي التي وضعت عملاق الاقتصاد السعودي على كف عفريت.

شركة أرامكو السعودية، قررت في يوم الأحد الماضي بيع 1.5% من أسهمها بناء على نطاق سعري للسهم الواحد بين 30 و32 ريالاً (8 و8.5 دولارات)، بعد تأجيله مرَّتين، ما يعني أنها ستحصّل 24 مليار دولار على الأقل من البيع، وهو ما يشكل إحباطاً حقيقياً لخطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وجاء نطاق سعر الأسهم مخالفاً للخطط الأصلية التي كان قد أعلن عنها وطمح إليها بن سلمان، في العام 2016، إذ تمتلك أرامكو 200 مليار سهم، ما يعني أن قيمتها تحددت بين 1.6 و1.71 تريليون دولار، وهو أقل من عتبة تريليوني دولار.

وأكدت الشركة، في بيان لها، أن فترة الاكتتاب بدأت الأحد، وستسمر حتى الرابع من ديسمبر القادم للمكتتبين من فئة الشركات والمؤسسات، بينما تنتهي فترة اكتتاب الأفراد في 28 نوفمبر الحالي.

لم يعد هناك جدوى من الترويج .. “أرامكو” لا تجذب أحد 

مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، تساءلت أمس الثلاثاء عما إذا كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سيتخلى عن رؤية 2030 بعد التقييم المتدني لشركة النفط “أرامكو” التي بنى طموحاته عليها.

وقال تقرير نشره المحلل الاقتصادي للمجلة كيث جونسون بأن المسؤولين السعوديين أعلنوا يومي الأحد والاثنين الماضيين، عن إلغاء حملات الترويج التي كان من المزمع القيام بها في أمريكا وأوروبا وآسيا لجذب المستثمرين الدوليين، في النهاية ستكون حفلة جوهرة التاج السعودي، التي طالما تم التباهي بها، شأناً محلياً، حيث سيتم بيع الأسهم للمواطنين السعوديين والصناديق الاستثمارية في السعودية والشرق الأوسط ودول مثل الصين وروسيا”.

وأضاف جونسون أن هذا كله يؤشر إلى مستقبل صعب أمام طموحات بن سلمان لتنويع الاقتصاد والابتعاد عن النفط، وهو أساس رؤيته التي طرحها لأول مرة عام 2016، مشيراً إلى أنه “عندما طرح بن سلمان فكرة اكتتاب شركة النفط السعودية فإن أصحاب البنوك الاستثمارية أصيبوا بالدهشة، وتحدثوا عن إمكانية تقييم للشركة يصل إلى 10 تريليونات دولار، لكن الأمير تحدث على مدى السنوات الماضية عن طرح نسبة مهمة من الشركة، 5% لجمع 100 مليار دولار كافية لتمويل خطط تنويع الاقتصاد ورؤية 2030”.

وأوضحت الشركة أنه سيتم تحديد سعر الطرح النهائي في نهاية فترة تسجيل الأوامر، واكتتاب شريحة المكتتبين الأفراد سيكون بسعر الحد الأعلى للنطاق السعري وهو 32 ريالاً.

وستحدّد الشركة، التي تضخ نحو 10% من النفط العالمي يومياً، في الخامس من ديسمبر، السعر النهائي للسهم الواحد، على أن يبدأ التداول الفعلي في السوق المالية المحلية بعد ذلك بأيام.

وتعرضت منشآت الشركة، في 14 سبتمبر الماضي، لهجمات بصواريخ وطائرات من دون طيّار أدت إلى توقف نحو نصف إنتاجها اليومي من الخام، ما أثر على الأسواق العالمية.

الأمر الذي أضطر السعودية تأجيل طرح “أرامكو” مرتين في مناسبات سابقة، حيث كان ولي العهد السعودي يمنّي النفس بأن يتم تقييم “أرامكو” بتريليوني دولار، لكن وكالة “بلومبيرغ” أكدت في تقرير لها، نُشر في الثاني من نوفمبر الجاري، أن بن سلمان وافق على الطرح أخيراً بأقل من القيمة المنشودة.

وجاءت موافقة بن سلمان “الاضطرارية” تزامناً مع انتشار أنباء سلبية حول أن الاستثمار في “أرامكو” محاط بمخاطر كبيرة، تدركها الدول والشركات الاستثمارية، وهي السبب الذي قد يجعلها تعزف عن الاستثمار فيها بالحماسة التي تتوقعها الرياض.

كما يعد غياب البيئة الاستثمارية الآمنة في السعودية، خاصة بعد إلقاء ولي العهد السعودي القبض على عشرات من رجال المال والأعمال السعوديين والمستثمرين الأجانب، ووضعهم في السجن دون أي مسوغات قانونية؛ ومن ثم الحصول منهم على تسويات بقيمة 100 مليار دولار دون أي إجراءات قانونية على الإطلاق، سبباً آخر يبعد المستثمرين عن السعودية.

يضاف إلى ذلك أن حجم شركة أرامكو الكبير، ووصولها إلى طاقتها الإنتاجية الكبرى (قرابة 10 ملايين برميل يومياً) يقللان من جدوى الاستثمار فيها، خاصة بعد التقيد باتفاقية خفض الإنتاج.

فضلاً عن هذا، فإن انخفاض صافي دخل “أرامكو” بنسبة 12٪، في النصف الأول من عام 2019، يثير الشكوك حول المستقبل المالي للشركة.

وفق التحليلات المحاسبية، فإن السعر المقيّم من طرف ولي العهد السعودي، البالغة قيمته تريليونَي دولار، مبالَغ فيه، حيث تشير تلك التقارير إلى أن القيمة الحقيقية 1.5 تريليون فقط.

وفي ظل توجُّه العالم نحو الطاقة النظيفة، واستمرار معاناة معظم شركات البترول العملاقة وخضوعها لسيطرة الدول؛ فإن استثمار 1.5 تريليون في هذا المجال يعتبر مخاطرة..

وسعت السعودية في 7 نوفمبر الجاري للضغط على منظمة البلدان المُصدرة للنفط (أوبك)، لمساعدتها في الاكتتاب العام لشركة أرامكو، بعدما عجزت الرياض عن طرح أسهمها للبيع للمرة الثالثة، بفعل مخاوف المستثمرين بعد الهجمات على أرامكو إلا أن محاولة الضغط باءت بالفشل.

ويرى مراقبون أن الهجوم على أرامكو، منتصف سبتمبر الماضي، أدى إلى تنامي مخاوف لدى المستثمرين العالميين في الملتقى الاقتصادي الذي أقيم في روسيا اوائل نوفمبر الحالي،  حول قدرة المملكة على حماية واحد من أهم منشآت الطاقة العالمية.

كل ذلك أوحى بأن بن سلمان قد يتخلى عن رؤيته الاقتصادية 2030 خاصة بعدما كشف مصدر حكومي مصري لصحيفة “الخليج الجديد” في 25 سبتمبر الماضي عن توقف مشروع السعودية السياحي العملاق «نيوم»، الذي يدخل في إطار خطة ولي العهد ضمن «رؤية 2030″، وذلك بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الرياض.

قد يعجبك ايضا