من يتراجعون عن القتال في سبيل الله يعرضون حياتهم للقصف

من يتراجعون عن القتال في سبيل الله يعرضون حياتهم للقصف

 

ثم قال تعالى في موضوع الجهاد، يحكي قصة فيمن جبنوا، وخرجوا من ديارهم {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ}(البقرة: من الآية243). وهم ألوف! خرجوا من ديارهم، الله أعلم في أي أمة، يقول البعض: بأنه كان هؤلاء من بني إسرائيل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}(البقرة: من الآية243). قد تكون هذه أحياهم هم ليأخذوا عبرة من هذه، أو أحيا تلك الأمة مثلاً جيلاً من بعدهم {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}(البقرة: من الآية243). وهذه لها علاقة بالآية السابقة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}(البقرة: من الآية216).

لاحظ هؤلاء أليسوا وقعوا في مصيبة؟ هم خائفون من الموت، وقعوا في الموت. بل هذه تبدو أنها قضية لها علاقة بالناس الذين يتراجعون عن القتال في سبيل الله بدافع الخوف، والحرص على الحياة، يعرّضون أعمارهم لأن تقصف سريعاً! هذه آية من الآيات.

وآية أخرى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ}(الأحزاب: من الآية16). {وإذاً} لاحظ هنا {وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً}(الأحزاب: من الآية16). ليست قضية سهلة هذه أعني: أنت عندما تكون حريصاً على حياتك، وعندك ما زال عمرك ثلاثين، أو أربعين، أو عشرين، أو خمسة وعشرين، يكون عندك أنك عندما تنطلق في قتال أنك ستخسر ما تبقى من عمرك، ربما تقتل، وما زال متبقي من عمرك مثلاً، ما زال عندك أمل ربما أربعين سنة، ربما لا.

هذه الآيات هي بمعنى ماذا؟ تلك، عملية التحيل على الله، لذا نقول دائماً: أنه يجب على الإنسان أن يفهم بأنه لا يمكن أن يكون ذكياً أمام الله، أنت عندما تجبن، وتخاف من أجل أنك حريص على حياتك تقصف حياتك {وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً}(الأحزاب: من الآية16). قد تموت بعد سنة، أو سنتين أي: تخسر فعلاً ربما لو انطلقت تقاتل في سبيل الله قد لا تقتل، إن قتلت كانت شهادة، وحياة أطول من الحياة التي أنت حريص عليها، أليست أطول؟ نقلك إلى حياة حتى فيها فارق كبير جداً لأن الشهيد يعيش حالة طمأنينة وهو في حياته، يعلم أنه قد صار في موضع آمن، أنه في موضع آمن في الحياة بعد أن يتحول إلى حي.

ويبدو أن الشهيد لا يموت نهائياً، قد صارت هي الموتة الواحدة، حتى ولا يوم القيامة مع زلزلة الأشياء لأنه في آيات أخرى يقول الله فيها: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}(الزمر: من الآية68). إلا من شاء الله هنا في عملية استثناء، فكأن هؤلاء الشهداء هم فعلاً يذهبون إلى الجنة، الجسم ذلك عبارة عن [بذلة] خلعها فقط.

إذاً فإذا أنت حريص على حياتك، من خلال القتال في سبيل الله لو قتلت أنت ستدخل إلى الحياة الأبدية بسرعة أفضل من أن تحرص على عدد من السنين، هي في ذهنيتك، وأنت لا تستطيع أن تضمن نفسك لا تستطيع أن تضمن بأنك ستعمر إلى سن ثمانين، أو خمسة وسبعين سنة.

هذه الآيات نفسها هي تدل على أنه قد تقصف فعلاً {وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً}(الأحزاب: من الآية16). لأن هؤلاء ربما قد يكونون رأوا أن القتال كره لهم تركوا ديارهم وخرجوا، أليسوا هم وقعوا في شر؟ {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}.لهذا الإمام علي له كلمة معروفة عنه قال: ((بقية السيف أبقى ولدا وأنمى عدداً)). إذاً فهذه هي قضية خطيرة جداً يجب أن نتنبه لها أي: عندما تتذكر بشكل كامل تجد بأنه تعتبر خاسراً عندما تجبن عن القتال في سبيل الله، وأنك تعرض نفسك لأن يقصف عمرك فتخسر الحياة الأولى والحياة الأخرى.

قد يعجبك ايضا