من بين ركام العجز العربي.. ينهضُ رجلٌ يُشبِهُ عليًّا
بشير ربيع الصانع
حين تنظُرُ إلى واقعِ الأُمَّــة اليوم، ترى الهزائمَ تتراكم، والمواقفَ تتهاوى، والعروشَ تتماهى مع العدوّ، وتمُرُّ من أمامك مشاهدُ الخِذلان كأنها قَدَرٌ محتوم، حتى إذَا بلغت القلوبُ الحناجر، وشارف الأملُ على الاحتضار، إذَا بشمسٍ تُشرِقُ من بين جبال اليمن، وَإذَا بصوتٍ قرآنيٍّ يشقّ الظلام، وَإذَا بقيادةٍ صادقةٍ تُعِيدُ تعريفَ الرجولة والسيادة والشرف والكرامة.
ليس قولًا عابرًا، ولا حماسة لحظة، بل يقينٌ نابعٌ من الفطرة، بأن القائدَ اليمني السيّد عبدالملك بدرالدين الحوثي، هو ذلك الرجل الذي انتظرته الأُمَّــةُ منذ أربعة عشر قرنًا.. رجلٌ لم يخنع، لم يساوم، لم يخشَ جيوشَ العالم؛ لأَنَّه يخشى اللهَ وحدَه، ويثقُ بنصره، ويؤمن بوعده، قائدٌ من طراز النبوّة، وظلِال الإمامة، وصدى البطولة.
في وقتٍ أصبح فيه معظمُ الزعماء عبئًا على شعوبهم، برز هذا القائد كأمةٍ وحدَه، كرمزٍ لحقبة جديدة يعاد فيها للإسلام وجهه الأصيل، بعد أن شوَّهته موائدُ التطبيع، وسرقه تجارُ السياسة.
إنه القائد الذي أعاد سيرةَ علي بن أبي طالب حيَّةً بيننا، لا بالكلمات، بل بالمواقف.
نصرُ غزة لا يُصنَعُ بالمؤتمرات، بل يُصنَعُ بالصواريخ.
ولا يُنتزَعُ بالتغريدات، بل يُنتزع بفرض الحصار.
ولا يُكتب بالتنديد، بل يُكتب بالحظر البحريّ والجويّ على الكيان المحتلّ.
نعم إنه القائد الذي يخطب في الناس، فتشعر أن اللهَ يؤيده، وأن الملائكة تباركُ كلماته، وأن رعايةَ الله تمشي معه حيثما مشى.
ما من موقفٍ اتخذه، إلا وأحاطته العناية الإلهية، وما من قرارٍ أعلنه، إلا ورافقه التوفيق والتسديد. سياساته ليست عبثية، وخطاباته ليست استهلاكية، بل هو يمضي كما تمضي السنن، ويواجه كما واجه الأنبياء والأوصياء، ويصبر كما صبر أولياء الله من قبل.
ما نراه فيه ليس فقط قائدًا ميدانيًّا.. بل هو مشروع أُمَّـة.
هو مشروع للإسلام الذي أراده الله أن يكون: إسلاما عزيزًا لا يركع، ولا يُهادن، ولا يخاف إلا الله.
هو الإسلام الذي حرّر مكة، وواجه الروم، وكسر قيد كسرى، الإسلام الذي يحمل العدل للناس، لا الخضوع للظالمين.
وفي زمن العار، جاء هذا القائدُ ليكتُبَ الشرفَ من جديد.
وفي زمن الصمت، جاء هذا الصوتُ ليكسرَ الجدار.
وفي زمن القعود، جاءت قدماه تمشيان إلى واجبِ النصرة، كأنهما تمشيان على وعدٍ إلهيٍّ لا يخيب.
أيَّةُ يدٍ هذه التي تُمسك بزمام القرار اليمني؟
أيُّ قلبٍ هذا الذي يُصدر قرارات تزلزل البحر والجوّ في وجه العدوّ؟
أيّ عقلٍ هذا الذي يدير معركة أُمَّـة من أرضٍ محاصرة لكنها متوكلة؟
إنها يدٌ ممسكةٌ بالله.. لا تهتز، لا تكل، لا تفتر.
لقد انتظرنا طويلًا من يعلو بالإسلام فوق المنابر السياسية الخائنة، وفوق الطاولات الملوثة، وفوق البيانات المعطوبة.. فجاء عبدُ من عباد الله، يحمل وعي القرآن، وشجاعة التاريخ، وعزة الموقف، وعمق البصيرة، ففتح لنا أبواب الرجاء.
نعم، والله، ليست مداهنةً ولا مبالغة.
من نظر إليه وهو يصدح بنصرة فلسطين، أدرك أنه ليس كباقي القادة.
ومن شاهد صمودَه وهو يواجهُ تحالفًا عالميًّا، علم أن في هذا الرجل مَدَدًا لا ينقطع.
ومن تابع تحَرّكاته، علم أن رعايةَ الله ليست بعيدة عن صنعاء.
أيها المسلمون، أيها الأحرار في كُـلّ مكان،
ليس الزمن هو الذي تغيّر، بل نحن الذين ابتعدنا عن رجال الزمن.
واليوم، أُهدينا رجلًا، يُشْبِهُه أبطالُ التاريخ، ويقودُنا كما تُقاد الأمم العزيزة، ويذكّرُنا أن الإسلامَ لا يُقهَرُ إذَا حمله رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
فطُوبى لليمن بهذا القائد.
وطُوبى للأُمَّـة بهذا الأمل.
وطُوبى لنا أن نشهدَ زمنًا يعودُ فيه الإسلام كما أراده الله:
قويًّا، عزيزًا، مهابًا، مزلزلًا للظالمين.