هل سيتقبل تحالف العدوان على اليمن الهزيمة “بروحٍ رياضية”؟

منذ أشهرٍ مضت وتسعى السعودية إلى تثبيت الهدنة مع اليمن، دون أن تعطي اليمنيين أبسط حقوقهم المشروعة التي يطالبون بها. معتبرةً بأن تمديد الهدنة سيصبح مع الوقت أمراً روتينياً، يحرج اليمنيين بعدم القيام بأي تحرك عسكري تجاهها، وبذلك تكون انتهت الحرب من دون أن تقر السعودية بخسارتها لعدوانها الغاشم التي شنته على الشعب اليمني. وبعد تهديد اليمنيين الأخير باستهداف مواقع نفطية في السعودية والإمارات، دخلت الدولتين في عنق الزجاجة من جديد. فهل ستستمر السعودية بغطرستها وتكمل عدوانها؟ أم أنها ستتقبل الهزيمة بروحٍ رياضية؟

انتهت الهدنة يوم (الأحد 2-09-2022)، التي تم التوصل إليها بين السعوديين واليمنيين بدون تمديدها للمرة الثالثة، والتي مددت سابقاً لمرتين (الأولى في شهر حزيران والثانية في شهر آب)، وذلك بسبب عدم التزام تحالف العدوان بحق الشعب اليمني في استغلال ثرواته النفطية. هذا التعنت دفع اليمنيين على لسان (المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمينة العميد يحيى سريع)، إلى التهديد باستهداف مواقع نفطية في السعودية والإمارات، طالبا من الشركات العاملة في الدولتين بالمغادرة. وبذلك وضع السعودية والإمارات بموقفٍ محرج يجب أن تتعاملا معه بشكلٍ سريع لأنهما لا تمتلكان ترف الوقت، كون التجربة مع اليمنيين علمتهما أنهم ينفذون ما يهددون به. ولا يمزحون بهذا الموضوع.

لذا السعودية والإمارات أمام خيارين لا ثالث لهما ونتيجتهما واحدة. الخيار الأول أن تعاند كلا الدولتين ولا تلبيان ما يطالب به اليمنيون كشرطٍ لتمديد الهدنة، والثاني بأن تتعاملا بعقلانيةٍ مع الموضوع وترضخا للمطالب اليمنية المحقة.

ومن المرجح أن تميل الدولتين نحو الخيار الثاني، وذلك لاعتبارين أساسيين. الأول خوفهما من غضب الولايات المتحدة الأمريكية (عرابة الهدنة)، والثاني استحقاق المونديال في قطر الشهر القادم.

الغضب الأمريكي من إفشال الهدنة

تدرك قوى العدوان بأنها ليست قادرة على تحمل ضربة قوية في مجال النفط، لأنها ستؤدي حتماً إلى انخفاض إنتاجه وهذا ما سيرفع من سعره عالمياً، الذي لا يناسب أمريكا. وكانت واشنطن قد ضغطت سابقاً على السعودية والإمارات من أجل إبرام الهدنة، كي تضمن استمرار انتاج النفط وبالتالي استقرار سعره. وخلال زيارة بايدن الأخيرة إلى السعودية، ضغط لزيادة الإنتاج وتم له ما أراد. فكيف ستقبل الولايات المتحدة بتراجع إنتاج النفط جراء ضربة قوية للشركات في الدولتين؟ وخاصة بعد خفض “أوبك+” بقيادة السعودية، إنتاج النفط بمقدار 2 مليون برميل يومياً. القرار الذي أغضبها، فعبر رئيسها عن “خيبة أمل بلاده من قرار أوبك+ القصير النظر، وأعلن عن اعتزامه التشاور مع الكونغرس للحد من هيمنة أوبك+”. أما وسائل الإعلام الأمريكية، فاعتبرته “عدوانياً يساعد روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا”. لذا من الطبيعي أن تعود أمريكا إلى سياسة الضغط الأقصى على كلتا الدولتين للقبول بمطالب اليمنيين وبالتالي تجديد الهدنة للمرة الثالثة، ولن يكون أمام الدولتين سوى الرضوخ للمطالب الأمريكية لتفادي المزيد من الغضب عليهما.

استحقاق المونديال في قطر

من المعلوم بأن أكبر محفل كروي في العالم المسمى بـ”كأس العالم” أو “المونديال”، تستضيفه دولة قطر، سينطلق في منتصف الشهر القادم. وبما أنها ليس لديها القدرة الاستيعابية الكافية لتحمل استضافة الكم الهائل من الزوار بوقتٍ واحد، لذا عمدت إلى قبول المصالحة الخليجية من أجل كسب وقوف الدول الخليجية إلى جانبها بهذا الحدث العالمي الكبير الذي يدر عليها الكثير من المنافع المادية والمعنوية. وبهذا الصدد عقدت قطر عدة اتفاقيات مع دول الجوار “أبرزها السعودية” استعداداً للمونديال. مثلما ستستفيد قطر من هذا الحدث ستستفيد كل الدول الخليجية كذلك. وهذا من خلال المنافع الاقتصادية لحركة الطيران الكثيف الذي ستحتضنه مطاراتها، بالإضافة إلى ازدهار نشاط السياحة في هذه الدول بفترة المونديال. ومن المعلوم أن هذا كأي نشاط سياحي، سيحتاج استقراراً أمنياً، ولهذا فإن أي ضربة من قبل اليمنيين لدول العدوان ستزعزع استقرارها الأمني وبالتالي تبخر حلم العائدات المرجوة من كأس العالم، وحتى ستصبح إقامة كأس العالم مدار نقاشٍ لدى الفيفا.

 وبناءً على ما تقدم، فإن طرفين أساسيين سيدخلان على خط الضغط على السعودية والإمارات من أجل قبول شروط تمديد الهدنة. الولايات المتحدة الأمريكية لما لها من مصلحة لاستقرار انتاج النفط، وكذلك دولة قطر التي تسعى إلى تحقيق حلمها بإقامة أضخم حدث كروي بتاريخ العالم. ومن هنا، لا مصلحة للدولتين سوى التحلي بالعقلانية، وتقبل الهزيمة بروحٍ رياضية، فهل تفعلان ذلك؟ فلنراقب ونرى.

 

تحليل/محمد باقر ياسين

قد يعجبك ايضا